مجدي محمد بازياد/ المكلا (14 أكتوبر): تعد ظاهرة (الختايم) بمحافظة حضرموت، إحدى ظواهر التكافل الاجتماعي التي تنشط في شهر رمضان الفضيل، كيف لا وهي تشهد التقاء القلوب والأحباب على موائد الإفطار لتصفو القلوب من الأدران، وتحلق في فضاءات الفضيلة والعمل الصالح، وتعلو البهجة والسرور وجوه الصغار والكبار. وتحفل مدينة المكلا بمحافظة حضرموت بعدد من (الختايم) لمساجدها المتعددة بدءاً بمسجد بايعشوت الذي يبدأ في الثامن من رمضان، وانتهاء بمجسد عمر في التاسع والعشرين من رمضان، لكن مالفت الأنظار خلال شهر رمضان هذه السنة الانطلاقة الخامسة لختم مسجد الفلاح بالمكلا، التي شهدت حضوراً جماهيرياً واسعاً، واحتضنت فيه مدينة المكلا مختلف أبناء مديريات حضرموت، من خلال السمعة الطيبة خلال المواسم الأربعة السابقة، التي سمعت أصداؤها في الداخل والخارج، وشهد الختم الخامس تجديداً وتطوراً أشاد به الجميع، من خلال الاهتمام بالموروث الشعبي الأصيل، وإعادة الذكريات لماضي المكلا التليد، صحيفة (14 أكتوبر) كانت حاضرة في موقع الحدث، في حفل ختم قبة الشيخ المحجوب، ومسجد الفلاح في سنته الخامسة، ورصدت لقرائها مباهج الفرحة والسرور التي عمت مدينة المكلا خلال أيام الشهر الفضيل .[c1]اختم قية المحجوب .. التذكير بمقام الأولياء الصالحين[/c] احتفت مدينة المكلا في العشرين من رمضان بختم قبة الشيخ المحجوب ، الولي الصالح، وتزينت شوارع مدينة حي السلام بالمكلا بالأضواء الملونة وشارك في الحفل بائعو لعب الأطفال بمختلف أنواعها إلى جانب الحلويات المختلفة، وتوافد على ختم القبة جموع من مواطني مدينة المكلا بمختلف حارتها، وقرئت بعد صلاة التراويح، الأدعية والأذكار الخاصة بالختم وانطلق المشاركون في الختم من القائمين على القبة، والشباب بجولة حول القبة، تم بعدها قراءة عدد من الأناشيد والأهازيج الدينية، ليتابعوا بعد ذلك مسيرتهم نحو موقع الختم، وبيت آل الجفري/ الأسرة القائمة على خدمة القبة منذ سنين عديدة، وسط مشاركة من الكبار والصغار الذين رددوا تلك الأناشيد والأهازيج. [c1]ختم مسجد الفلاح بالمكلا .. تظاهرة روحانية واجتماعية[/c] على صعيد متصل عاشت مدينة المكلا عصر وليلة الثلاثاء التاسع من رمضان المبارك أجواء احتفالية روحانية فرائحية احتفاء بالذكرى الخامسة للختم السنوي لمسجد الفلاح بحي السلام بالمكلا، الذي تنفذه جمعية السلام الشبابية سنوياً، وتخللت الختم تظاهرة شبابية انطلقت من الشارع الثالث بحي السلام تتقدمهم الجمال التي يقودها مجموعة من الشباب المتزينين بالملابس المشقاصية البدوية، مرددين الموشحات الدينية والأغاني الرمضانية التي تم إنتاجها خصيصاً بهذه المناسبة. وتوافد على حي السلام مختلف أبناء مناطق مدينة المكلا، والمديريات المجاورة، وشهد الختم ازدحاماً كبيراً من قبل الزائرين الذين اصطحبوا أطفالهم لتعريفهم بإرث وحضارة أجدادهم، حتى السياح كان لهم حضورهم القوي، كعادتهم في الأعوام السابقة، و عبروا عن دهشتهم وإعجابهم بهذه التظاهرة الرائعة. [c1]تألق شبابي في إعادة الروح لموروث المكلا الشعبي[/c] تفنن شباب حي السلام في إعادة الذكريات للأيام الخوالي للاحتفالات السنوية لمساجد مدينة