الكشف عن الأسرار لا يعني قدرة العالم على منافستها !
بكين / 14 اكتوبر / متابعات / وكالات:كيف تصدرت الصين لائحة ترتيب الميداليات الأولمبية برصيد 51 ذهبية وبفارق 15 ميدالية ذهبية عن العملاق الأميركي صاحب الصدارة خلال آخر 3 دورات أولمبية؟ وهل يضمن الكشف عن أسرار هذا التفوق الكاسح تكرار التجربة مع دول أخرى ؟ وما مدى مصداقية الرأي الذي يقول إن قاعدة الممارسةالرياضية العريضة هي عامل الحسم في هذا التفوق؟الإجابة عن هذه التساؤلات وكشف أسرار التفوق الصيني جاء بمبادرة صينية وهو ما يعبر عن حجم الثقة في أن تكرار التجربة خارج حدود الصين أمر صعب المنال، فقد ذكرت وسائل الإعلام الصينية والعالمية أن صدارة الأولمبياد والتهام الذهب لم يكن لأسباب متعلقة بتعاطف الأرض مع أصحابها كما يحلو لنا أن نقول، ولم يكن مجرد توفر القاعدة العريضة من الرياضيين في بلد تعداده ملياراً و 300 مليون نسمة الفضل في هذا التفوق دون تخطيط مسبق واعتماد برامج أعداد علمية.الأسرار الخمسة (المعلنة) للتفوق الصيني هي ... العدد الكبير لمدارس و(ورش) صناعة الأبطال ... بحوث التكنولوجيا الرياضية ودراسة كل كبيرة وصغيرة عن المنافسين ... الطب الصيني التقليدي ... التدريب المغلق بعيدًا عن أي مؤثرات إجتماعية ... الحوافز المادية التي تمنح البطل الصيني مستقبلاً لم يكن يحلم به ... تلك هي الأسرار الخمسة التي وضعت الصين على قمة العالم، وجعلت أبطالها يلتهمون الذهب الأولمبي لتصبح الصين على قمة لائحة ترتيب دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها في الفترة من 8 أغسطس حتى 24 أغسطس الحالي، ولكن دراسة التجربة الصينية والكشف عن أسرار تفوقها لا يعني بالضرورة القدرة على منافستها.كما تسابقت وسائل الإعلام العالمية في الكشف عن سر المعجزة الصينية، حيث ترى ان الصين حققت نجاحًا تاريخيًا راسخًا وليس عرضيًا، وسوف يتم تكريس هذا التفوق وتأكيده في المشاركات العالمية والأولمبية القادمة، فالعملاق استيقظ ولن تستطيع أي قوة في العالم أن تزيحه على صدارة البطولات والتهام الذهبيات، والتفوق في التجربة الصينية جاء اعتمادًا على آلية رياضية راسخة يتم العمل على تنفيذها بكل دقة منذ سنوات .[c1]الانغلاق الصيني كذبة كبيرة..![/c] هناك كذبة كبيرة اخترعها العالم والقوى المناهضة للصين، حينما قالوا إن النموذج الصيني منغلق على نفسه، وهو الأمر الذي اكتشفنا أنه ليس صحيحًا، حيث استعانت الصين بخبرات أجنبية كثيرة في مجال التدريب في الألعاب التي لم يكن للصين تفوق بها، كما تم ابتعاث الكثير من الأبطال في عدد كبير من اللعبات إلى دول العالم المختلفة ليتلقوا التدريب في هذا البلد أو ذاك، خاصة البلدان المشهود لها بالتفوق في نوع معين من الرياضة، وفي هذا الإطار قال «تسوى دا لين» نائب رئيس الفريق الاولمبي الصيني قبل ايام في تصريحات أبرزتها وسائل الإعلام الصينية وعلى رأسها صحيفة «الشعب» واسعة الإنتشار ان استقدام المدربين الاجانب، واستيراد الطرق والمفاهيم المتقدمة، يعدان من العوامل المهمة لنجاح الرياضة الصينية، وفريق المبارزة الصيني هو خير مثال بهذا الخصوص. فى عام 2006، كلفت الصين المدرب الفرنسى الشهير تشريستيان بانير بتدريب منتخبى المبارزة الصينيين، لقد غير اعضاء الفريق مفهومهم تجاه المبارزة، ولا يعتبرون الرياضة بمثابة مورد الرزق، بل يعتبرونها عرضا مفعما بالحماسة. وبفضل مساعدة بانير، فاز تشونغ مان ينغ ببطل فى بطولة المبارزة للرجال، وهذه هي الميدالية الذهبية الاولى في تاريخ مشاركة الصين فى المبارزة لدورات الالعاب الاولمبية. والامثلة الناجحة المماثلة هى فريق كرة السلة الصينى للرجال وفريق كرة السلة الصيني للسيدات ايضًا، ومدرباهما جاءا من ليتوانيا واستراليا على التوالى.
