دور الملازم صالح الأشول ليلة الثورة.. قيادة الدبابات والسيطرة على الإذاعة
سعيد أحمد الجناحيقلة هم الرجال الذين يصنعون جلائل الأعمال وأعظمها.. وشعبنا اليمني واحد من الشعوب التي أنجبت عدداً من النوابغ والأبطال الذين مثلوا دوراً كبيراً في حركة النضال الوطني والثورة، وفي مجال الابداع والتطور.ومن المهم أن ندرك أن صناعة التاريخ وإحداث التغيير والتطور إنما تكون مرهونة بدور الانسان فرداً أو جماعة.. ونعلم جيداً أن الله خلق الانسان ولم يجعله كائناً مدركاً فحسب، وإنما خلقه ليصبح كائناً عاملاً لا يكتفي بإدراك العالم الذي يحيط به، وإدراك ذاته، وماضيه.. بل يظل يعمل من خلال هذا كله ليحدث أثره في تبديل ذاته والعالم الذي يعيش فيه، يحس بالمشكلات التي تجابهه وينهض لمعالجتها.. تكتنفه طبيعة زاخرة عميقة الأسرار.. تدفعه إلى طريق الجهاد والنضال للحصول على وسائل العيش وتوفير سبل الأمن والاستقرار للدفاع عن تلك الغايات والأهداف التي ارتبطت بذاته وهويته الوطنية والانسانية.[c1]أهمية الإذاعة[/c]كانت السيطرة على الإذاعة في الخمسينيات والستينيات واذاعة البيان الأول منها تعني السيطرة على السلطة، لذا أولت قيادة تنظيم الضباط الأحرار اهتماماً مكثفاً لاحتلال إذاعة صنعاء من خلال قوة عسكرية وتهيئة عناصر من المذيعين داخل الإذاعة. وبما أن للتنظيم يومها علاقة وطيدة بكل من المذيعين الاستاذين عبدالوهاب جحاف وعبدالعزيزالمقالح، منذ ان تبلورت فكرة امتداد التنظيم إلى المجال المدني وكان الاستاذ عبدالوهاب جحاف على وشك تشكيل خلية مدنية في طليعتها الأستاذ عبدالعزيزالمقالح، لكن اللجنة القيادية للتنظيم أعادت دراسة الفكرة وقررت إيقاف الامتداد إلى المجال المدني حفاظاً على سرية العمل العسكري، وقررت الاتصال غير المباشر بالعناصرالوطنية من المدنيين وظلت على اتصال بهم.ولأهمية الاذاعة فقد كان في بال تنظيم الضباط الأحرارالسيطرة عليها، لذا اعدت وهيأت ذلك قبل فترة من عملية التحرك لإنهاء النظام الإمامي.[c1]حدث في الاذاعة كاد يعصف بالوضع[/c]بدأ يوم الإفصاح عن التحرك العملي للثورة يوم الأربعاء، فقد تولى كل من العقيد حسن العمري والقاضي عبدالسلام صبرة إشعار الأستاذين عبدالوهاب جحاف وعبدالعزيز المقالح بالبقاء في الإذاعة او بالقرب منها، وأن ساعة التحرك ستكون خلال الليل، وأكد لهما ذلك كل من الملازم أحمد الرحومي وعبدالله عبدالسلام صبرة، واللذين مرا على دراجة نارية لنفس الغرض.وفي ضوء ذلك، وما ان حل المساء، التقى المذيع عبدالوهاب جحاف بعرفاء حراسة الاذاعة خارج سور الاذاعة واتسم حديثه معهم بالصراحة المشوبة بالحذر:«سيصل الليلة ضيوف إلى الاذاعة».. وسألهم هل لديكم الاستعداد لاستقبالهم؟ وكان الرد هو سؤالهم:ما هوالمطلوب..وما لنا؟ ولما أدرك أنهم فهموا قصده..كان رده:لكم ما لغيركم من الذين يصنعون فجراً جديداً، وسوف يكون لكم الفخر والاعتزاز بمشاركتكم في صنع الثورة.ولما سألوه عن موقف قائد الحاميةأجابهم: ينتهي دوره كقائد للحامية عند وصول الضيوف الجدد الذين سيتحملون مسؤولية القيادة، وفي حالة المقاومة -قال لهم- تصرفوا كجنود ثوار.