التاريخ يقول إن أفضل لاعب في العالم لا يفوز مع منتخبه
حينما نتحدث عن المرشحين للفوز بكأس العالم.. أي كأٍس عالم فلابد وان نذكر اسم البرازيل مهما كانت حالتها الفنية قبل البطولة ومهما كانت قوة المنافسين واينما كانت الدولة التي تستضيف البطولة. فالبرازيل منذ فوزها بالبطولة عام 1958م ، ثم احتفاظها بها في البطولة التالية عام 1962م ، قد حجزت لنفسها مكانا بين المرشحين الدائمين للفوز بكأس العالم وهي السمعة التي كرستها في بطولة المكسيك عام 70 وحافظت عليها طوال الاعوام التالية رغم ابتعادها عن منصة التتويج لمدة اربعة وعشرين عاما كاملة بعد ذلك.واذا تطرقنا إلى البطولة التي تنطلق صافرة أولى مبارياتها في ألمانيا بعد ايام قليلة فأن البرازيل على رأس المرشحين للفوز بالبطولة سواء في مكاتب المراهنات التي قيل ان نسبة الترشيحات لصالح البرازيل وصلت في بعضها الى 9الى 10 أي ان من بين كل عشرة مراهنين هناك تسعة يرشحون البرازيل للفوز بالبطولة وهي نسبة هائلة تفوق كل النسب في البطولات السابقة وتصل الى تسعين في المئة، او بين المحللين وخبراء الكرة الذين لا يكاد احد منهم يختلف على وجود البرازيل في النهائي على اقل تقدير وانما يختلفون فقط في تحديد الفريق الثاني الذي سيخوض النهائي امام راقصي السامبا ومدى قدرته على الصمود في وجه رونالدو ورونالدينيو وروبينيو وكاكا وادريانو وغيرهم من نجوم الكرة العالمية الآن.
ومع كل التقدير لآراء الخبراء الذين يفوقونني دراية وحصافة خصوصا فيما يتعلق بأمور كرة القدم بالطبع ومنهم اشخاص في وزن بكنباور وبلاتيني وغيرهما ، ومع كل الاشفاق على المراهنين الا انني اكاد اجزم بان البرازيل لن تفوز بكأس العالم المقبلة، وذلك لعدة اسباب ، وان كنت ارجو من القراء الاعزاء الذين سيختلفون مع رأيي وهم كثر بالطبع ان يركزوا في ردودهم على النواحي الفنية والموضوعية . ربما يدرك عشرات الملايين من البرازيليين ومئات الملايين من عشاق السامبا الكروية في انحاء العالم بعد فوات الاون ان فوز الساحر الصغير رونالدينيو بلقب افضل لاعب في العالم العام الماضي ، والذي اسعد عشاق الكرة الجميلة باعتباره اختيارا صادف اهله ان اللقب لم يكن سوى لعنة حلت على فريق البرازيل وحرمتهم اضافة الى اسباب اخرى من الفوز بكأس العالم. ذلك ان التاريخ يؤكد (وهو لم يعتد الكذب ابدا ولا كذلك يعرف المجاملات التي افسدت الحياة البشرية) انه منذ استحداث الجائزة عام 1956م ، لم يحدث ان فاز المنتخب الذي يضم افضل لاعب في العالم بكأس العالم ابدا، وكان اخر مثال هو المنتخب الانجليزي الذي توج لاعبه مايكل اوين افضل لاعب في العالم عام 2001م ، ثم خرج بخفي حنين من دور الثمانية امام البرازيل بالهدف الغريب الذي سجله رونالدينيو نفسه في مرمى ديفيد سيمان من كرة حرة ضالة لم يجد الحارس الذي دفع تاريخه الناصع كله ثمنا لتلك الكرة وصفا لها سوى ان قال "اشعر وكأنني اصبت بلعنة ما ، فهذه الكرة لا تدخل بهذا الشكل الا مرة كل عشرات السنين ومن المؤسف ان تتزامن عودتها في هذه المباراة بالتحديد"، ولم يكن سيمان الذي استغني عنه ارسنال في الموسم التالي وكان قد فقد مركزه كحارس اساسي للمنتخب الانجليزي قبلها بعدة اشهر ان اللعنة التي كان يتحدث عنها هي لعنة لقب افضل لاعب في العالم التي فاز بها زميله اوين.