لليمن ..لا لعلي عبدالله صالح ( 24 )
عرضنا في الحلقة السابقة من هذا المقال أبرز ما يميز رؤية الرئيس علي عبدالله صالح لخطر الإرهاب وسبل مكافحته، وذلك من خلال العديد من المقابلات والأحاديث والخطابات التي عبر من خلالها عن مواقفه المناهضة للإرهاب.وبوسعنا القول إن أبرز ما يميز هذه الرؤية هو الربط الوثيق بين التطرف والإرهاب من جهة، والترابط الوثيق بين الإرهاب وثقافة الاستبداد التي تشكل بيئة خصبة للتطرف الذي يولد الإرهاب من جهة أخرى . ويتجلى هذا الربط في الحديث المشترك الذي بثته القناتان الفضائيتان الفرنسيتــــــــان (TV ) و(ATLI).. بتاريخ 26 يونيو 2006م، حيث أعرب فخامته عن القلق من تزايد مخاطر الإرهاب نظرًا لعدم تضافر كافة الجهود الدولية في مكافحة التطرف الذي يغذي الإرهاب، ثم أضاف قائلا : (لقد سبق لنا أن أكدنا أكثر من مرة بأنه ينبغي أن نتجه نحو مكافحة الإرهاب بأن نبدأ بتجفيف منابع الإرهاب).ويزيد الرئيس في شرح رؤيته لهذه القضية في مقابلة صحفية أجرتها معه مجلة (C K) الأمريكية بتاريخ 2 أغسطس 2007م قائلاً : (( إن ظاهرة الإرهاب لا تنفصل عن ظاهرة التطرف.. وينبغي مواجهة هذا الخطر من خلال إدراك الأسباب والمناخات المشجعة على تناميها، حيث يتم استغلال ظروف الفقر والبطالة وغياب العدالة الدولية لاستقطاب الشباب من قبل بعض المتطرفين والزج بهم لارتكاب أعمال عنف وإرهاب من أجل زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ولهذا من المهم أن تتضافر الجهود الدولية من أجل القضاء على البيئة المولدة للإرهاب)).وفي كلمة أمام رئيس وأمين عام وأعضاء المجلس المحلي والمكاتب التنفيذية والغرف التجارية والصناعية والملاحية وأعضاء مجلس النواب والسلطة القضائية في محافظة الحديدة بتاريخ 1 أكتوبر 2007م قال الرئيس علي عبدالله صالح : “ نحن ضد تخويف وترهيب الناس، سواء من خلال الإرهاب المسلح أو الإرهاب الفكري.. فالإرهاب يبدأ بمحطات عديدة مثل التهديد والوعيد والتكفير والتخوين وينتهي بالجريمة وسفك الدماء”.ويضيف إلى ذلك في مقابلة مع فخامته أجرتها قناة “السعيدة” الفضائية اليمنية المستقلة بتاريخ 18 نوفمبر 2007م قائلا : ( لا يكفي أن نواجه الجرائم الإرهابية ونتابع تداعياتها بعد وقوعها ولكن الأهم هو منع الأفكار المتطرفة من الوصول إلى أدمغة المضللين والمغرر بهم وتحويلهم إلى أحزمة ناسفة) .وأثناء زيارته لجمهورية ألمانيا الاتحادية قال الرئيس علي عبدالله صالح في محاضرة ألقاها حول الأوضاع في المنطقة العربية بتاريخ 28 فبراير 2008م إن الحملات العسكرية والأمنية لا يمكنها أن تستأصل الإرهاب بدون تجفيف منابعه، مشيرا الى (أن أفغانستان هي المحطة الرئيسية التي جاء منها الإرهاب الذي نعاني منه اليوم في اليمن والعراق والصومال وذلك بعد أن شجعت بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية المخابرات الباكستانية على صنع “طالبان” من أجل الاستيلاء على السلطة، وقبل ذلك عندما كانت أمريكا ومعها دول أوروبا تدفع بالشباب للتوجه إلى أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي هناك) .