أضواء
لم يكن الرجل العربي بعامة.. والسعودي بخاصة بحاجة للمزيد من الشواهد أو الدلائل التي تسعى المرأة لامتلاكها كي تثبت حججها والتي ترددها دوما.. وتؤكد على أن هذا الرجل ليس لديه عاطفة ولا رومانسية ولا»حنية».. ولا يجيد فنون التعامل ولا»الأتيكيت».. وأن ذوقه دائما «في أسفل السافلين».. فهو في نظر حواء كائن حي بدون قلب.. وأن حمل بين جوانحه تلك العضلة فلا تعدو كونها قطعة متحجرة من الصخر الصلد أو أشد قسوة.هذا الرجل الذي لايعدو كونه ذكرا متسلطا ومتوحشا حاله كحال غيره من بني جنسه - حسب وجهة نظر المرأة - وجد نفسه ودون مقدمات في وضع مقارنة مع أبطال المسلسلات المدبلجة « مهند» وبقية «الشلة».. شلة مسلسلات الحب الخيالي.. برومانسيته الساحرة.. ولمساته الحنونة.. وإشباعه العاطفي.. والذي دفع تلك المرأة لتقول لزوجها والله لو أنك مهند.. والاشوفوا وتعلموا كيف الحب والعاطفة الله يخلف علينا. أعرف أن كثيراً من النساء العاقلات والحصيفات لايمكن أن ينجرفن وراء تلك الخيالات والأوهام.. وهي في مجملها مسلسلات تعرض تجارب أو قصصاً مثالية يصعب تطبيقها على أرض الواقع لاستحالة توافر مثل تلك الأجواء والتي رتبها المخرجون باحترافية عالية لسبب واضح للعيان يعود لتعقد الحياة ومصاعبها الجمه والتي لاتخفى على أحد.. يضاف لذلك أجواء الكبت والعيون المتربصة.. والنقد اللاذع.. فهل يستطيع رجل الإمساك بيد زوجته وهو يتسوق في أحد المجمعات.. ناهيك أن يضع يده على كتفها.. أو مخاطبتها بقوله حبيبتي في اجتماع عائلي.. لأنه في كل تلك الحالات سيردع وينتقد وفق مقتضيات قانون العيب الاجتماعي.. والذي لعب دورا كبيرا في نظري في نشوء حالات التصحر والجفاف العاطفي. تلك الحالات التي أدت إلى حالة الفراغ العاطفي التام أو الجزئي جرفت أعدادا لاحصر لها من النسوة وبكل قوة.. وبتنا في حالة إدمان شديدة في متابعتهن لتلك المسلسلات والتأثر بأحداثها لدرجة أن أصبح هؤلاء الممثلون في نظرهن رموزا عظيمة تحمل لواء الحب الحقيقي.. والإحساس الصادق.. والعاطفة المتدفقة.. وتصويرهم على أنهم يمثلون النماذج الفريدة للأزواج الحقيقيين. الرجل في هذه المقارنة غير المتكافئة سيخرج من الحلبة خاسرا لا محالة.. ف»الست» أمام التلفاز.. ولن تقبل بأية مبررات قد يسوقها لها بعلها.. وستظل مع تسارع الأحداث ثابتة على إصرارها أن «رجالنا» لا يجيدون التدليل.. والتدليع.. ونفوسهم شينة.. وما يهمهم إلا أنفسهم.. والسهر بالاستراحات.. وما عندهم إحساس.. وكأن النساء اللاتي عندهم جمادات.. وآلات صماء. عند النساء المندفعات جاءت مسلسلات الحب المدبلجة في غير صالح الرجل الذي بات في وضع لا يحسد عليه.. وما زاد الطين بلة قلة الوعي والفراغ العاطفي الذي يتهم فيه الرجل ولا تعفى المرأة من المسؤولية كونها قد أهملت في بعض واجباتها. هل الرجل في بلادنا قد وصل بالفعل إلى هذه الدرجة من الشح العاطفي والجفاف في المشاعر والأحاسيس تجاه زوجته؟ وهل تشاركه المرأةفي تحمل مسؤولية ما يحدث؟ ثم هل المطلوب من الرجل الحب والعاطفة.. والجلوس مع الزوجة ليل نهار وترك السعي في الأرض لكسب الرزق.. والاكتفاء بالموجود «وغديني جبنة وزيتون.. وعشيني بطاطا»؟[c1]* صحيفة «الرياض» السعودية[/c]