منها للعبادة ومنها للهواة
[c1]أشهر خاماتها المرجان وسن الفيل[/c]القاهرة/ 14 اكتوبر /هشام نصر منذ القدم اشتهرت مصر بصناعة المسابح بمختلف خاماتها وأنواعها ، وأصبحت هذه الصناعة مهنة العديد من التجار والصناع، وتحديداً في حي الحسين وخان الخليلي، لكن الحال تبدل ، وأصاب الركود هذه التجارة فربما يمر أسبوع ولا يتم بيع مسبحة واحدة مع أن المعروض أصبح يناسب كافة الأذواق والمستويات والأعمار، نحاول تصفح تاريخ صناعة المسابح والعوامل التي تهدد بانقراضها·يقول محمد أبوزيد صاحب ورشة لتصنيع المسابح: كانت مصر رائدة في صناعة المسابح وتصديرها إلي الدول العربية والإسلامية لكن الحال الآن تبدل، وأصبحنا نستورد السبح من الخارج خاصة من الصين وتركيا وباكستان وسوريا، وطغت هذه الأنواع علي المسبحة المصرية فهذه الأنواع تباع بنصف ثمن المسبحة الأصيلة لأنها تصنع بخامات بلاستيكية أو بتقليد للكهرمان والمرجان ، وكذلك لم يعد سوق المسابح منتعشا كما مضي فالآن يجلبها المعتمرون والحجاج كتذكار لهم ولأقاربهم من أرض الحرمين الشريفين ويكتفون بذلك وفي هذه الأيام قد يمر أسبوع بأكمله دون أن نبيع مسبحة واحدة، وما زاد الأمر سوءاً أننا لسنا في أحد مواسم البيع حيث تروج هذه التجارة في رمضان والحج وشهور الصيف لوجود السياح العرب·ويؤكد نبيل مصطفي أحد باعة المسابح ويمتلك ورشة تصنيع أنه يعمل في هذه المهنة سواء التصنيع أو البيع منذ أكثر من 40 عاما ،وخلال هذه الأعوام الطويلة تطورت صناعة المسابح مع مرور الوقت، ففي البداية كانت تصنع من البذور والحجارة والقواقع والعظم ثم تطورت إلى الفضة والبرونز والذهب والأبنوس والبلاستيك، وأخيراً ظهرت المسابح الماسية وهي أغلي الأنواع·ويضيف: قديماً كانت تستخدم كتعويذة وتميمة لإبعاد الشاطين وطرد الأرواح الشريرة ولمنع الحسد وهو اعتقاد كان سائداً لدي البعض خاصة من البسطاء والجهلة وكانت ربات البيوت يستخدمنها للزينة في المنازل خاصة المسابح الملونة الكبيرة· ويضيف : مع مضى الوقت تغيرت صناعة المسابح في أنواعها وأشكالها فاستبدل العمل اليدوي بالماكينات، وهو ما ساعد على سرعة إنجاز المسبحة فهناك مسبحة تأخذ في تنفيذها يوماً كاملاً، وهناك أخري تأخذ أياماً، وهناك ثالثة يستغرق صنعها دقائق معدودة وأخري تستغرق ساعات فصناعة المسبحة فن وذوق لكن في النهاية طغت المسابح المستوردة المصنوعة بمواد رديئة رخيصة الثمن على المسبحة المصرية الجيدة·أما عبدالجواد أحد تجار المسابح بالحسين فيقول: تعمل عائلتي بهذه المهنة منذ عشرات السنين ونتوارث المهنة جيلاً بعد جيل، ويكفينا أننا نقدم للناس المسابح التي تعينهم على التسبيح والتقرب من الله، ولا يعنيني العائد المادي· ويشير إلى أن أجود الخامات في صناعة المسابح هو المرجان بأنواعه الأبيض والأحمر وهذه المسابح نادرة جداً وتباع بأسعار مرتفعة، وهناك اليسر وسن الفيل ثم تأتي الخامات الشعبية الرخيصة مثل البلاستيك والخشب والتي يشتد الطلب عليها، ويتوقف سعر المسبحة على حجمها ونوع