ويمضي الرئيس قائلا : (هؤلاء الشباب عادوا بعد ذلك إلى بلدانهم بأفكارهم المتشبعة بالعنف والتطرف.. وها نحن اليوم نعاني في المنطقة كما تعاني فرنسا وبريطانيا وأسبانيا وفي أماكن كثيرة نتيجة تلك القناعات التي ترسخت في أدمغة الشباب العائدين من أفغانستان.. ثم جاء بعد ذلك نظام “طالبان”، وطلبت منا بعض الدول ومنها أمريكا الاعتراف بهذا النظام.. لكننا رفضنا انطلاقا من إدراكنا لخطورة النهج الذي سار عليه نظام “طالبان” منذ البدء.. وقلنا لهم حينها إن حكام “طالبان” هم شباب متطرف ليست لديهم تجربة.. ولكنهم للأسف شجعوا تطرف طالبان من أجل تشويه صورة الإسلام.. والآن كل الدول تعاني العنف كنتيجة لهذه السياسة) .وأثناء حضوره الفعاليات الختامية لمهرجان الحسينية الرابع للفروسية والهجن والموروث الشعبي بمدينة الحديدة يوم الثامن من مارس 2008م قال الرئيس علي عبدالله صالح : (( إن كثيرا من المتطرفين لا زالوا متأثرين بمخلفات الإمامة والمدارس المغلقة مــثل مــــدارس طالبان )).. وحذر من خطورة التطرف الذي يولد الإرهاب متسائلا : (( هل تريدون أن نكون مثل طالبان .. أو الصومال .. قولوا لهم لا وألف لا )) .والحال ان الرئيس علي عبدالله صالح لم يكن وحده من رفض نهج إمارة “طالبان” التكفيري الظلامي، وأدان سياساتها المعادية لحقوق الإنسان والمهينة لكرامة المرأة والمسيئة لصورة الاسلام .فقد شاركه الكثير من قادة الدول والحكومات والأحزاب والمنظمات غير الحكومية وأنصار الحرية والسلام العالمي، بما في ذلك ملايين العلماء والكُتـَّاب والمفكرين والصحفيين والفنانين والرياضيين ورجال الدين المستنيرين في جميع أنحاء العالم، حيث بقيت إمارة “طالبان” معزولة خارج إطار المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي.. ولم يعترف بها حتى عشية سقوطها سوى باكستان المجاورة؛ لأنها كانت صنيعة أجهزتها الاستخبارية !!واللافت للنظر ان يدعو أمير ما يسمى بتنظيم «القاعدة» الموحد في شبه جزيرة العرب إلى تخليص الشعوب الإسلامية مما أسماها (الجاهلية الجديدة) ، وبناء المجتمع الإسلامي المثالي على غرار نموذج إمارة «طالبان» التي ( أقامت العدل وطبقت الشريعة الإسلامية واستنهضت فريضة الجهاد ضد فسطاط الكفر ومن والاه من الحكومات المرتدة و الطوائف الممتنعة ) بحسب قوله .. وهو ما أوضحناه في احدى الحلقات السابقة من هذا المقال ، عند قيامنا بعرض أهم ماجاء في الحوار الذي نشرته صحيفة ( الناس) التي يصدرها حزب (الاصلاح) مع أمير تنظيم القاعدة بعد الإعلان عن توحيد جناحيه في السعودية واليمن في مطلع العام الماضي 2009م .ومما له دلالة إنخراط ( شيوخ ) الحركة السلفية اليمنية في الدفاع عن إمارة “طالبان” ونهجها الظلامي وسياساتها الإرهابية داخليا وخارجيا، حيث وصل الأمر بــ ( الشيخ ) محمد المهدي الذي يحرص على تقديم نفسه كسلفي وسطي ومعتدل (!!) إلى القول في مقابلة صحفية نشرتها صحيفة “الأهالي” اليمنية في عددها رقم (40) الصادر بتاريخ 23 أبريل 2008م : (إن الإعلام الغربي ومن يدور في فلكه في بلاد المسلمين شوهوا صورة طالبان..) مشيرا إلى أن (الذين يشوهون طالبان إنما يريدون تشويه الحكم الإسلامي.. فتشبيه الملتزمين وحزب “الإصلاح” بطالبان لا اعتبره شتمـا بل مفخرة ) !!!!