حالة يجدر الاهتمام بها فورًا
تُستخدم في الاصطلاح الطبي عبارة «الذبحة الصدرية» للدلالة على ذلك الألم، أو عدم الارتياح الذي يظهر في منطقة الصدر لدى غالبية الناس، ويحصل جرَّاء نقص إمداد جزء من عضلة القلب بالكميات اللازمة لها من الدم المُحمَّل بالأوكسجين. والذبحة الصدرية قد تبدو لدى البعض كشيء يضغط أو يعصر على الصدر،ما قد ينتشر الألم من الصدر ليشمل الأكتاف أو أحد العضدين، وغالبًا الأيسر، أو الفكّ السفلي، أو منطقة الظهر في ما بين الكتفين. وتشير مراجع طبّ القلب إلى ضرورة تنبُّه الطبيب إلى أن الذبحة الصدرية تأخذ عدّة أشكال في علامات ظهورها، في إشارة إلى الألم أو الضغط أو غيره، مما قد يظهر على الصدر. كما تؤكّد على ضرورة التنبُّه إلى أن المنطقة التي قد يظهر فيها ألم الذبحة الصدرية قد يكون في أي جزء منها، من الفكّ السفلي إلى مستوى السرّة بالبطن. وهذه الضبابية في تحديد ألم الذبحة الصدرية تجعل من الصعب، حتى على أطباء القلب المتخصصين في أمراضه، أن يجزموا بالنفي أو الإثبات في بعض الأحيان، حول ما إذا كان ما يشكو المريض منه هو ألم الذبحة الصدرية، أَمْ ألم شيء آخر. ولأن الذبحة الصدرية نذير بوجود حالة مرضيَّة لا يُمكن إهمالها أو التهاون في التعامل معها بكل دقة، أي وجود مشكلة تضيُّق في أحد شرايين القلب المهمّ جدًّا لسلامة الجسم وضمان الحياة، فإن من المطلوب من الأطباء ومن الناس، التعامل بحذر ودون إهمال مع أي آلام يُحتمل أن يكون مصدرها شرايين القلب، إلى أن تُثبت الفحوصات أن الأمر خلاف ذلك. [c1] عرض لمرض في القلب [/c]ومن المهمّ ملاحظة أن الذبحة الصدرية ليست مرضًا بحد ذاتها، بل هي أحد أعراض وجود مرض في شرايين القلب، أي أن «الذبحة الصدرية» مثل «الحُمّى» وارتفاع حرارة الجسم، ومثل الإسهال أو ألم المفاصل أو غيرها من الأعراض المرضيَّة لأمراض كامنة في إحدى مناطق الجسم وأعضائه. ولذا، فإن الشكوى من ألم الذبحة الصدرية تعني تلقائيًّا احتمال وجود مرض في أحد شرايين القلب التاجية، إلى أن يثبت العكس، وهذا يعني أن شرايين القلب التاجية مُتهمة بالتسبُّب في ألم الذبحة الصدرية لدى إنسان ما، حتى تثبت «براءتها» من التسبُّب في ذلك الألم في الصدر، أو الألم في أعلى البطن، أو في الفك، أو في ما بين الكتفين. [c1] مضاعفات محتمَلة [/c]والمضاعفات المحتمَلة، عند عدم التعامل بسرعة وحزم مع بدايات ظهور أعراض مرض الشرايين القلبية، أي بُعَيد بدء ظهور آلام الذبحة الصدرية، تشمل حصول نوبة الجلطة القلبية أو الاضطرابات الخطرة، في إيقاع نبض القلب، أو فشل القلب، أو غيرها. ولهذه الضبابية في تعبير وجود مرض في شرايين القلب، ولأن أمراض شرايين القلب لا تزال السبب الأول للوَفَيَات بين الرجال والنساء على المستوى العالمي، ولأن التنبه المبكِّر يقي الإنسان المضاعفات الخطرة، فإن معرفة أحدنا بأهمِّ جوانب صفات ألم الذبحة الصدرية، وتبعات الشكوى منها، وكيفية تعامل الأطباء معها، أحد الأمور التي من الضروري للبالغين من الرجال والنساء، الإحاطة، ولو بالقليل من المعرفة، بها. وتُشير إحصائيات المراجع الصحية بالولايات المتحدة إلى أن ثمة أكثر من 7 