ولد الكاتب الايرلندي اوسكار وايلد في دوبلن عام 1854م ،ودرس اللغة اللاتينية واليونانية وكذا الأدب الانجليزي في كلية تنتي في دوبلن ، بعدها انتقل إلى جامعة اوكسفورد ، كان حاد الذكاء كما كان طالباً مجداً في دراسته ،وقد تحصل على جائزة خاصة في مجال الشعر من نفس الجامعة.اصبح زعيم الحركة المحبة للجمال ، ولم تكن أهداف هذه الحركة واضحة تماماً ، وقد التحق بها العديد من الكتاب والفنانين التشكيليين بمختلف اتجاهاتهم ، وبالرغم من ذلك فقد اتفقوا على رأي موحدوهو ان العالم الصناعي عالم الاعمال وكذا السعي وراء الثراء كل ذلك قد دمر جمال العالم ، الطبيعي ، لقد اجمعوا جميعهم على الرغبة الشديدة في العودة إلى حب الفن من اجل الفن ذاته وليس من اجل الثراء أو الوصول إلى منزلة اجتماعية معينة وكلهم اتفقوا على ان هذه المبادىء هي وحدها كفيلة بعودة الجانب الروحي للثقافة الاوروبية المادية . كما حاول الكثير من الكتاب في تلك الفترة ـ ومنهم اوسكار وايلد ـ الاستفادة التامة من اللغة ليس فقط فيما يقولونه ولكن ايضاً في تطويعها بصورة فعالة ، كما انه يمتاز بطريقة الالقاء التي تجذب قارئه ، وهو حريص جداً على إضفاء الطابع الجمالي في اللغة التي يستخدمها حتى يتمكن قارئه من تكوين صورة جمالية واضحة في خياله تمتاز بروعة الإحساس . فمثلاً نحن كقراء نشعر بالاسى لمعاناة بعض الشخصيات في رواياته ، ففي إحدى قصصه (الأمير السعيد) نشعر بالحزن لتعاسة الامير وطائر السنونو الصغير ، كما أننا عند قراءة هذه القصة قد نشعر بالاسى ايضاً تجاه عمدة المدينة المعروف بتحجر مشاعره وكل هذا بسبب الاسلوب اللغوي الرائع الذي برع فيه وايلد ، ومما تجدر الاشارة إليه بأن وايلد لم يكن يكره الناس ذي المشاعر المتحجرة الذين ملئوا هذا العالم ، ولكنه يراهم بمنظار آخر ويأسى عليهم كونهم حرموا من نعمة المشاعر والاحاسيس ،مثل هذه الشخصيات نجد اللوردات والضباط في بلاط الملك في قصته الملك الشاب ، وكذا شخصية دون بيدرو في قصته الإنفانتا وهي أبنة مدللة لملك اسباني ، وكذا التجار الذي كانوا يسخرون من الصياد الشاب في قصته الصياد وروحه .ونحن بدورنا نشارك وايلد في اشمئزازه لطبقة التجار في عصره عندما كانوا يقدسون المظاهر، ونجد هذا جلياً في تساؤل الملك في قصته الملك الشاب عندما قال مستنكر :(الا يمكنهم حتى ان يعرفوا أني الملك إلا اذا ارتديت ثياب الملوك) ومن الصور الاخرى للمظاهر الكاذبة التي رفضها وايلد نجد قول المربية لابنة الملك الصغيرة في قصته (الانفانتا) على الامراء ان لايضحكوا بصوت مرتفع ، وكذا في قصته العندليب والزهرة نجد طائر العندليب يخبر الوردة قائلاً: (إن الحب مضيعة للوقت، ولا فائدة ترجى منه، وفي هذا الزمن الصعب يجب علينا أن نفكر باشياء اكثر أهمية من الحب) .برع اوسكار وايلد في كتابة المسرحيات الساخرة ، وكان ابطال مسرحياته مستوحون من واقع الحياة ، كما كانت مليئة بالاثارة والسخرية من الواقع المعاش نتيجة لطغيان الجانب المادي على الجانب الروحي في المجتمع، كما كانت كثيراً ما تهاجم الشخصيات التي تحمل قيم دنيئة وفاسدة ، كما أنها كثيراً ما كانت تهاجم المظاهر التي اعتبرها وايلد نفاقاً.وكأي إنسان ناجح ، فقد كان هناك اعداء لوايلد ، وكان يمقتونه لكثرة نقده اللاذع لهم ، وكان أكثر شخص يحقد عليه هو ماركيز كوينز بيري ، وكان من نتائج هذه الكراهية والحق وضع وايلد في السجن لمدة عامين، وقد عانى في سجنه ، وكتب قصيدة يقول فيها :[c1]لا اعلم إذا ما كانت القوانين على حق أو على باطلكل ما أعرفه هو وضعي داخل السجنوأن حيطان السجن غليظة وقاسيةوأن كل يوم يمر كأنه دهروهل للدهر من نهاية ؟[/c]ترجمة/ طارق السقاف
|
ثقافة
أوسكار وايلد
أخبار متعلقة