لليمن لا لعلي عبدالله صالح (11)
كنت قد وعدت القراء الكرام بأنني سأنتقل بعد إجازة عيد الفطر المبارك إلى المحور الثاني من هذا المقال المطول، حيث سأتناول بالنقد والتحليل بنية الخطاب السلفي في ضوء مخرجات الملتقى السلفي العام الذي انعقد في العاصمة صنعاء أواخر مايو 2009م، بمشاركة واسعة وملحوظة من رموز وناشطي التيار السلفي بجناحيه الدعوي والحركي.وبالنظر إلى ما شهده شهر رمضان المبارك من تفاعلات وأحداث سياسية خطيرة، وفي مقدمتها قيام أحزاب «اللقاء المشترك» بإشهار وثيقة سياسية لتحقيق ما يسمى «الإنقاذ الوطني»، فقد وجدت نفسي مضطرًا لتأجيل الانتقال إلى المحور الثاني من هذا المقال، وتكريس بضع حلقات إضافية للوقوف أمام هذه الوثيقة الخطيرة بوصفها مشروعا انقلابيا ينطوي على مخاطر جدية ، تنذر بتسويغ الخروج على القواعد والأسس الدستورية للنظام السياسي الديمقراطي الذي يعطي الحق للأحزاب بعرض وإشهار برامجها السياسة والانتخابية التي تنطوي على مشاريع وبرامج للإصلاح السياسي والاقتصادي، تؤهلها للوصول إلى السلطة عبر الأدوات الديمقراطية وصناديق الاقتراع، بدلاً من السعي للخروج على النظام عبر تسويق مشاريع ودعوات انقلابية تحت مسمى «الإنقاذ الوطني» !!مما له دلالة أن أحزاب «اللقاء المشترك» لم تخفِ الطابع الانقلابي لما أسمته مشروع «الإنقاذ الوطني» بما هو دعوة للخروج على الشرعية الدستورية للنظام الديمقراطي التعددي، والذي تستمد منه هذه الأحزاب شرعيتها أيضًا ، حيث سعت إلى تبرير الأبعاد الانقلابية لما يسمى مشروع « الإنقاذ الوطني» بدعوى أن النظام السياسي أصبح ( مشخصنا ) ومختزلاً في شخص الرئيس علي عبدالله صالح فقط ، بعيدا عن مؤسسات الدولة الدستورية . وهو ما يسعى إليه أيضا الخطاب السلفي العام الذي لا يخفي بدوره توجهاته الانقلابية الرامية إلى تحويل الرئيس علي عبدالله صالح من قائد لسلطة منتخبة عبر صناديق الاقتراع، إلى (حاكم) ولاه الله على الناس، حيث يتوجب على الجميع وبدون استثناء طاعته بصورة مطلقة، حتى وإن كان مستبدًا يجلد ظهور مواطنيه ومعارضيه، أو ظالمًا ينتهك حقوقهم، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق أمام المشاريع الانقلابية التي تستهدف تسويغ وتبرير الدعوة إلى الخروج على الدستور والانقلاب على النظام السياسي ومصادرة حرية الاختيار، وإظهار هذه الدعوة في صورة «إنقاذ وطني» يحقق الخلاص من هذا « الحاكم » الذي يحاول الخطاب السلفي العام استدعاءه من الماضي، بوصفه مشروعا سياسيا يدعو إلى إلغاء النظام الجمهوري وتحريم الديمقراطية وإعادة نظام الخلافة وتنصيب « الحاكم الربّاني» وحصر مرجعية الحكم في ما يسمى «أهل الحل والعقد» الذين يمثلون تحالف النخب الحاكمة ورجال الدين ومراكز القوى العسكرية والإقطاعية والتجارية في الأنظمة الاستبدادية، بدلا من الشعب والمجتمع المدني وصناديق الاقتراع، وهو ما سنأتي إليه عند تناول بنية الخطاب السلفي العام بشقيه الدعوي والحركي في المحور الثاني من هذا المقال.تزعم وثيقة «الإنقاذ الوطني» التي أشهرتها أحزاب «اللقاء المشترك» في شهر رمضان المنصرم أن نظام الحكم في اليمن « فردي ومشخصن».. وأن الطاعة لشخص الحاكم حلت محل الولاء والطاعة للوطن والدولة ومؤسساتها. واستنادا إلى هذا التحليل توزعت الوثيقة إلى عدة محاور تبدأ في مقدمتها بأن البلاد تعاني أزمة حادة بسبب خضوع النظام السياسي لحكم(فردي مشخصن ومركز سياسي عصبوي )، فيما حددت الوثيقة مظاهر الأزمة بالقضية الجنوبية وحرب صعدة والمشكلة الاقتصادية وآثار الحروب والصراعات السياسية السابقة وقضايا الثأر والعنف المحلي، ثم تخلص الوثيقة في خاتمتها إلى اقتراح عدد من المهام والمعالجات (الإنقاذية) التي تتطلب وسائل انقلابية لتحقيقها، وفي مقدمتها إعادة بناء شكل الدولة والنظام السياسي، وتقليص صلاحيات واختصاصات رئيس الجمهورية.