ومع استيراد المدربين الاجانب لرفع مستوى الرياضة، ارسلت الصين ايضا بجد ونشاط لاعبيها الى الخارج لقبول التدريبات هناك، وذلك كان غير ممكن فى الماضى. فاز السباح تشانغ لين بالميدالية الفضية فى السباحة الحرة لـ 400 متر للرجال فى الاولمبياد، وحقق اختراقا كبيرًا فى تاريخ فريق السباحة الصينى للرجال، ولا ينفصل نجاحه عن مدربه الاسترالى الشهير.اضافة الى ذلك، تتمتع الالية الرياضية الصينية بتفوقها خلال الفترات الطويلة ايضا. فالحكومة الصينية تختار وتدرب لاعبين موهوبين لها، وان الفائدة الاكبر لهذه الالية هى تركيز القوى فى جعل المدربين الممتازين يستوعبون مفهومًا موحدًا وخطة تدريب موحدة. وتحت هذه الآلية، يلتزم اللاعبون الصينيون بالانضباط، ويجتهدون فى التدريب، وتتملكهم رغبة شديدة جدًا فى الفوز، هذا هو مفتاح لكسب النصر فى الدورات الاولمبية.[c1]أسلحة التفوق الخمسة[/c] وبالعودة إلى الأسحلة السرية الخمسة التي كانت كفيلة بمساعدة الصين في اكتساحها للذهب الأولمبي، نجد أن هذه الأسلحة هي ... - انتشار المدارس الرياضية فى كل ركن من الصين (المدن والأرياف) حيث يوجد في الصين حوالى 0200 ورشة من هذا النوع لتدريب الابطال. وتتمتع هذه المدارس الرياضية بشروط جيدة من الاقامة والطعام والعلاج الطبي ، ولها منشآت رياضية على أعلى المستويات .- السلاح السري الثاني، هو بحث من أبحاث التكنولوجيا الرياضية العميقة، والإعتماد على البحوث الأكاديمية في مجال الرياضة، والإصرار على الجانب التطبيقي لهذه الأبحاث العلمية، كما تستخدم الصين تجهيزات ووسائل اكثر تقدما فى بحوث وطرق تدريب اللاعبين أكثر من تلك المستخدمة فى الدول الاخرى، ويتم تجميع وأرشفة المعلومات والوثائق حول اللاعبين المنافسين فى مختلف البلدان. فضلاً عن تسجيل كافة المباريات لهؤلاء المنافسين بأجهزة الفيديو لمشاهدتها وتقييم نقاط ضعف وقوة أبرز هؤلاء المنافسين.- السلاح السرى الثالث، المساعدة بالطب التقليدي الصيني، ويتمتع اللاعبون الصينيون هم وحدهم بالعلاج الطبي التقليدي الصيني مثل الوخز بالإبر والتدليك والعلاج بالعقاقير الصينية، وفي هذه الجزئية على وجه التحديد لا يمكن لأحد أن يخترق هذا السر الصيني لأنه من العوامل شديدة الخصوصية والتي ساهمت في التفوق الصيني (سبب محلي للتفوق)- السلاح السرى الرابع، التدريب المغلق، حيث يواصل الطلبة فى المدارس الرياضية التدريب ليل نهار، ويلتقون بافراد عائلاتهم مرة واحدة فقط فى الاسبوع. ويجب ان يلتزموا بالانضباط، ويمكن طردهم اذا لم خالفوا التعلميات أو تقاعسوا عن إنجاز المهام المحددة لهم، وفي هذه الجزئية تتضح إلى حد ما قسوة النموذج الصيني في صناعة البطل، حيث يفتقد هؤلاء الأبطال إلى الحياة الإجتماعية ويعيشون في معسكر تدريب يمتد لسنوات عدة، ويكفي أن نعلم أن إحدى بطلات الصين في الجمباز وكانت طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها الـ 13 ربيعًا فازت بإحدى ذهبيات أولمبياد أثينا وحينما قالوا لها ماذا ترغبين بعد هذا الإنجاز ؟ قالت ... «قالب من الشوكولاتة» - السلاح السرى الخامس، الجوائز والحوافز المادية الكبيرة التي يتم منحها للأبطال الذين يحققون الميداليات، حيث يكون مستقبلهم مضموناً اذا تمكنوا من الصعود لمنصات التتويج بالذهب الأولمبي، وفي بلد يعاني غالبية شعبه من الفقر، يصبح الحافز المادي من أكثر عوامل التحفيز على تحقيق الإنجازات، ويضاف لجميع هذه العوامل الشحن النفسي والمعنوي وزرع روح البطولة في نفوس هؤلاء الأبطال في مراحل إعدادهم، حيث يصبح تحقيق إنجاز أولمبي هو بمعل مهمة وطنية مقدسة لأنها تكرس مفهوم التفوق الصيني في مواجهة العالم، وفي مواجهة الغرب (المتعجرف) على وجه التحديد، الأمر الذي يجعل هؤلاء الأبطال أكثر دافعياً لمعانقة المجد الأولمبي .