[c1]( رؤية اسرائيلية استخبارية )[/c] أهارون زيئيفي في سبيل اختصار الزخم الأساسي وراء كل هذه التطورات، أقول إن الشرق الأوسط انتقل من عملية تغيير إلى عملية تحول. يحصل التحول من الداخل، ونستطيع رؤيته على سبيل المثال في لبنان. تأثر لبنان بقراري الأمم المتحدة 1559 و1614 وكذلك بالضغوط الدولية والتحقيق في اغتيال الحريري. لكن النقطة الجوهرية هي أن العملية في لبنان كانت تحولاُ حقيقياً لأنها انبثقت من داخل البلاد نفسها. ويبدو أن التحول في مصر ينبع أيضاً من الداخل. أبدى ألف قاض في مصر من أصل ثلاثة آلاف عدم استعدادهم للأشراف على الاستفتاء الذي أجري قبل بضعة أشهر حول تعديل المادة 76 من الدستور. وكان السبب أنهم غير مستعدين لتأدية دور في دعم الفساد. يجب أن نميز بين الديمقراطية وعمليات "الدمقرطة". في رأيي، ما زالت الديمقراطية غائبة في الشرق الأوسط لكن هناك استعمال مختلف لعملية "الدمقرطة". هدفه تحقيق تغيير عميق. هذا ما حصل في لبنان وهذا ما يحصل في مصر والسلطة الفلسطينية. يبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن هو أول قائد في العالم العربي تنتخبه غالبية من 63 في المئة وليس نسبة الـ 99,9 في المئة المعتادة. نتائج الانتخابات المصرية التي أعيد فيها انتخاب مبارك بعد حكم دام 23 عاماً مثيرة أيضاً للاهتمام. لقد كان لهذا الانتقال من التغيير إلى عمليات التحول تأثير كبير في القوى المهمة التي تساهم في صوغ المنطقة. عام 2004 كانت القوة الأساسية السياسة الأميركية. بقيت هذه السياسة قوة مهمة عام 2005 لكن الآن تؤدي القوى الداخلية دوراً مهيمناً. رداً على الهجمات في إحدى محاضراته حول الإخفاق الأميركي في العراق، قال فؤاد عجمي "ربما لا يحبذ بوش التعقيدات الفلسفية المفرطة لكن الرسالة الثورية التي أطلقها هي الاعتقاد البسيط بأنه ليست هنالك "استثنائية" عربية ومسلمة أمام نداء الحرية. بالنسبة إلى شعب غارق في التشاؤم التاريخي، كانت رسالة هذا الغريب (بوش) ترياقاً قوياً ضد ثقافة الطغيان. سأضيف إلى الاتجاهات المذكورة عدداً من العمليات التطورية المتعلقة بالمنطقة.- لا وجود لائتلاف عسكري ضد إسرائيل.- يتوسع خطر انتشار الأسلحة وهو مدعاة قلق. أسميه "من قسام إلى شهاب3" -أي من التهديد بالصواريخ في قطاع غزة (الذي آمل أن نحول دون بروزه في يهودا والسامرة) إلى صواريخ "حزب الله" وصواريخ "شهاب3" في إيران.- الشرق الأوسط قنبلة موقوتة اجتماعية واقتصادية. كل عام، يزيد عدد المنضمين إلى سوق العمل في الشرق الأوسط أكثر من ثلاثة ملايين شخص تتجاوز أعمارهم التسعة عشر عاماً سينضمون إلى القوة العاملة كل سنة بعد عام 2005: نحو مليون شخص في مصر وثمانمئة ألف في إيران وثلاثمئة ألف في سوريا. إذا نظرنا إلى هذه الأرقام آخذين في الاعتبار الأنظمة التي تحكم البلدان المعنية والتي تعاني اختلالاً وظيفياً، نستنتج أن قنبلة موقوتة اجتماعية واقتصادية وحتى دينية تتكون في المنطقة.- التغييرات في المنطقة تطورية وليست ثورية، وتتطلب الوقت والصبر لفهمها والتعاطي معها.- يواجه استقرار الأنظمة العربية تحديات متزايدة (مصر والسعودية وسوريا واليمن، إلخ.)[c1] المخاطر والفرص بالنسبة إلى اسرائيل [/c] تشير محاولة استخلاص التشعبات الاستخبارية بالنسبة إلى إسرائيل، بعد تقويم ميزان التهديدات والمخاطر من جهة والفرص من جهة أخرى، إلى أن البيئة الاسترتيجية المعاصرة في المنطقة تريح إسرائيل أكثر فأكثر. بصفتي رئيساً للاستخبارات العسكرية، يبدو لي أن صانعي القرارات هم من يجب أن يفيدوا من العمليات الإيجابية التي نشهدها والتي تتخطى قوتها قوة العمليات السلبية.إذا أحسنوا الإفادة من هذه العمليات بطريقة فاعلة، فعلى الأرجح أننا سنتوصل إلى نتائج إيجابية، وإلا هناك خطر بأن يحصل العكس. يتعلق الاتجاه الأول بتعزيز الدولة القطرية العربية: تتزايد المصالح الوطنية لكل من الدول العربية ويخف عبء المسؤولية الجماعية العربية. يمكن فتح قنوات مباشرة مع لبنان والأردن ومصر وهكذا دواليك. في الوقت الحالي، ليس لبنان مرغماً على الالتزام بقرارات الجامعة العربية التي تضعف أكثر فأكثر. وقد رأينا القذافي يتخذ قرارات بمفرده، وحصل هذا أيضاً في بلدان أخرى. تشغل "الوطنية" مواطني لبنان وسوريا وبلدان عربية أخرى أكثر من الأحداث التي تحصل خارج حدودهم. ثانياً، تتفكك الكتلة الواقعة شمال إسرائيل والمؤلفة من لبنان و"حزب الله" وسوريا. لقد خسرت سوريا لبنان. هذا مهم من وجهة نظرنا لأنه يعني أن مصلحة لبنانية مستقلة تبرز في مجالات عدة بما فيها السياسة والاقتصاد وإعداد السياسات. وينطبق الأمر عينه على سوريا."