نجيب علي الغفاري تؤكد القيادة السياسية بصفة مستمرة على عدم المساس بأسعار السلع الأساسية وتوفيرها للمواطنين بالأسعار التي تناسب دخلهم واحتياجاتهم، لذلك تهدف الدراسات الاقتصادية الجارية ألان لترشيد الدعم ورسم سياسات اقتصادية سليمة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لصغار العاملين وللمواطنين أصحاب الدخول المحدودة.وإذا كانت مشكلة الأسعار قد انتشرت خلال السنوات الماضية باعتبارها إحدى المشكلات الحيوية التي تعاني منها جماهير الشعب والتي توليها الحكومة الكثير من الاهتمام والدراسة والبحث عن أفضل الحلول التي تضمن بها السيطرة على الأسعار وترشيد سياسات دعم السلع لتضمن وصوله الى مستحقيه الحقيقيين من محدودي الدخل، وهذا ما أكده السيد رئيس الجمهورية في خطابة الذي ألقاه صباح يوم الأحد الموافق 26/8/2007م أثناء اختتام إعمال الدورة الثانية للجنة الدائمة.لذلك فإننا نرى انه من الضروري ان نوضح ان الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلة تكمن في ظاهرة أساسية ومهمة تمثل جوهر ولب هذه المشكلة.. هذه الظاهرة هي تزايد الاستهلاك الكلي في اليمن بدرجة أعلى من معدلات الزيادة في الإنتاج، مما اثر بدورة على خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاعتراض بقوة لإصلاح مسار الاقتصاد القومي، وتسبب بصورة مباشرة وغير مباشرة في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والإنتاجية المختلفة.أن مشكلة زيادة الاستهلاك تعد في الحقيقة من أهم المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد القومي في اليمن. وإذا قمنا بتشخيص الأسباب المعسرة لها، فإننا نجد إنها نشأت بفعل عوامل متعددة ينبغي علينا ان نتعرف عليها جيداً لكي يساهم كل منا بقدر طاقته في التخفيف من آثارها المتراكمة ولعل أهم هذه الأسباب هي:1-الزيادة المستمرة في عدد السكان.2-زيادة دخول فئات كثيرة من المواطنين بمعدلات مرتفعة قياساً لما كانت تحصل عليه في الماضي.3-وجود القوة الشرائية.4-تهافت الكثير من المستهلكين على شراء كميات كبيرة من السلع تصل الى حد التخزين، وذلك خوفاً من عدن توفرها بصفة مستمرة في الأسواق.وكان من الطبيعي نتيجة لتلك العوامل المتشابكة السابقة التي تولدت منها مشكلة الزيادة في الاستهلاك ان يترتب على ذلك حدوث بعض الاختناقات التموينية وان تكون هناك ندرة في السلع الاستهلاكية التي زاد الطلب عليها مما أعطى فرصة.للتجار الجشعين لرفع الاسعار والتحكم فيها وظهور فئة الوسطاء التي أصبحت تتحكم في قوت الجماهير وتثرى على حساب المستهلكين محدودي الدخل .ورغم الجهود المخلصة التي تبذلها الاجهزة المختصة لتوفير السلع الاساسية للمواطنين بأسعار مناسبة ومحاولة إيجاد استقرار نسبي للأسواق .. إلاّ أننا نود أن نوضح أن تلك الجهود تمثل أحد العناصر الجزئية وتتوقف كفاءة أي عنصر وقدرته على مدى الترابط والتناسق ونجاح كل جزء في أداء دوره بفعالية أكبر نحو حل المشكلة الأم .ولعل الحل في تقديري لمواجهة تلك المشكلة المهمة يتطلب منا جميعاً حكومة وشعباً أن نضع أمامنا مسؤوليات كثيرة ومحددة نوجزها فيما يلي :أولاً : هناك ضرورة للتأكد على زيادة الانتاج بمعدلات تفوق الزيادة في الاستهلاك وذلك في مجال التنمية الصناعية والزراعية والانتاج الحيواني وزيادة رقعة الاراضي التي تنتج المحاصيل الغذائية والتوسع في مشروعات الثروة الحيوانية تنفيذاً للسياسة التي أعلنتها الدولة لتوفير الامن الغذائي للمواطن.