إن الحديث عن الماضي الذي أوجب قيام الثورة ربما يطول ويتشعب، غير أنني سأكتفي بذكر واقعة ربما تحمل الكثير من معاناة الإنسان اليمني قبل قيام الثورة، وتتمثل في ذلك اليوم الذي قررت فيه ترك قريتي في جبل القضاة بحالمين واتجهت إلى مدينة عدن المستعمرة آنذاك. - كنت يومها شاباً في مقتبل العمر، الأمر الذي يسر لي الانتقال مشياً على الأقدام مسافة (150) كيلومتراً من السفر المتواصل مع قافلة من الجمال، كانت تقصد حيث أقصد وكان ذلك عام 1954م، ولما وجدت أحد معارف والدي وكان حينها يملك مقهى في الشيخ عثمان دلني وساعدني على الانتقال إلى البريقة (عدن الصغرى) حيث كان يجري العمل في إنشاء شركة النفط البريطانية (بي بي)، وأذكر أنني تقدمت ضمن (150) شخصاً لوظيفة (عامل عضلي) ف جاء المسؤول وقال: على الذين يجيدون القراءة والكتابة أن يخرجوا من الطابور.. فخرجت ومعي شخصان فقط من المجموعة المتقدمة للعمل.. فتم توظيفنا الثلاثة فيما ذهب الباقون وهم يلعنون الاستعمار وما سببه من جهل وأمية مقيتة.كانت فترة الخمسينيات مليئة بالتحولات والأحداث التحولية، ومن أهمها قيام ثورة 23 يوليو في مصر وثورة الجزائر.. وكان لهذه الثورات وغيرها صداها في اليمن، وكان لانتشار راديو الترانسيستور دوره البالغ الأهمية في نشر الوعي وإلهاب الحماس الوطني، وكانت عدن المستعمرة حينها أكثر تأثراً وتأثيراً في الأحداث وبها حيث كانت تنتشر الصحف والكتب ووسائل الإعلام الأخرى ومن أهمها الراديو الذي كان له تأثيره البالغ في إلهاب الحماس الوطني وفي إيقاظ الوعي بضرورة وأهمية الثورة والتغيير. وعندما حدث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م اشتعلت عدن بالمسيرات والمظاهرات العمالية والطلابية المنددة بالعدوان.. وارتفعت الشعارات: “فلتحيا مصر... عاش جمال عبدالناصر”. وكان لذلك الحدث وما تلاه من حركة جماهيرية عفوية ومنظمة دوره في تعميق الحس والوعي الوطني التحرري. ولما كنت عاملاً في المصافي فقد أضرب العمال وأنا معهم ومنهم وحصلوا على موافقة شركة المصافي والمندوب السامي البريطاني بتشكيل نقابة عمال البترول وتم انتخابي عضواً في اللجنة التحضيرية للنقابة ومعي في اللجنة الإخوة : 1 - عبدالله علي عبيد 2 - محمد عبدالله قاضي 3 - محمد حسين أمذروي 4 - عبدالجبار شاهر.... وآخرون .s[img]Aden_ferret02.jpg[/img]وفي أواخر 1958م أعلن عن قيام نقابة عمال البترول، وأذكر في هذه الفترة - أواخر الخمسينيات- كان الوعي الوطني والقومي في نهوض وتنام مستمر.. وكان الكل يعبر عن حرصه على الوحدة اليمنية وتوقه للوحدة العربية الشاملة.. وفي هذه الأثناء وتحديداً عام 1959م تأسست حركة القوميين وأذكر في ذلك الوقت وتحديداً في 1959م أنه التقى بنا الأخ/ علي ناصر محمد والأخ/ علي أحمد السلامي والخريبي وأشعرونا أننا سنكون خلية تابعة للحركة في المصافي وسيكون المسؤول في الخلية هو الأخ/ عبدالقادر سعيد.. وفعلاً جاء الأخ/ عبدالقادر سعيد في اليوم التالي والتقى بنا وحدد لنا مهام التثقيف السياسي، وكان يمدنا بكتب الفكر القومي. لعبت حركة القوميين العرب دوراً سياسياً وكفاحياً كبيراً تجلى في إشاعة الفكر القومي وتنمية مدارك أعضائها وكل أبناء الشعب اليمني بأهمية الثورة وتحقيق الوحدة اليمنية وصولاً إلى تحقيق الوحدة العربية. في هذه الأثناء قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م الخالدة وحملت الأنباء عن قيام الثورة في اليمن، لكن أهم الأنباء كانت تلمح إلى احتمال سقوط الثورة متخذين من هروب البدر سنداً في التشكيك في نجاح الثورة. وأمام ما كان يتردد من أنباء عن احتمال القضاء على الثورة تشكلت في عدن لجان لمناصرة الثورة السبتمبرية والدفاع عنها.. فهب العشرات بل الآلاف من الشباب في الجنوب للدفاع عن الثورة في الشمال، فانتقلت الثورة السبتمبرية إلى مرحلة أكثر ضماناً بمشاركة شعب ثائر يعد بالملايين إذ اندفعت مجاميع الشعب اليمني من كل اليمن تحمي الثورة، بل وتهاجم مواقع المعتدين. ويهمني بالمناسبة أن أذكر للتاريخ أن حركة القوميين العرب في القطر اليمني كانت سباقة إلى حشد الشباب والمتطوعين للدفاع عن الثورة والجمهورية وهي أيضاً في الوقت نفسه كانت قد تبنت في وقت مبكر فكرة الكفاح المسلح وسيلة لطرد الاحتلال وتحرير الجنوب. وأذكر أنه بعد قيام ثورة 26 سبتمبر أجرت الحركة حواراً مع التنظيمات السياسية: حركة القوميين العرب ناب عنها علي أحمد السلامي وقحطان محمد الشعبي وفيصل عبداللطيف وآخرون، التنظيم الناصري مثله أبوبكر شفيق، وتنظيم القبائل مثله ناصر السقاف وآخرون، تنظيم الضباط مثله: محمد علي الصماتي وبخيت مليط، التنظيم الثوري لأحرار جنوب اليمن المحتل مثله: محمد صالح مطيع وعبدالله مطلق وسالم صالح محمد وعبدالرب علي مصطفى وفضل محسن عبدالله وآخرون، وجبهة الإصلاح اليافعية مثلها: سالم عبدالله عبدربه ومحمد عبدالرب بن جبر ومحمد ناصر جابر وقاسم الحداد وآخرون.