المثير للتساؤل أن الوثيقة خلت تمامًا من أي إشارة إلى خطر الإرهاب الذي لا يهدد فقط أمن واستقرار وتقدم بلادنا، بل يهدد علاقاتها بمحيطها الإقليمي والدولي، حيث تجاهلت أحزاب «اللقاء المشترك» الإشارة إلى هذا الخطر وتحديد أسبابه واقتراح وسائل التصدي له وإنقاذ البلاد من مخاطره الجدية، خصوصا بعد الإعلان عن توحيد جناحي تنظيم «القاعدة» في اليمن والسعودية في إطار واحد، تحت قيادة يمنية، وعلى الأراضي اليمنية؟!!. ولما كان الإرهاب هو نتاج موضوعي لثقافة التطرف فقد حرصت وثيقة « الإنقاذ الوطني» لأحزاب «اللقاء المشترك» على التدليس والتلبيس، بهدف تبرير الإرهاب وتحميل السلطة بصورة ضمنية المسؤولية عن جرائمه من خلال اتهامها بما أسمته ( توليد وتغذية أسباب العنف والتطرف ) على نحو ما جاء في الفقرة الرابعة من المحور الثاني (أ) تحت عنوان « المظاهر السياسية للأزمة».أزعم بأن تجاهل خطر «الإرهاب» لا يرتبط فقط بالسجل السيئ والغامض لأحزاب «اللقاء المشترك» من هذا الخطر، بقدر ما يرتبط بحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يقود ويوجه تكتل « اللقاء المشترك» ، حيث لعب هذا الحزب دورا كبيرا في صياغة وتحديد مهام هذا المشروع « الانقلابي» تحت مسمى « الإنقاذ الوطني».. وترك فيها بصماته السياسية والأيديولوجية على نحو ما فعله في البرنامج الانتخابي لمرشح «اللقاء المشترك» في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م، الذي لاحظ فيه الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية في إحدى مقابلاته الصحفية خلوه من أي إشارة إلى الإرهاب ومخاطره وسبل مواجهته.ليعذرني القارئ الكريم عن تأجيل التعليق على المحاور والأفكار الأساسية لهذا المشروع الانقلابي الى الحلقة القادمة من هذا المقال ، لأبدأ بتسليط الضوء على جذور الموقف السلبي من الإرهاب وإصرار أحزاب «اللقاء المشترك» وفي مقدمتها حزب التجمع اليمني للإصلاح على تجاهله والتعتيم عليه، بل والتصدي الحازم لكل ما من شأنه مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه الفكرية والثقافية.من نافل القول إن ما يسمى مشروع « الإنقاذ الوطني»، لأحزاب « اللقاء المشترك» هو نتاج طبيعي لأزمة الخطاب السياسي المعارض، وحين يتأمل المرء طريقة تناول هذا الخطاب للقضايا المصيرية وفي مقدمتها قضية مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، ومنعه من الحصول على ملاذ آمن، وقطع مصادر تمويله ، سيدرك الحجم المهول من الضحالة والسطحية والعمومية في هذا الخطاب الذي يلجأ في كل الأحوال إلى استغلال هذه القضايا وتوظيفها كمادة محورية في النشاط الدعائي والتحريضي ضد السلطة . علما أن أحزاب المعارضة المنضوية في إطار « اللقاء المشترك» لم تبذل حتى الآن جهدا سياسيا أو فكريا أو ثقافيا ملموسا في مجال التصدي لخطر الإرهاب وتوعية المجتمع بخطورته. إنها على العكس من ذلك تلجأ إلى أساليب انتهازية لا تخلو من الميكافيلية، وذلك من خلال حرصها المستمر على تشويه موقف بلادنا المناهض للإرهاب، وممارسة ضغوط مختلفة لإضعاف التزام الحكومة اليمنية بقرارات الشرعية الدولية بشأن التعاون الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ومنعه من الحصول على ملاذ آمن.ولئن كانت سيرة هذه الأحزاب تخلو من مساهمات سياسية وفكرية وثقافية جادة وصادقة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، فإنها تمارس في الوقت نفسه مختلف أشكال التدليس عن طريق التظاهر المموّه بالحرص على السيادة الوطنية والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان في المسائل المتعلقة بمكافحة الإرهاب، حتى بدا موقف أحزاب «اللقاء المشترك»، متماهيا مع أهداف الجماعات الإرهابية وملتبسا بأفكارها المتطرفة.