القدس / 14 أكتوبر / رويترز:تبارى منافسو ايهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي أمس الخميس على زعامة إسرائيل بعد أن أعلن انه سيستقيل فور أن يختار حزب كديما الذي يتزعمه زعيما جديدا لكن مساعديه قالوا انه قد يبقى فترة تكفي لإبرام اتفاق بشأن إقامة دولة مع الفلسطينيين. وفي مواجهة مزاعم فساد أعلن اولمرت أمس الأول الأربعاء أنه سيستقيل بعد أن يختار حزب كديما زعيماً جديداً في الانتخابات الداخلية التي ستجرى في 17 سبتمبر أيلول المقبل في خطوة ألقت السياسات الإسرائيلية ومحادثات السلام في الشرق الأوسط في حالة من التخبط. لكن الطامحين لخلافة اولمرت قد يستغرقون أشهرا قبل أن يتمكنوا من تشكيل حكومة ائتلافية جديدة تاركين اولمرت يصرف أمور الدولة كقائم بأعمال رئيس الوزراء ربما حتى العام القادم إذا أجريت انتخابات جديدة كما تطالب المعارضة سما قد يسمح له بالمضي قدما في عملية السلام لاشهر قادمة. وفي تعقيد للوضع السياسي المضطرب سارع بنيامين نتنياهو زعيم حزب ليكود الإسرائيلي المعارض أمس الخميس للدعوة لإجراء انتخابات عامة في خطوة قد تصيب محادثات السلام في الشرق الأوسط بالشلل. وتشير استطلاعات حديثة للرأي إلى أن حزب ليكود الذي ينتقد تحركات أولمرت من اجل السلام مع الفلسطينيين وسوريا سيفوز في حالة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. وقال نتنياهو لراديو إسرائيل “هذه الحكومة بلغت منتهاها ولا يهم من يتزعم كديما. كلهم شركاء في هذه الحكومة الفاشلة تماما. المسؤولية الوطنية تحتم الرجوع إلى الشعب وإجراء انتخابات جديدة.” لكن مسؤولا مقرباً من رئيس الوزراء الإسرائيلي قال أمس إن اولمرت سيحاول التوصل إلى اتفاق في محادثات السلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أن تتولى السلطة حكومة إسرائيلية جديدة. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن اولمرت ينوي “التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في الفترة المتبقية له.” وأضاف “أي اتفاق سيتوصل له مع الفلسطينيين لن يكون اتفاقا شخصياً وسيعمل على ضمان اطلاع زعيم كديما الجديد عليه وضمان موافقته.” لكن محللين شككوا في قدرة اولمرت السياسية على قطع تعهدات سواء فيما يتعلق بمحادثات الوضع النهائي مع عباس أو في المفاوضات غير المباشرة مع سوريا عبر وساطة تركية. وقال ارييل اتياس وزير الاتصالات وهو من حزب شاس المتشدد المشارك في حكومة اولمرت الائتلافية معلقا على إمكانية إبرام رئيس الوزراء اتفاقا مع الفلسطينيين “ليس لديه شرعية لا من الناس ولا من الكنيست ولا من الحكومة للتوصل إلى أي تفاهمات مع الفلسطينيين أو مع سوريا ملزمة للحكومة.” وقال مارك هيلر من معهد دراسات الأمن القومي “أي اتفاق سياسي يجب أن توافق عليه الحكومة وعادة البرلمان واولمرت أصبح اقل قدرة على تمرير ذلك.” وقال جادي ولفسفيلد الأستاذ بالجامعة العبرية إن أي حديث عن إبرام اولمرت اتفاقا مع الفلسطينيين هو محض “هراء” واستطرد “من سيبرم معه اتفاقا وهم يعرفون أنه لا يستطيع تطبيقه. انه بطة عرجاء.” وصرح مايكل اورين وهو مؤرخ في مركز شاليم بالقدس أن أي ضعف سياسي لاولمرت سيكون فرصة للفلسطينيين والسوريين “لتحقيق أكبر قدر من المطالب” خلال المفاوضات. وفي تونس تعهد الرئيس الفلسطيني بالعمل مع اولمرت وخليفته رغم الاضطرابات التي تشهدها