المكلا التي تقام ليلاً وتسمى (الختايم) مجددين الصورة التي تؤرخ لعادات أسرية حميمة يتبادل من خلالها الأهالي الزيارات والعزائم الرمضانية، حيث خرج أبناء حي السلام في عرس جماعي حاملين الفوانيس القديمة في رحلة جابت شوارع الحي ، مروراً بمسجد بازرعة، والشارع العام، وسط حضور جماهيري كبير، رغم الحرارة التي وصلت إلى خمس وثلاثين درجة، في إصرار عجيب من قبل المواطنين على إحياء هذه الذكرى التي تعيد إلى الأذهان العادات والتقاليد الحضرمية في شهر رمضان الفضيل، فإلى جانب ارتداء الشباب الملابس والقمصان البيضاء، والشالات الخضراء التي تحاكي الفكر الصوفي آنذاك ، قاموا بمحاكاة العهد السلطاني، ومثلوا منظراً جميلاً لحركة السلطان القعيطي مع حرسه القديم في نزولاته على رعيته بمدينة المكلا، كما أكسب ظهور الجمال في مقدمة المسيرة الشبابية لوناً من ألوان ارتباط الأجداد بهذا الحيوان في أسفارهم الطويلة، لذلك هدفت جمعية السلام الشبابية إلى تصوير هذا المشهد الصغير الذي انطلق في شوارع حي السلام وصولاً إلى ساحة مسجد الفلاح التي اكتظت بالمواطنين نزولاً إلى مستشفى الأمومة والطفولة، والذي استمر إلى قبيل المغرب. [c1]الخيمة التراثية .. مناظر تسر الناظر[/c] استقطبت الخيمة التراثية الحضرمية العديد من الزائرين خصوصاً السياح من الصين وماليزيا وتايلاند الذين كانوا يطالعون مكونات المطبخ الحضرمي المتنوعة خلال الشهر الفضيل، وكان للطفولة البريئة حضورها الفاعل من خلال ظهور العديد من الزهرات المرتديات الملابس الحضرمية البدوية المطرزة بالفضة، وهن ممسكات بمجامر البخور التي فاحت رائحتها. وكانت إدارة جمعية السلام الشبابية قد نصبت خيمة تم فرشها بخوص النخيل المسفوف المسمى قديماً (السلق)، علقت على جدرانها المسارف والقفف، ووضعت في مداخلها بعض الأواني المستخدمة قديماً في البيت المكلاوي، كالزير والجحلة والمرهاة الخاصة بطحن الحبوب ، وبعض الصناديق الخاصة بحفظ الحلي والنقود وغيرها من الأدوات القديمة في مدينة المكلا. [c1]السلطة المحلية بالمحافظة .. حضور ودعم[/c] كان للسلطة المحلية حضورها في تدشين الختم السنوي الخامس لمسجد الفلاح، حيث حضر الإخوان الأستاذ/ سالم أحمد الخنبشي محافظ حضرموت، وعمر سالم العكبري وكيل وزارة الإدارة المحلية، المهرجان الخامس الذي أقيم عصر الثلاثاء الماضي. وفي حفل التدشين أعلن المحافظ الخنبشي عن تبرع السلطة المحلية بالمحافظة بمائة ألف ريال دعماً لجمعية السلام، ودعا إلى إظهار الجانب التراثي والشعبي لمحافظة حضرموت عموماً، ومدينة المكلا خصوصاً، مؤكداً ضرورة الاهتمام بعاداتنا وتقاليدنا الرمضانية التي تتسم بالعفوية وإشاعة روح المحبة والتسامح بين الناس، خصوصاً وأننا في شهر كريم، يدعو إلى التآلف والتقارب. وخلال زيارته لفعاليات الختم المختلفة، عبر المحافظ عن سعادته الغامرة بما شاهده من تنظيم وتجديد، من خلال إعطاء الزائرين صورة كاملة عن الكثير من العادات الحضرمية خلال شهر رمضان المبارك وقال: إن السلطة المحلية ستكون داعماً لمثل هذه الأعمال التي تحافظ على ماضي الأجداد التليد، مشدداً على ضرورة الحفاظ على هذا المخزون التاريخي، وعدم تضييعه أو نسيانه. [c1]مساء