صنعاء / سبأ:أكد خبراء ومختصون أن البن اليمني من أجود أنواع البن وأفضلها في الأسواق العالمية ما يستوجب استغلاله كرافد اقتصادي ومحصول استراتيجي مهم.وأشاروا إلى أن زراعة البن بحاجة إلى برامج واستراتيجيات عاجلة للنهوض بالمحصول الذي تواجه زراعته العديد من المعوقات..معتبرين البحوث والدراسات الميدانية والتقنيات البحثية والإرشاد الزراعي عوامل مهمة لتشجيع زراعته وزيادة إنتاجيته.وأكدوا في تصريحات لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على هامش مشاركتهم في المؤتمر العالمي الثاني للبن العربي الطبيعي الذي عقد في صنعاء خلال يومي 14-13 من ديسمبر الجاري.. ضرورة تضافر الجهود وتبني خطط وبرامج تسهم في تشجيع انتشار زراعة البن وتطوير صناعته وتمكنه من المنافسة.وفي هذا الإطار يؤكد المدير التنفيذي لوكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية وسام قائد العريقي أن البن كمحصول اقتصادي بحاجة إلى تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتبني برامج وخطط لتشجيع انتشار زراعة البن على نطاق واسع والاهتمام بتطوير صناعته من حيث التصفية والتعبئة والتغليف والتوعية بأهمية إتباع الطرق الفنية في تلك العمليات..معتبراً أن التعبئة والتغليف الجيد للبن وفقا للطرق الحديثة عاملان مهمان بالنسبة لزيادة القيمة المضافة للبن.
وأشار إلى أن وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر أعدت قبل سنتين دراسة حول البن والأوضاع التي تواجه زراعته خلصت إلى أن زراعة البن في اليمن بحاجة ماسة إلى الدعم والتشجيع..لافتا إلى أن الوكالة لديها توجه لتبني برامج ماجستير للدراسات في مجال زراعة وإنتاجية البن.ودعا العريقي إلى ضرورة استغلال محصول البن والاستفادة من مزاياه في رفد التنمية في البلاد من خلال تطوير وتشجيع زراعته والتغلب على المعوقات التي تحول دون انتشاره منها ما يتعلق بالري والتسويق والتصدير إضافة إلى أن تجار البن في اليمن غير مؤهلين وعدم إلمامهم بالأنواع المطلوبة لكل بلد.وأشار إلى أهمية إيجاد مؤسسات وهيئات خاصة تعنى بدعم زراعة البن خصوصا في الوقت الذي أصبحت فيه وزارة الزراعة والري تؤدي دوراً إشرافياً فقط.وفي ما يتعلق بالأبحاث والدراسات شدد المدير التنفيذي لوكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر على ضرورة إعداد دراسات وأبحاث ميدانية ملامسة لمزارعي البن ومشاكلهم لأن الدراسات الموجودة أكاديمية بحتة ونظرية.وقال « نحن بحاجة ماسة إلى إعداد دراسات ميدانية بحيث تركز على خدمة المزارع وتشجيعه للتوجه صوب زراعة البن ومساعدته على تحقيق عائدات ربحية كبيرة تسهم في تحسين دخله».فيما يشير نقيب المهندسين الزراعيين اليمنيين المهندس عباد العنسي إلى أن زراعة البن في اليمن تراجعت خلال السنوات الماضية إلى أقل مستوياتها، وأصبحت حاليا تصنف ضمن قائمة الدول الأقل إنتاجا وتصديرا للبن مقارنة مع ما تنتجه العديد من الدول الأخرى كالبرازيل وفيتنام وغيرها التي يصل إنتاجها إلى ملايين الأطنان .وارجع تدني الإنتاجية إلى جملة من الأسباب أبرزها مؤسسية وغياب البرامج والخطط الكفيلة بتطوير البن وتشجيع زراعته بالرغم الإمكانيات المتوفرة..موضحاً أن ما يخصص لدعم وتشجيع زراعة البن في اليمن ضمن صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي والمحدد بمبلغ مليون دولار سنوياً كفيل بإحداث نهضة نوعية في مجال زراعته في حال استغلال تلك المبالغ بالطرق الصحيحة.