وليس ( الشيخ ) المهدي وحده من دافع ولايزال يدافع عن نظام حكم “طالبان” المقبور ، ومشروعه التكفيري الظلامي الذي سنترك لحركة “طالبان” نفسها شرحه وتفصيله في نهاية هذه الحلقة ، بل إن شيوخـا سلفيين آخرين يواصلون رفع رايات وبيارق المعارك المسعورة التي يخوضها ( الشيخ ) المهدي ضد طوائف المجتمع العربي في العراق والكويت والبحرين وعمان والسعودية ولبنان وسوريا والسودان وشمال افريقيا من أتباع الشيعة الاثني عشرية والاسماعيلية والأباضية ، والفرق العلوية والصوفية والأشعرية وكل الذين امتنعوا عن سب ولعن الخليفة الراشد والصحابي الجليل علي بن ابي طالب ، ورفضوا مبايعة وتنصيب الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، وهي معارك تنصب في مجرى الاجندات الخارجية الرامية الى تكريس الانقطاع الحضاري، والاقامة الدائمة في الماضي، وإحياء صراعات الأسلاف من (الروافض والنواصب ) في العصور الغابرة ، وصولا الى ضرب السلم الأهلي في المجتمع العربي ، وتمزيق نسيجه الوطني والقومي والاجتماعي، وإغراقه في أتون حروب أهلية طائفية ومذهبية .ولئن كان ( الشيخ ) محمد المهدي ـــ ولا يزال ــ يحرص على التدليس والتظاهر بتقديم نفسه كداعية للوسطية والاعتدال ، فمن حقنا أن نتساءل عما سيبقى للمتطرفين عندما يدافع (الوسطيون المعتدلون )عن حركة (طالبان) ، ويتهمون معارضيها بأنهم يستهدفون (تشويه صورة الحكم الإسلامي ) ، ثم يكرسون كل اهتماماتهم للتحريض ضد اتباع المذاهب التي تخالف معتقداتهم المذهبية الوهابية المتعصبة والمنغلقة ، وهو ما سنوضحه في حلقة قادمة بالتفصيل .وبوسعنا القول إن المهدي الذي تلقن الفكر التكفيري أثناء حضوره حلقات ومجالس شيوخه الوهابيين في القصيم ، لم يكن يدافع عن “طالبان” فحسب ، بل عن منظومة فكرية تكفيريـــة أنتجت ايديولوجيا حركة”طالبان” وتنظيم “القاعدة”. مع الأخذ بعين الاعتبار ان (الشيخ ) المهدي لا يملك شهادة دراسية صادرة عن النظام التعليمي العام ، لكن احدى الجامعات (التجارية ) في اليمن أقدمت على معادلة ما تلقاه في مجالس وحلقات الشيوخ النجديين من مواعظ وفتاوى وأفكار تكفيرية ، بشهادة (ليسانس) جامعية تحمل ختم تلك الجامعة المغمورة ، ثم منحته شهادة ( ماجستير ) بعد ان ضربت عرض الحائط بالمعايير الأكاديمية التي تشترط على من يحمل الشهادة الجامعية، ان يكون قد أكمل بنجاح الدراسة الابتدائية والاعدادية والثانوية و الجامعية بشكل منتظم . وقد خالفت تلك الجامعة بهذا الفعل الشنيع ، كافة الاعراف والمعايير العلمية المعترف بها في اليمن والوطن العربي والعالم بأسره ، وعلى مرأى ومسمع من وزارة التعليم العالي الموقرة !!وقبل ذلك بسنوات خاطب الرئيس علي عبدالله صالح الحاضرين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي الثالث عشر لقيادات وزارة الداخلية في 19 مارس 2003م بقوله : (نحن منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وما قبلها في حادثة المدمرة كول، ونحن نندد بالإرهاب والعنف والغلو وبالمدرسة التي تربي هذا الجيل ولا تستطيع في نهاية المطاف أن تتحكم فيه.. فمن السهل أن تخطب وتحرض، ولكن من الصعب أن تجعل من تم تحريضه يتراجع عن التعبئة الخاصة التي تلقاها ) .