خالد قائد صالح رحل الرجل الذي لقب بذاكرة عدن الفنية عن جدارة واستحقاق وان كان هذا اللقب اقل مما قدمه الاستاذ الراحل شكيب عوض لتاريخ وحاضر الفن اليمني ورجالاته ، ولايتناسب مع قدراته ومواهبه ، الا اذا اعتبرنا بأن عدن هي حاضنة كل الفنون اليمنية والمروجة لها - وهذه هي الحقيقة - واننا بذكرنا لعدن فانما نعنى كل اليمن ، نكون قد انصفناه وقدرناه حق قدره ، فالرجل عمل قبل رحيله - رحمه الله - وحتى آخر ايام حياته على تقديم هذا الفن ورجالاته بأسلوب حواري بسيط وسلس ، ولكنه غني بالمعلومات ، هادف في التوصيل ، ممتع اثناء العرض والاستماع .رحل الرجل الذي فتح ابواب استديوهات الاذاعة والتلفزيون على مصاريعها وافتتح مساحات سخية من صفحات الصحف الفنية التي اشرف عليها ، امام المواهب المبدعة ، مقدماً العمل على الاسم ، والابداع على الشهرة ، والموهبة على الوساطة ، فاستضاف من أحجم الكثيرين عن استضافتهم بحجة انهم مبتدئين دون ان يكلفوا انفسهم عناءالالتقاءبهم والاستماع الى نتاجاتهم الفنية اوكتاباتهم الصحفية ، او اصواتهم واجراء التقييم لها ، فكان بعمله هذا يتيح الفرصة لهم للتعريف بأنفسهم ، ويرفد الساحة الفنية والثقافية بمن يقنع الجمهور منهم ، فنال رضاهم وتقديرهم وحبهم الخالي من اي نفاق اوتزلف او رشوة - فقد عاش نظيف اليد والقلب واللسان - بل انه لم يهمل ان يتابع لهم حقوقهم المادية ليحصلوا عليها مقابل ماقدموه ، وبتقييم يصل الى ضعف مايحصلون عليه من الاخرين اذا اتاحوا لهم الفرصة في الظهور ، وقد لايصدق القارئ الكريم بأنه يتواصل معهم تلفونياً ليحضروا لاستلام حقوقهم . اما ( الاسماء ) فقد تعامل معها وباحترام كبير دون الاخلال بقاعدة ان يحصل كل واحد منهم على مايستحق من التقدير والاشادة ، فكان وبكل ذكاء وانصاف يقدم جديدهم في لقاءات وسهرات مخصصة لهذا الجديد ماداموا مستمرين وقادرين على العطاء فهذا حقهم وينصف من توقف منهم بادخاله ( ذاكرة الفن ) التي تشيد بادوارهم وتوثق جهودهم ، وتقدر عطاءاتهم ، وتحفظها للاجيال فهي جزء من تاريخ وذاكرة الفن اليمني ، علينا ان نحفظه ونحافظ عليه ونعرف الاجيال به ، وشمل هذا التقدير والتوثيق الاحياء والاموات من المبدعين ، وبذلك يكون قد حقق التواصل بين الاجيال قديمها وحديثها على طول وعرض الوطن اليمني . رحل الرجل الذي شرفه الانتماء لليمن ، كل اليمن ، دون ان يربط نفسه بمنطقة او مدينة او قبيلة او لقب ، فهو شكيب عوض ، اليمني الاصل والانتماء ، واتذكر حينما سأله احدهم في فعالية تكريمية اقيمت على شرفه في عاصمة المحافظة قائلاً له : ( من اين انت ؟ ) فأجابه انا من اليمن ، مكفاه فخراً ان ينسب اليها ،وكفاها فخراً بأنها قد انجبته .رحل شكيب عوض الذي كان وفي الوقت الذي يعاني فيه الام المرض يبحث عن كل مبدع اهمل وان لم يجده يكلف من يبحث عنه فيقدمه في الاذاعة والتلفزيون ويكتب عنه في الصحافة ويطالب بالاهتمام به دون ان يشعر احد بأنه هو الآخر بحاجة الى مثل هذه العناية حتى فتك به المرض واقعده بين يدي الله ورحمته ، وحب وتقدير ودعوات احبابه واصدقائه وتلاميذه الذين احبهم واخلص لهم فأحبوه واخلصوا له وبذلوا مابوسعهم لانقاذه وسط تجاوب يعيب من يتخلف عنه فالرجل قد احرج الجميع بسلوكة واخلاقة دون ان ينطق بكلمة.ورغم الألم الكبير على فقدانه مات يوم تكريمه المستحق فكرمه الله بتكريم افضل بأن اختاره الى جواره ليجنبه مذلة الحاجة والسؤال ، فقد اعطى الكثير من الحب لوطنه واخذ وسيظل يأخذ الكثير من محبة ابناء وطنه رحمه الله.
|
ثقافة
ورحلت ذاكرة عدن الفنية
أخبار متعلقة