الختايم الرمضانية بالمكلا في محطتها الأخيرة ...عشق للتراث الأصيل ونبش في تأريخ حضرموت
استطلاع/ مجدي بازياد - تصوير/ رشيد بن شبراق:لم يهدأ الجو الروحاني الذي تعيشه مدينة المكلا على وجه الخصوص في احتفالاتها بالختايم الرمضانية لمساجدها العتيقة ، فتنافست مساجد الصديق والنور وبصعر في إبراز موروثها الحضاري والنبش في إرثها الشعبي الغابر، وقدم كل ختم لوحة تراثية خاصة به ، أشعلت روح المنافسة بينهم لإيجاد أفكار جديدة في الأعوام القادمة. وفي هذه الرحلة الروحانية نأخذكم في جولة على المساجد الثلاثة لعرض تراث كل منها على حدة .[c1] (بصعر غير) شعار متجدد[/c]جدد شباب مسجد بصعر بالمكلا خصوصيتهم في احتفالهم بختمهم السنوي الرمضاني الثالث الذي أقيم تحت شعار (بصعر غير) ، وأعلنوا فرحة عارمة وأشعلوا الشارع المحاذي لمسجد بصعر في قريتهم التراثية التي أبدعوا في تنظيمها بإنشاء بوابة خاصة يدلف منها كل زائر ليندهش مما حوته من إبداع تراثي وموروث حضاري كبير ومتنوع واصطفت بنات الحي الصغيرات متوشحات أجمل الثياب ومتزينات بأبهى الحلل ، فيما تجولت الشامية في أرجاء موقع الختم وحولها الصغار يرددون الأهازيج التي يطلقها رئيس الفرقة ، فيما شاركت الفرق الشعبية برقصاتها المغناة وأطلقت العيارات النارية فرحا بالمناسبة. وقدم شباب مسجد بصعر بالمكلا لوحة رمضانية تراثية رائعة استحقت احترام الجميع بتنظيمهم مهرجاناً كرنفالياً روحانياً في الختم السنوي الرمضاني الثالث تنوعت فيه الصور وتعددت الأوجه وحامت في الأفق ذكريات الماضي الجميل وامتزجت بألعاب الطفولة روائح البخور واللبان وزغاريد النساء وبراءة الأطفال, وآمال الشباب في عصرية رمضانية روحانية.وفي الختم تألق أطفال وشباب وشيوخ حي السلام وهم يقدمون صورة رائعة للموروث الشعبي الرمضاني لمدينة المكلا الجميلة وأثمرت جهودهم لوحات فنية رائعة وقف لها الحاضرون احتراماً ودهشة فقد حول شباب الحي الشارع الثاني بحي السلام إلى متحف تراثي وشعبي وحضاري امتزجت فيه الذكريات بالواقع, وأقام شباب مسجد بصعر قرية تراثية بمحاذاة المسجد نصبت في بدايتها سدة قديمة وحوت كل فن وموروث قديم من الأواني والأزياء البدوية. وكان شباب بصعر قد دشنوا احتفالهم بختمهم الثالث بعد صلاة العصر منطلقين في مسيرة شبابية وهم يرددون الموشحات والأهازيج الرمضانية, وتفننوا في تقديم فقرات نالت استحسان الحاضرين وكان للشامية حضورها القوي فأبدع المسحراتي محمد جمعان بن وبر في تقديم فقراتها محاطا بثلة من الأطفال يتراقصون على أنغام وموشحات الشامية المعروفة وعلقت على المنازل الأضواء وسعف النخيل الذي أضفى أجواء فرائحية ممتعة وتم في الختم توزيع الهدايا للأطفال لبث الفرحة والبهجة والسرور بينهم وحقق شباب الحي آمالهم وشعارهم بأن يكون ختم بصعر لهذا العام غير.