عبدالله ناصر الفوزان قرأت مقال الزميل الدكتور علي عبدالله موسى الذي نشرته "الوطن" يوم الثلاثاء 22 / 8 / 1428هـ والذي لخص فيه كلمة الأمير خالد الفيصل التي وجهها لقادة العمل التربوي الذين اجتمعوا برئاسة وزير التربية والتعليم في جدة، وقد كان ما ذكره الأمير خالد لافتاً للنظر بكل المقاييس فقد أكد أن بعض المعلمين لدينا قد انشغلوا عن العملية التعليمية "بغسل أدمغة أبنائنا وأدلجتهم" وأن هذه "هي إحدى المشكلات التعليمية في بلادنا، بل إنها هي الوقود الذي يدفع بأبنائنا إلى تفجير أنفسهم في شوارعنا ومؤسساتنا" وقال إنه "لا يزال بيننا من يصرف أبناءنا عن انتمائهم لوطنهم ويزج بهم في مشاريع خارجية ليسوا مدركين لتبعاتها ونتائجها". وأكد "أن من بين معلمينا من يأخذ الطلاب في طابور الصباح إلى المسجد في حصة للقرآن الكريم حتى لا يقوموا بتحية العلم" وحمل قادة العمل التربوي مسؤولية ذلك فقال لهم "أنتم المسؤولون" ثم كررها وأكدها فقال "أنتم المسؤولون... فمن منكم رفع تقريراً للوزارة عن معلم أو مدير مدرسة أو طالب يرفض تنفيذ السياسات التعليمية أو يتصرف تصرفات تسيء للوطن وخاصة أولئك الذين يجيشون أبناءنا ويحشدونهم إلى المعارك في البلدان المجاورة أو يحولونهم إلى مجرمين وقتلة في شوارعنا" وواصل تساؤلاته الخطيرة لقادة العمل التربوي فقال: "هل تريدون أن نتحول إلى عراق آخر...؟" وقال "إني أتساءل لماذا تنتشر الأفكار المنحرفة في مدارسنا... وهل تعون خطورة أن يقوم بعض المعلمين بتحويل المقررات في العلوم والرياضيات إلى دروس في الأدلجة وغسل الأدمغة بدلاً من أن يتعلموا العلوم والمعارف التي تعينهم" ثم قال في إدانة صارخة وقوية لبعض المعلمين وقادة العمل التربوي إنه "بدلاً من التركيز على التعلم والتعليم يتم تحويلهم (أي الطلبة) إلى قنابل موقوتة يفجرونها في أهلهم ومجتمعهم" وأكد من أجل كل هذا وربما غيره أن ما يتم في مؤسساتنا التعليمية لا يرقى إلى طموح وتطلعات القادة في المملكة العربية السعودية.هذا بعض ما قاله الأمير خالد أمام قادة العمل التربوي، وهو بالغ الخطورة والأهمية ويضع النقاط على الحروف بكل وضوح، وفور انتهائي من قراءة ما قاله الأمير خالد تذكرت مقابلات أجرتها بعض القنوات التلفزيونية وبعض الصحف مع بعض أعضاء لجنة المناصحة المعينة من وزارة الداخلية والموكل لها إجراء مقابلات مع آلاف الشباب في السجون ممن اعتنقوا الفكر المتطرف وقاموا أو كادوا يقومون بأعمال عدائية ضد وطنهم ومجتمعهم، وقد كان من أغراض تلك المقابلات التلفزيونية والصحفية مع أعضاء لجنة المناصحة معرفة العوامل والأسباب التي توصلوا إليها نتيجة دراستهم المشكلة وحواراتهم الطويلة مع الشباب ومع غيرهم التي دفعت الشباب لاعتناق ذلك الفكر المتطرف والإقدام على ما أقدموا عليه، وكانت الإجابات على ما أذكر أنهم خرجوا بانطباعات تؤكد أن (الإنترنت) يمثل 90 % أو ربما قالوا 99 % من هذه العوامل والأسباب، أي أن أولئك الآلاف المؤلفة من أولئك الشباب قد تم اصطيادهم بتأثير بعض المواقع في الإنترنت