أشباه " الاكليروس " يستحضرون محاكم التفتيش
سعود القحطاني *يحاول الاخوانيون الصحويون الاستفادة من التجربة الكنسية في العصور الوسطى من ناحية ممارسة الإرهاب الفكري على كل الخارجين عن دائرة المنظومة الصحوية. فالصحوة الاخوانية الإسلامية تقدم نفسها ككنيسة إسلامية جديدة، تحتكر تفسير النصوص، وتقوم بفرض إرادة الله والدفاع عن حقوقه وحراسة دينه في الدنيا ، من خلال تجسيد دور الوساطة بين الله في السماء وعباده في الارض !!، وفي صراعها مع تيارات المجتمع الأخرى تطرح الصحوة الاخوانية الجديدة للاسلام السياسي في العالم العربي والاسلامي جدلية حزب الله وحزب الشيطان[1] على اعتبار أن من يوافقها يكون عضواً في الحزب الأول وأما من يخالفها فهو _ وبلا شك_ عضو في الحزب الثاني، ومن هنا تكون الجنة مآل من ينتسب إليها والنار مصير كل من يخالفها. وفي سبيل فرض هذه الرؤية، يلجأ الاخوانيون الصحويون إلى استعادة تجربة مجتمع المدينة في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإحلالها في الواقع الحالي للدول الاسلامية، ومن ثم يتم تقسيم الناس إلى مسلمين ومنافقين وكافرين. أما القيادة المطلقة فهي موكلة إلى مشايخ الصحوة الذين يتقمصون دور النبي في المجتمع المديني باعتبارهم ورثة الأنبياء، بينما الصحابة المسلمون يمثلهم في الوقت الحالي عامة الصحويين، وأما المنافقون فهم أعداء الصحوة الذين يعيشون في هذه البلاد، وأما الكفار فهم على ثلاثة أنواع: كافر ثبت كفره _حسب تصورهم بالطبع- من المنافقين وكافر لايؤمن بالدين الإسلامي، أو موحد وكافر نتيجة لانحراف عقيدته عن العقيدة الصحيحة _ بنظرهم-. ومن الملاحظ أن قاموس التكفير والتفسيق الصحوي هو من أكثر القواميس اتساعاً وشمولاً واستعمالاً لدى الاخوانيين الصحويين، فعلى سبيل المثال نجد في هذا القاموس عبارات كثيرة متداولة للدلالة على التيار العقلاني الذي لا يدخل تحت نفوذهم، وكل هذه العبارات أصبحت مرادفة للنفاق في حالات وللكفر في حالات أخرى، من ذلك توصيفهم بالعلمانيين أو العصرانيين أو الفاسقين أو المستغربين وغير ذلك [2]. كما أنهم يلجؤون وبشكل دائم إلى فكرة تشويه المصطلح، فما أن يخرج تيار فكري في أي بلد عربي او اسلامي ، حتى يقوموا بتشويه المصطلح الذي تعارف الناس على تسميته به، وهذا التشويه _بلاشك- يقوم على أسس دينية ومنطق تقسيمي بين حزب الله وحزب الشيطان، حتى يأنف المؤمنون بهذا التيار من الانتساب إليه. ومن ذلك ماحصل لمصطلحي الحداثة والليبرالية، ومصطلحات أخرى كثيرة. وبما أننا بصدد مناقشة الإرهاب الفكري الذي يقوم بممارسته الاخوانيون الصحويون في العالم العربي ، فلابد من الإشارة إلى واقعة بالغة الأهمية، وهي حادثة قيادة مجموعة من النساء السعوديات للسيارات في الرياض أثناء حرب الخليج الثانية، حيث شن الصحويون حملة تجسد فيها الإرهاب الفكري بأبشع صوره، واستغلت الصحوة كل وسائلها، وفي مقدمتها منابر المساجد في سبيل تشويه سمعة هؤلاء النسوة وذويهن. وقام الصحويون بتوزيع منشورات تحمل أسماءهن وأسماء أزواجهن وكانت هذه المنشورات معنونة بـ(أسماء الساقطات الداعيات إلى الرذيلة والفساد في