أ. خالد سيف سعيدقرية بئر فضل الواقعة في مديرية المنصورة إحدى القرى التاريخية والعريقة المحيطة بمدينة عدن كقرى الشيخ الدويل، الحسوة ، بئر أحمد، عمران وغيرها.وتعود جذورها التاريخية إلى زمن بعيد وهذا ما أكدته المصادر والروايات الزمنية لقرية بئر فضل وأكدوا بذلك ان سكان واهالي بئر فضل قد استوطنوا في السابق قرية تقع إلى الشرق من قرية الحسوة كانت تدعى قرية بيت جابر مكي، لقرية بئر جابر بحثاً عن الماء والسكن فاستوطنوا في بئر فضل نسبة إلى شخص يدعى فضل قام بحفر البئر وبنى حولها الحجارة في عام 1786م واطلق عليه فيما بعد بئر فضل حيث قام الاهالي ببناء بيوتهم من القش والطين.وكما يرجع اصل اهالي وسكان القرية نسبهم إلى قبيلة آل مكي تلك القبيلة العربية التي استوطنت في مساحة من الأرض والتي تمتد من حدود الصبيحة غرباً وبئر محيط شمالاً ومسجد الولي العثماني "الشيخ الدويل" وبئر كسر وهو في الجنوب فتجدها ساحل البحر الممتد من عمران غرباً حتى ساحل صيرة شرقاً.وحكمت قبيلة آل مكي عدن حتى عام 1728م ثم سقطت تحت الذين حكموا عدن والقرى المجاورة وهي كالتالي:* آل مكي حكموا عدن 1514 من إلى 1728م.* * العبدلي 1728 من إلى 1838م.* * بريطانيا 1838 من إلى 1967م.ومن الروايات التاريخية التي وردت عن أهالي وسكان بئر فضل " ان قبيلة آل مكي انقسمت إلى قسمين قسم يدعى آل مكي باقي والأخر بمكي عزب وسبب ذلك الانقسام يعود إلى قيام العبدلي بكسب مجموعة من أهل مكي ليجعلهم حماة للقوافل الآتية من لحج إلى عدن وهذه المجموعة بزعامة محمد عبدالله مكي الذين اطلق عليهم بمكي عزب حيث سكن هؤلاء في قرية صبر لحماية القوافل، بينما الاخرون ظلوا في القرية فأطلق عليهم بمكي باقي.وأكدت المصادر والروايات التاريخية ان صراعات وخلافات وصلت إلى العراك بينهما من سكان بئر فضل المدفوعين من العقربي وجماعة العزيبة الذين انفصلوا عن اهل مكي وتحالفوا مع العبدلي كان ذلك عام 1856م عندما كانت قرية بئر فضل خاضعة للعقربي.ومن القبائل التي سكنت بئر فضل إلى جانب قبيلة مكي باقي كالفخائد الاخرى التي سكنت فيما بعد نتيجة المصاهرة وانتقالهم من القرى الاخرى إلى بئر فضل بعد ذلك لقربهم من صهورهم أهل مكي باقي ومن الفخائد هي كالاتي:1 ) مكي باقي : يطلق عليهم أهل باقي فهم الاصل.2) المحارقة: من اهل باقي كانوا يسكنون في بئر هادي.3 ) المزاوية: من أهل باقي كانوا يسكنون في بئر أحمد.4 ) المغارمة : من أهل باقي كانوا يكسنون في الفيوش.5 ) اهل البان: من أهل البان كانوا يسكنون في مصعبين.وإلى جانب قبائل شهري، مقوري ، عقربي ، هديس ، صمبري ، جعلاني ، سويدي فيرجع اصلهم يعود إلى قبيلة آل مكي .لقد اشتهرت بئر فضل بكثافة الغابات من اشجار العصل ولحرز والسمر والمراعي لذلك اهتم اهالي قرية بئر فضل بتربية الماشية وخصوصاً الابل وبعضهم رعاة وجزء منهم اهتموا بممارسة النخيل والبعض الاخر من مارس بيع الحطب والحطم، والعزف المستخرج من اشجار النخيل والبعض الاخر مارس الزراعة وخصوصاً زراعة الذرة والخضروات وكان هناك واد كبير يمر ويفصل بئر أحمد وبئر فضل يأتي من جهة الوهط ويصب في بحر الحسوة، ونتيجة لقلة المطر انتقل بعض اهالي القرية إلى المناطق المجاورة كالشيخ عثمان والخيسة، والحسوة ومدينة كريتر، حيث اشتغلوا في مشاريع الملح بشركة الحاج لاله وبعضهم التحق بالعمل في شركة ومبي وايضاً في مشاريع الفارسي وعامل تكرير النفط في عدن الصغرى وغيرها.