أضواء
قصة واحدة، لمن يعتبر، يستعرضها برنامج (همومنا) التلفزيوني هذه الأيام حول “مصيدة” بعض شبابنا الذين غرر بهم في مهاوي التنظيمات السرية التي رمت بهم في أتون حروب لا ناقة لهم فيها ولا بعير.العبرة أن ذات القصص التي نسمعها من هؤلاء الشباب الضحايا منذ مطلع الألفية الجديدة هي ذات القصص الكربونية التي نسمعها منذ مطلع الثمانينات المنصرمة، وبالتأكيد سنسمعها بذات الوتيرة في عام 2050 لمن طال به العمر. نحن نستمع للمنتج ولكننا لم نعمل خطوة واحدة لإيقاف المصنع. نحن نشاهد الضحية على الطرف الآخر من المعادلة فيما الأدلجة المستترة مازالت مستورة على الطرف الابتدائي من ذات المعادلة. مؤدلج يستمتع بشحن أولاد الخلق إلى بؤر النيران في كل مكان فيما هو يستمتع مع أولاده وكأن الجهاد الذي ينادي به لم يكتب على عائلة وأقارب “فضيلة الشيخ”. المسألة ليست بحاجة إلى برامج توعوية بل إلى كثافة بحث اجتماعي لدراسة أسباب هذه الظاهرة التي جعلت من الشاب السعودي هدفاً إغرائياً سهلاً بدماغ مغسول يتقاطر حتى على أماكن تجنيد جهادي لا يوجد فيها من الجهاد طلقة واحدة. خرجت روسيا من أفغانستان وانتهى الجهاد هناك، وبعد خروج آخر جندي روسي حتى عام 2001 تقاطر لذلك البلد بالإحصاء ما يزيد عن عشرة آلاف شاب، فماذا كانوا يفعلون في بلد مستقل؟ اسألوا معسكر الفاروق لتعرفوا الجواب. كان شبابنا الأغلبية في معسكر نهر البارد، فما هو التجييش الذي قادهم إلى معسكر مغلق في وسط دولة مستقلة؟ اسألوا طواقم الانتظار للترحيل إلى بغداد لتكتشفوا أن ضحايا النهر البارد من شبابنا وضعوا هناك دون أن يعرفوا الجواب على السؤال: لماذا نحن هنا؟ نحن بشبابنا واحد من الأرقام الصعبة في العراق، حيث الجهاد عمليات انتحارية في الأسواق والمدارس والمعابد والمساجد ومع هذا مازالت خطوط إنتاج المصنع تعمل وكل ما نفعله ليس إلا الفرجة على المنتج. اقرؤوا بحث الدكتور محمد الخليفة من جامعة الإمام، حيث تكمن واحدة من أبرز الدراسات الرصينة حول البيئة التي خرج منها هؤلاء الضحايا، ثم ابنوا حوله. *عن/ صحيفة (الوطن) السعودية