الحمد لله الذي رحمنا وأكرمنا بهذا الشهر الكريم الذي فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وأن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، شهر الصيام والقيام والحسنات، فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر، ومن يريد تجارة لن تبور ورزقاً لا ينفذ وربحاً لا ينحصر، في هذا الشهر تدرك، وبالصيام تلحق لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان) وأن كلنا يعلم أن الصوم هو أحد أركان الإسلام الذي يستقيم به وأنه من دعائم الأيمان فهو من مقربات العبد من ربه وأن فيه مغفرة وعتق وراحة في البال والبدن وراحة النفس والقلب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ يا أيها الناس:قد أطل عليكم شهر عظيم مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيامه تطوعا ومن تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزداد في رزق المؤمن فيه من فطر صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم قال يعطي الله الثواب لمن فطر صائماً على تمرة أو أشربه ماء أو أداقه لبن وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار واستكثروا فيه من خصال أربع خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غناء بكم عنهما فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه وأما اللتان لا غناء بكم عنها فتسألوا الله الجنة وتعوذون بها من النار ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة”.ولم يحتف الإسلام بشعيرة من العبادات كما أحتفى بصوم رمضان، حتى أنه جعله من خاصة الله تبارك وتعالى يقول الحق جلً وعلا “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به” فالله تبارك وتعالى يريد الإنسان متخلقاً بكمال العبودية. وحتى يقوى الإنسان على تحقيق العبودية التي يريدها الله منه، كان عليه إخضاع قواه الثلاث التي يكون عليها الفعل الإنساني وتطويعها لأمر الله تعالى.يقول شيخ الإسلام إبن تيمية: (قوى الإنسان ثلاث هي: قوة العقل وقوة الغضب وقوة الشهوة) والصوم هو الذي يحدث التوازن بين قوى النفس الثلاث فهي لا تستطيع أن تتابع جموح النفس الغضوب إن سابها أحد أو قاتلها ولكن تتخذ من التحصين بـ “اللهم إني صائم” من عاديات البشر وقسوتهم، التي تنصر على أقوى المؤسسات العقابية في عالمنا الحديث التي يتيه فيها الإنسان المعاصر بزخرف من العلم، وكمال القوى العقلية أن تهدي صاحبها للإيمان وإعلان إيمانها بمنطق صحيح وأن تجعل من التزام المسلم الصراط المستقيم في سلوكه هديا له، ولكن النفس قد تجانب الصواب، ويأتي الصوم ليردها إلى قواعدها آمنة مطمئنة شاكرة راضية:(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يحد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم أذا حلفتم وأحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون).وللصيام فوائد كثيرة منها التي أثبتها العلم الحديث الصوم مفيد للمعدة مذهب لكثير من الأمراض النفسية والجسمية ويصلح الجهاز الهضمي والكلى والكبد وبعض الغدد المنتشرة في الجسم ويقي الجسم من الأمراض الخطيرة كارتفاع ضغط الدم والبول والسكري ويخفف من حدة التهابات المفاصل ويريح أنسجة الجسم وينظم ضغط العين ويطهر الأمعاء من السموم ويذيب الشحوم التي هي خطر على القلب وهي أفضل برنامج عرف وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (أغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا).
شهر الصيام والقيام والحسنات
أخبار متعلقة