صباح الخير
الدولة اليمنية الحديثة والمعاصرة بمؤسساتها الدستورية والقانونية، ونظام وآلية عملها، لازالت حديثة النشأة، لم تترسخ وتتعمق تقاليدها الديمقراطية، بالقدر الكافي من حيث محتواها ومضمونها، ولم تأخذ بعد مداها المطلوب ولم تنعكس الممارسة الديمقراطية بإيجابياتها على حياة المواطنين، هذه وغيرها عيوب البدايات وأمور متوقعة، ولاسيما في مجالس الحكم المحلي في المديريات والمحافظات، رغم أهميتها القصوى في كل تجربة ديمقراطية.فالبناء الهيكلي الديمقراطي يبدأ من الأسفل حيث يوجد الشعب والجماهير، حيث الاحتكاك اليومي المباشر بين أعضاء المجالس المحلية والمواطنين للعمل بصورة مشتركة لتحقيق البرامج والخطط على أرض الواقع، في إطار الرقابة المتبادلة بين أطراف العملية، لضمان الإنجاز والتطبيق والتحقق، وتنفيذ المشاريع دون إبطاء أو ارتجال، فالصلاحيات الكبيرة لهذه المجالس كفيلة بتقليص المركزية وتجاوز أية تدخلات في عمل هذه المجالس، كما أن انتخاب رؤساء المجالس في المديريات والمحافظات سيعزز ولا شك من فاعلية هذه المجالس.كما ان انتخاب أعضاء مجلس الشورى من مختلف المحافظات سيساهم وبقدر كبير في ترسيخ التقاليد الديمقراطية في اليمن بصورة جادة ومسؤولة، لتكون رديفة ومؤثرة لعمل البرلمان المنتخب، كأعلى سلطة في البلاد، وهنا تكون انتخابات الرئاسة مكملة ومتوجة للبناء الديمقراطي السليم والسلس بعيداً عن التوترات، بل أكثر مرونة مما نتوقعه.هذا هو الأفق الذي ينبغي استيعابه وإدراكه وفهمه ومعرفته في ممارستنا الديمقراطية.وبذلك وحده يتفرغ الجميع للنهوض بأوضاع البلاد والعباد ومكافحة البطالة والفساد والإرهاب، وتضع حداً لأي تجاوزات أمنية وزيادات الأسعار، والعمل على تحسين المستوى المعيشي للناس.إن دور المواطن الواعي والحريص على مستقبله ومستقبل أبنائه، يكمن في الأساس بالتفاعل الإيجابي مع العمليات الانتخابية وممارسة حقوقه الدستورية والقانونية بحرية واستقلالية، وعدم الخضوع لأية أملاءات أو أية وصاية على صوته الذي ينبغي ان يعطيه لمن يستحق دون مواربة أو أي ّ بتزاز من أي كان وتجاوز السلبيات واللامبالاة التي تعامل معها الناخب فيما مضى، الأمر لا ينبغي ان يتكرر اليوم فعلى قدر النوعية التي تختارها في مختلف الهيئات المنتخبة للدولة تكون نوعية حياتنا التي نريدها اليوم وغداً.لقد تراكمت جملة من الإيجابيات في مجرى العملية الانتخابية ولكنا نتعلم من تجربتنا وتطورها يوماً عن يوم، وفي الوقت ذاته نكتشف السلبيات والنواقص ونتجاوز العيوب والثغرات بشجاعة الرجال، بدون عنت أو مكابرة وبذلك إنما نحن نمهد الطريق لأبنائنا وأحفادنا ان يعيشوا بأمان وسلام اجتماعي دائم لنتفرغ بعد ذلك للعمل والإنتاج ويحققوا لأنفسهم الازدهار والارتقاء في حياتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وينعموا بالاستقرار والرفاهية والوئام الاجتماعي.