رحلتي مع المسرح
[c1]مع خطبة ( أبولو) الجالس على الشعراءوالحوريات [/c]عمر عوض بامطرف في الحلقة الماضية من هذه السلسلة برقم (205) المنشورة في صحيفة (14 أكتوبر ) الغراء يوم السبت 26/3/2006م. ، وقفت عند خطبة ( أبولو ) الشعرية التي ألقاها من على عرشه مدافعاً عن ( الشاعر ) الذي غرر بالفتاة ، وكان آخر ما اعتذر به عن الشاعر قوله : انما الهَمّ عنده أنه يسكن في عالم كثير الرياء لم يعد بين بيئة من خيال مستنارٍ وعِشرة من ضياء فهل شفعت تلك الخطبة الفصيحة الجلّى لجرم( الشاعر المغرم ؟ ). لدى الحوريات والشعراء من حاشية أبولو ؟ هنا يسأل (شاعر) من حاشية ( أبولو ) وقد حيره فهم الأثر الذي يصيب الشاعر من سكنى عالم ملؤه الرياء ، وبيئة من خبال وليس بيئة من خيال ، ويقول : سيدي ! .. ويجيبه (أبولو) : هاتِ ! (الشاعر) : هل عسير على الشاعر سكنى منازل الغبراء؟ (أبولو) ضاحكاً يسأل شيخاً من شعراء حاشيته:مايرى الشيخ ؟(الشيخ ): آه من عمل الأرض ! (حورية ) : ومن .. ( أبولو) : صَهِ ! . (حورية أخرى) : ومن تراب الفناء ( الحوريات يتضاحكن) .. (فينقبض الشاعر الشيخ وينادي) : ياأبولو ! (شاعر) : قل ياسيدي ! عند هذا التوجيه من (شاعر) الى (الشيخ ) نجد الشاعرعلي لقمان يعبر عن موقفه الخاص من طبقية بعض بني الإنسان الذين يترفعون عن مواطنيهم ، ويجبرونهم أو يجبرهم أتباعهم على اظهار الخضوع لهم عند المخاطبة بأسماء وألقاب التبجيل والتعظيم ، أو باظهار المذلة والمسكنة لهم اذا حضروا مجالسهم بغض الطرف وانحناء الجباه ، فقد عرفنا علي لقمان الشاعر أديباً أبياً، وصحفياً ملتزماًً في كل من صحيفة ( فتاة الجزيرة ) وفي صحيفته ( القلم العدني ) ، وكان كاتباً بليغاً ، ووطنياً حراًُ ، اقتدى بأبيه الأستاذ محمد علي لقمان المحامي والكاتب المعروف صاحب (فتاة الجزيرة ) أول صحيفة عربية تصدر في عدن (عام1940م.) ، فبذل علي لقمان ووالده الجهد في تنوير العقول وتوحيد الصفوف ، ومساعدة كل حر ملهوف .. وفي هذا الظرف بالذات تواتيه الفرصة للتعبير عن دعوته الى الحرية والمساواة ، فيقول لنا على لسان ( أبولو ) لـ (لشاعر) الذي قال للشيخ ( قل يلسيدي ) :عالمي حر ينادي الكبار بالأسماء لاتكن مولعاً بالقاب أرضٍ ليس فيها سماحة الشعراء إن هذا حكيمكم أيها الفتيان ذو خبرةِ شديد دهاءِ فخذوا الحكمة السديدة منه في وفاء وطاعة وولاء ( ويرد الشيخ قائلاً لأبولو ): ألف شكر وانما فضلك الأكبر مولاي فوق كل ثناء ( ثم يلتفت الشيخ الى الشعراء والحوريات ، ويخاطب أبولو) : ذلك الشاعر الذي نزل الأرض يلاقي بها أشد الجزاء هو مثل السجين في قفصٍ بالٍ ومثل الوحيد في الأرزاءِ لم يعد نغمة تطير حناناً بقري اللحون سامي الغناءِ الى أن يقول : يا أبولو أطلقته في عباب دون علم بعاصف الدأماء * طالما أنّ والدجى مسدل الستر وأمضى نهاره في بكاء* جرحت فنه ضلالة ناس * وجمال الفنون في الكبرياء *حسدوه ! (فتقول جورية باستهجان ): على الدناءة ! ( ويرد الشيخ ) : لا ! بل .. (ويقاطعه