وأضاف «ورغم ما قيل عن البن اليمني في فعاليات المؤتمر العالمي الثاني للبن إلا أنني أرى أن البن في هذا المؤتمر هو الحاضر تاريخياً..الغائب واقعياً، والأوراق التي قدمت من الجانب اليمني خلال فعاليات المؤتمر التي تضمنت العديد من الورش والندوات جميعها شكلية ووصفية عبارة عن سرد تاريخي للبن».وشبه البن اليمني بالطفل اليتيم الذي لم يجد رعاية في بلده فاضطر إلى الهجرة للخارج لكي يحظى بالرعاية والاهتمام.وأضاف « أن البن اليمني عندما انتقل حظي برعاية واهتمام وشق طريقه واشتهر وأصبح يحتل مكانة عالية في معظم بلدان العالم رغم أن اليمن موطنه الأصلي» .رئيس جمعية منتجي البن اليمني إبراهيم الكبوس يرى أن ندرة المياه من أبرز العراقيل التي تواجه زارعي البن إلى جانب غياب الدعم والتشجيع للمزارع الذي بدأ يتجه إلى زراعة محاصيل أخرى منافسة مثل القات.ودعا وزارة الزراعة والري إلى دعم زراعة البن وتنفيذ الأنشطة الخاصة بتطوير وتنمية هذه الزراعة وتنفيذ أنشطة إرشادية وتوعوية والتعريف بالطرق والمعاملات الزراعية السليمة من ري وتعشيب وتقليم وجني الثمار وغيرها.وأشار إبراهيم الكبوس إلى أن جمعية منتجي البن اليمني التي تأسست في عام 2007م نفذت العديد من البرامج والأنشطة الهادفة لتطوير زراعة البن بالتنسيق والتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حيث تم إنشاء مزارع نموذجية وإنشاء حواجز مائية صغيرة وكرفانات.وقال « لدينا برنامج ننفذه مع الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس لإيجاد مواصفات قياسية للبن اليمني ».الخبير الإيطالي في مجال البحوث الخاصة في البن مارينو أشار إلى أن توعية المزارعين بالمعاملات الصحيحة في زراعة البن بدءا من الغرس وحتى جني الثمار مرورا بمعاملات التعشيب والتقليم وغيرها من أبرز السبل المساعدة على تشجيع انتشار زراعة البن في أي بلد، فضلا عن أهمية الإرشاد الزراعي للتوعية بأساليب التجفيف بالطريقة الطبيعية لتجهيز البن التي تضمن إنتاج محصول ذي جودة عالية ومذاق متميز.واعتبر أن الطريقة التقليدية في التعامل مع زراعة البن من أفضل الطرق التي تحافظ على جودة البن اليمني وتؤهله بقوة لينافس أنواع البن الأخرى على مستوى العالم.وعن جودة البن اليمني أكد الخبير الإيطالي أن البن اليمني معروف بجودته وله سمعة جيدة مكنته من الانتشار الواسع في مختلف دول العالم ويحظى بإقبال كبير من قبل المستهلك الأجنبي.وقال « أنا من المتذوقين للبن والبن اليمني له مستقبل واعد ويمكن استثمار هذه الشهرة في تأمين مصادر الدخل وفرص العمل للأجيال القادمة في اليمن، ورغم الكميات القليلة المنتجة في اليمن إلا أن طلب السوق الأوروبية يزداد عاماً بعد آخر لذا على اليمن استغلال هذه الميزة وتطويعها لرفد الاقتصاد الوطني» .وعن تراجع إنتاج اليمن من البن يقول أمين محمد الكبوس احد مصدري البن اليمني أن إنتاج اليمن الكميات قليلة من البن مقارنة بما تنتجه الدول الأخرى يعطي مؤشراً على تراجع وتقلص مساحاته الزراعية.وقال « الجفاف وندرة المياه عقبة أمام توسع زراعة البن في اليمن ويجب تبني برامج وخطط فاعلة لدعم زراعته ونحن في القطاع الخاص مستعدون للتعاون في هذا المجال ».ويضيف « نحن كمصدرين للبن نعاني من عدم توفر الكميات المطلوبة في اليمن وينتابنا قلق إزاء زراعة وإنتاجية البن وما أصبحت عليه اليوم وما رافقها من تدهور رغم أن البن اليمني يتمتع بشهرة عالمية وبجودة عالية مقارنة بالبن الخارجي».