تبنى تنظيم "القاعدة" الهجوم الفاشل الذي تعرض له أكبر مجمع سعودي لمعالجة النفط في العالم في "بقيق" بالمنطقة الشرقية يوم الجمعة الماضي وتمكنت قوات الأمن السعودية من إحباطه. وتنظيم "القاعدة" هذا، لاشك أصبح شعاراً لفكر, وليس عنواناً لمكان أو قيادة, وإذا كان لا أحد في العالم كله يعرف أين موقع التنظيم ولا أين تختبئ قياداته، فإن فكر التنظيم وتوجهاته التكفيرية المتطرفة أصبحت منتشرة ومعروفة ومتجذرة في أماكن كثيرة من هذا العالم، وفي بلادنا بصفة خاصة.وفي بدايات العمليات الإرهابية التي شهدتها السعودية كان الشعار المرفوع "إخراج الكفار من جزيرة العرب، والأمريكان بصفة خاصة"، الآن "شركة أرامكو السعودية" يعمل فيها نحو 600 ألف موظف 97% منهم سعوديون، فماذا يريد الإرهابيون، تلاميذ تنظيم "القاعدة"؟ هل يريدون "إخراج العرب من جزيرة العرب"؟ أم يريدون "عودة الأمريكان إلى أرامكو"؟ إنني لا أعتقد لا هذا ولا ذاك، لكنني أسأل المتعاطفين معهم والمخدوعين بفكر "القاعدة" وشعاراتها، والمنخرطين في موجة التطرف والتفسيق والتكفير الواضحة للعيان في أكثر من مكان بيننا. إن الذين بلغوا ذروة الانحراف في انقيادهم لفكر "القاعدة" وشعاراتها، وحملوا السلاح، هؤلاء لم يعدلهم حل سوى المواجهة الأمنية التي حقق فيها رجال الأمن السعوديون نجاحات باهرة يستحقون عليها الشكر والمؤازرة والدعم. ولكن يبقى المتعاطفون، والمخدوعون، الذين اعتقدوا ومازالوا يعتقدون أن "ابن لادن والظواهري" شيخان عالمان مجتهدان، وكلما بثت قناة "الجزيرة" لأحدهما تسجيلاً، رأيت هؤلاء يهللون ويكبرون ويملؤون ساحات الإنترنت ومجالس الذكر بالتأييد، ودعوات التمكين والنصر، هؤلاء المتعاطفون والمخدوعون أخطر على بلادنا وأمتنا من الذين حملوا السلاح ونزلوا إلى الميدان، وخطر هؤلاء يكمن في كونهم منبعاً لا ينضب للإرهاب، فكلما قضى الأمن على جماعة مسلحة، أو كشف خلية نائمة، نشأت جماعة أخرى. وتكونت خلية جديدة، بفضل أفكار التطرف والتكفير التي يغرسها هؤلاء في أذهان الناشئة سراً وعلانية، ويدفعونهم ليكونوا حطباً لنار الإرهاب التي يتخذون "الدين" مطية لإشعالها، والدين منها ومنهم براء، إننا جميعاً مسؤولين وعلماء ومؤسسات ومواطنين مقتنعون جميعاً بأن المواجهة الأمنية مع نجاحاتها الهائلة لا تكفي وحدها لاجتثاث الإرهاب من بلادنا، كلنا مقتنعون إنه لابد من مواجهة الفكر المولد للإرهاب بفكر أقوى وأوضح وأكثر إقناعاً، لكننا - فيما يبدو - نتحمس لهذا كلما حدثت عملية إرهابية جديدة، ثم يخبو الحماس بعد ذلك لتستمر موجات التطرف والتكفير في الامتداد، وكأننا غير مدركين أن نار الإرهاب لن تستثني منا أحداً. * نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية
|
مقالات
(( القاعدة )) فكر تجذّر بيننا.. إرهاب لن يستثني أحداً
أخبار متعلقة