نتج عن الحوار إعلان قيام الجبهة القومية في أغسطس 1963م.. وبذلك أعلن قيام ثورة 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل، فبدأت مرحلة جديدة من الكفاح السياسي والعسكري ضد الاحتلال ومن أجل تحقيق الاستقلال الوطني. ولقد شكل قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م - من على قمم جبال ردفان الأبية باستشهاد المناضل/ راجح غالب لبوزة - امتداداً طبيعياً لثورة 26 سبتمبر ومثل في الوقت نفسه سنداً قوياً للثورة الأم يحميها من تحرشات واعتداءات الأعداء التي كانت تنطلق من الجنوب. ولأن الاستعمار البريطاني كان يدرك أهداف الثورة الأكتوبرية وخطورتها على سياساته الاستعمارية فقد انطلق بشراسة ضد الثوار في جبهة ردفان حيث استخدم كل أسلحته البرية والجوية في ضرب الثورة وتدمير القرى وحرق الأخضر واليابس في محاولة للقضاء على الثورة. وأذكر أنه في شهر ديسمبر 1963م، بعثت قيادة الجبهة القومية “اللجنة التنفيذية” في تعز برسالة إلى قيادة التنظيم في عدن، احتوت على توجيه واضح قضى بتكليفي بالذهاب إلى حالمين وفتح جبهة قتالية هناك، بهدف تخفيف الضغط على جبهة ردفان وفي الوقت نفسه توسيع رقعة الثورة المسلحة ضد الاستعمار وأعوانه. ولما أبلغت بذلك القرار، توجهت فوراً إلى (جبل القضاة) حالمين مسقط رأسي، وهناك فوجئت بوجود الأخ المناضل/ عبدالله المجعلي قائد جبهة ردفان حينها ومعه شخصان عرفت أنهما من أبناء مصر العروبة فالتقيت بهم في منزل الشيخ/ محمد مطلق وعرفت منهم أنهم كانوا على علم بالتكليف الصادر إلي والمهمة الملقاة على عاتقي والمتمثلة بفتح جبهة جديدة في حالمين.. وبعد مناقشة الوضع والترتيبات المتصلة بفتح الجبهة قررنا القيام باختيار مجموعة من الشباب والتوجه إلى تعز. فقمت باختيار 12 شاباً ومنهم الشيخ/ محمد مطلق وعلي مثنى علي صلاح وعبدالله أحمد الغلابي وقاسم علي صالح، وعلي طالب راجح، واتجهنا إلى تعز حيث تلقينا في منطقة صالة دورة عسكرية استغرقت شهراً واحداً، ثم عدنا إلى المنطقة وكلنا قوة وثقة بانتصار الثورة. لقد أدركت قيادة الجبهة القومية - عن علم - أهمية منطقة حالمين الإستراتيجية وأهمية جعلها جبهة كفاحية ضد الاستعمار وأعوانه.. فحالمين منطقة جبلية شديدة الوعورة، وهي، علاوة على ذلك، محاطة بسلاسل جبلية تلتف حولها من كل الجهات على نحو يجعلها أشبه ما تكون بالقلب في ذلك الجسد الذي يتكون من منطقة (حبيل جبر والحبيلين) جنوباً و(الحواشب والضالع) غرباً و(الحصين والشعيب) شمالاً و(يافع) شرقاً الأمر الذي جعلها تشغل مكانة مهمة جداً بين جبهات القتال في المناطق المحيطة بها وعلى صعيد الوطن بصورة عامة. إذ كانت تشكل جبهة إسناد كفاحي وعمقاً استراتيجياً لجيش التحرير في عموم المنطقة.لذلك فإننا حال الانتهاء من الدورة التدريبية العسكرية التي تلقيتها وزملائي في صالة بتعز قمنا باستقطاب حوالي 70 شخصاً وضمهم إلى الجبهة. ثم قمنا بإجراء اتصالات مع المشايخ والشخصيات الوطنية في المنطقة، بهدف عقد صلح ينهي الثأرات القبلية ويكرس كل الطاقات لمحاربة الاستعمار. وفعلاً تم عقد صلح شامل بين القبائل في حالمين، وبينها وبين القبائل في المناطق المجاورة، كما شكلت لجنة تقوم بحل أية قضايا أو نزاعات بما فيها حل قضايا الثأر حيث إن المنطقة لا توجد فيها سلطة إدارية أو عسكرية بريطانية، كما قامت بحل كثير من النزاعات في مناطق خارج حالمين، ففي يافع أمكن حل قضية الفتنة بين الجربة ومنفرة، وفي الشعيب وفي مناطق الضالع المجاورة لحالمين. ثم قمنا ضمن 50 شخصاً من الثوار بزيارة مدينة قعطبة وذلك بناءً على طلب من القيادة هناك، ولدى وصولنا قعطبة استقبلنا