ويمضي الرئيس قائلا : (التكفير حرام.. فعلى سبيل المثال أحد القيادات يقول أشهد أن جار الله عمر كان يصلي.. هل لك الحق أن تقول ذلك وتمنحه شهادة إيمان أو كفر.. هل أنت وسيط بين البشر وخالقهم عز وجل.. فليس هناك وسيط بين الإنسان وخالقه يشهد بأن فلاناً يصلي وفلاناً لايصلي ، سواء أكان عالمًا أو صاحب جاه أو كيفما كان) ؟في الاتجاه المعاكس يقول عبدالمجيد الريمي وهو( شيخ ) سلفي لا يحمل الشهادة الابتدائية أيضا كغيره من شيوخ التطرف والتكفير في اليمن : ( إن التثقيف الديني الشرعي يعطي الإنسان صورة عن الواقع، حيث يرى انحطاطا عن المستوى الإيماني الذي أراده الله لهذه الأمة ) !!.ويمضي الريمي في مقابلة أجرتها معه صحيفة “الغد” الأسبوعية ونشرتها في عددها رقم (69) الصادر يوم الاثنين 11 أغسطس 2008م قائلاً : (نحن في مراكزنا ومدارسنا السلفية نربط الناس بدين الله وفقه الدين.. وإذا نظر الإنسان بعد تعمقه وفهمه في دين الله إلى واقعه سيرى معالم عديدة للفسوق والعصيان وربما الكفر) !!ثمّ يضيف قائلا : ( التكفير حكم شرعي لا يمكن لأحد إنكاره.. وبالتالي فإن الذين يريدون إلغاء الحكم الشرعي على أشياء معينة بأنها كفر في الدنيا فهذا شأنهم ) !!!!!؟؟وبوسع من يقرأ كتاب ( الحصاد المر ) وكتاب “الولاء والبراء” وكتاب “التبرئة” وكتاب “فرسان تحت بيارق النبي” وغيرها من أدبيات تنظيم “القاعدة” التي تعد الأساس الفقهي والنظري للمشروع السياسي والأيديولوجي الذي تولت تطبيقه إمارة “طالبان” الإسلامية من خلال قوانينها الشهيرة التي سنعرضها لاحقـا، أن يلاحظ تطابقـا تامـا بين أفكار “القاعدة” و”طالبان” ، وبين أفكار شيوخ الحركة الصحوية السلفية في اليمن والسعودية، وهي الحركة التي أنتجت ما يسمى بتنظيم “قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب” بعد اندماج جناحي “القاعدة” في السعودية واليمن.. ومن أبرز هؤلاء الشيوخ محمد بن عقلاء الشعيبي وربيع بن هادي المدخلي وعلي الخضير وسفر الحوالي وناصر الفهد وعبدالمجيد الزنداني وعبدالوهاب الديلمي ومقبل الوادعي ومحمد المهدي وعبدالمجيد الريمي ومحمد الإمام وعبدالعزيز الدبعي وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم ..وبحسب الباحث السعودي الإسلامي سعود القحطاني في كتابه “الصحوة الجديدة للإسلام السياسي” والدكتور غازي القصيبي في كتابه “حتى لا تكون فتنة” ، يمكن النظر إلى( مذكرة النصيحة ) التي رفعها عدد من الفقهاء السلفيين في السعودية أوائل التسعينات من القرن العشرين المنصرم ، بوصفها الطلقة الأولى لمشروع طلبنة الدولة السعودية قبل أن تولد حركة وإمارة “طالبان”، حيث طالبت المذكرة برد كل أمر معضل إلى من أسمتهم (العلماء) ، ثم تقرر أن رجال الدين هم وحدهم (أهل العلم) الذين تحتاجهم الدولة لا غير دون غيرهم من علماء السياسة والاقتصاد والطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والمال والطاقة والمياه والمعادن والإدارة والزراعة والاتصالات، وغيرها من العلوم التي لا يمكن بدونها بناء الدولة الحديثة والمجتمع المتحضرعلى أسس علمية.