افتتح الندوة العلمية حول الأدلة الشرعية والصحية والاجتماعية على جواز تحديد سن الزواج
عبدالعزيز عبدالغني خلال افتتاحه الندوة
صنعاء / بشير الحزمي : تصوير / أبو معين:أكد الأخ / عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى أن عدم تحديد سن معينة للزواج ليس من مصلحة الفتاة القاصر ولا المجتمع ولا الوطن الذي يحتاج إلى أمة تتمتع بالصحة والعافية والرشد لتنهض بأعبائه لا لتضيف أعباءً عليه.وقال في افتتاح الندوة العلمية حول الأدلة الشرعية والصحية والاجتماعية على جواز تحديد سن الزواج التي نظمتها صحيفة (الميثاق) يوم أمس بمعهد الميثاق للدراسات والبحوث في العاصمة صنعاء إن موضوع الندوة متعلق بمستقبل المجتمع اليمني وقد أخذ حقه من النقاش والتداول والأخذ والرد خلال الفترة السابقة.وأوضح أن هذه الندوة تأتي ضمن الاهتمام الذي يوليه المؤتمر الشعبي العام لقضايا الأسرة منذ وقت مبكر باعتبارها الأساس المتين لرقي وتطور المجتمع اليمني، وأفرد لذلك حيزاً واسعاً في أهدافه وخططه وبرامجه ويتجلى ذلك في البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس / علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العامولفت إلى أن قيام صحيفة (الميثاق) بتنظيم هذه الندوة المهمة يعد شاهداً على اهتمام المؤتمر الشعبي العام بقضايا الأسرة والتعبير عن همومها وتطلعاتها والسعي للارتقاء بها وتوفير كافة الضمانات الشرعية والقانونية والصحية والاجتماعية التي تكفل لها البناء القوي.وأكد أن تحديد سن الزواج من أهم الأولويات التي تتأسس عليها الأسرة السعيدة التي تعد نواة للمجتمع الصالح.وقال : إن هذه الندوة هي إسهام جاد ومسؤول يهدف إلى تأكيد مشروعية التوجه نحو تحديد سن للزواج باعتباره من صالح الأعمال ويأتي من باب السياسة الشرعية والحرص على إقامة العدل والحفاظ على المصالح العامة وعلى هذا الأساس يجب أن يكون واضحاً أن تأييد الحاضرين في هذه الندوة لتحديد سن الزواج لا يمثل مجابهة لما يقضي به الدين الحنيف وليس إنكاراً لما هو معلوم منه بالضرورة.وأضاف : أن الذين أخذوا جانباً حاداً من هذه القضية واستنفروا كل قواهم لمواجهتها لا يجب أن يذهب بهم الحماس إلى حد الاعتقاد إنهم يستأثرون بالحقيقة الشرعية المطلقة.وأوضح أن الجميع يبحث ويدلي بآرائه ويعبر عن مسؤولياته كلاً من موقعه في قضية يقع البحث فيها ضمن الفسحة التي أتاحها ويتيحها الدين الحنيف والشريعة الإسلامية السمحة على قاعدة أن المصالح وتقديرها يختلفان باختلاف الزمان والمكان.وأشار إلى أن الجميع يعلم أننا نعيش في بلد إسلامي أكد دستوره أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، وأن اليمن قد تميز بمنهج تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وقد أتاح ذلك وجود قوانين تتفق مع أحكام الدين الحنيف وتأخذ بأصلح اجتهادات أئمة المذاهب وعلمائها.ونوه إلى أن توجه مجلس النواب نحو تعديل قانوني يسمح بتحديد سن الزواج لن يخرج عن هذا النهج ما دام يرمي إلى تأكيد مقصد شرعي معتبر يتمثل في ضرورة بلوغ الفتاة أو الفتى سن الرشد أي سن التكليف شرطاً قانونياً للزواج.