الأخ المناضل/ طه مقبل والأخ المناضل/ محمد أحمد البيشي ومعهما اللواء/ فخري عامر من القيادة العسكرية المصرية الذين زودونا بالمعلومات القيمة حول سير حركة الثورة في الشمال وفي الجنوب وطبيعة المخاطر المحدقة بآمال وتطلعات الشعب اليمني في التحرر والتقدم والوحدة. وقدموا لنا أول دفعة من الأسلحة والذخائر كانت مكونة من البنادق ورشاشات برن إنجليزية برنسيت ضد الدبابات والرصاص والألغام المضادة للآليات ومدفعين 3 هنش ومدفع 2 هنش والعبوات الناسفة، فحملنا ذلك العتاد الحربي إلى جبهة حالمين وتحديداً إلى مركز القيادة في جبل القضاة، حيث قمنا بتشكيل ثلاث فرق عسكرية هي: فرقة زرع الألغام، وفرقة العبوات الناسفة وفرقة لحراسة مركز القيادة. * بعد عقد الصلح تأمنت الجبهة الداخلية في حالمين[c1]العمليات القتالية التي قامت بها جبهة حالمين[/c]أول عملية عسكرية قامت بها جبهة حالمين ضد الاستعمار هي زرع ألغام ضد الدوريات العسكرية البريطانية التي كانت تتحرك في الطريق الممتد من الضالع إلى الشعيب في بداية عام 1964م، بعد ذلك قامت مجموعة مكونة من 13 شخصاً وكتأكيد من قيادة الجبهة في حالمين على أن الثورة مندلعة في مختلف المناطق ولإشعار السلطات البريطانية بشراسة المقاومة، نفذ هجوم على مركز خلة الإداري. بعد هذه العملية شعرت السلطات البريطانية بالخطر فقامت بإرسال إنذار للشيخ مطلق صالح، تطلب فيه إيقاف مثل هذه الأعمال ما لم سوف يتعرض جبل القضاة إلى الهجوم من قبل القوات البريطانية.وفي يونيو 1964م قامت طائرتان حربيتان بإنزال إنذارات إلى أهالي المنطقة تطلب منهم مغادرة منازلهم خلال نصف ساعة، لأن القرية سوف تقصف بعد ذلك، بعد انتهاء مدة الإنذار أغارت خمس طائرات حربية على المنطقة وضربت المنازل في مدة جرمل حيث تم إصابة إحدى الطائرات بسلاح المناضل/ عبدالله سالم الغلابي، وكان لهذا القصف تأثير كبير بين المواطنين حيث توجه الكثير منهم إلى قيادة جبهة حالمين مطالبين بتجنيدهم في صفوف جيش التحرير. وعندما وصلتنا معلومة عن نوايا الإنجليز، وهدف تحركاتهم الاستطلاعية سارعنا إلى الاتصال بالقيادة في تعز ثم اتجهنا إلى قعطبة والتقينا بالأخ المناضل/ محمد أحمد البيشي قائد جبهة الضالع والأخ المناضل المقدم/ علي السعيدي قائد منطقة قعطبة وشرحنا لهما الموقف، مطالبين بضرورة فتح جبهة في الشعيب، وتم التواصل مع القيادة في تعز ووافقوا على فتح الجبهة. بعد ذلك تحركت إلى الشعيب والتقيت بالشيخ/ مطهر الخلاقي وحريز مطهر الخلاقي وبدورهما قاما بتجهيز 70 مقاتلاً والتقينا بهم في قعطبة وانتقلنا معاً إلى تعز، وهناك كان تدريبهم وسلمت لهم القيادة أسلحة شخصية على أن يقوموا بالعمل القتالي ضمن جبهة حالمين مؤكدين أنها سوف توفر لهم الأسلحة الهجومية. وفعلاً تم تشكيل فرق مشتركة في الجبهتين. في أغسطس 1964م عادت مجموعة الشعيب من تعز، كما عادت معهم المجموعة الثانية من حالمين. في هذا الوقت وصلت رسالة من قيادة جبهة ردفان تطلب فيها من جبهة حالمين، إرسال مجموعة من جيش التحرير لمساعدتهم في رد الهجوم الإنجليزي الذي كان مقرراً أن يوجه ضد مركز قيادة جبهة ردفان في (كنظارة)، وفي الوقت الذي أرسلنا فيه جيش التحرير في جبل القضاة إلى ردفان قرر الإنجليز القيام بالهجوم على مقر قيادة الجبهة وقرية عسقة، وهذا ما حصل في 29 أغسطس 1964م عندما استيقظ أهالي قرية عسقة على صوت الطيران الإنجليزي الذي قام بقصف الجبال والمرتفعات المحيطة بالقرية وتقدم إلى القرية جزء من الكتيبة والجزء الآخر حاول التقدم باتجاه الموعين جبل القضاة فجوبهوا بمقاومة بطولية من قبل الثوار استمرت من الصباح إلى المساء واضطر فيها العدو إلى الانسحاب إلى الشعيب وكان قد قاد المقاومة الأخ/ عبدالله مطلق في عسقة والشيخ/ محمد مطلق في جبل القضاة.وفي تمام السابعة من اليوم الثاني أي 30 أغسطس 1964م، بدأ الطيران الإنجليزي بقصف منزل الشيخ/ محمد مطلق صالح والجبال المجاورة له حيث كان الإنجليز يعتقدون بوجود مخازن للسلاح وأماكن لتواجد الثوار واستمر القصف إلى المساء وتم تدمير المنزل كاملاً، حيث سرب العدو إشاعة بانسحابه إلى الضالع بهدف خديعة الثوار والعودة بالهجوم المباغت بعد تنظيم صفوفه وزيادة حجم القوة المهاجمة، وقد اشتركت في المعركة كتيبة مشاة مزودة بمختلف الأسلحة، يساندها الطيران الحربي ودارت معركة بطولية من قبل جيش التحرير أدت إلى استشهاد المناضل/ علي شايف حسين وجرح الشيخ المناضل / محمد مطلق صالح والمناضل / علي بن علي صالح، أما خسائر العدو فكانت تسعة قتلى وجرح عدد آخر من جنوده وتركهم وعدد من معداتهم العسكرية. وفي 13/ 9/ 1964م قامت فرقة بقيادة الأخ/ قاسم علي صالح بالهجوم على المركز الإنجليزي في حبيل المصداق وقد أسفر هذا الهجوم عن قتل ضابط إنجليزي.