إعداد/ داليا عدنان الصادق بدر شاكر السياب واحد من رواد الشعر العربي المعاصر خرج وآخرون غيره على عمود الشعر وهجر القصيدة التقليدية في جانب كبير من شعره وشق لنفسه متأثراً بالشعر الانجليزي طريقاً يعرف الآن بالشعر الحديث وعلى اختلاف في تحديد المدى الذي توحي به هذه التسمية .. على أننا نعني بها حركة الشعر الحر الذي خرج على شكل القصيدة العربية الموروثة في ثورة عارمة مازالت أصداؤها تتردد منذ الاربعينات ..! أما السياب نفسه فيرجع اسهامه في تلك الثورة الى عام 1964م حين نظم قصيدة " هل كان حباً ؟" عدت واحدة من التجارب الرائدة في هذا المجال ..ولد بدر شاكر السياب عام 1962 في قرية تدعى ( جيكور) في جنوب العراق وهي قرية خاملة الذكر شأنها في ذلك شأن كثير من القرى المنسية في الريف العربي ولكنها بعد ولادة السياب ونبوغ شاعريته غدت من أكثر القرى العربية ذكراً في أوساط المثقفين بعامة وقراء شعر السياب بخاصة ذلك أنه أتخذ منها رمزاً غنياً للريف مثقلاً بالدلالات والايحاء .لقد عانى بدر من حياة اليتم إثر وفاة أمه في عام 1932م ولم يكن قد جاوز السادسة فعهدته جدته لأمه وقامت على تربيته ..دخل أكثر من مدرسة ابتدائية في جنوب العراق وفي عام 1938 ألتحق بمدرسة البصرة الثانوية وكانت جدته هي التي ترعى شؤونه وما أن فرغ من دراسته الثانوية عام 1943 حتى ألتحق بدار المعلمين العالية في بغداد وكانت كلية جامعية مرموقة في ذلك الوقت ولم تكن جامعة بغداد قد أسست.ولم يبتعد السياب عن أحداث العراق المهمة التي عاصرها فقد قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني في عام 1491 فأيدها وتأثر برجالها وعندما أخفقت وأعدم عدد من قادتها رثاهم بدر .. على أن دراسته في دار المعلمين العالية قد فتحت أمامه وهو المحب للثقافة والمعرفة آفاقاً واسعة .ألتحق أول الامر بقسم اللغة العربية وآدابها ثم تحول عن دراسة الادب العربي الى دراسة الادب الانجليزي وفي القسم الاخير عرف السياب الشاعرين الانجليزيين ( ت أ س . اليوت) و ( أديث سيتويل ) وقد قدر لهذين الشاعرين أن يتركا أثراً على شعر السياب لايستهان به .فصل السياب من دار المعلمين العالية عام 1943 بعد أن تزعم حركة إضراب في الكلية وقفت في وجه قرار إداري يقضي بإضافة سنة رابعة الى عدد سنوات الدراسة فيها ولم يقتصر نشاطه العام على ذلك بل كان يسهم مع أقرانه من الشباب التائر في المظاهرات التي كانت تعم بغداد استنكار للصهيونية وأعمالها في فلسطين قبيل قيام " اسرائيل" وللسياسة الاستعمارية الانجليزية في العراق جراء ذلك دخل السجن في بلدة بعقوبة القريبة من بغداد ثم أعيد الى دار المعلمين في خريف عام 1964 وقد تخرج فيها ليعمل مدرساً للغة الانجليزية في إحدى المدارس الثانوية في غرب العراق ولكنه ظل على ولائه للحركة الوطنية .. يستجيب لدواعيها ويشارك في أحداثها ما وسعه الجهد .فأضطر بسبب نشاطه للفرار الى مدينة البصرة ومنها الى إيران وفي عام 1935 جاء الكويت وعمل في شركة كهرباء ثم عاد الى بغداد وعمل في الصحافة .توفي بدر السياب في المستشفى الاميري بالكويت إثر مرض عضال ظل يؤرقه طيلة ثلاث سنوات ، وكانت وفاته في عام 1964م .وقد خلف من الدواوين : (إنهار ذابلة )و ( المعبد الفريق) و ( منزل الاقنان) و (أنشودة المطر) و (شناشيل ابنة الجلبي وأقبال ) وهذا مقطع من قصيدته التي تحمل عنوان ( مرحى غيلان) - "بابا .. بابا.."ينساب صوتك في الظلام اليّ كالمطر الغفير ينساب من خلل النعاس وأنت ترقد في السرير من أي رؤيا جاء ؟ أي سماوة ؟ أي انطلاق ؟وأظل أسبح في رشاش منه .. اسبح في عبير .فكأن أودية العراق فتحت نوافذ من رؤاك على سهادي . كل واد وهبته عشتار الازاهر والثمار كأن روحي في تربة الظلماء حبة حنطة وصداك ماء .أعلنت بعثي ياسماء هذا خلودي في الحياة تكن معناه الدماء
|
ثقافة
هكذا غنى بدر شاكر السياب
أخبار متعلقة