شاعر بسخرية) : حسدوا حسنه البديع الرواء (الشيخ ) : حسدوا فنه ونظرته الحيرى .. (حورية ساخرة : والحاحه على الإشتهاء * (الشيخ) : طالما فر من حديث الغواني والتوى عن تلفت العذراء* نزوة لم يطق عليها اصطباراً وهو كالناس من تراب وماء( حورية بغضب) : يا أبولو ! يدنس الفن هذا الشيخ والفن من خيوط الضياء ثم يقطع ( أبولو ) المحاورة ويدعو باحضار الشراب : أما آن نملأ الأكؤسا ونشرب ما يصقل الأنفسا ثم يمضي بنا مؤلف المسرحية الى مجلس شراب وحوارٍ ماجن لشاعر (شريب) ضاحكٍ وآخر ساخر ، وحوريات متهكمات ، و( يسدل الستار ) .. ثم يرفع لنشاهد ( الشاعر ) في فلاة من الأرض وقد صار رجلاً ضخم الجسد ، مضطرب الهندام ، بلحية كثيفة ، لا يكاد يستقر بموضع ، يخطو وئيداً رافعاً بصره الى السماء ، ثم يجلس على كثيب من الرمل ، ويقول لنفسه : بلوتك قلبي في الشدائد سيدا أبياً فاقصرمن سدى وسها اذا لم تكن مثل الخطوب رزيئة مثقفة البلوى فلست فؤادي رمى بك من أفق الفنون الى الثرى أبولو بلا ماء يغيث ولا زاد كيوبيد أغراني وحواء قدمت غوايتها الكبرى فضاع رشادي يريد لنا أن نحرم الجسم لذة فتغمرنا فيه عناصر عادي هنا يأتي الشاعر صوت يلومه : أتعلم أي أثام جنيت وأية أنثى أثارت هواك ؟ فيتوسل الشاعر لصاحب الصوت أن يظهر: بربك لا تستتر انني لفي فزع ينجلي لو أراك تعال ! تكلم ! ( الصوت ) أمثلي يحدث وحش العراك ؟ أتلبس جلد الخروف الوديع وليس على الأرض ذئب سواك ؟ * ثم يظهر كيوبيد ومعه حواء ويقول لها : أدركتِه حواء هذا الذي ألقي من عليا سماء الفنون قد شاخ من هم ومن لوعة في عالم قد ذمه الشاعرون ماذا جرى حواء ماذا جرى صاحبنا في حالة من جنون ( وهنا يتلفت الشاعر يطلب أن يرى الصوت فلا يرى شيئاً ، ويشكو بؤسه ، وضره ، ومعاناته ، وحسد الناس ، ولؤمهم وان ظهروا بثياب الكرام فان الكرامة منهم براء ( يمزقهم حسد لا يزول فهم في حقيقتهم في عداء تباروا فكل على حقده عديم السخاءعديم الحياء فما السجن ؟ ما القبر ان لم يكن بقاء العليم مع الأغبياء!( يمتد الشاعر على الكثيب يئن ، ويمر به رجل شيخ فيراه ويقول : رجل وحيد في الفلاة مشرد أم أنه ميت لم يلق حفارا؟ يا أرض كم فيك من وعظ ومن عبر ( فيسأله الشاعرمنتبهاً ): من أنت ، خذ بيدي ، اني امرؤ حارا ( الرجل لنفسه ) أخي ! من ؟ ومن أين؟ ( الشاعر) : من عالم ، بعيد عن الدرن الآدمي فتى شب بين بنات السماء وفي أفق النفر الملهم ( الرجل لنفسه ) : يهذي ، فهل هي حمّى لم تبق فيه رشاده ا(ثم الشاعر) : أتشعر بالداء الذي فيك معضلاً ؟ ( الشاعر ) وليس له في العالمين دواء ( الرجل ) : أخي قل ما ذا تحس فربما * ( الشاعر ) أحس بأني في الزمان هباء أحس بعقلي طار هيمان والهاً وان لم يعد لي في الوجود بقاء ( الرجل يحدث نفسه ) : لو قام هذا الجبل المجنون ودكني ، ولا هنا معين ، فكيف ياترى أنا أكون ؟ ( ثم يتابع متسائلاً ) : ماذا يحس الرجل علته مجهولة ..( ثم يتركه ويمضي ) .. والى اللقاء في الحلقة القادمة ان شاء الله ..