وفي 18/ 10/ 1964م قامت فرقة بقيادة الأخ الشهيد/ محمد سعيد شعفل الكرب بوضع كمين لدورية بريطانية في سيلة (حلية) ونجح الهجوم في قتل صف ضابط برتبة عريف وجرح آخرين. في سبتمبر 1964م، عقد لقاء في قعطبة ضم قيادات جبهة القتال في الضالع وحالمين والشعيب وجرى خلاله تدارس الوضع وسير العمليات العسكرية ضد الاحتلال وتم وضع خطة لتوحيد عمل الجبهات بشكل منسق يربك العدو ويحقق أهداف الثورة وهو ما تم، وكانت العمليات تنطلق في آن واحد في حبيل مصداق وفي الضالع وفي الشعيب وفي خلة. وقد حققت هذه الخطة نتائج طيبة في تكبيد العدو خسائر كبيرة وإنهاك قواه. ومع اشتداد ضربات الثورة وازدياد الالتفاف الشعبي حول الثورة والكفاح المسلح رأت القيادة في تعز ضرورة تطوير أساليب العمل العسكري والارتقاء بمستوى القيادات الميدانية عسكرياً وتقنياً، ولهذا الغرض دعيت إلى تعز حيث قابلت الأخ/ قحطان محمد الشعبي الأمين العام للجبهة القومية وأبلغني قرار القيادة بتولية الأخ الشيخ/ محمد مطلق مسؤولية جبهة حالمين وتكليفي بالذهاب إلى القاهرة بمصر لحضور دورة تدريبية عسكرية ضمن مجموعة من الفدائيين، أذكر منهم الأخ/ محمد عبدالملك المجعلي والأخ/ عبدالرحمن يافعي والأخ/ هاشم عمر والأخ/ نجيب مليط والأخ/ علي ناصر محمد والأخ/ محمد البيشي. وذهبنا إلى القاهرة في فبراير 1965م، وهناك التحق بنا الأخ/ علي سالم البيض، الذي كان يدرس حينها في مصر ودخلنا جميعاً في دورة ضباط الصاعقة وسلاح المهندسين، فاستمرت ستة أشهر، انتهت في شهر يوليو في العام نفسه. في 1/ 2/ 1965م قامت مجموعة من جيش التحرير بجبهة حالمين بالهجوم على (حبيل المصداق) حيث اصطدمت مع دورية للاحتلال في منطقة (لحمرين) واشتبكت معها في معركة ضارية أسفرت عن قتل سبعة من جنود العدو وعدد آخر من الجرحى، ومن جانب الثوار جرح المناضل/ محمد صالح لعجم، الذي قاد هذه العملية. في 29/ 2/ 1965م قامت مجموعة من خمسة أشخاص بوضع ألغام في سيلة حردبة وتم تدمير دبابة إنجليزية مع طاقمها. في 8/ 3/ 1965م قامت المجموعة نفسها بقيادة المناضل الشهيد/ محمد سعيد الكرب ومعه المناضل الشهيد/ محمد ناصر الرزة والمناضل/ مثنى قاسم وآخرون، بزرع لغم في الطريق المؤدي إلى المعسكر الإنجليزي في (حبيل المصداق) وتم تدمير سيارة لاندروفر وقتل ضابط برتبة ملازم. وفي 25/ 4/ 1965م هاجمت فرقة من جيش التحرير دورية إنجليزية في خلة، وكرد فعل قامت خمس طائرات حربية إنجليزية بقصف نوبة المقنع والمناطق المجاورة لها جرمل وشباعين ولم تسفر عن أية خسائر. وفي تاريخ 9/ 5/ 1965م قامت مجموعة بزرع ألغام مضادة للدبابات في منطقة الردوع أدى إلى نسف دبابة وكانت العملية بقيادة الشهيد/ محمد سعيد الكرب والشهيد محمد ناصر الرزة والمناضل/ محمد صالح لعجم والمناضل / مثنى قاسم النسري. وفي 8 / 6/ 1965م قامت مجموعة تتكون من 30 مقاتلاً بقيادة المناضل الشهيد/ حيدرة مطلق صالح بالهجوم على مركز الشعيب. وفي 4/ 6/ 1965م قامت مجموعة مكونة من 20 شخصاً بقيادة الشهيد المناضل/ محمد غالب الأنعمي بالهجوم على المركز الإداري (خلة). وفي 26/ 6/ 1965م كلفت فرقة بقيادة المناضل / محمد سيف القاضي والمناضل/ عبدالرحمن القاضي بالهجوم على الدورية الإنجليزية التي تنطلق من حبيل المصداق ووقع الاشتباك في جبل الأحمرين وجرح في الهجوم ثلاثة من أفراد الدورية. وفي 11/ 7/ 1965م عادت مجموعة من جيش التحرير من قعطبة إذ كانوا قد ارسلوا إلى تعز لإحضار أسلحة وذخائر لجبهة حالمين وكان عددهم (14) مقاتلاً بقيادة المناضل الشهيد/ حيدرة مطلق صالح وأثناء عودة المجموعة اشتبكت مع كمين في المنطقة الواقعة بين الصرفة والربيعية بالقرب من خلة ودارت بينهم معركة استمرت أكثر من ساعة استطاع خلالها الثوار الخروج بدون أية خسائر. وفي 27/ 7/ 1965م قامت مجموعة من