إسرائيل. لم يكن نتنياهو وحده الذي يتحدث عن انتخابات جديدة. فقد قال حاييم رامون نائب رئيس الوزراء وهو من زعماء كديما المقربين من اولمرت لراديو الجيش الإسرائيلي “أعتقد أن هناك فرصة كبيرة لإجراء انتخابات جديدة” لان من سيخلف اولمرت سيجد صعوبة في تشكيل حكومة جديدة. وبعد إعلان اولمرت نشرت صحيفة ((يديعوت احرونوت)) صورة لرئيس الوزراء وهو يبتعد عن الكاميرا بعد تصريحات أمس الأول وفوقها عبارة “الخطوة الصحيحة” كما تحدثت صحيفة ((معاريف)) عن “نهاية حقبة اولمرت”. ويمكن لنتنياهو أن يقطع الطريق على حزب كديما ويمنعه من تشكيل الحكومة القادمة إذا كسب موافقة الأغلبية في البرلمان أما لتشكيل حكومة ائتلافية برئاسته أو تقديم موعد الانتخابات المقررة حاليا عام 2010 . وقال أولمرت أمس الأول الأربعاء في إعلان مفاجئ من مقر إقامته الرسمي في القدس “قررت ألا أرشح نفسي في الانتخابات التمهيدية لحركة كديما ولا أعتزم التدخل في الانتخابات.” وأضاف “عندما يقع الاختيار على رئيس جديد (لحزب كديما) سأستقيل من منصب رئيس الوزراء للسماح لهم بتشكيل حكومة جديدة على وجه السرعة وبطريقة فعالة.” وقال أولمرت أنه لن يتهاون في جهوده للتفاوض من اجل السلام مع الفلسطينيين وسوريا مادام في منصبه ولكن مسؤولين اسرائيليين قالوا إنه من غير الواضح هل ستكون لديه القوة السياسية اللازمة لقطع أي تعهدات. وتطارد أولمرت فضائح فساد.وأعلن متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية أمس الخميس أن الشرطة ستستجوبه اليوم الجمعة للمرة الرابعة في إطار التحقيقات الجارية في مزاعم رشا واحتيال. وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة “سيستجوب اولمرت اليوم الجمعة بمقره الرسمي في القدس.” ويقول محللون إن أولمرت الذي وصف نفسه يومًا بأنه “غير قابل للتدمير” قد يبقى بضعة أشهر في منصب رئيس الوزراء لتصريف الأعمال في حالة إخفاق زعيم كديما الجديد في تشكيل حكومة جديدة أو إذا حل البرلمان نفسه ودعا لانتخابات جديدة. وقد يمنح ذلك مزيداً من الوقت لأولمرت ليتابع مباحثات السلام المدعومة من الولايات المتحدة مع الرئيس الفلسطيني والمفاوضات غير المباشرة مع سوريا. ولا يبدو أن أيًا من المسارين قريب من انفراجة. وقال البيت الأبيض يوم أمس الأول الأربعاء إن الولايات المتحدة ستواصل العمل على تحقيق هدف الرئيس جورج بوش الوصول إلى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني هذا العام وان هذا الهدف لم يتغير. وقال المفاوض صائب عريقات للصحفيين بعدما اجتمع مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون بوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إن المفاوضات سوف تستمر على الرغم من إعلان اولمرت. وقال عريقات “قررنا أن نواصل السعي من أجل الوصول لاتفاق قبل نهاية العام.” وبدأ أربعة وزراء من كديما بالفعل حملاتهم لكي يخلفوا أولمرت في رئاسة الوزراء ومن بينهم وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير النقل شاؤول موفاز. وتشير الاستطلاعات إلى تقدم ليفني كبيرة مفاوضي إسرائيل في المباحثات مع الفلسطينيين. وقوبل قرار أولمرت التنحي بالإشادة من موفاز وليفني ووزير الدفاع ايهود بارك الذي يرأس حزب العمل وهو الشريك الرئيسي لكديما في الحكومة الائتلافية.