صباح الخير
إن صدمات الزمن المتلاحقة وصواعق الغرب المتتالية فينا ـ نحن في العالم الثالث خصوصاً وفي العالم الاسلامي على وجه أخص وفي العالم العربي تحديداً ـ جعلتنا نعيش ونتعايش مع حالة غيبوبة مزمنة لانصحو منها او لا نريد أن نصحو منها الا على وقع صدمة أخرى جديدة أكثر صعقاً وزلزلة من سابقاتها .وقد سبر الغرب ـ بدقة ـ هذه الخاصية النفسية العجيبة. فرأى إن ثورانهم لن يأتي عليه بقدر ماسيأتي عليهم وأفضل الحلول احداث صدمة تالية مفتعلة بعد كل أزمة تعيدهم الى غيبوبة عسلية تارة أخرى.لقد ثارت ثائرة العرب والمسلمين من قرار (بوش ـ بلير) المفاجىء والمنفرد بالتدخل العسكري بالعراق ثم لم يلبثوا ان عادوا للغيبوبة بعد صدمة واقع الغزو.وصحا العرب على صدمة(أبو غريب)ـ (أول مظاهرة عن فضيحة سجن أبو غريب كانت في بنجلادش بنفس يوم عرض الصور تلتها عاصمة عربية في اليوم الثالث ـ وعادوا لغيبوبتهم بعد نشر مسلسل ذبح الغربيين في العراق. وكأن الغرب يناجيهم بأن ملفاتهم أكثر سواداً مما بدا في (أبو غريب).وهكذا فقد كان لزاماً على الغرب أن يأتي بملفاته وأن يستخرج من الارشيف صورة وثائقية وان تبدت منها بشاعة الجندي البريطاني الذي يضرب فتية حد الموت. وذلك إن الحاجة ماسة الى صورة صدمة تمحو عن المسلمين العرب ثائرة الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.وهكذا يتكرر السيناريو المنسوخ عندما تبدأ استكشافات الصحف الغربية صدفة. حيث حصلت الصحيفة البريطانية على تصوير فيديو في هذه الاثناء بالذات لأحد المجندين في العراق.وكأن هذا الموقف البشع حدث سراً. ولم يصل الى مسامع مسئول بريطاني مباشر أو همس من شلة الجنود المشتركين في الجريمة.إنهم لايستهترون بعقليتنا الا لاننا سمحنا لهم بذلك في تجاربهم الطويلة معنا.والمقصود هنا هو إسدال الستار وتخفيف الضغط على الدنمارك. ولاضير أن تضحي صحيفة بلقطات من ارشيف فضائح يزيد عن مئة وأربعين حادثة مماثلة (كما ورد).فالتضامن الغربي يتم بدرجات متفاوته يصل حد الاتحاد والتوحد ازاء العرب ويتضاءل الى الصفر في مواجهة الولايات المتحدة.وحسبنا تذكر التضامن اللامحدود في قضية الجزيرة المغربية(ليلى) التي تحتلها أسبانيا. بينما لم يحرك الاتحاد الاوروبي تضامنه قيد أنملة في قضية الصلب والحديد التي فرضتها أمريكا عليهم إلا إننا نجد ان حكومتنا تفقد روح التضامن في قضايا كهذه.بل على العكس فبينما نرى الغربيين يتضامنون ـ يداً واحدة ـ ضدنا بالباطل.لانرى تضامناً عربياً بالحق والأدهى من ذلك إن تقوم الدنيا ولاتقعد على مسلسل الإساءة الغربية لأقدس قدسياتنا بينما تقدم دولتان عربيتان اعتذارين مزدوجين للدنمارك والنرويج.وبمقابل ذلك لانجد منهم سوى أسف وليس اعتذاراً ورد عن جيرالد بوستن (نعتذر عن سوء التفاهم الكبير) لاحظ الاعتذار عن سوء التفاهم وليس على الإساءة.وهنا يفرض السؤال نفسه. عما إذا أساء صحفي عربي لمحظور من محظوراتهم. هل سيكتفون بالاعتذار؟ بل إنهم سيكتفون من الصحفي برمته وسيكتفون بلاده وترى هل ستقوم بعض حكومات عربية بالتضامن.نتذكر في اليمن ان صحفياً تجرأ ـ علمياً ـ على مناقشة المادة التي بنيت بها اهرامات الفراعنة. وأظنه اليوم منفوش شعره بلا عمل ولاأمل.ومايحز في النفس هنا مدى وقاحة الجريدة الدنماركية عن أن المسابقة كانت لمجرد جس نبض المسلمين.فإن كان ماحدث لمجرد جس نبض.. ترى ماهي النية المبيتة؟!!.