ومع نهاية ذلك اللقاء كانت المفاجأة بظهور قائد الحامية النقيب حسين الحرازي، الذي كان يقوم بدورية تفقد وجَّه عليهم نور (الكشاف) وما أن عرفهم حتى صرخ قائلاً:ماذا تفعل هانا يا جحاف مع الجنود؟ ولم يتح لأحد الكلام، فقد أمرالجنود بالدخول إلى الاذاعة فوراً وأمسك بجحاف وقاده إلى مكتب مديرالاذاعة ليعرض أمر ما اكتشفه عليه.ورغم المفاجأة إلاّ أن المذيع عبدالوهاب جحاف استطاع كتم مشاعره خوفاً من اكتشاف الأمر وأن يبتكر مبرراً معقولاً يوضح سبب وجوده مع مجموعة من العرفاء خارج الاذاعة.بعد أن شرح قائد الحامية ما وجده للاستاذ أحمد حسين المروني -مدير الاذاعة- حاول المدير تهدئته بطلب الشاي له، واستمع إلى رد المذيع جحاف والذي قال: «إن من كنت معهم من منطقتي، ونلتقي دائماً، نتكلم عن أحوال منطقتنا وأخبارها، وعما إذا وصلت رسائل من البلاد وخلافه».أدرك المدير الأمر ووجه حديثه إلى النقيب حسين الحرازي قائلاً له: إن لقاء أبناء المنطقة الواحدة شيء طبيعي.. كما أن الأخ عبدالوهاب جحاف دائماً يقول عنك كل خير وأنك أفضل ضابط تولى العمل في الاذاعة، وانتم زملاء عمل في موقع واحد.. هدأت سريرة الضابط الغاضب وأخذ يتناول الشاي، وطلب المدير من المذيع جحاف (الرواح) ما دام قد أنهى عمله في الاذاعة.غادر جحاف مكتب المدير ليلتقي برفيقه عبدالعزيز المقالح، وتشاورا حول ما يمكن عمله بعد تلك الحادثة التي أثارت شكوك ضابط حامية الاذاعة، واتفقا على أن ينتقلا إلى منزل عبدالوهاب الآنسي الواقع أمام مبنى الاذاعة، ليظلا على مقربة منها. في وقت أوعز فيه مدير الاذاعة للمذيع عبدالله حمران بأن يحاول الاطمئنان على المذيع جحاف، خوفاً من أي تصرف يقدم عليه قائد الحامية ضده، ولما رأى المذيع حمران زميله جحاف يغادر الاذاعة مع زميله المقالح عاد ليبلغ المدير ليسود الاطمئنان، عاد الهدوء إلى الاذاعة رغم الحادثة المذكورة التي كادت أن تكشف ما سيحدث قبل حوالي ساعات من بداية أحداث صنعت متغيرات تاريخية(18).[c1]دور الملازم الأشول ليلة الثورة [/c]لم يكن الملازم صالح الأشول ومن معه يعلم ما حدث في الاذاعة، لكنه مضى في تنفيذ المهام المكلف بها كغيره بايمان صادق وشجاعة دون ان يحسب حساباً لما سوف يحدث له.ولأن التاريخ المستند إلى الحقيقة هو تاريخ ما صنع وروي وسمع من أفواه الذين صنعوه، وهو ما يجعلني أترك الملازم صالح الأشول يروي دوره ليلة الثورة، كما رواه وكتبه ذات يوم وهو على النحو الآتي:«في الحادية عشرة تم التحرك من مقر القيادة (الكلية الحربية) كان معي طاقم مكون من الأخ الملازم محمد الوادعي والأخ مثنى الحضيري والأخ علي أبو لحوم في اتجاه الاذاعة، وكان من المفترض أن اسلك الطريق المعبد ولكني فضلت السير على الطريق الترابي بجانب سور العاصمة الجنوبي عبر السائلة والمقبرة، لم أكن أدرك بأنني أسير بسرعة أكبر من سرعة دبابات الاقتحام التي سبقتني فوجدت نفسي وحيداً أمام باب خزيمة وكان الباب مغلقاً والهدوء يخيم على المكان، سألت الأخوة الذين كانوا معي لماذا لم تصل دبابتا الاقتحام بعد، مع اننا خرجنا من القيادة بعدهما؟ اجابني أحدهم بأنهما لا تزالان في طريقهما.فوراً حركت دبابتي إلى الخلف قليلاً وحرفتها صوب الناحية الغربية من الباب ثم تقدمت ودكيت السور واجتزته بسهولة واتجهت إلى ميدان شرارة، ووصلت فعلاً إلى مسافة قريبة جداً من باب قصر البشائر (معتقداً أيضاً) أن الدبابات ربما أنها قد دخلت قبلي، ولكني لم أجد أحداً، وقد رأيت اثنين من العساكر واقفين أمام مدخل القصر وكانت احدى فردات المدخل مفتوحة قليلاً، تملكني القلق وعدت أتساءل كيف هذا في باب خزيمة لم نجد أحداً وهنا لم نجد أحداً ايضاً (أين هؤلاء؟) وقفت ثوان قليلة، بعدها قررت العودة لمعرفة ما يجري، وما أن تحركت حتى رأيت الدبابات ماضية في طريقها صوب القصر، وكانت في تلك الآونة قد وصلت إلى مشارف ميدان شرارة عند مباني سنترال التلفون.. توجهت بعدها فوراً إلى الاذاعة من شارع المدرسة المتوسطة (أي شارع 26سبتمبر حالياً)، وصلت إلى الاذاعة ولم تكن بقية القوة المخصصة لاحتلالها قد وصلت بعد، وقفت بجانب سور الاذاعة الشرقي وحاولت أن أُحوَّل اتجاه الدبابات لتكون في وضعية الدفاع، اثناءها وقف المحرك لأني لم أضغط على دواسة الوقود بما فيه الكفاية، حاولت تشغيل المحرك من جديدولكني فوجئت بوجود خلل في الاجهزة الكهربائية، ما جعل تشغيل المحرك مستحيلاً إلاّ بالسحب.في هذه اللحظة طوق عدد من عساكر مفرزة الاذاعة الدبابة وبدأوا يخاطبونا بصوت عال، ماذا تريدون ولماذا جئتم؟ اجبناهم فوراً بأننا جئنا إلى الاذاعة بأوامر من الإمام البدر، كنا قد أحكمنا اغلاق النوافذ العلوية وفتحنا نوافذ صغيرة أعدت خصيصاً لإطلاق النار على من يحاول الاقتراب من الدبابة أو يحاول الصعود اليها.. في هذه الأثناء وصلت احدى السيارات المدرعة وعليها مجموعة من الضباط وعدد من أفراد مدرسة الاشارة واتجهت فوراً إلى باب الاذاعة الشرقي مباشرة، عاد العساكر الذين كانوا قد أحاطوا بالدبابة إلى داخل الاذاعة وربما انهم قفزوا من فوق السور، تحركت أنا والأخ علي أبو لحوم واتجهنا إلى المدرعة فوراً وصعدنا إليها، وتركنا على الدبابة كلاً من الأخ مثنى الحضيري والأخ الملازم محمد الوادعي للمرابطة عليها.كان باب الاذاعة مغلقاً، نادينا أكثر من مرة طالبين فتح الباب ولم يفتح، تقدمت المدرعة يقودها الأخ الملازم أحمد الناصر فاقتحمت الباب ووقفت في المدخل، وجدنا الأخ العقيد حسن العمري والملازم أول حسين السخيمي وعددآ من ضباط صف المفرزة المرابطة في الاذاعة وجدناهم واقفين في المدخل، صاح العقيد حسن العمري قائلاً:لماذا ؟لم تقولوا لنا نفتح الباب واحنا اخوان وهدفنا واحد؟وفوراً نزلنا وألقى الأخ علي قاسم المؤيد كلمة قصيرة على عساكرالحامية الذين تجمعوا ووزعت القوة بحسب الخطةعلى النحو الذي أوضحه كتاب «أسرارالثورة»على أن العقيد حسن العمري كان على علم مسبق بموعد التحرك وبأننا وصلنا لاحتلال الاذاعة والسيطرة عليها.