أضواء
بعد مشاركتي في الحوار الوطني الناجح في الأحساء وأبها والرياض تنامى شعوري بالتفاؤل بأن وجهتنا استدارت نحو النور. عدت واثقة بمصداقية جهود البناء وبجدوى الحوار والكتابة لإعادة توازن الساحة أمام القارئ، خاصة صانع القرار الجاد في طموحاته ورغبته ملامسة مكامن الوجع الحقيقي. وللنخبة الواعية المخلصة أتوجه بنفس الكلام العاقل وبشفافية الانتماء الواعي. التمييز أهم مسببات الشكوى و التصدع في المجتمع، سم قاتل للشعور بالأمن والانتماء .. لنركز على محوه كي نبني الشعور بالمواطنة الصادقة الفخورة بانتمائها.وأوضّح، التمييز عندنا لا يأتي مقننا بصيغة رسمية ولذلك فتقاريرنا الرسمية محقة وغير محقة في نفي وجوده.. ولكننا مقصرون جميعنا حين نتجاهل ونتغاضى عن روافد سمومه في مجتمعنا، نتهادن معها بصورة غير رسمية ونتركه يستشري.لسنا في حاجة أن يتدخل الآخرون ليرونا كم نحن بعيدون عن مثاليات التصرف.. نحن قادرون على مواجهة أنفسنا والاعتراف بالحقائق لا لنعتذر للغير أو لنرضيهم بل لأن تصحيح المسار ضرورة وجودية لنا .وأول خطوة هي التعرف على ملامحنا الآن و ليس ما كانت عليه .فبين التعامي والتطرف والتجاهل وانتشار الغاضبين تجد الحضارات طريقها إلى الانحسار والاندثار.التجاهل لعبة خطيرة ذات حدين .. وأول الضحايا هم نشؤنا المتنامي. والتناقض في ممارساتنا لابد من مراجعته قبل أن ينقلب الوضع علينا وعليهم.اعتدنا الحياة المرفهة ليس بمعنى فائض المال عند الجميع، فالصور المتداولة عبر الإنترنت عن بيوت الصفيح تثبت دون شك أن هناك بيننا من هم تحت خط الفقر والحد الأدنى من احتياجات العيش، إنما اعتدنا العيش المرفه بمعنى الاعتماد على من يحل لنا مشاكلنا دون أن يتطلب منا الأمر إلا الشكوى!ولكن أي محاولة للارتقاء بالشكوى إلى مبادرة فعل بحثا عن حل سترتطم ببيروقراطية الإجراءات أو سلبية المجتمع أو أنانية معظم القادرين .. عوائقنا الحقيقية التي اعتادت أن تقف للفعل بالمرصاد وتئده قبل أن يتبرعم.أنا متفائلة الآن بما يستجد من تغير النظرة العامة وباهتمام ولاة الأمر وبتحرك خطوات الفعل والتصحيح: متفائلة أن توضحت معالم تفعيل مؤسسات المجتمع المدني. ربما يصبح الفعل المجتمعي المنظم بإيجابية طريقنا للتصدي للظواهر التي نشكو منها وننتظر أن يحلها غيرنا.كل من يتابع ساحة الإعلام المحلي يتذكر أنه في الأيام الأخيرة تسيد ساحتنا الحوار الشاكي عن غلاء الحليب و تناقص الدقيق, وعن تصاعد الجريمة بكل أشكالها وأبطالها من المواطنين والمستقدمين من جنسيات متعددة.ربما تقوم مؤسسات المجتمع المدني القادمة بدورها المطلوب في التصدي لهذه الظواهر ومنع الاستغلال والاحتكار وأشكال التمييز الاقتصادي الأخرى التي تؤدي إلى التردي في أوضاع بعض الفئات، فتقود المعتازين والغاضبين إلى طريق الجريمة أو الهروب إلى المخدرات.ربما عندها تأتي تقاريرنا الدولية عن حقائق أوضاع المجتمع صادقة في التعبير عن التطابق بين مثالياتنا و ممارساتنا و شعورنا كلنا بالمسؤولية المجتمعية.