تعتبر المرحلة " اليتيمة" التي يعيشها المحالون للتقاعد من أهم مراحل حياتهم لأنها من وجهة نظر علماء النفس والباحثين سلسلة من الحلقات السابقة المترابطة لحياتهم العملية المتصفة بالوفاء والتفاني ولذلك فقد أطلق عليها في الدول المتحضرة والتي تعير المتقاعدين جل اهتمامها وفاء لتفانيهم بـ " الخلود المهني" أما إذا لم تكن بهذا المستوى من الفهم فإنها أي هذه المرحلة ستغدو حتماً في نظر المتقاعدين او المؤهلين للتقاعد نفقاً مظلم المدخل والمخرج .يقول المربي الفلسطيني القدير المرحوم خليل السكاكيني حول الدور المشهود الذي يلعبه المعلم في بناء حضارة الشعوب وتحقيق غايتها المنشودة "زرعوا فأكلنا" أي أسلافنا ونزرع فيأكلون أي أخلافناأما المربي والاديب اليمني الكبير عبدالله فاضل فارع استاذ علم النفس في كلية التربية م/ عدن فقد تحدث بأفاضية حول المعلم كركيزة أساسية في العملية التربوية - التعليمية وذلك في ورقته المقدسة الى الندوة التربوية الوطنية التي نظمها مكتب التربية والتعليم في محافظة عدن حول واقع التعليم في المحافظة على طريق الاصلاح التربوي الشامل عدن 27-28 ذو القعدة 1416هـ 15-16أبريل 1969م قائلاً :إن العملية التربوية - التعليمية في وضعنا الحاضر هي مادية - معنوية وبقدر ماتراعي النصفة في مكافأتها بقدر ما يسمو شأن ممارسيها وترتفع معنوياتهم وتتأجج هممهم إبداعاً وتفانياً مما يدفعهم .. إلى مستوى السمعة حولهم إياها الحديث الشريف عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول " إنما بعثت معلماً " ثم يقول قدوتنا الاكرم : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " ولذلك يجب على القائمين على شؤون عمل المعلمين بأن يزكوا إيمانهم بأن يحبوا لاخوانهم أكانوا متقادعين او الذين مازالوا في الخدمة مايحبون لانفسهم حتى يتم التكافؤ مع الواجبات والحقوق وعلى ضوء ذلك والحديث مازال طويلاً وممتعاً ومفيداً مع استاذنا الفاضل عبدالله فاضل فارع أطال الله عمره وأمده بالصحة الدائمة لقد أفترضت للمعلم حقوقاً في مراحل خمس باعتبارها منظومة متداخلة مادياً ومعنوياً حتى لايتصور بأن مايزاوله المعلم من عمل هو هواية ملتزمة يتفاني فيها الى حد الفناء هياماً بها وشوقاً إليها أكثر منها حرفة وهي كالتالي :أولاً : الفترة الجنينية وهي تهيئة الولوج ميدان التدريس أثناء التحصيل الدراسي في أواخر المرحلة الدراسية .ثانياً : فترة الانشاء والتدريب في المعاهد وكليات التربية .ثالثاً : فترة الاسهام في العملية التربوية - التعليمية - مهنة ... دائمة ومسلك حياته في المهنة .رابعاً : فترة التقاعد والخلود المهني .خامساً : فترة الحياة بعد الموت سجل الخالدين .ولأن الموضوع أساساً ينصب بدرجة أساسية حول حقوق المعلم في فترة التقاعد القضية الراهنة سوف نكتفي بما قاله استاذنا الفاضل عبدالله فاضل في ورقته المذكورة آنفاً .يجدر بنا في هذا العهد التربوي أن نتذكر زملاءنا الذين لم يعودوا معلمين في المدارس والادارات المدرسية إلاّ أنهم مازالوا بين ظهرانينا في مرحلة التقاعد وهل أصبح هؤلاء واقعاً غير ذي بال ؟ لقد أكسبتهم حياتهم في حنايا العملية التعليمية - التربوية خبرة مقنعة وأنهم لخير من يأتينا بالخبر اليقين ولذلك فيجب لهم علينا حق ينسيهم من حيث وضعتهم ظروف جامدة حيث هم ونمن عليهم برواتب .. التقاعد الى قد تغني من جوع إن من حق زملائنا المتقاعدين أن نطالب الدولة برعايتهم من خلال مراجعة مستحقاتهم التقاعدية كلما تصاعدت أسعار السلع والاستفادة من خبراتهم المخزونة في الاستشارات التربوية كما يجب أن تتوفر لهم العناية الطبية الحانية التي لابد منها في أعوام حياتهم التقاعدية التي تحتاج الى الاهتمام المحتم لمواجهة أمراض الشيخوخة وتكاليفها الباهضة.كما يجب على وزارة التربية أن تعد سجلاً خاصاً بالمتقاعدين وعلى نحو خاص ذوي المواهب وتقيم لهم يوماً مخصصاً للاحتفاء .. بهم حتى يشعروا بأنهم مازالوا في عيون المسئولين جواهر مخزونة للحاجة وهكذا تفعل حكومات الدول المسئولة " كلكم راع ...".ثم يختتم استاذنا الكريم عبدالله فاضل ورقته الرائعة بملاحظة عامة جداً : يقول فيها قد تكون هذه الحقوق مجدد أحلام فرضتها مقولة الشاعر علي محمود طه:" قوت الشعوب وربها أحلامها****إن الخيال الى الحقيقة سلم "إلاّ أن مايبدو من توجه جاد ومصداقية ماثلة تشجعان على أن يوصى بإتخاذ عدة قدرات ليخطط لها سواء أكانت قصيرة المدى او متوسطة او بيعدة لتهيئة مهنة التربية والتعليم لكي تكون سباقة للفخار من قبل كل من يسهمون في عمليتها منذ الآن فصاعداً .. مع سؤالي الله تعالى - التوفيق الى كل مافيه خير ..آمين .
أخبار متعلقة