وأشار إلى أهمية نشر الأصناف الجيدة وإيجاد برامج تسهم في نشر تلك الأصناف بين المزارعين وإيجاد حوافز لتشجيع المزارعين للتوجه نحو زراعة البن وإيجاد هيئة أو مركز مستقل يعنى بزراعة البن، والاستفادة من تجارب الدول التى حققت نجاحا في زراعة البن لإعداد برامج محلية فاعلة.فيما يؤكد عبدالله باجرش أحد مصدري البن في أثيوبيا أهمية تبني الحكومات برامج تشجيعية لزراعة البن بحيث تتولى عملية التصدير ومساعدة المزارعين على عملية التجهيز والتعبئة والتغليف، وتأهيل المزارعين من خلال إيفادهم إلى دول ناجحة في هذا المجال والاستفادة من تجاربها وخبراتها، والتركيز على جودة تجهيزه وفقا للمواصفات والمقاييس العالمية نتيجة للرواج الواسع الذي حظيت به تجارة البن خلال السنوات الأخيرة.الخبير الوطني في مجال زراعة البن الدكتور علي مكرد اعتبر إنشاء وتطوير مشاتل زراعة البن أحد أهم السبل الكفيلة بتشجيع ونشر زراعة أشجار البن على نطاق واسع.وأشار إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الناجحة في مجال زراعة البن إلى جانب تطوير البحوث العملية وإعداد الدراسات الميدانية في هذا الجانب، واستثمار طاقات مزارعي البن في اليمن والاستفادة من خبراتهم التقليدية التي تضاهي الخبرات العالمية.مدير إدارة البن بالإدارة العامة للإنتاج النباتي بوزارة الزراعة والري المهندس سمير العتمي بدوره أرجع أسباب تدهور زراعة البن في اليمن إلى عوامل طبيعية كالجفاف الذي أثر على زراعة هذا المحصول في المرتفعات وبعض المناطق، إضافة إلى عوامل فنية تتمثل في عدم استخدام طرق حديثة من قبل المزارعين وعزوفهم عن التقليم ما يجعل الأشجار تعمر إلى فترات كبيرة وبالتالي تصبح غير مجدية اقتصاديا لأن عملية التقليم مهمة جدا لتجديد عمر الشجرة، إلى جانب عوامل أخرى كالتسويق وغياب الرقابة وغيرها.وأكد أن وزارة الزراعة نفذت برامج في مجال تطوير زراعة وإنتاجية البن وأعدت دراسات بالتنسيق مع جهات ومنظمات كالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي أعدت دراستين في هذا الجانب وكذا منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) التي أعدت دراسة مماثلة في 2005م، إضافة إلى تنفيذ دراسات وبرامج لرفع إنتاجية الوحدة الواحدة من محصول البن، رغم شحة التمويلات لهذه البرامج..مؤكدا ضرورة تنفيذ برامج في مجال مكافحة خارز البن وإيجاد مواصفات للبن اليمني وتصنيفه.ويضيف أن وزارة الزراعة تركز على دعم زراعة البن من جوانب محددة كتمويل شبكات الري والحواجز المائية والكرفانات ودعم المشاتل القائمة ..لافتا إلى أهمية أن يشمل الدعم كافة برامج وأنشطة زراعة البن ابتداء من زراعة الشجرة وحتى جني الثمرة وتسويقها وتصديرها.ووفقا لإحصاءات وزارة الزراعة والري فإن مساحة زراعة البن في اليمن بلغت العام الماضي 34 ألفا و497 هكتاراً، فيما بلغت الإنتاجية من المحصول 18 ألفا و 924 طنا.ويتفق الخبراء على أن زراعة البن في اليمن شهدت تدهوراً نسبياً خلال السنوات الماضية ولا تزال تعاني من الكثير من المشاكل كندرة المياه واتجاه مزارعيه نحو زراعة محاصيل أخرى تحقق مردودات اقتصادية عالية، الأمر الذي يدعو إلى تبني برامج وخطط فاعلة وإعادة النظر في السياسات الخاصة بتطوير زراعة وإنتاجية البن في اليمن.