وخلال تجوالنا بالقرية التراثية التقينا الأخ سالم صالح بن عبد الحق المدير العام لمديرية مدينة المكلا الذي كان الأكثر سعادة بالنجاح الذي حققه ختم مسجد بصعر وقال: جميل أن نشاهد هذا التميز والتألق الرمضاني لأبناء حي السلام في مسجد بصعر في الختم الثالث والحقيقة أن تنظيم مثل هذه الختايم الفرائحية أمر يثلج الصدر وهي امتداد لمهرجانات كرنفالية في عدد من مساجد المكلا ومن هنا أحيي شباب مسجد بصعر وكل من ساهم في إحياء هذا الختم الرمضاني الروحاني الذي وأسعد الصغار والكبار.وأضاف: حرصنا على تخصيص الجزء الأكبر من ختم هذا العام للصغار لإسعادهم وتعريفهم بتراث أجدادهم ونحن ندعو كافة الأحياء والحارات إلى إحياء مثل هذه الليالي وتحويل الختايم إلى لحظات فرح وسعادة وذكرى لماضي الأجداد وتراثهم وحضارتهم بهدف خلق همزة وصل بين الأجيال والحفاظ على العادات والتقاليد والموروث الشعبي المتنوع والمتعدد لحضرموت والمكلا بشكل خاص.وقال الأخ سالم صالح عبدالحق إن هذه الختايم أعادت إلى الأذهان ماضي الأجداد وذكريات الطفولة وملأت بالفرحة محيا الأطفال والكبار فكان ختم مسجد بصعر ختماً فريداً ونموذجاً رسم فيه شباب الحي ألواناً من التألق والإبداع بأسطر من عشق التراث والتاريخ الحضرمي الأصيل، مبينا أن ثمة رؤى ومقترحات مستقبلية لإقامة كرنفال عام لكافة مساجد المكلا في موقع واحد يخصص لعرض كل تراث حضرموت وموروثها لإحياء هذه المناسبة الرمضانية السنوية وإبراز تراث الأجداد وإظهار فرحة الأحفاد.[c1]استذكار موروث الأجداد [/c]استرشد أبناء حي الحارة في الختم السنوي الثاني لمسجد النور بسيرة السيد العلامة عبدالله محفوظ الحداد ورفعوا شعار (مات الذي كان عالمنا ومرشدنا.. مات الذي ناصر القرآن فانتصر) وعلى وقع تلك الذكريات تفننوا في عرض موروثهم التراثي والشعبي في أزقة جانبية أمام ساحة الشارع العام ومقبرة يعقوب في السيلة.وخرج أبناء الحي عن الرسميات في ختمهم وسلموا مقاليد الافتتاح لطفل صغير وشمل الختم إقامة سوق قديمة تضمنت أبرز العادات والتقاليد والحرف والمهن التي كانت تمارس قديما في مدينة المكلا ، وأعاد المنظمون ذكريات مطراق سوق الشفي القديمة حيث كانت الحرف اليدوية التقليدية التي تقوم بها النساء من صناعة مستلزمات البيوت من سف الخوص، واصطفت زهرات الحي في لوحة تراثية وهن ينسجن بالخوص أشكالاً وألواناً من القفف والمراوح اليدوية والتفلة والحسرة والمظلة والمقيش .وفاجأ ختم مسجد النور الثاني الجماهير - التي تدفقت من كل حدب وصوب لتتمتع بفقرات الحفل - بعرض كلمة للسيد العلامة عبدالله محفوظ الحداد ضمن الكاسيت المسجل احتفاء بالمناسبة والمتضمن أناشيد قدمها منشدون من أبناء الحي وهم وسام بامطرف ومحمد باحيدرة ومازن بن عاقلة.وفي الشارع العام استعرض أبناء حي الحارة فنون وتراث أجدادهم في رقصات الزف والفوانيس والشامية بردة العصيدة ومركب جاحب وكلّين قبته طيار والغميضة وبيدان بيدان إضافة إلى مشهد تمثيلي للحدادة وعرض لمكونات سوق الحارة القديم والخيمة التراثية التي نصبت بجانب الهاشمية ومثلت حياة البدو في الماضي ، وتضمن الشارع المؤدي إلى مسجد النور معرضا للصور وبعض الأدوات المستخدمة في بيوت مدينة المكلا قديما كما أقيم معرض لصور المكلا في الماضي وأشهر الشخصيات الاجتماعية التي عاشت في الحي.