و طالبت المذكرة بمراجعة القوانين والانظمة القائمة في المملكة العربية السعودية لأنها (وضعية ) وتصادم الشريعة الاسلامية بحسب زعم موقعيها، كما طالبت أيضا بإيقاف الصرف على الملاعب الرياضية والمعارض وإلغاء البنوك التجارية وأسواق الاسهم والقروض التي تحتسب الفوائد ، ووضع سياسة إعلامية تركز على المقاصد الشرعية ، وإيقاف الاختلاط في الأسواق والمجمعات التجارية ومنع عمل المرأة في الشركات والمؤسسات العامة والخاصة ، ووقف بث الأغاني وحظر استخدام المعازف والآلات الموسيقية، وحظر إظهار ما أسمته المذكرة عورة الوجه وعورة الكفين للنساء في التلفزيون السعودي ، ومنع توزيع الجرائد والمجلات التي تنشر أفكار الكفر والعلمنة والسفور والخلاعة والصور والرسومات.!!وكما هو معروف فقد رفضت الحكومة السعودية بصورة حازمة كافة المطالب الواردة في تلك المذكرة، التي استهدفت طلبنة الدولة السعودية، حيث رفض الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله تغيير الأوضاع القائمة التي كان الصحويون السلفيون يكفرونها ويطالبون بإلغائها على نحو ما قامت به حركة “طالبان” التي يدافع عنها السلفيون اليمنيون أمثال المهدي ومن هم على شاكلته، ويعتبرون انتقادها (استهدافـا وتشويهاً للحكم الإسلامي)، بحسب قوله المنشور في صحيفة “الأهالي” اليمنية.ولم يكتف الملك فهد بذلك الموقف بل إنه قام بتطوير تلك الأوضاع سواء من خلال إنشاء مجلس الشورى الذي أنهى ثنائية السلطة بين الأسرة المالكة ورجال الدين، وذلك من خلال إدخال الكفاءات والخبراء والعلماء في جميع المجالات كشريك في إدارة شؤون الحكم ، وتقديم المشورة للحكومة . فيما قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ أن كان نائبـا للملك ووليا للعهد بسلسلة من الخطوات الإصلاحية بالاتجاه المضاد لمذكرة (النصيحة) التي وقع عليها أبرز رموز الحركة الصحوية السلفية في السعودية، والذين يعتبرون الآباء الروحيين لشيوخ الحركة الصحوية السلفية في اليمن، حيث أكد الملك عبدالله على أهمية الاعتراف بالتعددية عبر إنشاء مركز الحوار الوطني وتشجيع الحوار والنقد والانفتاح على الرأي الآخر والمذاهب غير الوهابية في الصحافة ووسائل الإعلام السعودية، وأبرزها المذهب الشيعي الاثنى عشري الذي يؤمن به قسم كبير من مواطني ومواطنات المملكة .. ثم قام في العام الماضي 2009 م بتعديل تركيب هيئة كبار رجال الدين في المملكة حيث ضم الى عضويتها عددا من فقهاء المذهب المالكي والحنفي والشافعي لأول مرة في تاريخ المملكة ، وهو ما يرفضه السلفيون من أتباع المذهب الوهابي الحنبلي ويثير حفيظتهم ، لأنهم لا يريدون صوتـا يسمعه الناس في الساحة سوى صوتهم فقط ، ولا يريدون مشروعا سياسيا وأيديولوجيا سوى مشروعهم الذي أنتج حركة “طالبان” و”القاعدة” في أفغانستان والسعودية واليمن وغيرها من البلدان التي اكتوت ولا زالت تكتوي بنار التطرف والارهاب ، بتغطية أيديولوجية فقهية من شيوخ الحركة الصحوية السلفية في الجزيرة العربية على نحو ما جسدته تجربة (طالبان) بدعم وتأييد من هؤلاء الشيوخ وأبرزهم الشيخ الراحل محمد بن عقلاء الشعيبي رحمه الله .