لو أن العرب خسروا العالم.. وكسبوا مصر.. فانهم لم يخسروا. أو على الأقل لن يخسروا الشيء الذي لا يمكن تعويضه.لكن لن يمكنهم.. مهما حاولوا ذلك .. أن يجدوا تعويضاً مكافئاً لخسارتهم، فيما لو- حدث فرضاً- كسبوا العالم وخسروا مصر.ليس موفقاً تماماً.. القول بان مصر تزيد من قوة العرب.والصحيح هو أن العرب من دون مصر لا قوة لهم، أو قل عنهم: قوة.. لا تقوى على شيء.!وليس صحيحاً.. أن مصر العربية تشكل رقماً مهماً في البورصة العربية، بل انها بورصة رابحة للعرب. وهي ليست قيمة رياضية فحسب، بل فيزيائية وكيميائية بالأولى.. وأيضاً بيولوجية بلا تخلف. أما لماذا؟ فلأنها مصر.. ليس أكثر من هذا.يقول البعض من المتحمسين والمنصفين العرب.. من الكتاب والمثقفين وأحياناً السياسيين بدرجة أولى ان “العمل العربي المشترك يحتاج دائماً إلى مصر” ليعطي ثمراً ويخرج حباً- بفتح الحاء-.وبقدر ما يكون كلام كهذا جيداً ويوحي بمشاعر دافئة بقدر ما يعوزه “النظر” لرفع “العتب” عن أصحابه؟والحقيقة القريبة من ذلك.. والبعيدة أيضاً.. هي أن مصر حاجة عربية دائمة.. وضرورة عربية متأصلة، وهي “ضرورة وجود” وليس مجرد “جهود”، و”حاجة بقاء وارتقاء” وليس فقط “استقواء في العمل المشترك”.بودي لو أجعل القمة العربية أكثر عقلانية لتسأل نفسها إن كانت قادرة على تقبل فكرة مجازفة بالمرة، ومفادها أن ثمة قمة حقيقية للعرب من دون تمثيل كامل لمصر؟!هناك أسئلة بعدد لا نهائي من شواخص التعجب وعلامات الاستفهام والتعجيز، حيال الأحجية العربية المستبسلة في التوهان على امتداد الزمان والمكان المزدحمين ما بين ضفتي محيط وخليج يصلان شرق الأرض بغربها.. وشمال العالم بجنوبه.دعك الآن من جميع الأسئلة، وخذ الأهم والأعظم: كيف يمكن الاختلاف مع “نظرية” في التوافق.. اسمها “مصر”؟ وكيف يمكن الحديث عن مصالحة عربية في مؤتمر قمة .. أو ما كان اسمه.. لم يفلح أبداً في أن يضمن قبل انعقاده أن ينعقد بتمثيل كامل ومشاركة طبيعية لمصر؟وثالثاً: هل التوافق والانسجام مع “ايران” مثلاً.. مثلاً أو الحرص على علاقات طيبة معها، أهم وأيسر من ضمان تحقق ذلك مع الشقيقة الكبرى مصر العربية؟!قبل أن استدرك السؤال ببقية لابد منها: ومن هي ايران قياساً الى مصر بالنسبة للعرب وللمشروع الحضاري العربي؟!أمور العرب ليست على مايرام أعرف ذلك من دون حتى ان اكون مضطراً الى مشاهدة دراما “المصافحة” لا “المصالحة” العربية، ومن دون انتظار “قمة” غابت عنها “القمة” العربية مصر، ومن قبل أو بعد الاستماع إلى.. أو قراءة مرثية البيان الختامي والإعلان المصاحب.ولا يحتاج الأمر إلى قدر من الذكاء والفطنة.. أكثر أو أكبر من القدر القليل والبسيط الذي يبقيني خارج دائرة الحمقى ولو بهنش واحد، لاكتشاف حقيقة بسيطة وصعبة كهذه، تشير إلى مأزق عربي ما كان له ان يصبح- او يمسي بالأولى- أكثر إيلاماً ومرارة مما هو عليه الآن.. في اثر قمة عربية حضرتها المصافحة المتلفزة .. وغابت عنها المصالحة التي بقيت هناك في القاهرة.. والقاهرة خير لهم لو كانوا يعقلون(..)ما علينا، وبالمناسبة- ايضاً لو أذنتم لي- ماذا أريد أن اقول بالضبط ولماذا أنا هنا اليوم؟بالتأكيد هو سؤال وجيه، ومع ذلك لا اعرف ان كانت الإجابة عليه مهمة بهذا القدر لانني لا اعرف الإجابة، ولا اعرف لماذا أشتاق كل هذا القدر إلى جبل المقطم، والى السيد البدوي في طنطا والى أبي العباس المرسي في الاسكندرية وإلى النيل والأهرام.
“عن نظرية” ملهمة.. اسمها “مصر”
أخبار متعلقة