الأرض)، ووصفن بأنهن علمانيات وشيوعيات، وكذلك وصف أزواجهن بذات الصفات وأكثر منها، مثل وصفهم: بالدياثة. ومن الجدير بالذكر أن الشيخ عبدالعزيز بن باز (رحمه الله) تصدى شخصياً لقضية المنشورات المتداولة وقال عنها إن فيها شر عظيم، وان سب فلان وفلانه فيه إتباع للشر، ونهى عن جرح أعراض المسلمين ووصمهم بالكفر أو العلمنة أو الشيوعية، وقال إن هذا خطأ عظيم. ويورد الدكتور غازي القصيبي في كتاب (حتى لا تكون فتنة[3]) نصاً لسلمان العودة يوضح فيه رأيه في قضية المنشورات، وذلك بعنوان (رأي ولاية الفقيه في هذه المنشورات). والنص هو (نقلاً عن جريدة "المسلمون " العدد 309 ) قال فيه : "والذين يحاربون الآن قضية الأوراق المتداولة (المنشورات) ما أتوا إلا بقضية واحدة أو نقطة واحدة أو معلومة واحدة تقريباً _ هي التي قالوا أنها غير صحيحة أنه امرأة نسبت إلى غير زوجها _ معنى ذلك أنه إذا كان في الأوراق المتداولة _مثلاً _ أربعمائة أو خمسمائة معلومة لا يضر أن يوجد فيها معلومة واحدة غير صحيحة.. وإذا أردنا أن نتكلم عن قضية الأوراق المتداولة يجب أن نكون واقعيين مانحارب قضية الأسماء _ مثلاً _ أو قضية التسمية لا مانحاربها (!!!)"[4]. وفي تلك الأوقات أيضاً، تداول الصحويون منشورات اتهموا فيها بعض رموز المجتمع السعودي غير الخاضعين للتيار الصحوي باتهامات عديدة، منها أنهم ماسونيون وعلمانيون وعملاء لأمريكا ويعملون لحسابها!. وكان من الذين أصابتهم طائلة المنشورات: الدكتور محمد الطويل، والوزير في ذلك الحين محمد أبا الخيل، والدكتور غازي القصيبي والدكتور إبراهيم العواجي والدكتور سليمان السليم، والوزير السابق أحمد زكي يماني، والدكتور حمد المرزوقي، وغيرهم الكثير![5] ومن الجدير ان أطروحة الماجستير لسفر الحوالي كانت بعنوان: (العلمانية.. نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة). وهي رسالة أشرف عليها د. محمد قطب، الأخ الأصغر لسيد قطب. وكان مما ورد في هذه الرسالة: "هذا وقد عاصر محمد عبده رجل آخر من دعاة الإصلاح أيضاً هو عبد الرحمن الكواكبي (ت1902) يحق لنا أن نقول أنه أول من نادى بفكرة العلمانية حسب مفهومها الأوروبي الصريح"[6]. وبعد أن استعرض الحوالي دور الشيخ محمد عبده من ناحية كونه حلقة وصل بين العلمانية الأوروبية والعالم الإسلامي وكذلك دور الكواكبي من ناحية كونه أول المنادين بفكرة العلمانية _حسب رأيه- قال: "واقتفى هذين عدد من الكتاب والصحفيين المشبوهين من أدعياء الإسلام وغيرهم، يطالبون بضرورة فصل الدين عن السياسة وإبعاده عن واقع الحياة وأن ذلك هو الحل الوحيد لمشاكل الشرق، وكان لسموم المستشرقين ودسائس المبشرين أعظم الأثر في ذلك"[7]. بينما كانت رسالته في مرحلة الدكتوراة بعنوان (ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي) وكان من العجائب التي وردت فيها شرحه لما سماه بالتيار العصراني، فقال: "وهي زندقة عصرية يروّج لها عصابة من الكتّاب يتسترون بالتجديد، وفتح باب الاجتهاد لمن هب ودب وكتاباتهم صدى لما يدور في الدوائر الغربية المترصدة للإسلام وحركته، وربما يكشف الزمن عن صلات أوضح بينهم وبينها _ كلهم أو بعضهم_ وأصول فكرهم ملفقة من مذاهب المعتزلة والروافض وبعض آراء الخوارج مع الاعتماد على كتب المستشرقين والمفكرين الأوربيين عامة، وهم في كثير من الجوانب امتداد للحركة الإصلاحية التي ظهرت في تركيا والهند ومصر على يد الأفغاني ومدحت باشا وضياء كول آلب وأحمد بهادر خان وأضرابهم"[8]. ويخلص في تعريفه لهذا التيار بالقول: "وهذا الاتجاه على أية حال لا ضابط له ولا منهج، وهدفه هدم القديم أكثر من بناء أي شيء جديد، وإنتاجه الفكري نجده في مجلة المسلم المعاصر، ومجلة العربي، وكتابات حسن الترابي، ومحمد عمارة، ومحمد فتحي عثمان، وعبد الله العلايلي، وفهمي هويدي، وعبد الحميد متولي، وعبد العزيز كامل، وكمال أبو المجد، وحسن حنفي، وماهر حتحوت، ووحيد الدين خان. وإنما رأيت ضرورة التنبيه عنهم لخطورتهم واستتار أمرهم عن كثير من المخلصين"[9]. ومن طرائف الأمور، أن الدكتور سفر الحوالي بعد كتابه هذا بسنوات، قام بتبني مشروع إنشاء ما أسماه بـ(الحملة العالمية لمقاومة العدوان). وأدخل معه في قائمة المؤسسين الأستاذ فهمي هويدي، ووصفه بالمفكر الإسلامي! كما أدخل معه وفي قائمة المؤسسين أيضاًً الدكتور محمد عمارة، ووصفه كذلك بالمفكر الإسلامي!التوغل التدريجي في هياكل الدولة خطوة أولى للاستيلاء على السلطة، نتيجةً لتحول الصحوة إلى حزب منظم غير رسمي هدفه المرحلي فرض الوصاية على الحاكم وهدفه النهائي القفز إلى كرسي السلطة وإعلان ولاية الفقيه السني، ونظراً لأن استراتيجية الصحوة المتأثرة بالتجربة الإخوانية قامت على تبني خيار التغيير المتدرج المتسلسل، مع محاولة استغلال كل نقاط الضعف والاستفادة منها. كان لابد من أن يواجه الصحويون صاحبَ القرار السياسي مواجهة مباشرة، ويجهرون بطلباتهم علناً في وجهه، وقد كان ذلك حين قاموا بتقديم خطاب المطالب ومذكرة النصيحة إليه.كان الصحويون يحاولون الاحتماء بالتيار الديني التقليدي، ولذا فقد حرصوا على أن ينضم الشيخ عبدالله بن جبرين إليهم في مطالباتهم، وهذا ماحصل بالفعل -غير أنه تراجع عن هذا الانضمام في وقت لاحق بعد أن تكشفت له بعض أهدافهم على مايبدو-. كما حرصوا، أيضاً، على محاولة التحالف مع أعلى سلطة دينية في البلاد ممثلة بالمفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن باز، ولهذا وجهوا خطاب التوطئة للمذكرة إليه، طمعاً منهم في أن يقوم بمباركة هذه الخطوة، وأن يمارس ضغطاً مماثلاً على صاحب القرار للرضوخ للطلبات المقدمة إليه، أي أنهم كانوا يأملون في توحيد الصف الديني بشقيه التقليدي والصحوي في وجه صاحب القرار السياسي، ولكن هذا لم يتيسر لهم، ولم يكن ليتيسر لهم. فالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، كان مثالاً تقليدياً للمشايخ السنيين عموماً، ومشايخ الوهابية خصوصاً، والذين هم في حقيقتهم، يرفضون كل الحركات التي قد تؤدي بالبلاد إلى مزالق الفتن. في هذا السياق يمكن النظر الى مذكرة النصيحة (الاخوانية) كانت مشروعاً لـ ( صحونة ) الدولة السعودية و (طلبنتها) قبل أن تخرج الحركة الطالبانية إلى الوجود. كان هدفها الأساس فرض الوصاية الصحوية على كافة المجالات