القاهرة / متابعات يفتّش الباحث عبد الله سرور في كتابه “أثر النكسة في الشعر العربي”؛ الصادر في القاهرة عن دار “كتب عربية”؛ عن أثر النكسة في الشعر العربي الغنائي المعاصر، محددا وفقاً لجريدة “العرب اللندنية “ ملامح الشعر العربي بعد النكسة، وقد اقتضته الدراسة الموضوعية أن يطالع خريطة الشعر العربي قبل ذلك بعقد من الزمان، وأن يحدد الملامح الأساسية للقصيدة العربية حينئذ، حتى يمكنه تلمس العلامات الفارقة، والخصائص الدالة، والمناحي الجديدة، في كيان الشعر العربي بعد ذلك الحدث الجلل.يوضح عبد الله سرور أن النكسة لم تكن مجرّد حدث عسكري، وقع في الخامس من يونيو 1967، بل كانت هزيمة مروّعة، زلزلت العقل، وصدعت البنيان، وكسرت الوجدان العربي المحلق، بعد سنوات من بناء العقل والوجدان العربيين، على نحو مضاد تمامًا، لما وقع في الخامس من يونيو.وهكذا استقر رأى الباحث كما ذكرت “العرب اللندنية “ على أن تكون فترة البحث بين عامي 1956 و1973، ويقول عبد الله سرور “لقد كانت ثورة ال-23 من يوليو 1952 بداية طريق طويلة من الأمل الحلو، أحاطته زهور النضال، وراوحته نسائم الانتصارات المتعاقبة.صار عبد الناصر رمزًا عالميًا للنضال ضد الاستعمار، وتحرير الشعوب المغلوبة، أما في مصر - يقول عبد الله سرور - فقد كانت فترة 56 - 67 هي زمن تعاظم الشعور بالشخصية القومية، وترسيخ قيم العروبة، والوحدة العربية، والنضال لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة، ونشر التعليم المجاني، وكسر احتكار السلاح. ومع الهزيمة عاش الشعب كله كما جاء ب”العرب اللندنية “ موقف الحرب، حيث لا صوت يعلو على صوت المعركة وهكذا كانت النكسة علامة فارقة في تاريخنا المعاصر، وقع بعدها تغير كبير في شتى مناحي حياتنا، ومنها الأدب، ومن ثم يأتي هذا البحث منقسمًا بطبيعته إلى فترتين، ويقول عبد الله سرور مستطردا “إذا كنت قد اكتفيت في هذا البحث بالتوقف عند نهاية النصف الأول من عام 1973، إلا أنني أعلم يقينا أن بعض آثار النكسة في الشعر العربي لم تكن قد ظهرت بعد على نحو تام، ومثال ذلك شعراء السبعينات، الذين تحددت جذورهم وكثير من مكوناتهم في فترة البحث، إلا أن ظهورهم كان بعد ذلك، ولذا أفردت الفصل الأخير للحديث عن البدايات الجديدة، التي بدأ نموّها، وتكوّنت جذورها، بعد النكسة، ومنها شعراء السبعينات الذين ظهر شعرهم في النصف الثاني من السبعينات، وإن ظلت العوامل الحادة الفاعلة في تكوينهم تتوالى على امتداد العقد كله.