جانب من الحضور في الندوة
وقال إن ما يؤكد الحاجة إلى تحديد سن للزواج هو أن المجادلين في هذه القضية يرفضون من حيث المبدأ هذا التحديد وهذا يعني أن الفتاة القاصر ستبقى ضحية مباحة لكل متربص بالزواج منها بغض النظر عن فارق السن وشرط الكفاءة.وأضاف : لا أعتقد أن عاقلاً يستطيع أن ينفي وقوع الظلم في زواج القاصرات فالقاصرة إذا وقعت ضحية زواج كهذا فإن ذلك يعني أنها لم تستشر في مستقبلها هذا إذا كان سنها يسمح لها أصلاً بإدراك مصلحتها وتلك مسؤولية يتحملها بالضرورة ولي الفتاة القاصر الذي ينبغي عليه أن يتحرى مصلحتها كشرط لصحة ولايته عليها وإلا سقطت ولايته كما يرى الفقهاء.وأشار إلى أن مجتمعنا اليوم يتأسس على قواعد حياة لها متطلبات تختلف عن تلك التي كانت سائدة في الماضي، فقانون التعليم على سبيل المثال يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ويقضي بإلزامية التعليم الأساسي الذي ينتهي ببلوغ الفتى أو الفتاة سن الخامسة عشرة، وأن الزواج المبكر سيحرم الفتاة من التعليم، لافتاً إلى أن أوراق العمل المقدمة إلى هذه الندوة تحمل من الأدلة ما يكفي لتبرير التوجه الحالي نحو تحديد سن الزواج.وأوضح أن الأسرة النواة التي تقتصر على الزوجين والأبناء - هي البديل الموضوعي للأسرة الممتدة التي كان يتعايش فيها الأجداد والأحفاد ويتقاسمون سبباً واحداً للرزق، ما يعني أن مسؤولية أكبر باتت تقع على الزوج والزوجة في تأمين أسباب المعيشة لهما ولأبنائهما، بالإضافة إلى ما وفره الطب الحديث من حقائق بشأن عدم أهلية الفتاة صحياً وجسمانياً للحمل والإنجاب وإن تم ذلك فإن دونه مخاطر كثيرة، كما أن القاصر تكون عاجزة ذهنياً ووجدانياً عن تدبير شؤون بيتها وأبنائها وهو ما يؤكد مسؤوليتنا جميعاً تجاه هذه القضية بالغة الأهمية ويدفعنا إلى الإيمان برسالة هذه الندوة التي تؤكد أننا نعيش واقعاً مختلفاً ونعمل وفق قواعد حياة عملية لا تحتمل ذلك الاستدعاء القسري لممارسة أساليب عيش كانت في الماضي السحيق وإسقاطها على واقع مغاير تماماً.من جانبه أكد حسن الشيخ وكيل وزارة الأوقاف أنه في عصرنا الحاضر تغيرت الأحوال وحصلت بإباحة زواج الصغيرة أضرار نشأت بسوء تصرف الإنسان وما سنت القوانين وضبطت تصرفات البشر إلا بسبب ذلك.وقال إن اللغط الحاصل بسبب هذا الموضوع وتشنيع كل طرف على الآخر وتجييش الأنصار والأعوان تصرفات لسنا بحاجة إليها، إذ الأمر أيسر من ذلك والأصل أن تجتمع مجموعة مختارة من العلماء والأطباء والمختصين لمناقشة الموضوع والخروج برؤية مشتركة تغلب المصلحة على المفسدة وتدفع الضرر وتجلب المنفعة انطلاقاً من قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ومن قاعدة (وأينما وجدت المصلحة فثم شرع الله)، وبعد ذلك يدفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس النواب لإخراجه كقانون يلزم به الجميع، ويراعي طبيعة الزمان والمكان وما أحدثه الناس.وأوضح أن تبني جريدة الميثاق لهذه الندوة برعاية رئيس مجلس الشورى لها يعتبر خطوة على الطريق الصحيح لإعادة الأمور إلى نصابها والمياه إلى مجاريها ويفتح باب الحوار الهادئ حول المسألة وفق آلية محكمة .واشار الى اننا في بلد تحكمه شريعة الله ويسيره منهج الله والكل يحرص على قيم الأمة وأخلاقها وتماسك الاسرة واستقرارها، وانه ليس عيبا ان تسن القوانين لمواجهة المستجدات وما يحدثه الناس من تصرف طالما انها تستند الى مرجعية شرعية وواقعية وتراعي مجموع من تسن من أجلهم وليس من أجل معالجة حالة فردية.من جهته أوضح الدكتور احمد عبيد بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام ان قضية تحديد سن الزواج قضية خلافية وقد اثير حولها لغط شديد ولابد في هذا الموضوع ان نسمع آراء مختصين خبروا وعلموا وتفقهوا في هذه المسائل.وقال ان اقامة هذه الندوة هي من اجل البحث في هذا الموضوع بكل حرية وان تجري المناقشة من قبل المختصين والمهتمين بكل أشكال المعرفة الدينية والدنيوية.