حزب الله" لاعب على الساحة وينبغي عليه تالياً أن يمارس ضبطاً اكبر للنفس في هذه المرحلة. في الواقع، يواجه "حزب الله" أوقاتاً صعبة بصفته منظمة عسكرية وتنظيم جهادي مقاتل. إنه مرغم على احترام القرارات الصادرة عن الساحة اللبنانية الداخلية، وعليه تالياً أن يقرر الآن إذا كان يريد أن يصبح حزباً سياسياً أو يبقى "حزب الله". إنها العملية الثالثة الجارية حالياً. تتعلق العملية الرابعة بالطبيعة المتغيرة للإرهاب. يجري الآن تعقب التهديد الإرهابي بحدة أكبر، وقد تغيرت طبيعته. هذه هي حالة تنظيم القاعدة وحزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي. في مجال الإرهاب. أعتبر أن "حماس" هي الآن في واحد من أدنى مستوياتها من حيث قدرتها على تنفيذ عمليات وليس من حيث التحفيز. لكن هذا لا يعني أنها عاجزة عن تنفيذ هجوم عندما تقرر ذلك. استطاعت الضغوط المستمرة على إيران في ما يتعلق ببرنامجها النووي، تأخير هذا البرنامج لسنتين على الأقل لكنها لم تنجح في إيقافه في شكل كامل. غير أن السياسة يمكن أن تحدث التغيير. يبدو أيضاً أن تغييراً مماثلاً يلوح في الآفق في كوريا الشمالية. للعملية السادسة المتمثلة بتقدم الدمقرطة في المنطقة، ناحية إيجابية وأخرى سلبية. أتحدث هنا عن ناحيتها الإيجابية. يجب أن نتنبه جيداً للأخطار التي تتضمنها هذه العملية، وفي ضوء قوة الولايات المتحدة وصداقتها مع إسرائيل، يجب أن نستعد لتغييره في الاتجاه قد يحصل في المستقبل، وأن نقرأ تالياً بأهمية أوروبا والحلفاء الآخرين لإسرائيل. في موازاة الاتجاهات الإيجابية، يجب أيضاً تحديد المخاطر والأخطار. أحدها هو أن المنظمات الإرهابية مازالت تملك قوة ردع على الرغم من أنه يجري تعقبها وتتعرض حالياً للضغوط. الحفاظ على الهدوء بين إسرائيل والفلسطينيين هو الآن من مسؤولية الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية وأجهزة الأمن العام و"حماس". أود أن أوضح أنه ليس هناك جهاز أمني في السلطة الفلسطينية يساهم في الحفاظ على الهدوء، وينطبق هذا أيضاً على أبو مازن. إنه قرار تتخذه "حماس" منفردة باعتبارها القوة النافذة. الناحية السلبية في هذا الوضع هي أنها قادرة على إعادة إشعال العنف عندما تقرر ذلك. وكذلك الأمر بالنسبة إلى "حزب الله" والتنظيمات الجهادية في العالم. مازالت تحتفظ بقوة رادعة وبالقدرة على تنفيذ عمليات إرهابية. الخطر الثاني هو احتمال حدوث موجات ارتدادية في البلدان التي وقعت معاهدات مع إسرائيل. يجب أن نتوخي الحذر وننتبه للتهديد الذي يمثله "السياج الأمني" وفك الارتباط بالنسبة إلى الأردن. أعتبر السلام مع الأردن ورقة رابحة إستراتيجية تماماً كالسلام مع مصر، ولذلك ينبغي علينا أن نعي جيداً الأخطار التي تمثلها القوى الخارجية على هذين البلدين. أخيراً، أود الإشارة إلى الخطر الناجم عن استكمال البرنامج النووي الإيراني الذي يموله نظام أكثر تطرفاً ومحافظة مما كان عليه في الماضي. لا أظن أن معارضي البرنامج سيتمكنون من إيقافه، لذلك من الضروري أن تترافق مواجهة التهديد الذي يلوح أمامنا مع تقويمات استخباراتية أمنية وعسكرية وسياسية. وفي إطار الحديث عن هذا الخطر، أود الإشارة إلى رأيين سمعتهما في اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى في أوروبا يخففان من الطابع الملح للمسألة الإيرانية. فقد قال لي الأول "لا أفهم سيدي لماذا تلوحون لأوروبا بالتهديد النووي. لقد عشنا تحت غيمة من هذا النوع بعد الحرب العالمية الثانية". أما الثاني فقال لي "في النهاية، إما أنتم أو الأميركيون ستحلون المشكلة، لذلك فلندع المسألة وشأنها في الوقت الراهن". * رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي
|
فكر
من الديمقراطية إلى السيطرة في الشرق الأوسط
أخبار متعلقة