ليعتنقوا الفكر أولاً ثم ليقوموا بما قاموا به من أعمال عدوانية خطيرة ضد وطنهم ومجتمعهم، وبصراحة فإني لم أقتنع بما قالوه في حينه، ولا أعتقد أن ذلك مقنع لأي متأمل، فلو كانت حالات محدودة لربما قلت ربما، ولكن أن يتم إقناع كل هذه الآلات باعتناق الفكر المتطرف أولاً ثم القيام بتلك الأعمال العدوانية الخطيرة فهذا من الصعب الاقتناع به، ولكن هناك فرقاً بالطبع بين أن لا يقتنع الإنسان بسبب يتم به تبرير ظاهرة ما وبين أن يتوصل ذلك الإنسان للسبب الصحيح، ولذلك فقد كنت غير مقتنع بالسبب الذي أفصحت عنه لجنة المناصحة لكني في الوقت نفسه غير قادر على تحديد السبب أو الأسباب الصحيحة. الآن يأتي الأمير خالد الفيصل ليحدد أحد المصادر المهمة التي استقى منها الشباب ذلك الفكر المتطرف والأمير خالد لم يكن يدلي بانطباعات شخصية، ولكن كان يتحدث بصفته الرسمية (أمير منطقة مكة المكرمة وقبل ذلك أمير منطقة عسير) ولا يمكن أن يكشف عن هذه الأمور الخطيرة إلا ولديه وثائق أو معلومات دقيقة ثابتة لا يرقى إليها الشك تؤكد ما قال، كما أن وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله بن عبيد قد تحدث بعد الأمير وعلق على ما قال ولم ينف وجود ما كشف عنه الأمير أو حتى عدم علمه به، بل ولم يحاول التخفيف من المشكلة، بل على العكس من ذلك فقد أثنى على ما أورده الأمير خالد وأكد الحاجة إلى رؤيته، واعتبر ما قاله وضوحاً ودعماً للتعليم، وقال إن الحاجة قائمة لهذا الدعم والوضوح من صناع القرار، وقال إن لدينا العديد من التحديات ووقوف صناع القرار وتأييدهم له لتصحيح الكثير من الممارسات الخاطئة في المؤسسات التعليمية أمر مهم يدفع بالتعليم في الاتجاه الصحيح. وطالما أن هذا هو ما قاله الأمير خالد الذي هو ركن أساسي من أركان وزارة الداخلية التي شكلت لجنة المناصحة وطلبت منها مباشرة مهمتها، وطالما أن هذا هو ما قاله وزير التربية والتعليم، فلماذا يا ترى يقول أعضاء لجنة المناصحة إن الإنترنت هي الأداة الرئيسية التي أخذ منها الشباب فكرهم المتطرف وتم إقناعهم عن طريقها للقيام بأعمالهم العدوانية ضد وطنهم ومجتمعهم..؟ هذا السؤال حيرني كثيراً... فهل يعني هذا أن اللجنة كانت ضحية تضليل وما هو الموقف في تلك الحالة من نتائج جهودهم التي أفضت ـ كما يقولون ـ لإعادة آلاف الشباب إلى جادة الصواب والعفو عنهم تبعاً لذلك.ثم أين هم والحالة هذه من تلك المعلومات التي توفرت للأمير خالد الفيصل طالما أن المرجع للجميع "الأمير خالد ولجنة المناصحة" جهة واحدة هي وزارة الداخلية..؟ أم إن اللجنة لم تكن ضحية تضليل..؟ وفي تلك الحالة يظل السؤال الأول قائماً وهو لماذا ألقى أعضاء لجنة المناصحة مسؤولية ما حصل على الإنترنت خلافاً للواقع...؟ هذا سؤال مهم... ويمكن لي ولغيري تخمين الإجابة... ولكن الأفضل والأسلم أن نسمع الإجابة الشافية من الجهة المعنية ، حسما للأمر واستبانة للحقائق حتى نسير على هدى في مواجهة التطرف والإرهاب. [c1]نقلا عن / صحيفة (الوطن) السعودية [/c]
أسباب التطرف
أخبار متعلقة