ومن واقع فعاليات وبيانات وصحافة أحزاب «اللقاء المشترك» ومداولات مجلس النواب على امتداد الأحداث الإرهابية التي وقعت في بلادنا والعالم، بوسعنا إثبات أن أحزاب «اللقاء المشترك» وفي مقدمتها حزب التجمع اليمني للإصلاح مارست نفاقا مزدوجا إزاء قضية مكافحة الإرهاب.. فقادتها يرددون في دواوين السفارات الغربية ومجالس القات وقاعات الندوات والمؤتمرات التي يحضرها دبلوماسيون معتمدون في بلادنا، وزوار أجانب من خارج البلاد، خطابا انتهازيا مناهضا للإرهاب، فيما يسوقون عبر صحفهم وبياناتهم وفعالياتهم التنظيمية والفكرية والسياسية والبرلمانية وآخرها وثيقة ما يسمى بمشروع «الإنقاذ الوطني» خطابا معاكسا أو مموها أو باطنيا.تحرص أحزاب «اللقاء المشترك» دائما على الابتعاد عن إدانة جرائم الإرهاب بحق شعبنا وبلادنا، وتحاول في الوقت نفسه توجيه سهام النقد ضد سياسة بلادنا المناهضة للإرهاب، والتشكيك بها وتحريض الجماهير ضدها، بذريعة الدفاع عن السيادة والحريات وحقوق الإنسان، وذلك بهدف التمويه على حقيقة أهدافها المزدوجة .. فهي من جهة تحاول حشد كل أدوات الضغط على القيادة السياسية لإضعاف تصميمها على محاربة الإرهاب وفك ارتباطها بقرارات الشرعية الدولية، كما أنها من جهة أخرى تحاول تحريض الدول الكبرى والشقيقة والمجاورة على بلادنا بزعم عدم جدية قيادة الدولة والحكومة في مكافحة الإرهاب!!والثابت أن لا مبالاة أحزاب المعارضة إزاء الإرهاب وموقفها المحايد والمموّه في معظم الأحيان من الحرب الدائرة ضده، وتماهيها معه أحيانا أخرى بأشكال سافرة أو باطنية، وغياب أي دور ملموس لها في إدانة الإرهاب ومكافحته وتعبئة الرأي العام والمجتمع ضده، وتصديها لأي جهد تبذله الدولة في هذا المجال حتى ولو كان في صورة فيلم تلفزيوني متواضع على نحو ما حدث لفيلم «الرهان الخاسر» الذي تعرض لردود فعل هيستيرية في صحافة «اللقاء المشترك» .. كل ذلك يدل بوضوح على أن هذه الأحزاب لا تستشعر خطر الإرهاب على مستقبل بلادنا وعلاقاتها الإقليمية والدولية.ولاريب في أن هذا الموقف ليس جديدا، بل نجد تفسيرا له في معارضة كتلة نواب حزب التجمع اليمني للإصلاح للبرنامج الذي تقدمت به حكومة المؤتمر الشعبي العام لنيل ثقة البرلمان بعد الانتخابات البرلمانية لعام 2003م، حيث احتفت صحيفة « الصحوة » في عددها الصادر يوم الخميس 19 يونيو 2003م بآراء نواب كتلة التجمع اليمني للإصلاح حول برنامج حكومة حزب المؤتمر الشعبي العام بعد فوزه في انتخابات 2003م، وأبرزت اعتراضات بعض النواب «الإصلاحيين» بشأن ما جاء في برنامج الحكومة من التزام وتصميم على مواصلة التصدي للإرهاب ومكافحته. وقد جاء تصدي نواب حزب «الإصلاح» لبرنامج حكومة حزب الأغلبية في ظروف كانت البلاد تعاني من آثار التفجيرات التي استهدفت بواخر تابعة لبلدان أجنبية وشركات ملاحية عالمية في موانئنا، واعتراف تنظيم «القاعدة» بمسؤوليته عن تلك الجرائم الإرهابية، وتكفير زعيم هذا التنظيم للحكومة اليمنية واتهامها بالعمالة للغرب والتحريض على إسقاطها في كلمة مسجلة بثتها أثناء الانتخابات البرلمانية القنوات الفضائية، وتضمن تهديدا صريحا بمواصلة استهداف المصالح الغربية في بلادنا.الثابت أن نواب حزب «الإصلاح» وفي مقدمتهم الدكتور منصور الزنداني أنكروا في تلك الجلسة التاريخية لمجلس النواب وجود الإرهاب في بلادنا واستنكروا التزام الحكومة اليمنية في برنامجها المقدم لنيل ثقة البرلمان بالتعاون مع الدول المجاورة الشقيقة والصديقة لمكافحة الإرهاب تجسيدا للمصالح الوطنية العليا وتنفيذا لقرارات الشرعية الدولية.