[c1]ختم الصديق ..لوحة تراثية بصبغة اندونيسية[/c]استغل شباب حي الصديق بمنطقة فوة بمدينة المكلا المساحة الجغرافية الشاسعة في منطقة المساكن ورسموا لوحة عرض تراثية بديعة في الختم الرمضاني السنوي الأول لمسجد بحر النور (باناجة) في القرية التراثية بمشاركة من منتدى الحفاظ على التراث العمراني ورباط بحر النور وحضور الأخ عوض عبدالله حاتم وكيل حضرموت لشئون مديريات الساحل الذي ثمن جهود شباب حي الصديق في الحفاظ على الموروث الشعبي والإرث الحضاري لمحافظة حضرموت ومدينة المكلا على وجه الخصوص مضيفا أن الختايم تمثل ظاهرة روحانية ودينية واجتماعية وتعد فرصة مناسبة للتقارب والتواد خاصة أن هذه الاحتفالات الرمضانية للختايم أضافت ألواناً متجددة لرمضان في مدينة المكلا المشهور بروحانيته وجمع الناس في تظاهرة وكرنفال روحاني تراثي يهدف إلى تأصيل مبادئ التكافل الإجتماعي في حضرموت. وبين أن اللجنة المنظمة سعت من خلال إقامة هذا الختم إلى إشاعة أجواء الفرح والبهجة ورسم البسمة على شفاه الصغار والكبار ، وأشاد الوكيل حاتم بمستوى التنظيم والإعداد والتحضير وحجم المشاركة الشعبية في هذه التظاهرة الرائعة متمنيا الحفاظ على هذه العادات والتقاليد وتطويرها لتصبح تقليدا سنويا راسخا وتشكل لوحة تعرض لكل ما يتعلق بتاريخ حضرموت وموروثها وحضارتها وإرثها الإبداعي والثقافي.وانطلقت بعد ذلك التظاهرة الكرنفالية لختم مسجد بحر النور التي تقدمت فيها الجمال التي يقودها البدو الرحل وانطلقت في موكب فرائحي مهيب تخللته الرقصات الشعبية ، لتحكي رحلة تنقل البدو الرحل بالإبل من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الماء والكلأ ، بمشاركة من الطلاب الأندونيسيين الدارسين في رباط بحر النور الذين أضافوا لونا جميلا للوحة التي مثلت شاشة عرض لقاطني الحي الذين تابعوها بفرح من على شرفات منازلهم. فيما أقيمت إلى جانب الرباط قرية تراثية حوت مقهى شعبيا ومعرضا لطلاب رباط بحر النور للسيرة النبوية التي عرضت مجسمات لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم وأقام منتدى الحفاظ على التراث العمراني معرض البيت التقليدي ومعرض الصور ، وعرضاً لرواد العمارة الطينية في القرن العشرين وعرضاً لأبرز الحصون والقلاع والقصور في مختلف المناطق اليمنية وتقاليد القناص في وادي حضرموت إضافة إلى معرض الموروث الشعبي والعمارة الطينية الذي أعده الطالب نجمي سالم بن يماني التميمي وأظهر فيه معالم تطور وروعة العمارة الإسلامية،كما شمل الختم ألعابا شعبية قدمها شباب الحي وتعيد ذكريات الماضي لربط الأجيال الحاضرة بماضيهم وأهازيج الأطفال التي شملت الأغاني والأهازيج الرمضانية التي كان يرددها الأطفال في الماضي منذ الأربعينيات من القرن الماضي بهدف إحيائها وتعريف الأطفال بالموروث القديم الذي تزخر به محافظة حضرموت.