خامتها، فكلما كبر حجم المسبحة زاد سعرها، وأغلى هذه المسابح هي المصنوعة من العقيق أو الكهرمان·[c1]شيخ المهنة[/c]خليل الريحاني أقدم صناع المسابح في حي خان الخليلي والحسين يقول: قديما كانت المسبحة تحتل مكانة عالية لدى الجميع، فكانت لعامة الناس مسابحهم ولأثرياء القوم أنواعها الغالية التي تقدم بمنزلة هدايا تتبادلها النخب الغنية في المال أو الجاه الاجتماعي أو السياسي، ويضيف أمارس تلك المهنة منذ 55 سنة لكن المسألة الآن تطورت بعد دخول المسابح المستوردة كانت المسبحة مقتصرة على مسابح الطين التي تسمي بالمسبحة الحسينية وهذه المسبحة كانت حرفية منزلية ولكن الآن تطورت المهنة وأتت مسابح مستوردة، ثم تطورت صناعة المسابح فبفضل المثاقب والماكينات فاستعمل نوى التمر أو التمر الهندي أو الزيتون وحبات اللوبياء والباغة والفخار والأخشاب والزجاج والعظام، مثلماً تم استعمال الذهب والفضة والعاج والياقوت واللؤلؤ والماس والزمرد، وعلى العموم يرجع تصنيع المسابح إلى أصول معدنية أو نباتية أو حيوانية·ويمكن تقسيم أنواع المسابح من حيث الاستعمال إلي ثلاثة أنواع: الأول الخاص بالعبادة يشترط أن يضم 99 حبة مع الشاهدين فيصبح العدد 101 ويكون لون المسبحة أسود اللون وهذا النوع هو الأرخص سعراً، ويصنع عادة من مواد بسيطة بما فيها الفخار وهذا أمر يتوافق مع استعمالها، أما النوع الخاص بالمتعة والتسلية فيصعب حصر نوعه هناك الرخيص ومتوسط السعر والغالي إلى حد ما وعادة ما يكون عدد حباته 33 حبة وقد يزيد العدد ولكن يجب أن يحافظ على الرقم الفردي لأنه قانون ملزم لجميع أنواع المسابح انطلاقاً من مفهوم يتعلق بوحدانية الله سبحانه وتعالى، ويبقي النوع الثالث، وهو الخاص بهواة جمع المسابح ويتميز هذا النوع بأنه أغلى وأفضل الأنواع وحباته في الغالب هي من الأحجار الكريمة ويندر أن ترى الهواة يستعملون هذا النوع لأن المسبحة قد تضيع أو تسرق وفي الحالتين فإن الخسارة تكون فادحة كما يمكن أن نلاحظ على مسبحة الهواة بأنها تنتمي إلى أنواع نادرة من الحجر، ولذلك يشبع الهاوي هوايته والاحتفاظ بها في مكان أمين ويتبادل الحديث مع الآخرين بمعرفة عالية عن مقتنياته وأصولها وانحدارها·[c1]شكل ولون[/c]ويضيف خليل: هناك أسماء مشهورة جداً منها علي سبيل المثال سبح "الكهرب" وأصلها من أشجار الصنوبر العملاقة التي أفرزت مادة الكهرمان الراتنجية الصمغية منذ عصور موغلة في القدم على سواحل بحر البلطيق والبحر الأسود ثم تحجرت هذه المادة، ويتميز الكهرب برائحته الزكية، وهناك سبح "النارجيل" وتصنع من خشب الأسود أملس وتعد تركيا الموطن الأصلي لهذه الأشجار، وتتميز حبات المسبحة أيضا بالرائحة الزكية، ومن الأنواع المشهورة "السندلوس" وهو نباتي أيضا وأشهر المعروف باسم الألماني ولن ننسي مسابح الصندل وسبح اليسر الذي تفوق شهرته جميع الأنواع، ويتم الحصول عليه من أوراق بعض الأشجار التي تنتشر زراعتها في اليمن والصومال والهند والحبشة، وغيرها من بلدان العالم وهذه الأنواع أسعارها مرتفعة جداً·