وأعرب عن شكره وتقديره لكل من ابدى تفهما وحماسا للمشاركة في هذه الندوة والحرص على نجاحها.بدوره اعرب الدكتور قاسم سلام عضو مجلس الشورى الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي القومي عن اسفه الشديد لان الحديث عن ظاهرة زواج القاصرات بات التعامل معه خارج اطار المفاهيم التشريعية والقانونية وكأنه حالة عابرة خارج المجتمع الذي نعيش فيه ونطمح الى ترسيخ العدالة والمساواة فيه والبناء المستقبلي له.وقال ان زواج القصر ظاهرة تذكرنا بالجاهلية الأولى ولا يكفي ان يوصف بانه اغتصاب حيواني ليس له علاقة بالقيم السماوية والاعراف والضوابط الاخلاقية.وأوضح ان زواج القاصر في ظل غياب التشريع يعرض مجتمعنا لاضرار اجتماعية ونفسية وصحية من خلال انتهاك حقوق الطفلة الانسان وهو ما يستوجب على الجميع الوقوف وقفة جادة لنعتبر السن القانونية للانتخاب المقررة دستوريا وقانونيا سنا مقبولة للزواج لان ذلك سيكون تعبيرا عن ارادة سليمة الى حد كبير مسلحة بالوعي والمعرفة والقدرة على التمييز والنضج الى حد ما في النمو العاطفي وعدم حرمانها من التمتع ببراءة الطفولة وحنان الوالدين والتفاعل الاجتماعي في ظل المساواة في الحقوق والواجبات ورعاية المجتمع كله للطفولة بشقيها الذكور والإناث.ولفت الى ان المختصين في علم النفس وعلم الاجتماع وفي الصحة النفسية والصحة العامة يستطيعون أكثر من غيرهم ان يشخصوا الاضرار التي تتعرض لها الطفلة تحت ظاهرة زواج الاطفال المغطى «بشكل من أشكال الشريعة» وقد اتسعت مساحة هذه الظاهرة ما يستوجب التدخل السريع من قبل مجلس النواب لاقرار القانون وملحقاته من الروادع والعقوبات كلائحة تنفيذية تضع حدا للظاهرة وتلزم الجميع التقيد بالقانون.وتمنى على الجهات المعنية في الجهتين التشريعية والتنفيذية ان تفعل الدراسات التي تناولت ابعاد وخطورة هذه الظاهرة حتى يتبلور الوعي الاجتماعي وتتفاعل المؤسسات التربوية والاعلامية والاجتماعية والثقافية في مواجهة هذه الحالة حتى لا تتكرر وحتى لا نجد أنفسنا في تقاطع مع مواثيق حقوق الانسان ومنظمات الطفولة وحق الطفل والمعاهدات التي وقعت عليها الجمهورية اليمنية واصبحت ملزمة باحترامها وتنفيذها.وكانت الندوة التي شارك فيها عدد من المسؤولين واعضاء مجلسي النواب والشورى وعلماء وقيادات حزبية واكاديمية واطباء وممثلو منظمات المجتمع المدني قد ناقشت خلال جلسات اعمالها عدداً من اوراق العمل منها الادلة الشرعية على جواز تحديد سن الزواج للدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين استاذ القانون في جامعة صنعاء، والآثار الصحية والنفسية لزواج الصغيرات للدكتور توفيق البصيلي رئيس قسم النساء والولادة بكلية الطب في جامعة صنعاء، والتأثيرات الاجتماعية والاسرية على زواج الصغيرات للدكتور حمود العودي استاذ الاجتماع في جامعة صنعاء.وفي ختام الندوة خرج المشاركون بجملة من التوصيات أكدت جواز تحديد سن الزواج شرعا وثبوت ذلك بادلة كثيرة أوردت عددا منها، وناشد المشاركون من خلال التوصيات اعضاء مجلس النواب باقرار النص القانوني المتضمن تحديد سن الزواج لثبوت جواز تحديد سن الزواج وفقا للادلة الواردة في التوصيات كما توجه المشاركون بالشكر لأعضاء مجلس النواب ولرجال الفقه والقانون الذين ناصروا مبدأ تحديد سن الزواج وساندوه بداية ونهاية.وناشد المشاركون في الندوة في توصياتهم الجهات المختصة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني التفاعل والاهتمام بهذا الموضوع ومتابعة إجراءات إقرار مبدأ تحديد سن الزواج والمصادقة عليه، وحثوا وسائل الاعلام المختلفة على أهمية التوعية بالموقف الشرعي من مبدأ تحديد سن الزواج ومخاطر واضرار زواج القاصرات.حضر الندوة الدكتورة أمة الرزاق علي حمد وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل والاخ احمد محمد الكحلاني وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والوزراء.