السياسية[10] والقانونية[11] والإقتصادية[12] والإجتماعية[13] والإدارية[14]والإعلامية [15] كما تم التطرق الى نواحي البناء الثقافي والعسكري في البلاد. وتم تقديمها بعد عملية تجييش هائلة للرأي العام إزاء وجود القوات الأجنبية، وإزاء ماحصل في البلاد من مشاكل اقتصادية وتغيرات اجتماعية هائلة، و إزاء ما وصفوه بالفساد في الجهاز الإداري وغير ذلك. واستغلت الصحوة في حملتها هذه كل قنواتها ومنابرها الإعلامية وحقيقة كونها الحزب غير الرسمي الوحيد المسموح به في المملكة العربية السعودية. وظهر الضيق الواسع الذي يشعر به الصحويون تجاه الإجراءات التي قامت بها الحكومة السعودية للتضييق على منابر وقنوات الصحوة ، ويتضح هذا جلياً في النص التالي من المذكرة، الذي عاب فيه الصحويون الواقع الإعلامي واتهموا الدولة بقيامها بـ"تحجيم وظيفة المنابر الشرعية كخطب الجمع والأعياد، ووسائل الإعلام والمحاضرات والندوات العامة، وذلك بالسعي لمنع الخطباء ذوي الوعي الشرعي والعلم بالواقع ، وأصحاب النصيحة والرأي الشجاع من تسنم هذه المنابر، ومحاولة حصر هذه المنابر على من لا يحسن القيام بحق الكلمة وواجب البلاغ المبين". كان الاخوانيون الصحويون يراهنون على استغلال المواجهة بين بعض الحكومات العربية وجماعات الارهاب بعد احداث 11 سبتمبر، ومن بينها المواجهات الشرسة التي حدثت في السعودية بعد التفجيرات التي تعرض لها عدد من الاحياء السكنية والمواقع الامنية في الرياض ومدن اخرى ، ، ولكن الحكومة السعودية فاجأتهم برفضها للرضوخ ، كما أن التيار الديني التقليدي فاجأهم برفضه لهذا التحالف، وجدد ولاءه للدولة ووقف معها في وجه الصحويين. والحقيقة إن الصحويين في ذلك الحين لم يقرؤوا الواقع كما هو، ويبدو أن تأثرهم بالتجربة الإيرانية كان فوق كل المعطيات الواقعية التي تبدو واضحة للعيان. فقد استمر الصحويون بتصعيدهم، وقاموا بتسريب المذكرة إلى وسائل الإعلام الأجنبية، وقام سلمان العودة تحديداً بإصدار مجموعة من أشرطة الكاسيت النارية، كان أحدها بعنوان (رسالة إلى رجل الأمن) وخلاصتها أنه يُلمح لرجال الأمن بحرمة وقوفهم في جانب الدولة في مواجهتها مع الصحويين، فهو يقول مثلاً في شريطه المذكور: "الطاعة العمياء في كل شيء، هذا غير جائز بالنسبة للبشر، بل ربما يقول بعضهم: نفذ ثم اعترض! يعني قم بالعمل الموكول إليك واعترض بعد ذلك. والطاعة المطلقة هي لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، أما طاعة البشر -كل البشر- فهي محكومة بالشرع". وهو ينبه رجال الأمن أن واجبهم يتلخص في الوقوف مع الدين وليس مع الحاكم، أنظر مثلاً إلى قوله: "فإن الاعتداء على الدين هو الجريمةُ العظمى التي تأخذ رقم واحد، والتي يجب أن يجعل رجل الأمن من جهده جهداً كبيراً في مقاومتها وكشفِ من يعملها أو يمارسها وإيقافه عند حده". وهو ينبه إلى أن الدولة تحاول التفريق بين رجال الأمن وبين الصحويين فيقول: "ملؤوا قلبك أخي رجل الأمن خوفاً وذعراً، حتى أصبحت إذا رأيت ذا اللحية فكأنما رأيت بعبعاً مخيفاً أو شيئاً عنيفا؛ وبالمقابل خوفوه بك، وجعلوك سيفاً مصلطاً على رقبته، فصار ما إن يراك ببزتك وبدلتك حتى يرى الموت