احمد عبدربه علوي :كثيرون لاحظوا التنوع الغريب على القنوات الفضائية من واحدة متخصصة بالمسابقات الزائفة الخادعة الى فضائيات لأهدف لها غير جمع المال ولو على حساب الأخلاق فمن بين كل خمسين قناة نجد واحدة فقط تحمل الفائدة والمعلومة والتسلية الحقيقة دون خرق المواثيق فبعد ان حققت البرامج التلفزيونية التي تطالب المشاهدين بالتصويت للمغنين والهواة عن طريق الابتزاز المهذب باستنهاض الهمم والوطنية عند المصوتين من دول العرب على اختلافهم للتصويت كل لابن او ابنة بلدة انتقلت الفضائيات الى المسابقات الغبية لحل الألغاز ذات الإجابات المفتوحة فكل جواب من الممكن ان يكون الصحيح اولايكون المهم ان تتصل أكثر لتزيد فرصك في الربح .. ومهما أجبت فلن تكون أجابتك صحيحة الأدهى والأمر ان يبلغ الاستخفاف بعقل المشاهد العربي حد فتح الشاشات للمشعوذين الذين يدعون تحويل حياة المشاهدين من حالة البؤس الى السعادة والرخاء فكل زوجة تشتكي من زوجها يعطيها المشعوذ وصفة من (الخزعبلات) ومجموعة من (الطلاسم) لعلاج زوجها المريض (بالعصبية) أو أبو (عين زايغة) وأخرى لاتنجب ولكن بفضله سيأتيها الولد.. وواحدة تنصب فخاً لفلان لكي يحبها فيجعله المشعوذ يأتيها راكعاً تحت قديمها .. والغريب أن هؤلاء المشعوذين يحققون نجاحات لافتة بإخضاع الناس لسحرهم ودجلهم ويسحبون المال من جيوب الضعفاء المأزومين اعتقد ان الأقرب والأكثر خطراً على مستقبل الآمة ان يحظى المشعوذون بمصداقية تجعلهم موجهين وناصحين ومعالجين بينما الحكومات والجهات الرسمية تكتفي بالتفرج على هذا الانهيار المروع لقيم مجتمعنا وأخلاقياته فاليوم تستحوذ فضائيات الشعوذة على مساحة واسعة من الوقت المخصص للتثقيف والتوعية ومناقشة الحيوية لمجتمعات تتوق للرقي والتقدم وتجاوز مظاهر التخلف واليوم لا احد يتصدى لهذا الاعلام الهدام المنافي للدين والمبادئ وللعمل ايضاً إننا بكل بساطة نخسر معركتنا مع التخلف ونسير بعكس التيار الحضاري تماماً اما إعلامنا فيلعب الدور الاسواء عندما يتقاعس عن التصدي لهذا التشويه المقرف للصورة وللجوهر فأين الدور التنويري في مواجهة برامج الدجل والربح والإثارة واستقطاب العقول البسيطة وتكريس المفاهيم الخاطئة، أين الجهات المعنية بالرقابة ومنح التراخيص لمن هب ودب .. ويبدو إنها تمارس حالة من الصمت المخزي .. للأسف ان هناك دراسات أجريت في بعض البلدان العربية حول ظاهرة الشعوذة والدجل وظهر ان هناك اشخاصاً من الذين يعانون من حالات إضطرابات نفسية ينفقون مئات الآلاف من الدولارات سنوياً على الدجالين والمشعوذين والنصابين الذين يدعون كذباً قدرتهم على تسخير الجان وعلاج الأمراض والمشاكل المختلفة لو كان هذا هو الحل للمشاكل لكنا الان في عالم مثالي ليس فيه فقير او محتاج ومطلقة او صبية مهجورة.. ولكن العالم اشد تعقيداً وصعوبة من ذلك..
|
آراء حرة
نحن .. والشعوذة.. والفضائيات!!
أخبار متعلقة