مكتبات الأطفال العامة ودورها في ثقافة الطفل:
عرض/محمد فؤاد راشد :يحظى الأطفال بخدمات مكتبية متنوعة في دول العالم المختلفة ، بل ويعتبر إنشاء مكتبات للأطفال من المهام الوطنية في كثير من الدول ، حيث يحظى نشر أدب الأطفال بالإهتمام المتزايد في هذه الدول. وفي الولايات المتحدة مثلاً نجد أنه على الرغم من أن الخدمة المكتبية للأطفال في المكتبات العامة كجزء حيوي هام من العمل والخدمة المكتبية.وأبرز ملمح في هذا المجال في روسيا حيث تتوافر مكتبات مستقلة للأطفال والتي بدأت في الظهور مبكراً في القرن العشرين. وتشير الإحصاءات إلى توفر 8000 مكتبة للأطفال تحت إشراف وزارة الثقافة ، 154.000 مكتبة مدرسية تحت إشراف وزارة التربية. ومكتبات الأطفال المستقلة إدارياً ومادياً تدخل إدارياً في شبكات أو نظم عامة للمكتبات العامة وهناك بالإضافة إلى هذا بعض الجهات الأخرى التي تعمل على تلبية الحاجات المكتبية للأطفال مثل: مكتبات الإتحادات التجارية ومكتبات دور الحضانة ، روضات الأطفال.وفي المجر صدر عام 1952م قرار رسمي يقضي بإنشاء مكتبات الأطفال في مدن المجر. فقد زاد عدد مكتبات الأطفال من 47 مكتبة عام 1957م إلى 190 مكتبة في 1972م . وفي السويد تقدم الخدمة المكتبية للأطفال عن طريق المكتبات العامة والمدرسية وبالنسبة للمكتبات العامة فهناك أكثر من 40 قسماً للأطفال في المكتبات العامة. وفي العراق نجد أن أول مكتبة للأطفال تأسست في مدينة بغداد عام 1968م وتضم هذه المكتبة قاعة للمطالعة تسع حوالي مائة طفل ومرسم يستقبل الأطفال الذين لديهم.وبالنسبة لمصر يلاحظ أن تقديم الخدمة المكتبية تمثل في فروع دار الكتب بمحافظتي القاهرة والجيزة والمكتبات العامة التابعة للإدارة المحلية بمحافظات الجمهورية. فضلاً عن قصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المنتشرة في عدد من مدن البلاد. وقد نشأت دار الكتب أربع مكتبات متخصصة للأطفال بمحافظتي القاهرة والجيزة، بالإضافة إلى مكتبة الأطفال المركزية التي أنشئت عام 1968م بحي الروضة. وقد أنشأت جمعية الرعاية المتكاملة عدداً من المكتبات الحديثة للأطفال في بعض الحدائق ثم قامت بعدد من مكتبات الأطفال المستقلة وأقسام الأطفال التابعة للمكتبات العامة.[c1]تعريف مكتبات الأطفال العامة [/c]أن المكتبات العامة يمكنها أن تتيح للأطفال فرصا للقراءة الحرة المنوعة منذ البدايات المبكرة من أعمارهم . وهى طبقا للأفكار والمعايير الحديثة تعتبر مركزا تعليميا يعين الأطفال على مواصلة التثقيف الذاتي ويساعدهم الوصول إلى مفاتيح المعرفة بأنفسهم ؛ ولقد بدأت مكتبات الأطفال في الانتشار بشكل كبير في النصف الثاني من القرن العشرين وذلك لسببين رئيسيين وهما:-أولاً :- غزارة أدب الأطفال والذي يعرف بكل ما يتصل بثقافة الطفل من الإنتاج الفكري وبأي شكل من الأشكال ( كتب مصورة ، قصص، مسرحيات ، مجلات ، اسطوانات ، أفلام سينمائية وكرتونية برامج إذاعية وتليفزيونية ، برمجيات حاسوبية وغيرها ) .ثانياً:- شعور المسؤولين المهتمين بحياة الطفل بان الطفولة عالم خاص متميز عن عالم الكبار، لذا يجب الاهتمام به وتوجيهه وجهة تربوية ونفسية واجتماعية سليمة عن طريق توفير الخدمات اللازمة له لإشباع حاجاته وميوله ورغباته. وأضف إلى ذلك أن الطفولة إذا ما احسن استغلالها فسوف تكون ثروة وطنية مهمة ، على اعتبار أن طفل اليوم هو رجل المستقبل.وهناك تعريفات عديدة لمكتبات الأطفال لكن جميعها مشتركة في سمة واحدة وهى تعتبر من أهم سمات مكتبة الأطفال وهى « تنشئة الأطفال تنشئة علمية وثقافية سليمة» . ومن هذه التعريفات :-[c1]المكتبات العامة للأطفال [/c]« واحدة من المؤسسات ذات الطابع التعليمي والتثقيفي والترفيهي وتعمل أساسا على الإسهام في تنشئة الأطفال تنشئة سليمة، وتطوير اهتماماتهم وقدراتهم ، وإكسابهم مهارات التعلم الذاتي ، بما يتضمنه ذلك من تنمية مهاراتهم وقدراتهم القرائية في مختلف مراحل العمر ، باستخدام شتى الوسائل».عرفت مكتبات الأطفال أيضا : « أنها قسم مخصص كليه لاستعمال الأطفال . أو قاعة في المكتبة العامة والمركزية أو في فرعية مخصصة لتقديم خدمات للأطفال وتوفير مجموعات الكتب لهم».