صباح الخير
ليس من شك ان اي خوض في الحديث او من خلال الاقدام على التصدي للكتابة عن التاريخ والتناول للوقائع والمجريات المتصلة به، في اي جانب او مجال، جزئياً منه كان ام شامل وعام، انما يمثل مبادرة قيمة وذات شأن جدير بالاعتبار والاهتمام، بقدر كونه - اي الخوض في الحديث او التصدي في الكتابة حول التاريخ ووقائعه ومجرياته - حسب ما اسلفت - تأدية لمهمة وطنية وتوثيقية وتوعوية، اجتهادية كانت او تخصصية، التي تعكس الحقائق المرتبطة بمسار التاريخ ووقائع ومجريات احداثه ومكوناته عبر الفترات والحقب الزمنية لهذا المسار التاريخي على امتداده المشهود، مما يجعل الاقدام على فعل ذلك، مسؤولية شخصية ادبية واخلاقية علاوة على اعتبارها مسؤولية وطنية وتاريخية، على عاتق المعني بهذا الفعل. يمثل ذلك اهميته في المسؤولية الوطنية والادبية والاخلاقية التي تقع على عاتق من يقدم على التصدي في للتناولة، علاوة على المسؤولية التاريخية في تأدية هذه المهمة الوطنية، في جانبيها، التوثيقي والتوعوي، بحيث يفترض في تحمل هذه المسؤولية ان تكون التأدية لمهمة الحديث او الكتابة عن التاريخ مستوعبة لكونها شهادة توثيقية بالغة الاهمية يتوقف عليها الرصد لمختلف الحقائق المرتبطة بمجريات التاريخ ووقائع احداثه الصادقة، بما من شأنه جعل هذه الشهادة بمثابة المرآة العاكسة بامانة لحقائق هذا التاريخ والمجسدة فعلا للمرجعية التاريخية.ومن هنا، وانطلاقا مما تقدم، فانه ليس في التصدي للحديث او الكتابة عن التاريخ، ما هو مباح لمن هب ودب القيام بذلك، بل ان مثل هذا الامر والاقدام عليه، يخضع لعدة اعتبارات مهمة يتوجب مراعاتها، منها ما هو معني به من يقدم على ذلك، ومنها ما يتعلق بجوانب الخوض في ثنايا الوقائع والاحداث التفصيلية المرتبطة بمجريات وحقائق مسار التاريخ وفتراته وحقبه الزمنية.. وتمثل هذه الاعتبارات المهمة التي يتوجب مراعاتها - كما اسلفت، ثمة شروط اساسية لابد من توفرها عند الاقدام على تأدية هذه المهمة الوطنية، وبدون توفر هذه لهذه الشروط يكون القيام بالمهمة قاصرا ومنكعسا سلبيا على المضمون المتناول المعني بها..وفي هذا المضمار، فاننا من واقع التجربة لتعاملنا وتعاطينا ازاء المسار التاريخي النضالي الوطني، عبر تاريخنا اليمني المعاصر، والخوض في الحديث والكتابة عن التاريخ ومجرياته وما يتصل بهما من الوقائع والاحداث والمنعطفات المقترنة بهذا المسار التاريخي ، نجد في واقع تجربتنا الممارسة بصدد هذا الشأن الوطني التاريخي من السلبيات والتشويهات في هذا الجانب ماعانيناه وعايشناه على امتداد العقود الزمنية المتتالية وحتى الآن، الامر الذي بات ولايزال وسيظل، التاريخ الوطني اليمني، يفتقر الى الكتابة التوثيقية الصادقة والامينة لمختلف مراحله ومجريات وقائعه واحداثه، بفعل ما تعرض له مجمل مسار هذا التاريخ عبر العقود والعهود الماضية من ممارسات التشويه والتحريف التي ما انزل الله بها من سلطان، وذلك نتيجة لعوامل عدة من بين اهمها الاجتهادات الجانبية والممارسات التجييرية للبعض في الحديث او التصدي للخوض والكتابة عن التاريخ، غير المراعاة فيها للاعتبارات الوطنية وعدم التوفر فيها للشروط اللازمة للقيام بذلك.