جيش التحرير بقيادة المناضل/ محمد سعيد الكرب والشهيد/ محسن علي ثابت بوضع ألغام مضادة للسيارات في سيلة حردبة في طريق فرقة من جيش الاتحاد كانت متوجهة من عدن إلى الضالع وتم تدمير سيارة محملة بالمعدات العسكرية. وفي 30/ 7/ 1965م وعند الساعة السادسة صباحاً حدث تطور جديد في الموقف العسكري، حيث بدأت أسراب الطيران الإنجليزي، بقصف منطقة جبل القضاة الذي كان حينذاك خالياً من الأهالي، وكان جيش التحرير متمركزاً في المنطقة بشكل مستمر استعداداً لأية حوادث قد تطرأ لأن السلطات الإنجليزية كانت تضع مسألة احتلال جبل القضاة نصب عينها باعتباره مركزاً حصيناً للثوار. وقد استمر ذلك القصف العشوائي على المنطقة حتى 3/ 8/ 1965م، وكانت قد لوحظت في 29/ 7/ 1965م طائرة استطلاع قامت بجولة حول المنطقة، وكان كل القصف تمهيداً لتقدم الجيش لاحتلال جبل القضاة. وفي الوقت نفسه حصلنا على معلومات بأن هناك استعدادات ودراسات مكثفة لغرض احتلال جبل القضاة وتأكد لنا أن هناك نوايا لحشد قوات ضخمة لم يسبق أن شهدتها المنطقة لتنفيذ هذا الهدف وقد حصلنا على هذه المعلومات من قبل عناصر موثوق فيها في الجيش نحن على علم بأنها عناصر وطنية وتربطها علاقة وثيقة بالثورة وهذه العناصر هم: الشهيد الرائد/ عبدالقوي محمد المفلحي وقائد الكتيبة الرابعة الفقيد المناضل/ محمد سعيد بن شنظور. بعد حصولنا على هذه المعلومات أعلنا الاستعداد العام لجيش التحرير في جبل القضاة وتم توزيع مجاميع الثوار في المناطق والجبال، التي كان يتوزع منها الهجوم، ومن جانب آخر تم تشكيل فرقة خاصة لمراقبة الطرق المؤدية من حالمين إلى يافع بقيادة عبدالقوي اليمني، وأصدرت لهم الأوامر باحتجاز أية كمية من الأسلحة والذخائر المشتبه فيها. وقد وفقت هذه المجموعة بالفعل في مهمتها. وفيما يتعلق بالموقف في جبل القضاة فقد قمنا بإشعار القيادة في تعز، وبدورهم قاموا بإشعار جبهتي الضالع وردفان بدعم جبهة حالمين في حالة الهجوم عليها. وكانت القوات المتواجدة من جيش التحرير والمناضلين في جبل القضاة مكونة من (200) مقاتل بقيادة الأخ/ حيدرة مطلق صالح وقد تم تقسيم هذه القوة إلى فرقتين من مائة مقاتل تمركزت الأولى في الموعين والأخرى في المقنع.. وفي الفترة من 3/ 8/ 1965م، وحتى 15/ 9/ 1965م استمر الطيران يخترق أجواء المنطقة يومياً ويقصف كل ما كان يقع عليه البصر، وفي نفس الوقت كانت قوات جيش التحرير متمركزة في مواقعها. وفي 16/ 9/ 1965م كان المدهش بالنسبة لنا هوغياب الطيران فجأة. والحقيقة أن الهدف من ذلك كان خداعنا على أساس أن كل شيء قد انتهى. [c1]* الهجوم الواسع على جبل القضاة[/c](عملية الطقس الجميل) كما أسميت في الوثائق البريطانية (جبل خضر)في 26/ 9/ 196م وصلتنا معلومات من الإخوة في الجيش يخبرونا فيها أنه قد تم اتخاذ القرار بالهجوم على المنطقة وتم حشد قوة عسكرية مكونة من كتيبتي مشاة وكتيبة مدفعية متمركزة في مناطق مرتفعة في الشعيب مواجهة لجبل القضاة، وكان مقرراً أن يبدأ الهجوم في 29/ 9/ 1965م والكتيبتان اللتان أرسلتا هما: الكتيبة الرابعة بقيادة الأخ/ محمد سعيد بن شنظور والذي تم استدعاؤه إلى عدن واستبداله بضابط إنجليزي، وقد هاجمت هذه الكتيبة من الجهة الشرقية. والكتيبة الخامسة بقيادة علي عبدالله الميسري هاجمت من الجهة الغربية وبالفعل كانت المعلومات التي حصلنا عليها صحيحة. وتأكد لنا ذلك أكثر في يوم 28/ 9/ 1965م حيث شاهدنا الطيران العمودي ينزل قواته وعتاده في منطقة تسمى ( لكام الثيلة) في الشعيب، وفي منطقة (بدة) القريبة من قرى جرمل وشباعين أي شرق جبل القضاة. وفي الخامسة والنصف من صباح يوم 29/ 9/ 1965م بدأ الطيران بقصف شامل للمنطقة وفي الساعة السادسة صباحاً ظهرت القوات المعتدية على القمم المطلة على منطقة الجبل وحصلت المواجهة وكان الوالد مطلق صالح يقاتل من منزله بكل بطولة حتى دمر المنزل من جراء القصف بالطيران وخرج إلى جوار منزله واستمر في القتال، وفي مكان متقدم منه باتجاه العدو كان الأخ الشهيد/ حيدرة مطلق في منطقة الدغاشيش، مشتبكاً مع القوات المعتدية وألحقوا بها خسائر فادحة في الأرواح، وأتى إلى جانبه فيما بعد محسن حسين القاضي وإسماعيل صالح شعفل. وفي خط المواجهة اشتبك الشيخ/ محمد مطلق مع القوات المعتدية فتم التأشير عليه إلى