ومن المضحك جدا أن نواب حزب «الإصلاح» الذين أنكروا واستنكروا التزام برنامج حكومة حزب الأغلبية بالتعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، ولم يخفوا تعاطفهم وتضامنهم مع مرتكبي الجرائم الإرهابية في مياهنا وأراضينا، واستنكارهم للإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة اليمنية ضد مرتكبي الجرائم الإرهابية، تحولوا بنسبة 180 درجة مئوية عندما ارتكب الإرهابيون جرائم مماثلة بتوقيع تنظيم « القاعدة » في الرياض والدار البيضاء آنذاك، حيث أصدر حزب التجمع اليمني للإصلاح تحت ضغط من الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله، بيانا نشرته «الصحوة» في صدر صفحتها الأولى، أدان فيه تلك الجرائم الإرهابية، وأشاد بالإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة السعودية لملاحقة مرتكبيها والمشتبه بعلاقاتهم بتنظيم «القاعدة»، داعيا إلى تشديد التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.أتذكر أنني كتبت حينها متسائلاً عن سر هذا الانفصام في خطاب ومواقف حزب «الإصلاح» ونوابه إزاء الإرهاب.. فهم يدينون الإرهاب حين يقع في السعودية، ويؤيدون إجراءات الحكومة السعودية لمكافحته وملاحقة مرتكبيه ، ويدعون إلى تشديد التعاون الدولي ضد الإرهاب، بينما يقفون على النقيض من ذلك حين يقع الإرهاب في اليمن ويلحق الضرر بمصالحه الوطنية وموارده الاقتصادية ومعيشة مواطنيه وعلاقاته الإقليمية والدولية !!الطامة الكبرى أن أحد نواب حزب «الإصلاح» وقد احتفت به صحيفة « الصحوة» كثيرا في عددها الصادر يوم الخميس 19 يونيو 2003م ، عارض بسذاجة لا يحسد عليها ما جاء في برنامج الحكومة من تأكيد على مكافحة الإرهاب في اليمن بحجة أن الإرهاب غير موجود في اليمن وأن الأمم المتحدة لم تعط له تعريفا يبرر محاربته!!؟والحال أن ذلك النائب لم يبرهن فقط على عدم إحساسه بجراح وطنه الذي اكتوى ولا يزال يكتوي بنار الإرهاب، بل إنه قدم دليلا إضافيا على جهله بدور الأمم المتحدة في تعريف الإرهاب. لأن تعريف الجريمة الإرهابية في القانون الدولي بدأ في اتفاقية طوكيو المبرمة بتاريخ 14 / 9 / 1963م والخاصة بالجرائم التي ترتكب على متن الطائرات، ثم تواصل هذا التعريف في اتفاقية لاهاي بتاريخ 26 / 12 / 1970م واتفاقية مونتريال في 23 / 9 / 1971م والبروتوكول الملحق بها في 10 / 5 / 1984م فضلا عن اتفاقية نيويورك بشأن حماية الشخصيات العامة الدولية في 14 / 5 / 1973م مثل السفارات والقنصليات والممثليات الدبلوماسية أفرادا وممتلكات، واتفاقية منع اختطاف واحتجاز الرهائن في 17 / 12 / 1979م، والاتفاقية الدولية لقانون البحار ومكافحة القرصنة البحرية لعام 1983م ، واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بجرائم إبادة الجنس لعام 1948م، والاتفاقية الدولية ضد استخدام المرتزقة لعام 1949م وملحقاتها في عام 1989م. وقد تم التصديق على جميع هذه الاتفاقيات الدولية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وتعد جزءا لا يتجزأ من منظومة القانون الدولي الملزم لعمل كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات والوكالات المتخصصة التابعة لها.