لم يستغرق الأمر لحظات .. فقد كانت سيارة الفتيات واقفة، وجاءت سيارة الشاب فصفت بجانبها مباشرة لينفتح زجاج النوافذ وتمتد يد الشاب بورقة تتلقفها اليد الناعمة ثم تنطلق سيارة الشاب تتبعها السيارة الأخرى.لم يذهلني من المشهد أكثر من جرأة الطرفين الشديدة، ولم أتعجب فأنا أقرأ واسمع عن انتشار المعاكسات بين الشباب والبنات..ولكن حملني الموقف على الدراسة والكتابة والمتابعة للموضوع فكانت عجائب في زمن الغرائب.ربما يعتقد البعض أن المعاكسة مرض تخطاه الزمن، ولكن المتابع يعلم انه عاد بقوة إلى شوارعنا وبيوتنا وأسواقنا، وانتشر بين شبابنا وبناتنا انتشار النار في الهشيم، حتى صار ظاهرة في مجتمعاتنا وشيئاً يملأ الأسماع والأبصار، تروى فيه وقائع تثير العجب، وتستوقف الحريص الغيور .فالمعاكسات تعتبر واحدة من أعظم وسائل جلب الفساد وأنتشار الفاحشة، بتيسير اللقاء الحرام، وخلوة رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما. وهي وسيلة من وسائل دمار الأسر وتضيع مستقبل الفتيات.. فكم من فتاة عرف عنها ذلك السلوك المشين فأغلقت على نفسها باب الزواج، وعن أخواتها وربما إخوانها أيضا.وكم من زوجة وقعت فريسة للمعاكسات فعلم زوجها فطلقها، وضاعت وضاع أولادها معها. والمعاكس لا يحسن الظن بأهله وزوجته فيما بعد، فكل حركة سيظنها تعاكس وكل كلمة أومكالمة سيظنها مع رجل أخر، كما كان يفعل هو بغيرها. فيضيع الاستقرار من الأسر وكأنها عقوبة من الله تعالى على فعلة السوء والتسلط على أغراض الناس. ومن تتبع ماوقع من جراء المعاكسات من حوادث أليمة، وفواحش عظيمة، تحسر أيما تحسر على أحوال بنات المسلمين، وأدرك أن هده المعاكسات وسيلة تغرير، وشباك صيد، يستهدف عرضهنٌ ويسود وجوههنً، ويتركهنً ضحايا في الزوايا، أو بائعات هوى ومنحرفات، سوساً ينخر في جسد الأمة.وقد تعددت طرق المعاكسات وتفنن فيها الشباب- بنوعية- أيما تفنن، فبين غمز بالعين، أو همز ولمز، أوأبتسامة ناعمة،أو نكتة ظريفة، أوتعليقه يظنها صاحبها ظريفة.وبين نظرة ناعسة، أو تسريحة ساحرة، أو عباءة ملفتة، أومشية متكسرة متغنجة، أو ابتسامة موحية، أو عطر يسحر القلب قبل الأنف. وأما الهواتف فهي البلاء المبين والخطر العظيم، فاتصالات عشوائية تبحث عن فريسة، أو إلقاء رقم ليلتقطه الطرف الآخر، لتبدأ رحلة العصيان والتي لاتنتهي على خير في أكثر وقائعها.[c1]* محمد علي الأصبحي [/c]
معاكسات الشباب والاستهتار بالأعراض
أخبار متعلقة