والحقيقة ان هذا التلازم بين فوز لاعب ما بجائزة افضل لاعب في العالم وفشل المنتخب الذي يمثله في نهائيات البطولة التي تقام في العام التالي لفوزه مباشرة قد تكرس عبر العديد من الحالات منها لاعب ايطاليا واليوفنتوس التاريخي اومار سيفوري وهو من اصول عربية كما يدل اسمه. هذا النجم الفذ كان قد فاز بجائزة افضل لاعب في العالم عام 1961م ، بعد مشواره الرائع مع اليوفنتوس ذاك الموسم الا انه لم يحصد وزملاؤه من المشاركة في كأس العالم 1962م ، في شيلي غير الفضيحة اذ احتلت ايطاليا المركز الثالث ليس في البطولة كما اعتادت دائما وانما في مرحلة المجموعات بعد ان احتلت المركز الثالث في المجموعة الثانية خلف المانيا وتشيلي صاحبة الارض ولم تحقق سوى فوز واحد على سويسرا بثلاثية نظيفة لم تكن لتؤثر على خروجها بعد ان كانت قد تعادلت مع المانيا سلبا ثم خسرت من تشيلي في المباراة التي اشتهرت باسم معركة سنتياجو بهدفين وذلك لكثرة الاصابات والكروت التي حفلت بها المباراة وجعلتها واحدة من اسوأ مباريات الكرة في تاريخ كاس العالم اخلاقا وتحكيما بعدما شهدت مجاملات تحكيمية صارخة لاصحاب الارض. وتكررت الأزمة النفسية في البطولة التالية وان كانت اخف وطاة باعتبار ان البرتغال التي فاز نجمها ايزيبيو باللقب لم تكن تأمل في اكثر من مركز مشرف وقد حققت في النهاية المركز الرابع وان كان كثيرون يرون انها كانت في ذلك الوقت مؤهلة لتحقيق ما هو اكثر من ذلك. وفي بطولة 1970م ، طال النحس المنتخب الايطالي مجددا لوجود النجم جياني ريفيرا ضمن صفوفه وخسر الفريق الذي يعتبره كثيرون افضل فريق ازوري في تاريخ كأس العالم في المباراة النهائية باربعة اهداف لهدف .واحدوأعاد التاريخ نفسه بعد اربع سنوات عندما قاد الحاصل على الجائزة يوهان كرويف منتخب هولندا للنهائي ليخسر امام المانيا الغربية (1-2) التي خسر لاعباها (جيرد مولر وفرانز بيكنباور ) الجائزة لصالح كرويف.والطريف ان الالمان شربوا من نفس الكأس عام 1982م ، حينما خسروا اللقاء النهائي امام ايطاليا بثلاثة اهداف لهدف وكان بينهم كارل هاينز رومينيجه افضل لاعب في العالم لعام 81م.وفي بطولة 86م ، خسر الفرنسيون في قبل النهائي امام المانيا وتذوق نجمهم بلاتيني افضل لاعب في العالم في عام 85م ، طعم المر مجددا امام نفس الفريق الذي كان قد خسرا امامه في نفس الدور في البطولة السابقة في اسبانيا بضربات الترجيح.وفي بطولة 1990م ، دفعت هولندا بطلة اوروبا ثمن فوز فان باستن المعجزة الكروية البرتقالية بقلب افضل لاعب في العالم عام 89م ، وخسرت في الدور الثاني امام المانيا لتودع البطولة في وقت مبكر جدا عما توقعه لها عشاقها.وتكرر المشهد في بطولة 94م ، حين خسرت ايطاليا النهائي مجددا وامام نفس الفريق الذي قهرها قبل 24 عاما وهو البرازيل وايضا بوجود افضل لاعب في العالم بين صفوفها وقد كان هذه المرة روبرتو باجيو الذي اضاع ضربة ترجيحية في النهائي ليؤكد ان السمعة السيئة للقب افضل لاعب ليست من فراغ. وفي بطولة فرنسا 98م ، خسرت البرازيل النهائي بسبب رونالدو افضل لاعب في العالم.والان لعلكم جميعا تسالون نفس السؤال الذي طرحته على نفسي.. هل يمكن ان يكون رونالدينيو مصدرا للشؤم على راقصي السامبا ام يستطيع ان يخلص اللقب من نحسه التاريخي؟! لكن المشكلة ان النجم الخلوق صاحب الاسنان البارزة والوجه المبتسم دائما لا يخوض معركة مع عدو واحدا فقط وانما مع تحالف كامل سنوضح بقيته في الحلقات المقبلة.