ومن المعروف ان عزلة نظام حكومة ( طالبان) عن المجتمع الدولي تعود الى رفضها الاعتراف بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وغيرها من المواثيق الدولية بوصفها تشريعات(وضعية ) تصادم الشريعة الاسلامية وفقاً للمنظور الفقهي السلفي الوهابي لنظام (طالبان) وتنظيم (القاعدة). وبحسب مقابلة صحفية أجرتها قناة ( الجزيرة ) مع المنظر العقائدي لحركة (طالبان ) الشيخ جلال الدين حقاني في اكتوبر 2001 م فان (( الانضمام الى الامم المتحدة حرام لان هذه الهيئة محكومة بالنظام الرأسمالي العلماني والانضمام الى الأمم المتحدة يعني الاحتكام اليها والقبول بقراراتها ومواثيقها وتشريعاتها الدولية الوضعية وهذا يعني الرضا بالانظمة العلمانية والوثنية التي تحكمها وهو محرم شرعاً ، علاوة على ان الامم المتحدة اصبحت الاداة الامريكية في تأديب الدول ونشر استعمارها واحتلالها وممارسة غطرستها وهيمنتها، والانضمام إليها اعانة لامريكا في كفرها ) !!ولا نبالغ حين نقول إن الاطلاع على تعميمات حكومة امارة ( طالبان ) الصادةر في 17/ 12/ 1996م ، بعد دخول كابول بحوالي شهرين ، والموقع عليها باسم مولوي عنايت الله بليغ نائب الوزير في الرئاسة العامة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، يساعد على كشف طبيعة نظام الحكم (الاسلامي ) الذي يسعى السلفيون الى بنائه تحت شعار ( إقامة حاكمية الله وتطبيق الشريعة الاسلامية ) حيث فرضت هذه التعميمات قائمة من المحظورات بلغ عددها 17 محظورا على النحو الآتي :1 - يحظر على سائقي سيارات الاجرة السماح بركوب النساء اللائي يرتدين ( البرقة ) الإيرانية ( العباءة التي تغطي الرأس والجسم ولا تغطي الوجه والكفين) . وكل سائق سيارة يخالف هذا التوجيه يعرض نفسه للسجن. كذلك يحظر على السائقين السماح بالركوب للنساء اللاتي يرتدين ثياباً مثيرة للانتباه ويخرجن إلى الشارع بغير محرم . وإذا ما شوهدت امرأة في الشارع وهي مرتدية برقة الروافض التي لا تغطي الوجه والكفين فإن زوجها سوف يتعرض للعقاب .2 ــ يمنع عمل أو تعليم النساء خارج البيت ، ويتم اغلاق كافة المدارس والمعاهد والكليات التي تتعلم فيها البنات في كل انحاء الامارة الاسلامية . ومن يخالف ذلك من النساء او المؤسسات سيتعرض للجزاء الذي يقره شرع الله بهذا الشأن .3 ــ التصوير وطباعة ورسم التصاوير حرام دينا وشرعا ، ويحظر التعامل مع كل ما يتعلق بالصور والتصاوير مثل محلات واجهزة وآلات التصوير وأدوات الرسم والتلفزيون والسينما وخلافه ، وسوف يتم تطبيق الحدود الشرعية على كل من يمارس هذه المحظورات والمحرمات بعد خمسة ايام من صدور هذا الاعلان .4 ــ الموسيقى ممنوعة في البيوت والمحلات التجارية والفنادق والسيارات ، وبعد خمسة أيام من صدور هذا الاعلان إذا عثر على شريط موسيقي في أي بيت أو محل أو سيارة فإن صاحبه يتعرض للسجن ، فضلا عن أن المحل سيغلق وسيفرج عن الشخص في حالة ما إذا تقدم لضمانه خمسة أشخاص.5 ــ بعد شهر ونصف الشهر من صدور هذا الاعلان ، فإن أي شخص يحلق لحيته أو يقصها بأقصر من طول الكف سوف يلقى القبض