صباح الخير
مسألة البناء مسألة غاية في الأهمية والصعوبة والتعقيد إذ أن كل عملية تحتاج لوحدها إلى ما يشبه مشروعاً متكاملاً لإنتاج صنف معين من البناة سواء أكان في مجال بناء النفوس والأرواح وهو المجال الأساسي للبناء والذي تنبني عليه كل البناءات وتقوم على أساسه كل الصروح أو في مجال بناء الحضارات.وعكس هذه المسألة تقع عملية الهدم إلا أن القائمين بها وعليها قد لا يحتاجون إلى كثير معرفة أو إعداد، ذلك أن المهم فيها هو ان يعلم الهدام موضوع الهدم المقصود ويقوى على معوله ليوقعه في عين شيطانه التي لا تحب الخير والجمال فيوقع الخسائر ولذلك قالوا في المثل: مكسر غلب ألف مدار!!ولصعوبة البناء وفي المقدمة بناء النفوس والأرواح تبذل الدول المتقدمة المليارات من الدولارات في كل عام دون انتظار عائد مرئي سريع وتسمي ذلك بكل فخر، ودون منٍّ، استثماراً وهو بحق أبو الاستثمارات كلها ومعين كل خير قادم ومنتظر.الشيء اللافت للانتباه أن البعض لا ينظر لهذا أو ذاك إلا بقدر ما يرى في احدهما من مصلحة خاصة منظورة .. ولا حرج عنده أن يكون بعد ذلك الطوفان والبراكين.. فالمصلحة هي الأساسي وان كان تحقيقها لا معنى له سوى الخراب.ونحن لسنا ضد أن يقف الإنسان مع مصلحته فهذه هي طبيعة الإنسان ولكنها ضد أن تكون هذه المصلحة على حساب الأخلاق والقيم والثوابت الراسخة أو على حساب حقوق الآخرين من الشركاء في المجتمع أو التجمعات.هذا أولاً أما ثانياً فاننا ندعو للتبصر في هذه المصلحة والتدقيق فيما قد يترتب عليها وننبه في هذا الشأن إلى أن الخير والشر يجريان في الغالب وفق حسابات وأن هذه الحسابات تخطئ في كثير من الحالات. ورب مصلحة اصبحت مهلكة ورب مغنم صار مغرماً.. ولا يبقى إلا الخير والنوايا الطيبة بالبناء والتعمير.. فالشوك لا ينتج ورداً مثلما أن التطرف لا ينتج في ظلماته نهاراً ولا ازدهارا.. فمرحى للبناء.. ولكل عقل ويد تصنع الحياة والنماء.