عائض صياد الجحوم :بدأت المؤسسة العامة للكهرباء فرع عدن بتوزيع فواتير استهلاك الكهرباء لشهر يناير الماضي على المؤسسات الحكومية حيث يتوجب دفع قيمة هذه الفواتير فور استلامها للوفاء بقيمة استهلاك الكهرباء وتوريدها إلى خزينة المؤسسة العامة للكهرباء التي تحتاج باستمرار إلى سيولة نقدية لتغطية احتياجات ونفقات التشغيل اليومي، وبما يضمن منع أي اختناق في إنتاج الطاقة واستهلاكها في أن واحد.من المهم التذكير ان قيادة محافظة عدن والمجلس المحلي في عدن سبق لهما بالتنسيق مع المؤسسة العامة للكهرباء اتخاذ إجراءات حازمة لإلزام كافة المؤسسات والمرافق الحكومية والعامة بجدولة مديونيتها لصالح المؤسسة العامة للكهرباء، وتسديد قسط من المتخلفات بالإضافة إلى فاتورة الاستهلاك الشهري.. كما تم إقرار حق المؤسسة العامة للكهرباء فرع عدن في قطع خدمة التيار الكهربائي عن أي مؤسسة يشير الكمبيوتر إلى إنها تأخرت عن سداد قيمة الاستهلاك.والمعروف أن الأمور سارت بشكل سلس ومريح بين الطرفين منذ التوصل إلى هذه التدابير التي رعتها السلطة المحلية في عدن، علماً بأن أجهزة الحكم المحلي اتخذت تدابير مماثلة في محافظات أخرى في إطار تعزيز وتفعيل الحكم المحلي، حيث أثبتت التجربة جدوى جميع هذه التدابير، وقدرة أجهزة الحكم المحلي على مراقبة تنفيذها وضمان حقوق جميع الأطراف في إطار مهام واختصاصات أجهزة الحكم المحلي التي ينص عليها قانون الحكم المحلي ويؤكد عليها البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، وهو ما يتم فعلاً ويمكن ان يتم فعلاً بين مختلف المؤسسات المركزية والمحلية التابعة للدولة في جميع المحافظات على طريق توسيع وتفعيل وظائف وصلاحيات الحكم المحلي والتخفيف من المركزية المفرطة.المثير للدهشة ان وزير المالية وجه المختصين في ديوان وزارته بحجز بنود استهلاك الكهرباء المعتمدة في موازنات المؤسسات العامة وألزم جميع المؤسسات بإرسال فواتير استهلاك الكهرباء إلى صنعاء لكي يقوم ديوان وزارة المالية في صنعاء بتسديدها من خلال عدد محدود من الموظفين في ديوان وزارته والذين سيتعين عليهم مراجعة الفواتير والكشوفات وإعداد عروض وسندات الصرف لآلاف الفواتير التي ستتدفق عليهم من المؤسسات الحكومية في كل أنحاء الجمهورية، بدلاً من ان تقوم هذه المؤسسات بتسديدها في محافظاتها وتحت رقابة السلطة المحلية على نحو ما حدث سابقاً، الأمر الذي من شأنه تشديد المركزية بدلاً من التوجه إلى اللا مركزية التي وعد بها البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية.وتزداد الدهشة عندما قرر وزير المالية بالإضافة إلى ذلك حجز قيمة تذاكر السفر التي تمنحها المؤسسات العامة وبدلات السفر لموظفيها الذين يسافرون في مهمات عمل أو دورات تدريبية أو للعلاج، حيث سيتوجب على الموظفين المسافرين التوجه إلى صنعاء والإقامة في فنادقها عدة أيام لمراجعة موظف أو عدد محدود من الموظفين في ديوان وزارة المالية للحصول على تذكرة وبدل السفر بعد أن يكونوا قد تكبدوا معاناة المتابعة وصرف مايوازي قيمة التذكرة وبدل السفر!!ان ما أقدم عليه وزير المالية سيؤدي إلى تعقيد اوضاع المؤسسات الحكومية والعامة في حالة تأخر الجهاز الإداري في ديوان وزارة المالية في صنعاء عن تسديدها في موعدها، حيث سيجد موظفو ديوان وزارة المالية وعددهم محدود أنهم مثقلون بعشرات الآلاف من الفواتير والإجراءات التي ستتدفق عليهم وستضيف إلى أعبائهم ومهامهم الكبيرة مزيداً من الأعباء والمهام وبالتالي سيحتاجون إلى مزيد من الوقت لإنجاز تلك المهام.الأمر الذي سيحول هذه الاجراءات إلى ضربة قاسية للانجازات التي حققهتها وزارة المالية وحكومات المؤتمر الشعبي العام في مجال اللامركزية المالية والادارية منذ عام 1997 حتى الآن.وإذا كان الأخ وزير المالية حريصاً على أن تصرف الاعتمادات المخصصة لاستهلاك الكهرباء وتذاكر وبدل السفر في مجالها بدلاً من التخلف عن سدادها واستخدامها في مجالات أخرى، فلماذا لا يتم تكليف مكاتب وزارة المالية في المحافظات بهذه المهمة تجسيداً للا مركزية الإدارية والمالية التي وعد بها فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي ويتوجب على الحكومة ووزاراتها المختلفة تطبيقها بصورة خلاقة؟لماذا يصر وزير المالية على تهميش مكاتب وزارة المالية في المحافظات ومن بينها عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية، ويرفض طلب المؤسسات العامة بإحالة اعتمادات الاستهلاك الكهربائي وغيرها من الاعتمادات المحجوزة من موازنات المؤسسات العامة بالمحافظات إلى هذه المكاتب بدلاً من الإصرار على تحويل كل هذه المعاملات إلى صنعاء وتكليف موظفي وزارة المالية فيها بهذه الأعباء بينما يوجد موظفون كثر في المكاتب المالية بالمحافظات بدون عمل حقيقي نتيجة تحويل كل مهامهم إلى ديوان الوزارة في صنعاء؟إننا نخشى، وهذا ما نتوقعه وسيحدث فعلاً، ان تواجه المؤسسة العامة للكهرباء والمؤسسات الحكومية والعامة والمرضى والمكلفون بمهام رسمية أو دورات تدريبية مشاكل وتعقيدات مع ديوان وزارة المالية في صنعاء بما يخالف تطلعات هذه المحافظات والمؤسسات العامة فيها نحو تخفيف المركزية على النقيض البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية بشأن تخفيف المركزية وإعطاء الحكم المحلي صلاحيات واسعة بدلاً من ربطها بالعاصمة صنعاء حتى إذا تعلق الأمر بتسديد فواتير استهلاك الكهرباء أو متابعة إجراءات صرف تذاكر السفر للعلاج والمهمات الرسمية والدورات التدريبية وغيرها من الاعتمادات المحجوزة في ديوان وزارة المالية في صنعاء والتي يمكن ان تقوم بها المكاتب المالية في المحافظات!