وكان الثلاثة في واشنطن حيث شاركت ليفني في محادثات ثلاثية مع الفلسطينيين ووزيرة الخارجية الأمريكية. وقال ياسر عبد ربه أحد معاوني الرئيس عباس “نأسف لهذا القرار لكن هذا هو النظام الإسرائيلي.وأولمرت لم ينجز شيئاً من أجل السلام لكن في الوقت نفسه فإننا نأمل ألا تتأثر عملية السلام بغيابه.” وقال الإعلام الإسرائيلي إن اولمرت ابلغ الرئيس الأمريكي بقراره مقدمًا بالنظر إلى ما قد يكون له من انعكاسات على محادثات السلام. ووصف سامي أبو زهري المسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان أولمرت بأنه “انتصار” للجماعة التي تسيطر على قطاع غزة. ولن يكون من يخلف أولمرت في رئاسة كديما رئيسا للوزراء بصورة تلقائية. فعليه أو عليها أولا تشكيل ائتلاف حاكم وهو تحد ربما يتبين أنه معقد ويستهلك كثيرا من الوقت بسبب الانقسامات المريرة داخل البرلمان (الكنيست). وصرح مسؤولون إسرائيليون بأن اولمرت قد يبقى قائمًا بأعمال رئيس الوزراء مئة يوم بعد الاستقالة. وذكرت مصادر مقربة من وزيرة الخارجية الإسرائيلية أنها وافقت على استمرار المحادثات مع المفاوضين الإسرائيليين لكن ليفني تحجم عن إبرام أي اتفاق يمكن أن يؤخذ عليها من جانب نتنياهو في حملته الانتخابية. وقالت مصادر إسرائيلية انه من المتوقع أن تزور وزيرة الخارجية الأمريكية إسرائيل في منتصف أغسطس آب لإجراء جولة جديدة من المحادثات الثلاثية لإظهار أن عملية السلام مازالت مستمرة. ويقول محللون سياسيون إن عملية إبدال أولمرت ستمتد شهورا وربما تصل إلى العام المقبل إذا دعي لانتخابات مبكرة. وأعرب باراك وزير الدفاع وزعيم حزب العمل عن اعتقاده بقدرة كديما على تشكيل حكومة جديدة دون إجراء انتخابات كما يطالب نتنياهو. ويجيء حزب العمل بزعامة باراك وراء الليكود في استطلاعات الرأي. وقد يحاول نتنياهو وهو رئيس وزراء أسبق تكوين تحالف مضاد لكديما. ويرى بعض المحللين خطة أولمرت على أنها محاولة للتشبث بالسلطة رغم الجدل الدائر حول تحقيقات الشرطة. وقال جيرالد شتاينبرج الأستاذ بجامعة بار أيلان في إسرائيل “ بالنظر إلى تاريخ أولمرت فإن هذا تحرك استراتيجي.” وأضاف أنه إذا فشل رئيس حزب كديما الجديد في تشكيل ائتلاف “ فإنه ستتم دعوته (اولمرت) للعودة مجددا أو أنه سيصبح قائما بأعمال رئيس الوزراء حتى إجراء انتخابات.” وتشمل أهم التحقيقات التي تجرى مع أولمرت شكوكا بأنه تلقى رشا من رجل أعمال أمريكي وأنه تقاضى نفقات سفر أكثر من مرة عن نفس الرحلة حينما كان وزيرا للتجارة ورئيسا لبلدية القدس. ونفى أولمرت ارتكابه لأي مخالفة. وشن أولمرت الذي تراجعت شعبيته بعد حرب لبنان عام 2006 هجوما خلال إعلان قراره المنتظر بالتنحي على أعدائه السياسيين الذين اتهمهم بمحاولة إسقاطه. وقال “سأتنحى بصورة سليمة بطريقة مشرفة.. وبعدها سأثبت براءتي.” وطالب بعض الساسة الإسرائيليين البرلمان بتقديم موعد الانتخابات العامة التي تحل عام 2010م.وقال ليمور ليفنات وهو نائب من الليكود في البرلمان “على البرلمان أن يحل نفسه ونجري انتخابات جديدة.” وطالب موفاز وهو وزير دفاع سابق عرف بتكتيكاته الصعبة في قمع الانتفاضة الفلسطينية بضرورة تجنب إجراء انتخابات جديدة وتعهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية في حالة فوزه بزعامة كديما. ويمكن لموفاز وهو من أقصى يمين حزب كديما أن يحاول تشكيل حكومة وحدة وطنية مع نتنياهو وهو رئيس وزراء إسرائيل الأسبق.