الأحمر ويدري أنه إن لم يَقتُل يُقْتَل، وصرت أنت وإياه حينئذ ضدين لا يجتمعان.. إنه الدم، إنه القصاص، قال الله تعالى {ولكم في القصاصِ حياةٌ يا أولي الألباب} والقاتلُ مقتول ولو بعد حين، وسيقضي القاتل أياً كان بقية عمره في قلق لا يهدأ وتوتر لا يسكن، وذلك أن يزرع الله تعالى في قلب القاتل شقاء لا سعادة معه قط، وإذا أمن عقوبة أهل الأرض فلا يأمن عقاب رب السماء، ينتظره من يومه أومن غده، نزيفاً في المخ أو سرطاناً أو جلطة أو حادثا مرورياً مدمراً أو أزمة قلبية أو إيدزاً أو مأساة مروعة على زوجة أو على أطفاله". كما قال في شريطه المذكور كلاماً، أظنُ أن قادة الإرهاب الديني يودون أن يُعاد قوله على منابر المساجد، ففيه تسهيل لمهمتهم وتقوية لموقفهم، يقول: "هل تعلم مهمة رجال الأمن في تلك الديار (في البلاد الإسلامية الأخرى) هل تعلم لهم مهمةً أخرى غير اصطياد الشباب المتدين وملاحقتهم؟ أما أنا فلا أعلم إلا هذا! فهل يرضيك يا أخي وأنت المسلم الذي تعلم حرمة دم المسلم وحرمة العرض وحرمة المال، أن يحدث هذا؟.. فلماذا تنـزعج أخي أو ينزعج غيرك من خبرٍ يقول: مقتل ضابط أو شرطي في بلد كذا؟ ثم تسر بخبرٍ يقول لك اقتحام منـزل وقتل عشرين من المتطرفين"[16]. كان العودة في شريطه هذا يستعيد تجربة الخميني في التأثير على رجال الأمن عن طريق الكاسيت، وإن كان الخميني أكثر تسامحاً، فقد كان يقول في أشرطته لأفراد الجيش: " أنتم تقومون بقتلنا ونحن نغفر لكم. لكن يجب أن تنتبهوا إلى حقيقة وهي أنكم تصنعون في كل يوم مزيداً من الشهداء"[17]. وهذا مما يؤكد تأثر التيار الصحوي السعودي بالثورة الخمينية. وبعد أن تم ايقاف رفاق دربه الدكتور محسن العواجي والدكتور محسن الحوالي وغيرهم من مشايخ الصحويين، ألقى سلمان العودة خطاباً كان عنوانه (رسالة من وراء القضبان)، دعا فيه الناس إلى أن يكون القبض على هؤلاء الصحويين -وعليه أيضاً متى ماتم ذلك- دافعاً للجميع من أجل التغيير والاحتساب وأن يتم"تفجير الطاقات الخاملة" على حسب تعبيره، وكان مما قاله: "فيا رجال الأمة، يا دعاة الأمة، يا شباب الأمة، يا خبراء الأمة، يا رجال الأمة أين كنتم وأين كانت مستوياتكم؟ كلكم جميعا مطالبون أن تكونوا دعاة إصلاح ودعاة تغيير نحو الأفضل، ودعاة تصحيح لكل فاسد، ودعاة احتساب على جميع أنواع المخالفات الشرعية سواء كانت مخالفات تتعلق بعلاقة الناس مع ربهم أو علاقة بعضهم ببعض، حكاما أو محكومين، كبارا أو صغارا، رجالا أو نساء. يجب أن تتفجر طاقات الأمة ومواهبها، ينبغي أن يخرج للأمة رجالها". ولا يفوتنا التنويه على أن ترسبات مواجهة الدولة مع الصحويين بعد تقديمهم لخطاب المطالب ومذكرة النصيحة، أسفرت عن خروج مايسمى بـ"لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية" التي انتقل مكتبها الرئيس إلى لندن، واعتبرت نفسها ذراعاً إعلامية لحركة الصحوة الاخوانية ، وكان يقفُ على رأسها في لندن كل من الدكتورين سعد الفقيه ومحمد المسعري. وقد ذكر الدكتور محسن العواجي-وهو أحد القيادات الصحوية- في مقابلة على قناة الجزيرة: " أن خروج الأخوين (الفقيه والمسعري) خارج المملكة كان بتفويض من التيار الداخلي الإصلاحي"[ 17 ] ، وذلك بغرض أن يكونا وكما قال الدكتور في المقابلة نفسها: "مندوبين عن إخوانهم في الداخل".ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1]الهوامش :[/c] [1] يقول سفر الحوالي _ مثلاً _ في محاضرة بعنوان:" المؤامرة على الإسلام": "وظهر منهجان متعارضان: نور وظلام، فحيثما فقد النور وجد الظلام، وكلما اشتد النور وقوي كلما ضعف الظلام أو اضمحل، ولابد أن يظهر أحدهما، ولا يمكن أن توجد حالة لا نور فيها ولا ظلام! أو لا حق فيها ولا باطل! ولا يمكن أن يوجد قلب بشري إلا وهو إما على حق وإما على باطل، ولا توجد أمة من الأمم إلا وهي إما على الحق وإما على الباطل، ولا توجد عقيدة من العقائد إلا وهي إما على الحق وإما على الباطل.. وهكذا إلى الأبد". وقد أكد بنفس المحاضرة في فصل" الأمور التي يتم بها الانتصار على أعداء الإسلام" على:" أن هذه الأمة (الإسلامية) لا تؤتى إلا من قبل نفسها" وأن من الواجب:"أن نعرف عدونا، وأن نعرف مكره وخيانته ومخططاته، وأنهم كما بـيّن الله تبارك وتعالى من عداواتهم أنهم يظهرون لنا العداوات وهي ظاهرة وواضحة ولكن ما تخفي صدورهم أكبر وأعظم وأشد، وأنهم لا يألون جهداً ولا يرقبون فينا إلاً ولاذمة، وأنهم لا يريدون ولا يرضون منا إلا أن ننسلخ عن ديننا، وأن نصبح عبيداً رقيقاً لهم، سواء كانوا في الشرق أم في الغرب، من المنافقين أم من الأعداء الخارجين" [2] أنظر مثلاً الى قول ناصر العمر في محاضرة بعنوان : أسباب تخلف المسلمين : " هؤلاء المستغربون نالوا الشهادات العالية من هنا وهناك، وجاءوا إلى بلاد المسلمين، واحتلوا فيها القيادة والمناصب والريادة، وقادوا المسلمين إلى التأخر والتقهقر.. يعيشون بيننا ويتكلمون بلغتنا، بل إن بعضهم قد يدخل إلى مساجدنا، ووالله إن هؤلاء أشد خطراً من المستشرقين. هؤلاء هم من الأسباب الرئيسية التي أوصلتنا إلى الوضع الذي نعيشه " . وفي شريط السكينة السكينة يقول - في نطاق حديثه عن حادثة قيادة مجموعة من النساء للسيارات في الرياض- : " رأيت ان الاعداء، العلمانيين بحرف ادق، ان المنافقين بمصطلح شرعي، في الوقت تصور فيه الكثير انهم عادوا على اعقابهم خاسرين بدؤوا يرصون صفوفهم وبدؤوا يكيدون المؤامرات وبدأت تخرج بعض اقوالهم واخطر من اقوالهم هي اعمالهم ". [3] ص117 .[4] معنى ذلك ان العودة كان مع التشهير بهن، مخالفاً بذلك الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله .[5] وضع الدكتور غازي القصيبي في كتاب (حتى لا تكون فتنة) ص 116 صورة للمنشور.[6] د.سفر الحوالي، العلمانية .. نشاتها وتطورهاوآثارها في الحياة الاسلامية المعاصرة، ص 236.[7] د.سفر الحوالي، العلمانية .. نشاتها وتطورهاوآثارها في الحياة الاسلامية المعاصرة، ص 236 .[8] الدكتور سفر الحوالي، ظاهرة الارجاء في الفكر الاسلامي، الجزء الاول، ص 30-31.[9] الدكتور سفر الحوالي، ظاهرة الإرجاء في الفكر الاسلامي، الجزء الأول، ص 30-31.