وفي هذا الصدد فإن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق النقابات العمالية والتنظيمات الشعبية والسياسية لتوعية العاملين في مواقع الانتاج المختلفة بضرورة إحداث زيادة ملموسة في الانتاج كمدخل أساسي لا بديل عنه لحل المشكلة الاقتصادية.ثانياً : ضرورة المبادرة بترشيد الاستهلاك على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع والدعوة الى الحد من استهلاك السلع على اختلاف أنواعها وخاصة السلع الغذائية وعدم التهافت على شرائها بكميات كبيرة خوفاً من عدم توافرها بالاسواق بصفة دائمة لأنه لو تصرفت كل أسرة بهذا المنطق فإنه مما لاشك فيه أن الاجهزة المعنية لن تستطيع أن توفي الاسواق بجميع احتياجاتها في ظل الطلب المتزايد والمستمر على تلك السلع وبالتالي فإنه لابد أن تبادر كل أسرة بنفسها بالحد من الاستهلاك وهذا سوف يؤدي الىا وجود وفرة في المعروض من السلع والى القضاء على ظاهرة الوسطاء وإرتفاع أسعار الكثير من السلع الاستهلاكية كما أنه يجب أيضاً التأكيد على دور الوحدات الاقتصادية والاجهزة الحكومية في ترشيد الاستهلاك بالنسبة لبنود الانفاق المختلفة الواردة في موازنات وحدات الجهاز الاداري للدولة .ثالثاً : التركيز على نشر الوعي الادخاري بين الافراد باعتبار أن الادخار في حد ذاته عادة وسلوك يجب توجيهه وتنميته والتوعية بأهميته بالنسبة للفرد وبالنسبة للاقتصاد اليمني ككل لاسيما وأن فرص الاستثمار الحالية في ظل السياسات الحالية حررت القطاع الخاص من الخوف والتردد وشجعته بكافة الوسائل للمساهمة بمدخراته في المشروعات الاستثمارية اللازمة للتنمية الاقتصادية .رابعاً : إن الدراسات التي تجري حالياً لإعادة النظر في سياسات دعم السلع الغذائية وتوزيعها هي ضرورة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع السلع وضمان وصولها الى مستحقيها الحقيقيين ولكي تحقق أهدافها بنجاح فإن ذلك يتطلب وضع النظم التي تكفل توزيعها بسعر موحد مع وجود رقابة فعالة على صرف السلع لمستحقيها فليس من العدالة أن نسمح لطبقة من التجار والوسطاء أن تثرى بالاتجار في سلع المجتمعات المدعمة وهي السلع المخصصة أساساً للمستهلكين محدودي الدخل .إن مشكلة عدم توافر السلع الغذائية وسوء التوزيع وإرتفاع أسعار السلع الضرورية وتحكم طبقة التجار في الأسواق أصبحت قضية مهمة تشغل بال كل أسرة في المجتمع في الوقت الحالي ولا شك أنه بجانب الجهود التي تقوم بها الاجهزة المختصة لعلاج تلك المشكلات التي تعاني منها الجماهير إلاّ أن النجاح في الوصول الى الحلول الخاصة بها يرجع بدرجة كبيرة الى المستهلك نفسه .. فالمستهلك سوف يظل سيد السوق ويمكنه أن يقوم بدرو كبير وفعال في حل تلك المشكلات وذلك عن طريق الحد من الاتستهلاك والامتناع عن شراء السلع بالاسعار التي تزيد عن القيمة الحقيقية لها والتي يعمد التجار الجشعون الى رفعها لأن ذلك من شأنه أن يحدث موازنة تلقائية للاسعار طبقاً لقانون العرض والطلب .ونستطيع أن نؤكد أنه مهما بذلت الجهود لمحاولة تثبيت أسعار تلك السلع فإنه لا بديل في نفس الوقت عن الاهتمام بترشيد الاستهلاك كضرورة قومية لمواجهة التزايد العالمي المستمر في أسعار السلع الاستهلاكية والانتاجية التي أصبحت ظاهرة عامة أنعكست آثارها على اقتصاديات جميع الدول .
|
آراء حرة
ترشيد الاستهلاك ضرورة قومية لمواجهة زيادة الأسعار
أخبار متعلقة