ومن الآثار والمعالم التاريخية لقرية بئر فضل تم اكتشاف مقبرة قديمة في الشرق من مطار بئر فضل القديم وعثر فيها على نقود قتبانية واسلحة قديمة واوانٍ من النحاس يعود تاريخها لدولة قتبان احدى الدويلات اليمنية القديمة وكما اكتشفت ايضاً آثار لبقايا مصنع الزجاج والذي قام ببنائه عثمان الزنجيلي " الذي عين نائباً لعدن من قبل توران شاه في 57هـ ".ومن الآبار التاريخية المتواجدة في قرية بئر فضل:* بئر مكي: التي سميت فيما بعد ببئر فضل نسبة إلى فضل مكي، وتقع إلى جانب طريق القوافل الاتية من الرجاع وبئر أحمد المتجهة إلى السيلة بالشيخ عثمان ، فكان البئر مصدراً للماء لاهل قرية بئر فضل .* بئر جابر : تقع في الجنوب الغربي من قرية بئر فضل ولم يبق لها اثر نتيجة المخططات العمرانية الحديثة التي دفنت البئر .* بئر جامع : حفر هذا البئر جامع أحمد فضل مكي ، ويقع في غرب بئر فضل بالقرب من الوادي الكبير الذي يفصل بئر أحمد عن بئر فضل.* بئر المحراقة : تقع في جنوب شرق قرية بئر فضل بالقرب من مقبرة الشهداء حالياً والتي استحدث بعد احداث 13 يناير 1986م المشؤومة ، فهي بئر ماؤها مالح فكان البئر يستخدم لرش مادة الحطم الذي يستخرج من اشجار العصل والذي يستخدم كالصابون ويستعمل في زيادة الاشتعال في الفحم المستخدم في تسيير البواخر ، وكان الحطم يصدر إلى دكة علي غالب في حجيف بالمعلا ليشحن في البواخر إلى أوروبا ، فماء البئر يستعمل بعد احراق اشجار السمر والحرز الذي كانم يستخرج منه مادة الفحم.* بئر حسن مكي : يقع في شمال غرب قرية بئر فضل وجنوب جعولة .* بئر عبدالله : يقع شمال قرية بئر فضل فهي نقطة حد العبدلي .* بئر محيط : يقع في الشمال الشرقي لقرية بئر فضل .* بئر المحولي : يقع في الشمال الشرقي لقرية بئر فضل .* بئر المسجد : بئر داخل القرية قام الاهالي بحفرها لغرض المسجد فكان ماء البئر شبيه بمادة الديزل أي مادة لزجة ، وفي العام 1949م جاء مجموعة من المختصين الانكليز لفحص هذه المادة أي فحص ما البئر إلا أن الاهالي رفضوا ذلك.لقد تأثر اهالي قرية بئر فضل قديماً بالعادات والتقاليد ويعتقدون بالاولياء والسادة فكانت تجمعهم اللقاءات في مزار الاولياء مثل مزار العيدروس في كريتر ، ومزار الولي العثماني بالشيخ الدويل، ومزار الهاشمي في الشيخ عثمان ومزار منيباري وأحمد الشاذلي وابن علوان في الشمال من مدينة دارسعد، ومزار في قرية العماد ، ومزار الولي عبدالله بن حسن " الجوهري" في قرية المحلة بلحج ، ومزار الولي العماد في قرية العماد ، ومزار الولي سمارة في قرية عمران ومزار الولي المحولي في جعولة، ومزار الولي عمر بن علي في بئر أحمد ، ومزار الولي محصين في قرية بئر فضل، ومزار الولي الغدير في قرية الخيسة في البريقة ن حيث كانوا يتباركون بالاولياء والسادة ويقدمون الاضحية والحلوى للقائمين على هذه المزارات والذين كانوا يسمونه أو يطلقون عليه " بالمنصب" إلى جان ذلك يقومون بالالعاب والرقص وسباق الجمال "الابل" الذي يسمى " المحف" ويكون على شكل دائري.