الطيران فقام الطيران بضربه وأصيب في الحال وفي نفس الوقت كان قائد الجبهـة عبدالله مطلق والأخ/ صالح مقبل والأخ محمود مطلق والأخ قاسم محمد علي يبدون نفس المقاومة، برغم قصف الطيران على مكان تواجدهم لمعرفتهم أن الموقع المتواجدين فيه هو مقر الجبهة ومخزن السلاح. وشارك عدد كبير من المناضلين من مناطق حالمين وبعض الجبهات الأخرى للدفاع عن المنطقة من استمرار الهجوم والسيطرة عليها، وفي الجبهة الشرقية استمرت المقاومة بنفس تلك البسالة والبطولة حيث كبدوا العدو خسائر كبيرة وكان أبرز المقاتلين علي محسن صالح (داعر)، علي مثنى علي صلاح، عبدالله أحمد صالح، شايف علي سالم، الشهيد/ محمد غالب الأنعمي، عبد الله علي سالم، طاهر صالح سعيد، وحسين محمد أسعد، وعلي محمد سيف، ومحسن صالح السميح، وأحمد سعيد جبر، وحسين سيف أحمد، ومحمد علي سعيد، وعبدالخالق مثنى، ويحيى محمد أسعد وآخرين. وقد استمرت المعركة بين الجانبين حتى الساعة السابعة إلا ربعاً مساءً حيث اضطر العدو بعدها للانسحاب وكانت خسارته في الجهة الغربية 9 قتلى وثلاثة عشر جريحاً بالإضافة إلى إصابة طائرة عمودية، وفي الجهة الشرقية كانت الخسائر: قتل قائد الكتيبة وستة آخرين وجرح 9 أفراد والاستيلاء على عدد كبير من الأسلحة والذخائر. وقد استشهد من جانب الجبهة المناضل/ محمد غالب علي الأنعمي بالإضافة إلى تدمير عدد من المنازل. واستمر الطيران يمشط المنطقة يومياً من جرمل إلى الجبل لفترة امتدت حتى نهاية شهر ديسمبر 1965م، حيث أذيعت أخبار هذه المعارك من إذاعة صوت العرب من القاهرة. ومع اشتداد المعارك واستبسال الثوار وإلحاق أفدح الخسائر في صفوف جنود الاحتلال وقواته توجهنا إلى تعز لإطلاع القيادة على سير الكفاح المسلح والانتصارات التي تحققها جبهات القتال ضد العدو، وعلى ما ينبغي تقديمه من المؤن والإمدادات المخصصة لجبهة حالمين دعماً لصمودها نحو المزيد من الكفاح والانتصارات. في هذا الوقت فوجئنا بإعلان الدمج بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير في إطار تنظيم جديد هو جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل. والحقيقة أن هذا الدمج المفاجئ الذي أعلن في 13 يناير 1966م، وللأمانة أننا لم نكن ضد الدمج من حيث المبدأ ولكن ضد الأسلوب الذي اتبعته القيادة العربية في فرضه وإعلانه. ولما كنا في حالة ذهول جراء مفاجأة الدمج وجدنا بعض الضباط في الجهاز العربي في تعز ينظرون إلينا بنظرة غير ودية ولا تليق بنا كمناضلين وثوار هدفنا تحرير الوطن من الاحتلال.. وبدلاً من الإجابة عن تساؤلاتنا ذهب أولئك الضباط يوجهون إلينا التهديد والوعيد والاتهامات بل أنهم أمروا بمنع صرف مخصصات جبهة حالمين واعتبارها خارج حركة النضال الوطني. كان هذا الذي حدث من الدمج المفاجئ وما تلقيناه من تهديدات أمر مؤلم ومؤسف لم نجد له مبرراً لكننا قررنا وذلك الذهاب إلى مقر القيادة العامة للجبهة القومية، حيث التقيت الأخ المناضل/ سيف أحمد الضالعي عضو اللجنة التنفيذية للجبهة، الذي استقبلني قائلاً: عليك التحرك إلى خارج تعز قبل قيام المخابرات المصرية باعتقالك وفعلاً تحركت وفي طريقي إلى إب فوجئت بخبر تبثه إذاعة عدن آنذاك بأن قائد المخربين في حالمين قد فر من تعز وأن المخابرات المصرية تطارده في محاولة لاعتقاله.ولم نكترث لما بثته هذه الإذاعة وواصلنا طريقنا إلى قعطبة فحالمين وهناك اجتمعنا بأفراد جيش التحرير وشرحنا لهم طبيعة التطورات التي لمسناها في تعز واتفقنا على إرسال وفد من الجبهة برئاسة الأخ/ عبدالقوي محمد اليمني إلى القيادة في تعز.. وذهب الوفد والتقى بالقيادة العربية في تعز في محاولة لإثنائهم عن موقفهم من جبهة حالمين لكنهم لم يسمعوا منه وأبلغوه بأن قراراً قد تم اتخاذه يعتبر جبهة حالمين خارجة عن جبهات القتال كونها ترفض قرار الدمج. وأمام تصلب الجهاز العربي في موقفه الرافض دعم جبهة حالمين حاولنا إجراء اتصالات مع قيادة الجبهة القومية، وقد أصيبت بالتمزق ولم تتفاهم مع أي فرد منا، كما أصاب هذا التمزق كل جبهات القتال باستثناء جبهة حالمين حيث هي الجبهة الوحيدة التي ظلت متماسكة، ولم تتأثر رغم الحصار عليها وقطع الإعانة عنها من قبل الجهاز العربي.. إضافة إلى أن الجهاز العربي لم يكن يريد قيام أي مؤتمر للجبهة القومية لا يضمنونه قرارات تتخذ لصالح الدمج. ولكن بعض العناصر القيادية أوهمت المسؤولين في الجهاز العربي بأن المؤتمر سيناقش قضية الدمج وفعلاً سمحوا بعقد مؤتمر جبلة.