غضون
* الأصل في رمضان أنه فرصة للمسلم لكي يضبط نفسه ويختبر قدرته على الصبر، حتى إن الشهر سمي في القرآن شهر الصبر،وهو فرصة أيضاً لتقليل التكاليف وتقليل الوزن، فوق كونه شهر عبادة وتراحم واعتكاف وأداء الزكوات.ومثل كثير من فرائض الإسلام حوّل المسلمون شهر الصوم إلى شهر معاناة حتى إن نفقاته تفوق نفقات الأسرة في أي شهر آخر.. ورغم موجة الغلاء التي لم تبارح بلادنا يتهافت الناس على شراء كميات كبيرة من الأغذية والسلع ليشبعوا نهمهم في رمضان الذي صار نهاره مخصصاً للصوم وليله مخصصاً للأكل وسائر المتع الأخرى..* أحدهم شكا لنا ارتفاع أسعار التمور وقال إنه اشترى كمية من التمور بأكثر من خمسة عشر ألفاً.. قلنا له: هذه أحد مظاهر مخالفة تعاليم دينك، فرسولك كان يفطر بثلاث حبات من التمر أو البلح وأنت تفطر بنصف “فراسلة” فكيف لا تتسبب في رفع أسعار التمور في السوق وتصعب على الفقير شراء كيلو جرام منها في الأسبوع!. وبالطبع ليس كل المستهلكين متسببين في رفع أسعار السلع بسبب التهافت المبالغ فيه على هذه السلع، فالتجار أيضاً يخونون دينهم ويستغلون هذا الشهر للتقرب إلى الله بفواحش كثيرة كالاحتكار ورفع الأسعار وبيع التوالف والسلع الرديئة ومنتهية الصلاحية التي لا تنفق إلا في شهر العبادة والتقرب إلى الله!.* غداً يهل علينا شهر الصوم والصبر هنا في اليمن.. وإلى أمس وكثير من الناس في حالة استنفار في السوق، وكأن الأمر لا يتعلق بصوم وصبر بل بمعركة حامية أو “حرب المؤمنين” بين البائع و المشتري،، ويتصرف البائعون مع الزبائن تصرف صائد الفرائس بدون صوم أو صبر!.* بقي أن نذكر بخيانة تقليدية أخرى يرتكبها المسلمون في هذا الشهر.. فهو أيضاً شهر عمل وأداء.. ولكن جرت العادة أن يكون شهر كسل وهروب من الوظيفة.. الموظف العام يأتي متأخراً إلى العمل ويستغل مظاهر الروحانية للهروب من واجبه.. مرة باسم الصلاة.. ومرة باسم تلاوة القرآن والأوراد، ومرة باسم “لا تزعج الصائم”.. وهذه لو قبلت فمكانها المسجد وأي مكان آخر خارج الدوائر الحكومية.. فلا يجوز التعلل بالصيام كذريعة لعدم قضاء مصالح وحوائج الناس..