أما عادات الزواج يتم الزواج من القبيلة ولايسمح للمراة ان تتزوج من خارج القبيلة ، ولكن يسمح للذكور أي الرجال الزواج من خارج القبيلة ، ويتم ربط الفتاة عندما تخلق لاحد أبناء القبيلة وتسمى لفلان هو الزوج في المستقبل ، وبالنسبة للمهر أو الدفع ليس بالفلوس ولكن بقعود " جمل" أو مجموعة من المواشي يدفعها أهل الزوج ، حيث يتم نقل العروس " العريس" على الهودج الذي يوضع على الناقة.أما ملابسهم فكانوا يلبسون جرامات بيضاء أو كوت أسود وفوطة سعيدون ، ويضعون على رؤوسهم قماشاً كاكي يعصبون به وطوله ثلاثة أو خمسة امتار ، وكان سلاحهم الجنبية وبيده اليمنى يمسك العصا أو الباكورة ولايلبسون الحذاء اطلاقاً.أما بالنسبة للقضاء فالسيد أو الشيخ هو القاضي والعاقل الذي يأتمرون بأمره في فض النزاعات وما شابه ذلك.وفي العام 1766م انفصلت بئر فضل وبئر أحمد والحسوة وجعولة وعمران عن العبدلي بعد تأسيس مشيخة العقربي في 1766م وال العقربي يرجع نسبهم إلى قبيلة آل مكي. في أثناء الحرب العالمية الاولى اتفقت شركة أمريكية بريطانية مع عقال المنطقة " بئر فضل" وسلطان العبدلي والعقربي على بناء مطار مقابل ما يلي :أولاً: ان تقوم الشركة بدفع ايجار لعقال المنطقة.ثانياً : ان تقوم الشركة بتشغيل ابناء المنطقة في المطار.فكان يسمى المطار " بالكمب ـ الميدان حيث تم استكماله اثناء الحرب العالمية الاولى واستخدم المطار لعمليات عسكرية اثناء الحرب العالمية الثانية وللمطار بنايات على شكل غرف من الحجار، وعلى حدوده تسمى برشوته فهو عبارة عن مراكز للحراسة.أما العقال والشيوخ الذين تعاقبوا على حكم قرية بئر فضل فهم كالتي : "حتى عام 1930م"1) جابر بن محمد مكي باقي .2 ) محمد جابر محمد مكي باقي.3) فضل مكي باقي.4) سعيد مكي باقي .6) سبيت فضل مكي باقي .7) سبيت فضل مكي باقي .8) أبو بيسة حجور البان .9) علي يوسف هيثم "عاقل الحارة حالياً".وتوجد قريتان تحملان اسم بئر فضل.1 ) قرية بئر فضل داعر في غرب بئر أحمد وهذه القرية كان يسكنها المقاروة ونتيجة لقلة الامطار هجرها اهلها ، وانتقلوا إلى منطقتي البريقة والحسوة.2 ) قرية بئر فضل امشحيري وهذه موقعها في الفيوش تابعة لسلطنة لحج.وفي اجتماع المجلس التشريعي بعدن التاسع من فبراير 1959م ذكرالعضو السيد محمد سعيد الحصيني قرية بئر فضل اثناء طرح استفساراته لوزير البريد والاستعلامات ، كون القرية كانت مرتعاً لبيع الصفر والنحاس والاسلاك، حيث قامت الشركات والمؤسسات والمكاتب الحكومية في 19 يناير 1959م بارسال عروض البيع إلى خارج الوطن للتجار الاجانب كالحبشة والهند وتنزانيا ، واسمرة ، المملكة المتحدة للوصول على عدن من أجل شراء الصفر والنحاس والاسلاك.وتؤكد المصادر بأن اهالي القرية كان لهم دور في النضال ضد الاستعمار البريطاني حيث سقط من ابنائها شهيد في قلعة صيرة ويدعى راجح بن مكي ، وكما قتل عدد كبير من أهل مكي في هجومهم على الاستعمار وقيل ايضاً فضل مكي في باب السلب.ومن الأسر المتواجدة حالياً في القرية اسرة عبدالرب سبيت وأولاده واسرة هيطل واسرة يوسف هيثم ، محمد حيدرة ، وآل عطيري وال عبيد وغيرهم من اهالي القرية.بعد الاستقلال الوطني في عام 1967م ظلت القرية منطقة نائية ومعزولة عن المناطق حيث حرم ابناؤها واهاليها من الخدمات والمشاريع باستثناء بناء المشاريع العسكرية " معسكر ومقبرة للشهداء" واراضيها فاضية لم تستغل واليوم تكاد هذه القرية تفقد هويتها الاصلية والعريقة نتيجة جرثومة الاراضي التي تزحف إلى القرية.
نبذة تاريخية عن قرية بئر فضل
أخبار متعلقة