[c1]حين واجه إطلاق النار في الإذاعة[/c]بعد أن توزعت القوة على جميع نقاط الحراسة في الاذاعة باشراف الأخ الملازم علي قاسم المؤيد الذي كُلف بادارة الاذاعة ومساعدة ضباط صف مفرزة الاذاعة، تحركت أنا والأخ علي أبولحوم إلى استديو المذيعين لنلتقي بالأخوة الأستاذ عبدالعزيزالمقالح والأستاذ عبدالوهاب جحاف والأخ صالح المجاهد وغيرهم، وقبل أن نصل إلى الاستديو أطلق قائد مفرزة الاذاعة النقيب حسين الحرازي النار علينا واصيب الأخ علي أبو لحوم بجروح خفيفة حاولنا الدخول إلى الاستديو لكنا وجدناه مغلقاً، حاولت اقناع الأخ علي أبو لحوم بأن نعود إلى مقر ادارة اللاسلكي من خلف سور الاذاعة لاسعافه بعد أن أصبح من المتعذرالعودة إلى ادارة اللاسلكي من نفس الطريق الذي أتينا منه، لكنه رفض وصمم على البقاء في نقطة الحراسة المجاورة لاستديو المذيعين.عدت إلى ادارة اللاسلكي من خلف السور أخبرت الأخوة هناك الأخ الطيب صالح البحيرة، الذي كان قد أبدى استعداده للمجيء إلى الاذاعة لكنه لم يجد وسيلة مواصلات، عرضنا على الأخ علي أبو لحوم ارساله على السيارة المدرعة إلى المستشفى من جديد لكنه رفض أيضاً، وقد ظل في الاذاعة حتى الصباح، طلب مني العقيد العمري أن أضرب المبنى الذي كان الحرازي قد أختبأ فيه بمدفع الدبابة من مكان وقوفها. لم أقتنع وما دار بيني وبينه موضح في كتاب «أسرار الثورة»، ظللنا نرقب الموقف، كانت الدبابات قد بدأت تدك معقل الإمام البدر، أتصلت القيادة تشعرني بأن وضع الدبابات ليس على ما يرام وأن دبابة الاقتحام بقيادة الأخ الملازم محمد الشراعي قد تعطلت وحشرت في باب قصر البشائر ما حال دون تحرك الدبابات الأخرى.[c1] التحرك إلى ميدان شرارة وبئر خيران[/c]قبل أن أتحرك من الاذاعة إلى ميدان شرارة طلبت ارسال مجموعة من الفيوزات الكهربائية، معتقداً أن الخلل الذي حدث لدبابتي هو نا تج عن احتراق الفيوزات، ولكن دون جدوى واتضح أن الخلل نا تج عن احتراق أحد المكثفات الكهربائية، واصلاحه أو تبديله كان يحتاج إلى وقت طويل هذا إن وجد.تحركت بالمدرعة الوحيدة في الاذاعة إلى ميدان شرارة، كان اطلاق النار شديداً، الدبابات تجوب حول القصر، دبابة الأخ الملازم محمد الشراعي واقفة وسط الميدان، صعدت إلى الدبابة وسألت ماذا حدث؟ اجابني أحد الذين كانوا عليها لا أتذكر اسمه قائلاً:تعطل جهازالرجوع والاعادة في المدفع من أول طلقة وانكسرت يد الأخ الملازم حسين خيران وجرح الأخ الملازم محمد السراجي برصاصة طائشة بينما كان يخاطب الحرس، امرتهم بالذهاب فوراً إلى مقر فوج البدر لتبديل الدبابة والعودة لمواصلة المعركة، تحركت بعدها إلى بئر خيران كانت ترابط هناك دبابتان، امرت الأخ الملازم عبدالكريم المنصور بالتحرك فوراً والانضمام إلى مجموعة الدبابات المهاجمة بدلاً عن دبابة الأخ محمد الشراعي، وفعلاً تحرك الأخ عبدالكريم المنصور وأنضم إلى المجموعة، وقد فوجئت أن الأخ الملازم أول هادي عيسى على دبابة الأخ عبدالكريم المنصور، بينما كان من المفروض أن يقود مدرسة ضباط الصف ويحتل بها جميع المنازل المحيطة بقصرالبشائر ويغطي تحرك الدبابات ويقاوم أي حركة مضادة داخل قصرالبشائر حسب ما هو محدد في الخطة. ولم أدرِ وقتها ما هي الأسباب الحقيقية التي حالت دون تحرك مدرسة ضباط الصف واشتراكها في الهجوم، إلاّ أن عدداً قليلاً من ضباط الصف استطاعوا الخروج من المدرسة هرباً كما تبين فيما بعد وشاركوا بفعالية تامة في ليلة الثورة.