- ( إذا غريمك القاضي .. من تشارع ؟) أو ( من يحكم لك ) حينها؟! هكذا صاغ الأجداد مثلاً شعبياً - ذكياً - لم يستطع الأبناء والأحفاد صياغة الإجابة عنه حتى الآن .. ولن يتمكنوا. - ربما كان لدينا سؤال آخر يعمل في نفس الاتجاه ، وهو بلغة الزمان والمكان: (إذ أشهر القاضي في وجهك بندقية (كلاشينكوف) وراح يطلق الرصاص، فمن ينقذك ؟ أو من يقاضيه وهو القاضي؟! - راعني كثيراً خبر في صدر صحيفة (الجمهورية) يوم الجمعة الماضي يقول عنوانه الصاخب: (قاض في بيت الفقيه يطلق النار على موظفي الكهرباء)!!! وفضلت ألا أتورط في تصديق الخبر مباشرة، وافترضت أن اللفظ اسم لاصفة وظيفية وأن هناك شخصاً اسمه (قاضٍ) لا أكثر!! '- لم يفد ذلك شيئاً وظهر حقاً أن المقصود هو قاض جزائي في محكمة بيت الفقيه واسمه (محمد القدسي) وقد قام بإطلاق ثلاث طلقات نارية من سلاحه الآلي لمنع موظفي الكهرباء من فصل التيار الكهربائي عن العمارة التي يقطن فيها وتطالب الكهرباء سكانها بمديونيات كبيرة وصلت عند أحد المشتركين لوحده إلى (73) ألفاً!! - إذاً ، هناك قاض أطلق الرصاص على موظفين عموميين .. عمداً وعدواناً .. خلال أدائهم أعمالهم ، وضرب مهندساً اسمه (عبده منصور) بعقب البندق في عنقه، واحتجز الموظفين أمام بوابة العمارة .. وهددهم ! - فوق ذلك كله فإن فضيلة القاضي - من حيث أراد أًو لم يرد - يكون قد أعاق تنفيذ القانون ، وعرقل عمل موظفين رسميين ، وتواطأ أو مالأ مخالفات رسمية ومتهربين عن دفع فواتير استهلاك التيار الكهربائي في منطقة ساحلية لايجد بعض سكانها هذه الخدمة لمكافحة الحر وتبريد الجو اللاهب ، في حين هناك آخرون ينعمون بهذه الخدمة ولايريدون دفع الرسوم المستحقة مقابل الاستهلاك ! - نحن نحترم القضاء والسلطة القضائية ، ونجل ونبجل القضاة أنفسهم ، وكنا ولانزال نعتقد أن السلطة القضائية تظل ضمانة أولى ونهائية لصلاح وإصلاح بقية السلطات والحياة عموماً ، وقد كتبنا كثيراً وفي مناسبات مختلفة ، مايفيد بهذا .. وأشدنا مراراً بالإصلاحات الجارية والقرارات الخاصة - مهما كانت صغيرة - والهادفة إلى تفعيل وتحصين المؤسسة العدلية وتحسين ظروف ومعيشة منتسبيها ، وننظر إلى النشاط الحاصل في أعلى هرم السلطة القضائية - مجلس القضاء الأعلى - على أنه توجه جاد وعملي نحو تعزيز حضور ودور وكفاءة القضاء في حياة المجتمع والدولة على السواء، والانتصار لهيبة وسمعة الجهاز القضائي في وجه، أو في مواجهة حملة الطعن والتشكيك التي تحاول النيل من كفاءة ونزاهة هذه المؤسسة الكبيرة والخطيرة. - ومع ذلك لابد من القول والاستدراك بأن الحصانة القضائية يجب أن تتحصن أولاً وقبل كل شيء مع نفسها وضد المخالفات والتجاوزات التي قد تجيء من داخلها لا من خارجها ، ومع التذكير بالولاء والتحالف مع السلطة القضائية ، إلا أن ذلك يعني وجوب التنويه إلى أننا لا نتحالف مع قاض في أن يشهر السلاح ويطلق النار ويعتدي بالضرب على موظفين عموميين ، ويعطل عمل المؤسسات الخدمية ، ويناصر مخالفي القانون والمتهربين من أداء الواجبات المقرة والمستحقة مقابل الخدمات التي يحصلون عليها ويستهلكونها. - دعوني أقول وأشدد على أن هذه الحالة ربما كانت في حكم النادر ويجب أن لا تأخذ أكبر من حجمها ومحدوديتها ، فليكن، إذاً يجب في المقابل أن تذكر الحالة بأختها أو بغيرها، ولسنا نود الدخول في التفاصيل والشواهد الأخرى ، إنما لابأس من توجيه رسالة إلى مجلس القضاء الأعلى للوقوف على هذه الحالة، واتخاذ مايلزم ، لضمان عدم تسرب النادر وتفشيه وتكرار حدوثه بهذه الصورة الصاخبة. - كنا ولانزال نحث ونطالب الكهرباء - الوزارة والمؤسسة - بمقاضاة كبار المدنيين والمتهربين من تسديد مديونياتهم المستحقة للوزارة مقابل استهلاك التيار الكهربائي .. وهي مبالغ تصل إلى مئات الملايين ، وتصل لدى أحدهم لوحده إلى أكثر من مليون ريال.. وهناك جهات ومؤسسات ووزارات تتهرب من السداد وعليها مديونيات باهظة في الماء والكهرباء والتليفون ، وهي مديونيات مرحلة لسنوات .. ولا أحد سأل أو يسأل: أين تذهب المبالغ الخاصة بهذه البنود والمرصودة في ميزانيات الجهات والوزارات المعنية ؟!!- والآن كيف يمكن مقاضاة هؤلاء ، وبيننا قاض يشجعهم ويشهر الكلاشينكوف في وجه عمال وموظفي الكهرباء؟! على العدالة أن تجيب!.
قاض .. وكلا شينكوف .. وعمال كهرباء !
أخبار متعلقة