[c1]دور مكتبة الطفل العامة[/c]يتبلور دور مكتبة الطفل العامة في دور هام وأساسي وهو:-«تثقيف النشأ بشكل يستطيع معه التعامل والتفاعل مع المجتمع بشكل علمي وإجماعي سليم». وقد ذكرت د. سهير أحمد محفوظ أن للمكتبة العامة دور فعال لأنها تتعامل مع المجتمع بشكل عام وتتوجه إلى الأسرة بمختلف أفرادها ومنها الطفل الذي تغرس في نفسه منذ البداية عادة الإطلاع على الكتب.بالإضافة إلى أن دور المكتبة والمكتبة العامة بالذات دور حاسم في التنمية الثقافية لأن الكتاب الجيد هو خلاصة فكر إنساني جيد ومنظم في كل مجال ولهذا ينعكس أثره على تفكير القارئ الصغير وسلوكه بوجه عام فينشأ ميالاً إلى النظام وإلى المعاملة المهذبة مع غيره وهذا هو أساس النجاح في أي عمل فردي وجماعة. وعلى هذا يمكن إجمال دور مكتبة الطفل في عدة نقاط : توسيع المدارك القرائية لدى الطفل وتسهيل وصول الطفل للمعلومات.إلى جانب اكتشاف الميول الحقيقية والاستعدادات الكامنة والقدرات الفعالة للطفل.إكسابه اهتمامات جديدة والعمل على تنمية الوعي الاجتماعي للطفل ومساعدته لممارسة حياة اجتماعية سليمة من خلال المشاركة في المواقف الاجتماعية المختلفة تهيئته للقدرة على التعامل مع المؤسسات الاجتماعية السليمة.مساعدة الأطفال وتعليمهم كيفية الحصول على المعلومات من أكثر من مصدر. وكيفية استخدام المصادر بأشكالها المختلفة سواء كان بشكلها التقليدي أو الإلكتروني وغرس القيم والعادات الاجتماعية السليمة .[c1]المكتبات ودورها في ثقافة الطفل [/c]تتعد المؤسسات داخل المجتمع التي يمكنها أن تساهم في إحداث التغيير نحو الأفضل في ثقافة المجتمع او ما نصطلح عليه . وحيث أن الكلمة المكتوبة هي أهم المميزات الإنسانية على وجه الإطلاق على مدى تاريخ الثقافة والحضارة البشرية ، فان دور المكتبة العامة بين المؤسسات التي تحدث التغيير الثقافي المطلوب يكون بذلك دورا أساسيا . وحيث أن المكتبة هي المؤسسة التي تقتنى الكتاب بشكل أساسي فإنها تصبح عنصرا محوريا في جميع المؤسسات الاجتماعية التي تسهم في إحداث التنمية الثقافية في المجتمع كالمنزل والمدرسة والجامعة وأجهزة الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية.ولذلك تعد مكتبة الطفل بوجه خاص من أهم المؤسسات التي تعمل على تكوين شخصية الطفل وصقل مواهبه وتنمية قدراته وتوجيهيها التوجيه الأمثل من خلال ما تقدمه له من مصادر معلومات تناسب حاجاته ورغباته القرائية وميوله واستعداداته ، من خلال الأنشطة والخدمات المكتبية المتنوعة كقراءة القصة وعرض المسرحيات والأفلام الهادفة وغيرها . وعلى الرغم من أن هناك عدة وسائل وأجهزة وجدت لتخدم الطفل إلا أن المكتبة بالتأكيد من أهم هذه الوسائل والأجهزة والمؤسسات من أبقاها أثرا ، إذ أنها تساعد في تزويد الطفل بالمعلومات والخبرات والمهارات والاتجاهات واللازمة له ، كما أن الاستخدام الجيد لكل الأنواع الأخرى من المكتبات إنما يتوقف على أول مكتبة يقابلها الفرد في حياته وهى « مكتبة الطفل « ولهذا تولى كل الدول عنايتها بمكتبات الأطفال بل وتعتبر ذلك من المهام القومية الجديرة بالاعتبار .[c1]أهداف مكتبة الطفل[/c]أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة عام 1949م، بياناً رسمياً حول أهداف المكتبة العامة وتضمنت عام 1972 بمناسبة العام الدولي للكتاب الدعوة إلى الإهتمام والتركيز على تطوير مكتبات الأطفال والكتب التي تقدم لهم. كما أسندت في نفس العام إلى الإتحاد الدولي لجمعيات المكتبات (IFLA) مراجعة البيان السابق إصداره، وإعداد بيان رسمي منقح بأهداف المكتبة العامة.وتضمن هذا البيان الجديد نصاً واضحاً بضرورة الإهتمام بمكتبات الأطفال ، حيث تقرر أنـه “ يجب أن تتيح المكتبة العامة للكبار والأطفال فرص الإستفادة من أوقاتهم وتعليم أنفسهم بإستمرار، وأن تتيح لهم الإتصال الدائم بالتطوير في مجال العلوم والأدب “ ، وأنه من السهل على الطفل أن يكتسب في بداية حياته عادة تذوق القراءة والكتب، وإستخدام المكتبات العامة ومصادرها لذا فإن المكتبة العامة تتحمل مسؤولية خاصة لإتاحة الفرصة للأطفال كي يختاروا الكتب والمواد الأخرى بأنفسهم. وينبغي أن تضم المكتبة مجموعات خاصة بهم من الكتب وأن يخصص لهم أجزاء معينة من المكتبة، عندئذ تصبح مكتبة الأطفال حيوية ومشجعة لأنواع متعددة من الأنشطة”.”