من تجارب الدول
أمين عبدالله إبراهيمتقدم السياسة القومية للسكان في جمهورية الصين الشعبية،مثالاً فريداً على التضارب بين أهداف المجتمع والحقوق الفردية،ويسجل لهذه السياسة القومية التي بدأت عام 1979م دورها في إبطاء النمو السكاني في أكثر بلدان العالم سكاناً،حيث تشير آخر البيانات والإحصائيات إلى أن عدد سكان الصين بلغ حوالي مليار وثلاثمائة مليون نسمة تقريباً،إلا أن هذه السياسة الصينية- بالرغم من ذلك- تواجه انتقادات من بعض الدول وخاصة فيما يتعلق بتقييدها لحقوق الأفراد ووسائل تطبيقها المشددة،وذلك نظراً لأن السياسة السكانية الراهنة في الصين تقيد الأزواج في المناطق الحضرية بإنجاب طفل واحد وبطفلين إذا كان الزوجان وحيدين،في حين تسمح لسكان المناطق الريفية بطفلين إذا كان طفلهما الأول بنتاً.وتطبق هذه القيود بصورة متماثلة في أرجاء الصين،ويتم التهرب منها ما يجعل تطبيقها موضوعاً سياسياً رئيسياً.وفي عام 1995م،دعت الحكومة الصينية إلى إعادة توجيه برنامج تنظيم الأسرة ليخضع لمصالح الناس ويضمن خدمات أكثر شمولاً،وقد مضت اللجنة الحكومية لتنظيم الأسرة قدماً في هذا الجهد الإصلاحي حينما اختارت ست مقاطعات ريفية وخمسة مراكز حضرية تتمتع بظروف اقتصادية جيدة نسبياً من أجل اختيار النهج الجديد،حيث أصبحت مراكز خدمات تنظيم الأسرة تقدم حالياً في المناطق المختارة من الصين المشورة حول الخيارات المتاحة عن وسائل تنظيم الأسرة وخدمات الصحة الإنجابية والرعاية أثناء الحمل والمشورة قبل الزواج.وعلى الرغم من أن السلطات المحلية ما زالت تضع أهدافاً محددة لتنظيم الأسرة،إلا أن مفهوم الخيار المبني على المعلومات قد حظي بالقبول في بعض المناطق،حيث تقدر الحكومة الصينية أن660 من أصل3000 مقاطعة صينية قد شاركت حتى الآن في هذا التحرك،الأمر الذي يشير إلى تحول كبير في أسلوب السعي نحو تحقيق الأهداف السكانية في بعض المناطق.وتفيد إحدى الأدبيات السكانية الصادرة عن مكتب مرجع السكان بالتعاون مع اللجنة الوطنية للسكان بالأردن،بأن هذه الإصلاحات في ميدان تنظيم الأسرة تنسجم تماماً مع التغيرات التي تشهدها جميع أنحاء الصين،فمع تحول الاقتصاد من التخطيط الحكومي إلى الأسواق الحرة،اتضح جلياً أن المداخل القسرية لم تعد ممكنة كما في السابق،كما اتضح تراجع السيطرة الحكومية جلياً في الريف حيث تعيش غالبية الشعب الصيني،فالأعداد المتزايدة من الآباء ميسوري الحال يمكنهم دفع الغرامات أو الرشاوي للحصول على عدد من الأطفال أكبر مما تتيح لهم حصتهم،أو الانتقال إلى منطقة جديدة لتجنب أعين المفتشين.ونتيجة لذلك وبينما تعتقد الحكومة الصينية أن معدل الخصوبة الكلية على المستوى القومي هو1.8 طفل للمرأة،يعتقد بعض الديمغرافيين الصينيين انه يتراوح ما بين2 - 2,3 طفل. كما تفيد تلك الأدبيات السكانية أن الاختبار الحقيقي لالتزام الحكومة الصينية بالسياسة السكانية يكمن في رد فعلها نحو نتائج التعداد السكاني للصين لعام2000م فالهدف الرسمي هو أن يكون عدد السكان أقل من 1.3 مليار نسمة،وإذا تجاوز الرقم الكلي للتعداد السكاني هذا الرقم فإن بعض الخبراء يعتقدون بأن الحكومة ستقوم بتصعيد الضغط للحد من المواليد.