حضر المؤتمر كل العناصر القيادية في جبهات القتال وممثلو كل المنظمات الجماهيرية التابعة للجبهة القومية باستثناء الإخوة المناضلين/ قحطان محمد الشعبي وفيصل عبداللطيف اللذين كانا حينها في القاهرة وكذا الإخوة/ علي السلامي وطه مقبل، وسالم زين الذين لم يحضروا المؤتمر. وفي هذا المؤتمر تم انتخاب قيادة جديدة وكانت أهم قرارات المؤتمر إرسال وفد لمقابلة الرئيس/ جمال عبدالناصر وإطلاعه على طبيعة ما يجري، كما اتخذ المؤتمر قراراً بعدم شطب جبهة حالمين واستمرار الدعم لها بعد أن انقطع عنها لمدة ستة أشهر.وتحرك الوفد إلى القاهرة في عام 1966م وتكون الوفد من الإخوة التالية أسماؤهم:1) أحمد صالح الشاعر2) عبدالفتاح إسماعيل3) سالم ربيع علي4) عبدالله مطلق صالح5) أنور خالد6) سيف الضالعي ........ وآخرون.وعند لقائنا بالزعيم جمال عبدالناصر طرحنا رأينا وموقفنا من الدمج، وكان رد الرئيس علينا “أنصحكم أن تقبلوا الدمج في جبهة التحرير، وأي إنسان يريد الانضمام إلى صفوفكم يجب أن تقبلوه ولو كان وزيراً بريطانياً” ثم كلف المشير/ عامر بالإشراف على المفاوضات بين الجبهتين وخرجت المفاوضات باتفاقية توحدية سميت “باتفاقية الإسكندرية”.وبعد عودة الوفد من القاهرة إلى تعز طالبت مجموعة من القيادات بعقد مؤتمر للجبهة القومية، لمناقشة اتفاقية الإسكندرية، ولكن الجهاز العربي رفض الطلب وتحول المؤتمر إلى اجتماع موسع حضرته كل القيادات التابعة للجبهة القومية. وأثناء سير الاجتماع ظهرت اتجاهات داخل المؤتمر، اتجاه مؤيد للاتفاقية. واتجاه معارض لها وقد كان للإخوة في فرع الحركة في شمال الوطن وهم الإخوة التالية أسماؤهم:1) سلطان أحمد عمر2) عبدالقادر سعيد3) سعيد أحمد الجناحي4) عبدالحافظ قائد5) عبدالرحمن محمد سعيد .... وآخرون دور إيجابي وقدموا مسودة فيها مقترحات منها:1) أن نستمر في جبهة التحرير لمدة ثلاثة أشهر وإذا وجدنا حسن نية من قبل الإخوة في قيادة جبهة التحرير والجهاز العربي فلنستمر، وإذا وجدنا أية مضايقة ندعو إلى مؤتمر في الداخل ومن حق المؤتمر أن يتخذ القرار بالانسحاب شريطة أن يحضر المؤتمر من كل قيادة خمسة أشخاص، قياديون يمثل فيه التنظيم الداخلي أي عدن واتحاد الطلبة واتحاد العمال واتحاد نساء اليمن.2) تشكيل لجنة من الأخوين/ علي صالح عباد “مقبل” وعبدالله الخامري للتوجه إلى عدن لإقناع تنظيمنا بما تم الاتفاق عليه في هذا التجمع.3) تشكيل لجنة من قادة جبهة القتال برئاسة عبدالله مطلق للتوجه إلى قيادة التحرير والجهاز العربي والتفاوض معهم حول المخصصات لجيش التحرير التابع للجبهة القومية، وهكذا تم التوزيع. بالنسبة لنا قيادة جبهة القتال اتجهنا لمقابلة قيادة جبهة التحرير وقابلنا حينها الإخوة/ عبدالله الأصنج وعلي أحمد السلامي وطلبا منا التوقيع على اتفاقية الإسكندرية وبعد المشاورة مع الإخوة في القيادة وقعنا الاتفاقية: علي عنتر وعلي شائع عن جبهة الضالع، وعبدالكريم الذيباني وأحمد جودة عن جبهة ردفان، وصالح مصلح وصالح حسين عن جبهة الشعيب، وعلي المحضار وأحمد غالب عن جبهة يافع، وعبدالله مطلق وشايف علي عن جبهة حالمين، ثم أحالونا إلى الجهاز العربي واتجهنا إلى الجهاز العربي وجلسنا مع الأخ العميد مسؤول الجهاز العربي وطرحنا عليه قضية الاعتمادات الخاصة بالجبهات وكان رده: لابد من انتخابات تتم على مستوى جبهات القتال، لاختيار قيادات جديدة لكل جبهة. وهنا شعرنا بالخطر لأن الجبهات التي كانت تابعة للجبهة القومية قد تمزقت وانتمى أغلبهم إلى جبهة التحرير فإذا تمت الانتخابات، حسب طلب الجهاز العربي، فكل قياداتنا في الجبهة القومية ستسقط وتطلع عناصر موالية لجبهة التحرير. فطلبنا تأجيل الاجتماع مع الجهاز العربي إلى اليوم الثاني حتى تم التشاور مع قيادتنا. وكان المكلف بالتشاور معه الأخ/ أحمد صالح الشاعر وفي اليوم نفسه الذي عدنا فيه، في الساعة الرابعة والنصف أتى الأخ/ سالم ربيع علي وجلس معنا نحن والأخ/ أحمد صالح وطلب منا التحرك إلى قعطبة لأن الإخوة في عدن قد اعتقلوا أي علي صالح عباد والأخ/ عبدالله الخامري من قبل التنظيم الداخلي في عدن وقام التنظيم