بعد أن تحرك الأخ عبدالكريم المنصور بدباباته إلى قصرالبشائرعدت فوراً إلى الاذاعة، وبعد وقت قصير أتصلت القيادة وطلبت دعم الدبابات بالذخيرة.. كانت لدي خمس قذائف فقط، وصل الأخ السائق ناصر سنهوب فعلاً إلى الاذاعة وسحب القذائف الموجودة.[c1]الاطمئنان على تحرك السلال إلى القيادة[/c]اتصلت القيادة من جديد تسأل عن الزعيم السلال ولماذا لم يصل إلى القيادة حسب الاتفاق؟ اتصلت بالوالد عبدالسلام صبرة لأسأل عن سبب تأخرالزعيم السلال قال الوالد عبدالسلام صبرة سأتصل به فوراً، وتم الاتصال فعلاً بعد دقائق أتصل الوالد عبدالسلام صبرة من جديد وقال إن الزعيم السلال قد توجه إلى القيادة، عدنا نتصل بالقيادة لنسأل هل وصل الزعيم السلال أم لا؟ أفاد الأخوة في القيادة بأنه لم يصل بعد، اتصلنا بالوالد عبدالسلام وأكدنا له بأن الزعيم السلال لم يصل إلى مقرالقيادة، عاود الوالد عبدالسلام الاتصال بالزعيم السلال ليؤكد له ضرورة التحرك إلى مقرالقيادة، فرد الزعيم السلال أنه قد ذهب فعلاً إلى دارالبشائر، غير أنه لم يتمكن من معرفة الموقف وأن الضباط رفضوا التحدث معه فعاد إلى بيته، على انه كان من المفروض أن يتوجه الزعيم السلال إلى مقرالقيادة وليس إلى دار البشائر.وقد ظل الزعيم السلال يرقب الموقف في منزله حتى وصول السيارة المدرعة والأخوة الملازم أحمد الرحومي والملازم صالح الحربي مع عدد من المرافقين لنقل الزعيم السلال إلى مقر القيادة، وقد ورد هذا الموقف تفصيلاً في كتاب «أسرار الثورة».بعد مرور السيارة المدرعة التي كانت تقل الأخ أحمد الرحومي والأخ صالح الرحبي من منطقة الاذاعة في طريقها إلى منزل الزعيم السلال أتصلت القيادة، كان المتحدث المقدم جزيلان سأل عن الموقف في الاذاعة، قلت له إن الموقف في الاذاعة سليم حتى الآن قال إن الموقف في دار البشائرملخبط، قلت له سأتحرك فوراً إلى هناك.[c1]التحرك إلى دار البشائر مع خيوط الفجر الأولى[/c]تحركت فعلاً إلى المدرعة الموجودة لدينا في الاذاعة إلى ميدان شرارة، كان الظلام لا يزال حالكاً وصلت إلى الميدان بعد أن ارتطمت هذه المدرعة أثناء السير ثلاث مرات متتالية، الأولى في السورالمواجه للمدرسة المتوسطة والثانية في جدارالمبنى الغربي للمدرسة العلمية والثالثة في شجرة ضخمة بجانب الباب الرئيسي للمدرسة العلمية آنذاك (مدرسة جمال جميل حالياً) كانت الصدمة الاخيرة عنيفة وكان الشخص الذي يقود المدرعة أحد ضباط صف فوج البدر، وعلى ما ظهر أنه لم يأخذ تدريباً كافياً على قيادة السيارات المدرعة، إلاّ أنه كان جريئاً وشجاعاً، وبعد الصدمة الأخيرة أضطررت أن آخذ إحدى المدرعتين المرابطتين في الميدان لحماية الدبابات. كان عليها كل من الأخ الملازم عبداللطيف هادي سالم والملازم حسين ضيف الله على أن تظل المدرعة التي وصلت عليها من الاذاعة مرابطة إلى جانب المدرعة الأخرى. كان ضرب النار شديداً لم أر دبابة في الميدان، كانت جميعها حول قصرالبشائر، كانت خيوط الفجرالأولى قد بدأت تظهر في الأفق، تحركت بالمدرعة مع الأخ الملازم عبداللطيف هادي سالم والأخ الملازم حسين ضيف الله في اتجاه قصر البشائر من خلال شارع البونية، وصلنا إلى الجهة الغربية من القصر وقفنا قليلاً هناك، وبسبب كثافة النيران لم نتمكن من مواصلة السير لنصل الى مركز تجمع الدبابات، عدت إلى الاذاعة على نفس المدرعة، إذ كان لابد من الاسراع في تشغيل الاذاعة في أقصر وقت لما لها من أهمية بالغة في دعم الموقف.