نحن الآن في شهر يوليو وهو أحد أشهر القيظ في بلادنا وهو بداية النصف الثاني من السنة. وفي هذه الأيام أعتدنا وبحسب كل سنة تشمر الأيادي وتخرج الابتكارات من أجل إقامة ندوات علمية ومؤتمرات وتكون الأشهر الأخيرة من السنة هي مساحة مكتظة لمثل هذه المؤتمرات والندوات العلمية. نحن لا نعيب على موسم هذه المؤتمرات العلمية، وإنما نسأل إلى أي مدى يستفيد المجتمع منها؟ وهل الأبحاث المقدمة والتي يتم الخوض فيها ومناقشتها أصلاً تكون على صلة بواقع المجتمع وتبحث في الظواهر المختلفة في حياة الناس؟ أم أنها شكل من أشكال الوجاهة فقط. وتظل مقدراتها ونتائجها حبيسة الأدراج؟ ما دفعني إلى هذا القول هو ما لاحظته شخصياً في الفترة الأخيرة وخاصة في شهر يونيو من هذا العام، شهدت مظاهر بعض الوفيات المتشابهة في ملامحها، حيث يصاب الفرد بنوبة من الحرارة المرتفعة لا تفيد المسكنات في خفضها، كما لا تدل الفحوصات المختبرية العادية على ما يكشف عن ماهية المرض ( ربما ملاريا، تيفوئيد،...الخ ) وتظل درجة الحرارة على حالتها المرتفعة بالرغم من المسكنات والفحوصات المتكررة لا تفيد. ثم يتقيأ الشخص دماً بعد دخوله في غيبوبة عند بعضهم تكون لفترة أقصر من غيرهم ثم تحدث الوفاة.قلت شهدت هذه الوفيات على هذا النحو والتي قد تم إسعافها إلى المستشفى. فهل يا ترى هناك من يرقب مثل هذه الحالات وغيرها والتي تتكرر وتتشابه عند أكثر من شخص يتم إسعافه وخضوعه للفحوصات والعلاج.فهل يمكن أن نجعل من موسم المؤتمرات العلمية حصاداً طيباً يعود بالنفع على المجتمع في حاضره ومستقبله. وإلا أن يظل الأمر حبراً على ورق، ويظل الأمر كله كلاماً في كلام.أعود إلى الوفيات التي حصلت وشهدتها وبالمصادفة كلها حصلت في المساء وهي أربع وفيات، واحدة في الشيخ عثمان وواحدة في خور مكسر واثنتان في كريتر. كما قلت حصلت في المساء وتم دفنها بعد صلاة المغرب وفي أوقات مختلفة إلى منتصف الليل.وكلها جمعتها ظروف دفن واحدة – سبحان الله. وهذا يدفعني إلى الحديث عن المقابر والتساؤل عن الإشراف على المقابر هل هناك إشراف فعلي من جهة رسمية على نشاط المقابر وعملها. إن كان لا يوجد إشراف فهذه مصيبة، وإن كان هناك إشراف فعلي فهذه مصيبة أعظم.في المقابر توجد أعمدة النور ولكنها في شتات ولا تسعف المرتادين إليها لدفن عزيزهم المتوفي أثناء سيرهم، حاملين الجنازة على أكتافهم، يبحثون عن موضع لأقدامهم بين القبور المتلاصقة والمتقاربة والتي تتزاحم فيما بينها.وكم من شخص ارتطمت رجله بحجر أو التوت جراءها إعوجاج الممرات الضيقة والمتعرجة بجانب القبور.أذهبوا أيها العقلاء إلى مقابرنا وشاهدوا بأم أعينكم كيف حالتها. ثم قولوا لنا هل عملنا على كرامة موتانا.وعندنا يقال كرامة الميت دفنه، فهل هذا الفدن له وبهذه الطريقة كرامة له.نسأل الله العافية وميتة طيبة وقبراً كريماً.
|
آراء حرة
وفيات الصيف والمقابر
أخبار متعلقة