في عدن بمسيرات وتنديد باتفاقية الإسكندرية وأصدروا بياناً يطالبون فيه عقد مؤتمر سريع واتجهت بعض المجاميع من عدن إلى الضالع وقعطبة. في ضوء هذا تحركنا نحن والأخ/ سالم ربيع والأخ/ أحمد صالح الشاعر وبعض المجاميع التي كانت متواجدة في تعز ووصلنا إلى قعطبة والتقينا بعض المجاميع وكان هناك إصرار من قبل الإخوة الذين أتوا من عدن ومن بعض الجبهات على عقد المؤتمر. وعلى الرغم من أن الموجودين الذين حضروا كان أكثرهم عناصر قيادية فقد احتدم الحوار فيما بيننا في المؤتمر، البعض كان يرى أن بقاءنا في جبهة التحرير إنهاء للجبهة القومية والبعض الثاني كان يعتبر أن أي انسحاب من جبهة التحرير هو إنهاء للجبهة القومية لأن الإخوة في الجهاز العربي سيقطعون كل الدعم الذي كنا نستلمه. ورغم محاولتنا نحن الذين في المجموعة، الذين كنا نطلب البقاء في جبهة التحرير ونحن: محمد علي هيثم وأحمد صالح الشاعر وعبدالله مطلق وعلي البيض ومحمد البيشي ومجموعة أخرى، بينما كانت الجماعة المصرة على الانسحاب: فيصل عبداللطيف وأنور خالد ومجموعة من الضالع وردفان قليلة جداً، لكن آخر يوم أحضروا مجاميع من الجنود، الذين لا حق لهم في حضور المؤتمر من أجل التصويت، ثم قرروا الانسحاب من جبهة التحرير، وهنا رأينا أنه واجب علينا أن يعود البعض منا إلى تعز لمقابلة الإخوة من جبهة التحرير والجهاز العربي وأشعرناهم بأننا ضد الانسحاب وطالبنا بصرف الاعتمادات المخصصة لجيش التحرير في جبهاتنا حتى نستطيع مواصلة النضال المسلح ضد المستعمر وكنا الذين طالبنا فقط أنا والأخ/ علي المحضار قائد جبهة يافع، لأن جبهات النضال في الضالع وردفان والحواشب والصبيحة وأغلبية جيوشها كانوا قد انسحبوا من الجبهة القومية إلى جبهة التحرير وأصبحوا يستلمون اعتماداتهم من الجهاز العربي وبالنسبة لنا كنا نستلم بعض الأسلحة والمعدات وكان يطلب منا بعض الإخوة أن نمدهم بالذخائر والأسلحة برغم أنهم في الجبهة القومية ونحن في جبهة التحرير، وقد أرسلنا إلى الضالع بعض الذخائر والقذائف، ثم طلب منا إرسال قنابل يدوية إلى عدن، ثم أعطينا ذخائر وأسلحة للأخ/ سعيد العكبري من أجل جبهة حضرموت كما أرسلنا أسلحة لجبهة يافع.في أواخر عام 1966م تم استدعاؤنا من قبل الجهاز العربي إلى مدينة تعز وطرح علينا بأن لقاء سيتم بين كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير، تحت إشراف الزعيم الراحل عبدالناصر حيث كلفت بالذهاب إلى القاهرة لحضور الحوار بين الجبهتين وعند وصولي إلى القاهرة التقيت بالإخوة ممثلي جبهة التحرير وهم: الأستاذ/ عبدالقوي مكاوي والأستاذ/ عبدالله الأصنج والأستاذ/ خالد مفلحي، حيث كلف الزعيم الراحل/ جمال عبدالناصر الأخ/ أمين هويدي وزير الحربية بالإشراف على سير الحوار بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وحددوا لنا (فيللا) في الزمالك.[c1]مثل جبهة التحرير كل من:[/c]1) عبدالقوي مكاوي2) عبدالله الأصنج3) عبدالله مطلق4) خالد مفلحي.[c1]ومثل الجبهة القومية كل من الإخوة:[/c]1) قحطان محمد الشعبي2) فيصل عبداللطيف3) عبدالفتاح إسماعيل4) محمد البيشي.واستمر الحوار بين ممثلي الجبهتين لمدة أسبوعين كاملين وأثناء سير الحوار أبلغنا الأخ/ أمين هويدي، أن الحرب الأهلية قد اندلعت بين الجبهتين، ثم قال: إن الزعيم/ عبدالناصر كلفني بإبلاغكم: (أن تصدر الجبهتان بياناً لوقف الحرب الأهلية، بحيث يوقع عليه كل من الأخوين: قحطان محمد الشعبي وs عبدالقوي مكاوي).بعد ذلك استمر الحوار وتم الاتفاق على تشكيل وزارة في المنفى وتوزيع الحقائب الوزارية بحيث نعود في اليوم التالي لتبييض ما اتفق عليه ورفعه إلى الرئيس/ عبدالناصر.في اليوم التالي فوجئنا بعدم حضور ممثلي الجبهة القومية وقد عرفنا لاحقاً بأنهم تسلموا رسالة من الأخ/ سيف الضالعي، يقول فيها: إن الجيش العربي قد استولى على السلطة وتم تسليمها للجبهة القومية.ويهمني هنا أن أسجل للتاريخ أن جبهة حالمين، كانت توجه كل جهدها للكفاح ضد الاحتلال وحرصت كل الحرص على عدم الانجرار إلى المخططات التي كانت تهدف إلى القضاء على الثورة وكان لها دور إيجابي مؤثر في تغليب لغة الحوار والمنطق في حل المشكلات التي كانت تطرأ على الصف الوطني وذلك ما يعرفه الجميع.
جبهة (حالمين) ودورها في ثورة 14أكتوبر
أخبار متعلقة