خاطرة
سليم الحاج قاسمكل ما قيل لك فترة انبت الموز من جلده، كل ما اعتنقت من فوات الأمريكي يحسن ما أنت من فتى لولبي قديم، كل ما قالت الطفلة لأمها قبل الموت الثاني وبعد النبرة الحالمة، كل ما فاض من الموج على صدرك المشقوق نصفاً لها ونصفاً لشوك الدرب قبيل الرحيل، كل ذلك الذي ينخر مسام الذاكرة البكر، ما يحتد الآن في جلدك المهزوم عند الغروب، ذاك انسلالها الغابر بين تقاسيم جسمك الملون بمائها، فانتبه!.المدينة المهجورة التي تنساق عفواً ضمن خرافات الجدة وسعالها الدامي، الأصوات المتعالية من نافذة الجارة المرهقة مما فعل معدل السكر المنخفض في دمها، أوراقك البيضاء الملطخة بذكرى سيدة سمراء مرت ولم تدرج في الطرة تعليقاً واحداً يرشد الغازين إليك، نصف ما بقي أو ربعه الفائت منذ قرنين في غفلة مدوية للمنافي وأرضها مكنون ما وعد به الواعدون حين أفل النهر لا الماء استكان ولا غير الشاربون مصرعهم، ما قال الجار عن موعد صرف الشيك على الورقة، على ما تداخل في ذهن العاشق المقلوب على عقبيه في هذا الفراغ، ذاك احتشادها حول مدامع جوفك المقيد إلى جوفها، فانتبه!.مرور ذلك الضوء المشاكس بين ربوع البيت في غفلة من القطة العجوز، تداخل ما كنته وما ستكونه وما ربما كنته دون ذكرى تنبه عقلك المخدوع لما احتواه الحصى على الربوة العالية، الحي وتمتمات الشيخ المستمر آخر النهج يصنع من خطوات العابثين موعده الحالم بالربيع، أربعة أخماس ما قال الأستاذ عن دوباليه ورابليه ومونتانيي، الوقت الذي واعدتك فيه ابنة الجيران خلف شجرة التين الشوكي خارج أسوار القرية الضاحكة، التحليل الجنيولوجي الذي أثبت انصهارك الأزلي في عناصر الكون ومادته الأولى، وجهك الغريب وسهرات الصحب المعجونة بضجر روتيني هزيل، ذاك ازدحامها في شرايين الهواء الجازع إلى قفصك الصدري، فأنتبه!.مشهد الطير إذ يمر فوق أنظار الشاردين على مقرب في الأصيل، شجار الوحوش عند الحمراء الشاهدة على ألوان الحزن المترامي في الضفاف، صوت العاهرة المتململ من الهاتف منتصف الليل الزهيد العابر من الفجوة الحالكة، المرأة الغريبة التي تمشي على سطح الغرفة ليلا كمجنونة باحثة عن ثوبها الأبيض، بم أر ثوبها أبيض وليس على سطح غرفتي سوى الخشب المتبقي من أثر البناء، ابتسام الصبح في بلور شباكك المكسور وكأسك الفارغة، كل ما قال الملاحدة عن تكون العالم وابتداء الخلق وكل ما قال المسيح لحواريي كنعان وأجدادهم، مزاعم داروين عن أصول القردة والإنسان البدائي والارتقاء الدائم لموجودات الأرض، ما قرأت في صحف اليوم في صفحة الجرائم واغتصاب عشرين فتاة بعيد الفصل الأخير من المسرحية الغامضة، ذاك ارتفاعها عن تجاويف صوتك الرابض قربها، فخذها إذا شئت إلى ضواري الموج العابث في السيول وقبل خدها المعجون بالنبيذ الأحمر، وانتبه!.