وبوسعنا القول إن تعريف الأمم المتحدة للجرائم الإرهابية لم يقف عند هذا الحد، بل امتد ليشمل ملاحق إضافية تتعلق بمكافحة أعمال العنف غير المشروعة في المطارات والموانئ التي تقدم خدمات للملاحة الجوية والبحرية الدولية، وهو بروتوكول ملحق باتفاقية مونتريال حول سلامة الطيران المدني الدولي تم التوقيع عليه في 24 فبراير 1988م بشأن مكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية والجوية، وكذلك اتفاقية مونتريال الموقع عليها في الأول من مارس 1991م والخاصة بضرورة وضع علامات على المتفجرات البلاستيكية لغرض كشفها والتحوط منها، بالإضافة إلى اتفاقيتين هامتين أبرمتا في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأولى في 15 / 12 / 1997م وتتعلق بمكافحة الهجمات الإرهابية بالقنابل، أما الاتفاقية الثانية فقد تم إبرامها في 9 / 12 / 1999م بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، مع العلم بأن اليمن وقع على جميع تلك الاتفاقيات السالف ذكرها.وفي تاريخ 20 سبتمبر 2001م أصدر مجلس الأمن الدولي قراره الشهير رقم (1373) الذي أكد في ديباجته أن الإرهاب يعد تهديدا للسلم والأمن الدوليين، موضحا أنه صدر في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يضع أي دولة ترفض الالتزام به تحت طائلة العقوبات الدولية التي تبدأ بالحصار والعزل وتنتهي باستخدام القوة.. وتضمن القرار عددا من الالتزامات على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توجب تعاونها لمنع الإرهاب من الحصول على ملاذ آمن، وقطع مصادر تمويله وخطر استخدام أراضي ومياه وأجواء الدول الأعضاء لأغراض إرهابية، والمساعدة في التحقيقات والإجراءات الجنائية، وحظر مرور وانتقال وتحرك المجموعات الإرهابية، وتبادل المعلومات والتعاون الاستخباري لمنع وقوع الهجمات الإرهابية وعدم منح اللجوء للإرهابيين المطلوبين في جرائم متعلقة بالإرهاب.في هذا السياق أقر مجلس الأمن الدولي إنشاء لجنة دولية تضم كل أعضاء المجلس الدائمين وغير الدائمين لمتابعة تنفيذ هذا القرار، وتلقي تقارير عن مستوى التزام كل دولة عضو في الأمم المتحدة بأحكام القرار الدولي رقم (1373) وفق جدول زمني، واقتراح خطوات التنفيذ الكامل للقرار. ويزيد من خطورة وأهمية هذه اللجنة ، أنها تشبه لجان الجزاءات الدولية التي تعطي الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ـــ وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ـــ حق التنفيذ الجبري للقرار (1373) بسلطات الفصل السابع من خلال لجنة مناهضة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي في كافة المجالات الأمنية والمالية والمصرفية والاستخبارية.ويبدو أن حزب «الإصلاح» الذي تصدى بكل صفاقة ووقاحة من خلال نوابه لبرنامج حكومة المؤتمر الشعبي العام بعد انتخابات 2003م، بالإضافة إلى إصراره على تجاهل خطر الإرهاب في ما يسمى مشروع «الإنقاذ الوطني» ، لم يدرك فقط خطورة تجاهل التزامات بلادنا تجاه المجتمع الدولي إزاء مكافحة الإرهاب، بل أنه يبدو وكأنه لا يدرك أيضا حجم الأضرار والخسائر الجسيمة التي تكبدها اقتصادنا الوطني في قطاعات النفط والملاحة والموانئ والسياحة والصيد البحري والاستثمارات الخارجية بسبب الأعمال الإرهابية التي تشكل خطرا حقيقيا على الأمن والاستقرار في بلادنا وعلاقاتها الإقليمية والدولية.. ولعل الذين أنكروا على حكومة المؤتمر الشعبي العام عزمها في البرنامج الذي نالت به ثقة البرلمان بعد انتخابات 2003م على مكافحة الإرهاب، يدركون جيدا أن مكافحة الإرهاب بالنسبة لحكومة الحزب الفائز بثقة أغلبية الناخبين في انتخابات 2003م هو مهمة وطنية بالدرجة الأولى، والتزام إقليمي ودولي بالدرجة الثانية، وحين يتم شطب هذه المهمة من أجندة الحكومة بموجب طلب نواب حزب «الإصلاح» الذي يقود ويوجه «اللقاء المشترك»، ويخطط لإنتزاع السلطة بوسائل انقلابية تحت مسمى (الانقاذ الوطني ) فإن ثمة عواقب داخلية وخارجية وخيمة ستصيب البلاد بأسرها ولن تصيب الحكومة فقط، وهو ما سنأتي إليه في الحلقة القادمة.[c1] صحيفة ( 26 سبتمبر)[/c]