رمضاني روحاني ساهر [/c]بعد أن انقضت صلاة التراويح، قرأ المصلون في مسجد الفلاح دعاء ختم القرآن وخرجوا متوجهين نزولاً إلى قبة الشيخ المحجوب وهم يحملون الفوانيس القديمة، مرددين الأهازيج والأناشيد الدينية القديمة، بعد ذلك عادوا إلى ساحة الخيمة التراثية ليتم بعدها تدشين الحفل الساهر الذي تخللته عدد من الأناشيد الدينية التي شنفت الأذان، واستمتع بها الحاضرون، قدمتها فرقة المسرات بالشحر، كما قدمت فرقة برمة الكوميدية فقرات مسرحية كوميدية، ضجت لها الساحة ضحكاً، وكان حضور المواطنين من مختلف حارات المكلا والشرج والديس وفوه وبروم وروكب وبويش، ومديريتي الشحر والغيل والحامي، في جو فرائحي روحاني امتازت به هذه المناسبة. كما تم تكريم أئمة ومؤذني مساجد المكلا القديمة( بازرعة ومشهور وبن علوي والفلاح) عرفاناً بدورهم الرمضاني قديماً، وتم تكريمهم من قبل الإخوة/ عمر سالم العكبري وكيل وزارة الإدارة المحلية، وسالم صالح بن عبدالحق المدير العام لمديرية مدينة المكلا، رئيس المجلس المحلي بالمديرية، وسيم حسين النهدي رئيس جمعية السلام الشبابية، كما كرموا الجهات والمؤسسات والشخصيات التي كان لها دور فاعل في دعم وإسناد ختم مسجد الفلاح على مدى خمس سنوات، وعاشت المكلا ليلة رمضانية مسائية فرائحية حتى ساعات الفجر الأولى.[c1]جمعية السلام الشبابية .. إبداع وتميز[/c] بعد نجاحات أربعة حققتها جمعية السلام الشبابية، خلال المواسم الماضية، ضمن فعاليات ختم مسجد الفلاح بالمكلا، عقدت الجمعية العزم على إظهار الختم الخامس بصورة متجددة من خلال الاهتمام بالموروث الشعبي لمدينة المكلا. وفي تصريح لصحيفة ( 14 أكتوبر) أوضح الأخ/ وسيم حسين النهدي رئيس جمعية السلام الشبابية، أن الهدف من إقامة هذا المهرجان يتمثل في إعادة الذكريات القديمة لمدينة المكلا، وإحياء موروثها الشعبي الأصيل ، مشيراً إلى أن الحفل يعيد إلى الأذهان الأيام الخوالي للاحتفالات السنوية لمساجد مدينة المكلا، وأضاف النهدي أن ختم هذه السنة شهد إضافات جديدة عن المواسم الأربعة السابقة، وأبرزها تكريم أئمة ومؤذني مساجد المكلا القديمة لافتاً إلى أن الجمعية أقامت الحفل الرمضاني الساهر لاستقطاب المزيد من الزائرين لفعاليات الختم، مؤكداً حرص الجمعية على التنويع لإضفاء المزيد من التميز والإبداع ، كما أنتجت الجمعية شريطاً إنشادياً خاصاً بأغاني الأطفال الرمضانية، كما حرصت الجمعية على تصوير المطبخ الحضرمي الرمضاني عبر إنشاء الخيمة التراثية المصغرة، ووزعت كتيباً خاصاً بفعاليات الختم منذ الاحتفال الأول وحتى الاحتفال الرابع، قدمت خلاله العديد من الكلمات الروحية والرمضانية، وعرضت فيه الكثير من الصور واللقطات للختايم السابقة. وأكد النهدي أن الجمعية تسعى إلى توثيق كل فعاليات الختايم لجعلها وثيقة تاريخية لمدينة المكلا، مشيراً إلى أن الجمعية ستقوم منذ الآن بوضع أفكار ومقترحات جديدة للختم السادس، داعياً كل من لديه أي ملاحظة أو مقترح إلى تقديمه لإدارة الجمعية، لما من شأنه تجنب أي سلبيات، والوصول إلى نجاحات جديدة في المواسم القادمة.
(الختايم) في حضرموت .. بين روحانية الشهر واستعادة الذكريات الجميلة
أخبار متعلقة