ملايين شخص مُصاب بالذبحة الصدرية، وأن الإصابات بها تحصل لدى الرجال ولدى النساء على السواء. [c1] أنواع الذبحة الصدرية [/c]هناك ثلاثة أنواع من الذبحة الصدرية، ومعرفة هذه الأنواع مهمَّة وضرورية، وتُسهّل على الكثيرين القيام بالتصرف السليم عند ظهور هذه الشكوى لدى المرء نفسه، أو لدى أي أحد آخر. ولكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة أعراض خاصَّة به، وتتطلب المعالجة لهذه الأنواع طرقًا مختلفة. والأنواع هي: «الذبحة الصدرية المستقرّة» نوع «الذبحة الصدرية المستقرّة» Stable Angina هو أشهر الأنواع وأكثرها شيوعًا بين المصابين بالذبحة الصدرية. والمثال النموذجي والمتكرر لمريض الذبحة الصدرية المستقرة، هو أن الرجل يبدأ بالشعور بالألم في الجهة اليُسرى من الصدر، خلال أداء قدر معيَّن من المجهود البدني. وهذا الألم يبدأ بالزوال حينما يرتاح المرء، أو حينما يتناول دواء توسيع شرايين القلب التاجية. وتحصل الذبحة الصدرية المستقرة حينما تعمل عضلة القلب بشكل أكبر من المعتاد، أي بالمقارنة بكمية عمل القلب حال الراحة. وللنوع المستقر من الذبحة الصدرية نموذج منتظم، ولذا، فإن المصاب بهذا النوع من ألم الذبحة الصدرية يعلم تقريبًا متى سيظهر لديه الألم، وما الذي يجب فعله كي يختفي، أي يعلم أنه مثلاً بصعود دَرَجِ طابقَين سيبدأ الشعور بالذبحة الصدرية، أو أنه بهرولة 5 دقائق سيبدأ الإحساس بالألم، وأن بذل مجهود بدني أقل من ذلك لن يكون سببًا في ظهور الشكوى من ألم الذبحة الصدرية. وعليه، فإن ألم الذبحة الصدرية غالبًا يزول عن المصاب حال راحته وسكونه، أو بُعَيد تناول الدواء الموسِّع لشرايين القلب التاجية، أي بوضع الحبة الدوائية الورديَّة تحت اللسان، لتذوب وتمتص مكوناتها الأوعية الدموية الموجودة تحت اللسان. ومِمَّا تجب معرفته، أن الذبحة الصدرية ليست هي نوبة الجلطة القلبية، ولكن وجود ألم الذبحة الصدرية لدى إنسان ما، يرفع بشكل مهمّ من احتمالات إصابته بالذبحة الصدرية. [c1] «الذبحة الصدرية غير المستقرَّة»[/c]عمومًا، فإن أي اختلاف في صفات الذبحة الصدرية عن تلك الخاصة بـ «الذبحة الصدرية المستقرة»، يعني حصول حالة ألم «الذبحة الصدرية غير المستقرة» Unstable Angina، بمعنى أن الشكوى من ألم الذبحة الصدرية حال الراحة هو علامة على عدم استقرار الذبحة الصدرية، وأن ظهور الألم بعد هرولة 3 دقائق، بدلاً من 5 دقائق لدى إنسان معتاد على ذلك، هو علامة على عدم الاستقرار، أو أن الألم لا يزول حال الراحة أو بُعَيد تناول «الحبة تحت اللسان»، هو كذلك علامة على عدم الاستقرار في الشكوى من الذبحة الصدرية. وعليه، فإن عدم الاستقرار هو، بالمقارنة مع الاستقرار، حالةٌ من الاستقرار في الصفات، مرَّت بها الذبحة الصدرية لدى مريض ما. وأهمية معرفة «عدم الاستقرار» هذا، تنبع من أن حصول ذلك نذير حصول مزيد من التدهور والضيق في مجرى الشريان التاجي المريض، وهو ما يتطلب نوعًا أعلى من الاهتمام العلاجي. والسبب أن حصول «عدم الاستقرار» يعني أن الاحتمالات مرتفعة جدًّا لقرب حصول نوبة الجلطة القلبية في أي وقت، وعند أدنى سبب. [c1]الذبحة الصدرية في شكل مختلف [/c]وهذا النوع من الذبحة الصدرية يحصل بالفعل «في شكل مختلف» Variant Angina، وهي عادة ما تحصل حال الراحة، وذات ألم شديد، وبخاصة في ما بين منتصف الليل والصباح. وتزول هذه الحالة بتناول أحد الأدوية الموسعة للشرايين. والجيد في شأن هذا النوع أنه نوع نادر الحصول. ولذا، فمن القليل مشاهدة المرضى الذين يشكون منه. [c1] أسباب ألم الذبحة الصدرية [/c]حصول الشكوى من ألم الذبحة الصدرية يعني أن في أحد الشرايين التاجية المغذِّية لأجزاء عضلة القلب ضيقًا. وعضلة القلب هي تلك العضلة المكونة لحجرات القلب الأربع، وهي البطين الأيسر، أهَمُّها، والبطين الأيمن والأُذَين الأيسر، والأذين الأيمن. وحينما يكون في أحد الشرايين القلبية ضيق، فإن الدم الذي يجري من خلال ذلك الشريان المريض سيكون أقل، وبالتالي فإن كمية قليلة من الدم ستصل إلى جزء العضلة الذي يتغذى بذلك الشريان، أي كمية قليلة من الأوكسجين. وعضلة القلب تُعبِّر عن عدم إمدادها بالأوكسجين الكافي عبر إظهار ألم الذبحة الصدرية. وأسباب حصول ضيق في مجرى أحد شرايين القلب هو نشوء تراكمات من الكولسترول والدهون، ضمن طبقات جدار الشريان. وما يُسهِم في نشوء هذه التراكمات الضارَّة هو، إما ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، وبالذات النوع الخفيف الضار منه، وإما ارتفاع ضغط الدم، وإما وجود مرض السكري، وإما التدخين، وإما وجود عوامل أخرى يجمعها مصطلح «عوامل رفع خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية». ومع وجود هذه المشكلة للتضيُّق في أحد الشرايين التاجية، تختلف الأسباب التي تُؤدي إلى ظهور أنواع ألم الذبحة الصدرية. وفي حال «النوع المستقر» من الذبحة الصدرية، يكون بذل المجهود البدني هو السبب، في غالب الأحوال، لظهور ألم الذبحة الصدرية، كالهرولة، أو صعود الدَّرَج، أو ممارسة العملية الجنسية، أو غيرها من الأنشطة البدنية. وسبب ظهور الألم هو أن العضلة في هذه الأحوال تتطلب المزيد من الأوكسجين، كي تعمل بطاقة أعلى من المعتاد. وحينما لا تتمكن الشرايين المتضيِّقة من تلبية هذا الطلب، تبدأ العضلة في الأنين، عبر الذبحة الصدرية. وكذلك الحال عند حصول حالة من التفاعل العاطفي الشديد، أو عند التعرض لأجواء مناخية باردة أو حارة، أو بعد تناول وجبات طعام ثقيلة، أو في أثناء التدخين. أما في حال «النوع غير المستقر» من الذبحة الصدرية، فإن نشوء تخثر، أو تجلُّط لكمية من الدم، داخل الشريان المتضيِّق بالأصل، يؤدِّي إلى أن الشكوى من ألم الذبحة الصدرية لا يتبع الوتيرة المعتادة له في السابق، أي أنه قد يحصل حتى مع راحة الإنسان وتوقُّفه عن أداء المجهود البدني. ولذا، فإن حصول «عدم الاستقرار» نذير خطورة أكبر في احتمال حصول سدّ تامّ لجريان الدم خلال ذلك الشريان طوال الوقت، أي، بعبارة أخرى، نشوء حالة نوبة الجلطة القلبية. وهذا التخثُّر الدموي قد يذوب، ثم قد يرجع ليتكون مرة أخرى، وهو ما يفسِّر حالة «التأرجح» و«عدم الاستقرار» وعدم «حصول المعتاد» لألم الذبحة الصدرية. وعليه، فإن التدخُّل العلاجي هنا يقي من تفاقم مشكلة تسبُّب ضيق الشريان في أضرار على سلامة عضلة القلب.