[10] أنظر مثلاً للنص التالي فيما ورد في مذكرة النصيحة: "أمر تعالى بأن يرد كل أمر معضل إلى العلماء بشرعه وأمره" و"وإن ما سبق ذكره يستلزم أن يكون للعلماء والدعاة في الدولة المسلمة مكانة لا تعدلها مكانة،وأن يكونوا في مقدمة أهل الحل والعقد والأمر والنهي، وإليهم ترجع الأمة -حكاماً ومحكومين- لبيان الحكم الشرعي لسائر أمور دينهم ودنياهم" . و"قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع كل دولة تحارب الدعاة إلى الله فيها أو تضطهد الأقليات الإسلامية بها وأن تكون العلاقات مبنية على حسن تعامل تلك الدول مع الدعاة والأقليات الإسلامية." و"إعادة النظر في وزارة الخارجية وأوضاع السفارات والسلك الدبلوماسي بحيث لا يعين إلا المؤتمنون في هذا المنصب الخطير لكي تؤدي السفارات رسالتها الإسلامية المنوطة بها" [11] أنظر مثلاً للنص التالي فيما ورد في مذكرة النصيحة: "الواجب الشرعي مراجعة الأنظمة القائمة مراجعة شاملة لتنقيحها وإلغاء كل مخالفة للشرع بها وكذلك العمل على وضع أنظمة شرعية بديلة لما يتعسر تنقيحه منها"[12] أنظر مثلاً للنص التالي فيما ورد في مذكرة النصيحة: " إيقاف جميع أشكال الصرف علي المجالات التي تعد شكلاً من أشكال الإسرف والتبذير أو لا تعد من ذوات الأولوية كملاعب الرياضة والمعارض الفارهة ونحوها "كما طالبوا بأيقاف البنوك الربوية والقروض الربوية وغير ذلك .[13] أنظر مثلاً للنص التالي فيما ورد في مذكرة النصيحة : "إذكاء روح الجهاد والإيثار وحب التضحية في أبناء هذه الأمة وذلك عن طريق مناهجها التعليمية والإعلامية ومن خلال دورات تُعد لهذه التربية بين الحين والآخر"[14] أنظر مثلاً للنص التالي فيما ورد في مذكرة النصيحة : "حذف ألقاب التفخيم التي ما أنزل الله بها من سلطان وليس لها أساس شرعي والاكتفاء بالمخاطبة بأحب لقب وأحسنه وهو أخوة الإسلام أوالمسمّى الوظيفي للفرد"[15] أنظر مثلاً للنص التالي فيما ورد في مذكرة النصيحة : "وضع سياسة إعلامية جديدة تركز على تحقيق المقاصد الشرعية للإعلام التي تتضمن إبلاغ الدعوة الإسلامية وإصلاح الرأي العام وبناء الشخصية الإسلامية وكشف الحقائق وبيان سبيل المجرمين". و" إيقاف المظاهر المنافية للآداب وسلوكيات المسلم كالتبرج وإظهار العورات في التلفاز وأصوات الميوعة والخضوع بالقول في المذياع". و" إخضاع المادة الإعلامية الخارجية لرقابة شرعية ومنع الجرائد والمجلات التي تروج أفكار الكفر والعلمنة والسفور والخلاعة والصور الفاضحة". و" السماح بإقامة المؤسسات الإعلامية الخاصة من صحف وتلفزة وغيرها للدعوة والإرشاد والتثقيف النافع وإزالة القيود التي تحد من مصداقيتها وقدرتها على الإبداع وجعل القيد الوحيد عليها هو القضاء الشرعي فقط "[16] يقول سلمان العودة في محاضرة اشتهرت باسم " حقيقة التطرف ": " فمثلاً جريدة الشرق الأوسط ومع الأسف أنها محسوبة على هذه البلاد تعتبر الجبهة الإسلامية في الجزائر أصوليين متطرفين ".[17] محمد حسنين هيكل، مدافع آية الله _ قصة آيران والثورة، ص220.[18] راجع البيان رقم 54 _ على سبيل المثال - من بيانات لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية، الذي وصف قتلة المدنيين من النساء والرجال والاطفال الذين قاموا بعملية التفجير في مجمع المحيا السكني بالمجاهدين !!!؟؟.يتبع غداً كاتب وصحفي سعودي*