مربط الفرس
قديماً اطلق العرب على الثعلب الماكر اسم (أبو الحصين ) واتخذوه رمزاً للخداع والمكر وضربوا لذلك الامثال والفوافية القصص بل وكتبوا الاشعار في ذلك ، وكان الرجل يصف شريكه الذي خدعه أو غشه بالثعلب ، وارسل الدهر ذلك للاجيال المتعاقبة .إلا ان الثعلب التي ننوي الحديث عنها اليوم ليست من البهائم بل هي من بني البشر ، وهم يقومون بادوار مسرحية لم تنتهي فصولها حتى الآن ، بدأوا بقضية (التوريث) ثم قضايا فساد الدولة التي لاينكر أحد أن هناك اجهزة لها فاسدة مالياً وادارياً ولكن ذلك لابد له من نهاية من خلال برامج الاصلاحات المالية والادارية بما فيها اتخذ فصيل اخر من تكتل المعارضة المنحوس (اللقاء المشترك) بمهاجمة القروض والمنح الدولية كونها تشكل حرب على الله واستخدم خطباء ذلك الفصيل منابر مساجدهم لشن حملاتهم الانتخابية وتكفير وتفسيق الواقع ورميه على الحزب الحاكم فباروا في ذلك ايما بوار.ولكن حينما تأتي تلك الحملات الدينية من حزب التجمع اليمني الاصلاح الذي يعتبر الحزب الإسلامي في اليمن ووضيع حركة الاخوان المسلمين ، فان ذلك لايثير الدهشة بقدر ما يثيرها ان ينبرى حزب ليبرالي شيوعي قضى معظم عمره الفائت في محاربة الدين والافكار الدينية ثم يقوم بالترويج لها من اجل الوصول إلى مبتغاه .. دون وازع قلب أو تأنيب ضمير.قد يصح على أمثال هؤلاء المثل القائل (ابو الحصين في ثياب الناسكين) ، لاسيما حينما يتحول الذين رضعوا من ثدي الماركسية والشيوعية إلى مدافعين عن افكار حسن البنا وسيد قطب، من خلال تبني منهج الاخوان المسلمين ، ووصفه بأنه الطريق المعتدل والمستقيم .جاش ذلك في خاطري وأنا أقرأ مقالاً كتبه أحد اعضاء الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي في احدى الصحف المحلية بعنوان (بتوع ربنا قادمون) واصفاً الاخوان المسلمين في مصر بأنهم ( بتوع ربنا) الذين قدموا لتخليص الشعب المصري من حكم الحزب الوطني لكنهم للاسف لم يعظوا بثقة الشعب حتى لنيل ربع مقاعد البرلمان المصري.صاحبنا (أبو الحصين) وفي سياق مقاله وصف التجمع اليمني الاصلاح بأنه يمثل (بتوع ربنا) في اليمن ثم يتدارك الامر ويضم معه بقية احزاب (اللقاء المشترك) وبصفتهم يسيرون على منهج تجمع الاصلاح السلاموي المعتدل.قد يكون من الظلم وصف أحد بعينه من تكتل المشترك بأنه يمثل (ابو الحصين) في مكره، وخداعه اذ ان احزاب المعارضة تحتوي بين طيات اعضائها على عدد كبير من امثال (أبوالحصين) في لفه ودورانه وتلبسه بعدد من الاقنعة بحسب ظروف المكان والزمان.لا أدري كيف اصبح اعداء الامس اصدقاء اليوم ، ولاشك انها قدرة القوي العزيز الذي لايعجزه شيء في الارض ولا في السماء، فسبحان الله كيف تألف حزبان متناقضان كل التناقض بل ان احدهما قصم ظهر اخيه بفتاوى التكفير والتضليل ثم بعد ان خسر كل منهم منصبه في السلطة بدأت نشوة السلطة تراودهم مرة اخرى فزكى كل واحد منهم الاخر، في محاولة يائسة لاستعادة مافات.اذن فليس غريباً ان يتحول قادة الاشتراكي (العلمانيون) إلى حماة لدين الاسلام ومدافعين عنه ، وياحبذا بل وطوبى لهم ان كان ذلك توبة صادقة منهم ، لكن الامر صار مكشوف للاعمى والبصير، وان السلطة ونشوة الحصول عليها هي التي تدفع بهؤلاء إلى التغطي بلباس الدين من اجل الوصول إلى مبتغاهم ، وهنا تحضر الجميع القصة المشهورة التي ارتدى فيها (أبو الحصين) توبته إلى الله وارتدى ثياب الناسكين من اجل خداع الارانب والقبض عليها بعد ان عجز عن الامساك بها عنوة.وإلى كل امثال (ابوالحصين) نقول لهم: انكشف المستور وفضح ماكان (معذور) ولتلعبوا قليلاً بمشاعر البسطاء، لتتحولوا إلى شرفاء محافظين على الدين والوطن، لكن يبقى لسان حال كل عاقل هو قول الشاعر :مخطىء من ظن يوماً ان للثعلب ديناً عبدالرحمن أنيس طالب في مدرسة البيحاني النموذجية