عليه ، وسوف يودع السجن حتى تنمـــــــو لحيتـــه !!!!!6ــ: حين يرفع الأذان للصلوات يتعين على الجميع أن يتجهوا إلى المساجد لأداء الفريضة . وينبغي إغلاق المحلات وإيقاف المواصلات والغاء الألعاب الرياضية لأنها تلهي عن الصلاة وذكر الله وإذا عثر على أحد في متجر او ملعب أو مركبة سابلة او سائرة فسوف يودع الحجز ، وسيطلق سراحه بعد التعزير به إذا ضمنه خمسة أشخاص و إلا فإن احتجازه سوف يستمر لمدة عشرة أيام مع التعزير .7ــ تمنع تربية الحمام واللعب بالطيور وبعد عشرة أيام فإن من يخالف الأمر سوف يسجن وتذبح طيوره . 8 ــ إذا ضبط أي مدمن للمخدرات فإنه سوف يودع السجن ، وسوف يتم التحري عن الجهة التي حصلوا منها على تلك المخدرات ، وسيعاقب البائع ويغلق متجره . 9 ـــ يحظر اللعب بالطائرات الورقية أو المراهنة عليها ، لما يترتب على ذلك المنكر من مخاطر تصيب الاطفال وتلهيهم عن قراءة القرآن وذكر الله. وعلى المحلات التي تبيع الطيارات أن تكف عن بيعها والترويج لها .10ــ على أصحاب المحلات التجارية والفنادق والسيارات أن يرفعوا أي تماثيل أو صور أو دمى للأشخاص والحيوانات والطيور والاسماك ومن يخالف ذلك سيعرض نفسه للعقوبة الشرعية . 11 ــ المقامرة ممنوعة وكل من يضبط وهو يلعب القمار او المسابقات المسماة باليانصيب سوف يسجن لمدة شهر .12 ــ يمنع إطلاق الشعر والتشبه بالكفار ، ومن يخالف الأمر سوف يلقى القبض عليه وعلى المسئولين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يحلقوا شعره وأن يحصلوا منه على أجرة الحلاقة.13 ــ يمنع على الشركات والمؤسسات والمصارف ومحلات الصرافة التعامل بالقوانين الوضعية ذات المسميات الوطنية والدولية لتعارضها مع حكم الله ، كما يمنع ايضا التعامل بالفائدة على القروض أو على أي معاملات مالية في داخل الامارة الاسلامية او مع دول الكفر ، حيث أن ذلك يعد مخالفة صريحة للتعاليم الإسلامية، ومن يخالف الأمر سيودع السجن لمدة طويلة بحسب ما يراه ولي أمر المسلمين في الامارة الاسلامية. 14 ــ يمنع على النساء غسل الثياب على ضفاف الأنهار ، ومن تخالف هذا الأمر سوف تعاد إلى منزلها ، وأما زوجها أو ولي أمرها فسوف يعاقب بشدة .15 ــ يمنع الغناء واستخدام الموسيقى والمعازف أو ممارسة الرقص بكل أنواعه في حفلات الزفاف وفي حالة المخالفة فإن رب الأسرة سوف يلقى القبض عليه ويعاقب .16 ــ يمنع استخدام ايقاع الطبول ومن يخالف الحظر فسيقرر العلماء كيفية التعامل معه .17 ــ يحظر على الرجال خياطة ثياب النساء وتحديد قياسات أجسامهن والمخالف سيتعرض للسجن .وحتى لا نرمي السلفيين بالباطل ، فسوف نقوم في الحلقة القادمة بتسليط الضوء على موقفهم الحقيقي من نظام حكم ( طالبان ) وتنظيم (القاعدة)على نحو ما عبرت عنه وثيقة شهيرة أصدرها قبل عشر سنوات الشيخ محمد بن عقلاء الشعيبي ، وهو أحد كبار الآباء الروحيين لشيوخ الحركة الصحوية السلفية النجدية ، الذين قاموا بتلقين بن لادن والمهدي والريمي ومن هم على شاكلتهم ، أصول المشروع الايديولوجي والسياسي لتنظيم (القاعدة) وحركة (طالبان ) .[c1]----------------------------* عن / صحيفة ( 26 سبتمبر )[/c]