فضاء
علي ياسين الحق في الطفولة الآمنة، الحق في السكن، الحق في التعليم والصحة والعمل، كلها حقوق إنسانية تدخل في دائرة القداسة، وعلى كل ولي أمر الالتزام بها إذا كانت هذه الحقوق يضاف إليها حق التعبير عن الرأي وحتى لا يذهب بنا التعميم بعيداً فإننا إذا نظرنا نظرة متفحصة محايدة إلى واقع الحال في بلادنا فإننا نجد خللاً كبيراً وثقباً باتساع المدى بين الحديث عن هذه الحقوق وبين تمتع الناس بها في حقيقة حياتهم، إن الأطفال لدينا في الغالبية منهم لا يتمتعون بالأمن في طفولتهم والأمن هنا لا يأخذ معنى أمن الأجهزة البوليسية إنما هو الأمن الغذائي والصحي والسكني وغير ذلك مما يجعل من الطفولة طفولة مترفة بالسعادة، فمن أين يا ترى تأتي السعادة للأطفال إذا كان الآباء لا يقدرون على توفير أدنى شروط الحياة الكريمة لأطفالهم، وإذا انتقلنا نحو حق الانسان في الصحة فإن المواطن بينه وبين هذا الحق جبال من الأموال يضعها تجار الطب أمامه فيما الحكومة رفعت يدها تماماً عن الالتزام بواجبها تجاه صحة المجتمع والمستشفيات وما في حكمها من دكاكين الصحة هي في واقع الأمر مسالخ معنوية ومالية للمرضى الذين يدخلون إليها مرضى ويخرجون منها وقد رحمهم الله أو رحم جيوبهم فلا شيء في هذه الأماكن الصحية يمكن الحصول عليه على حساب الحكومة كما تفترض التسمية ناهيك عدم إنسانية تعامل "الموظفين" مع المرضى، ولندع حق الصحة جانباً ونتحدث عن حق العمل فهذا الحق بالذات لا يحتاج إلى نقاش وأرقام العاطلين عن العمل تكفى للتدليل على ذلك حيث يضاف خريجو الجامعات والمدارس إلى جيش البطالة العرمرم الذي تضج به البلاد طولاً وعرضاً، وإذا انعدم التعليم الحقيقي وحرم ملايين الأطفال من دخول المدرسة أو الاستمرار في التعليم بسبب فقر الأهالي وإذا لم يجد المريض يداً رحيمة تمتد إليه وإذا بحث العاطل عن عمل وعاد خائباً تجره أذيال الإحباط والبؤس فإن الحديث عن حق السكن لكل مواطن هو حديث فاره البذخ اللغوي وفارغ من المضمون وفي بلادنا لا يمكن إغفال مساحة الحرية الممنوحة للصحف حيث تمارس حرية التعبير بصخب شديد أحياناً غير أن هذا لا يلقم فماً جائعاً ولا يستر عورة مشرد كما أنه لا يوفر علاجاً لمريض أو عملاً لعاطل .