[c1]تشغيل الإذاعة وإلقاء القبض على قائد حرسها[/c]كان التيار الكهربائي العام مقطوعاً وكان لابد من تشغيل محطة الكهرباء الخاصة بالاذاعة، ذهبت على المدرعة لاستدعاء الإخوة عبدالله صالح الهمداني، حمود هادي مراد، محمد الشعيبي من منازلهم وكانوا جميعاً يعملون في الاذاعة أعدوا الاذاعة في وقت قصير لا يتجاوز عشرين دقيقة، بدأت الاذاعة بارسالها في الساعة السابعة صباحاً على الموجة المعتادة بنشيد «الله اكبر يا بلادي كبري» وهو النشيد الوحيد الذي كان موجوداً آنذاك، كما فهمت من الإخوة الذين كانوا في استديو المذيعين بعد أن اتصلت بهم من استديو ضبط الارسال وطلبت اذاعة نشيد «دقت ساعة العمل الثوري» للموسيقار محمد عبدالوهاب، بعدها انطلق صوت الثورة عالياً ليعلن كلمة الحق، كلمة شعبنا الجسور الصبور بعد أن ظل ردحاً طويلاً من الزمن يرزح تحت نير الظلم الإمامي الحميدي كان الأخ الاستاذ محمد عبدالله الفسيل قد وصل إلى الاذاعة قبل بزوغ الشمس يحمل بيان الثورة العام الذي وضعه الإخوة المدنيون وذهب فوراً إلى استديو المذيعين. في الصباح جاءني الأخ المهندس علي الأبيض إلى مقر ادارة اللاسلكي وهمس في أذني بأن النقيب حسين الحرازي -قائد مفرزة الاذاعة- مختبئ لديه وأنه على استعداد لأن يسلم نفسه ترجاني الأخ المهندس علي الأبيض أن أحسن معاملته، وافقته على ذلك وقلت له اذهب وسآتي الآن، حركنا السيارة المدرعة في اتجاه مدخل المبنى الذي كان يسكنه الاخ علي الأبيض، وكان المبنى داخل الاذاعة، طرقت الباب وبعد مرور ثوان فتح الأخ علي الأبيض باب المبنى وكان الحرازي يقف على مدخل الطابق الثاني، أمرت الحرازي فوراً بتسليم سلاحه ففعل ونقلناه فوراً إلى مقر القيادة على السيارة المدرعة بصحبة الذين كانوا معي آنذاك. استتب الوضع في الاذاعة تماماً وتعاونت كل العناصر الوطنية وسارت الأمور سيراً حسناً، وقد أشير إلى هذا تفصيلاً في كتاب «أسرار الثورة».[c1]التاريخ الحقيقي مارواه صانعوه[/c]كانت مهمة الملازم صالح الاشول السيطرة على الاذاعة والذي تحرك يقود واحدة من الدبابات مع طاقمها المكون من الملازم مثنى الحضري والملازم محمد الوادعي والاخ علي ابو لحوم، ويضاف اليها مدرعة بقيادة الملازم علي قاسم المؤيد وإلى جانبه الملازم أحمد الناصر، والملازم طاهر الشهاري والملازم عبداللطيف ضيف الله.وبالاضافة إلى من ذكر شملت المهام الملازم محمد النهمي، والملازم علي البهلولي، وكان المفروض أن يتحركا مع مدفع (م ط 73)، ولعدم حوزتهما على المدفع، انضما الى مجموعة المدرعة بقيادة الملازم علي قاسم المؤيد ضمن حملة السيطرة على الإذاعة(71).[c1]* الهوامش:[/c](17) اسرار ووثائق الثورة اليمنية - مرجع سابق.(18) المراجع: عبدالوهاب جحاف، والأستاذ حسين المروني.