باتجاه معاكس
وفاء كريدية لو كانت الكرامة عقداً ذهبياً حول الجيد، والزمن ساعة ألماسية حول المعصم، والحق خاتماً زمردياً في الخنصر لكنا نحن نساء العرب أكثر النساء حقوقاً.لذا تراني أستغرب حينما تطالبني النسوة من حولي أن أكتب عن حقوق المرأة، وكل آمالهن الحقوقية منصبة على حسب الرجل.إنما يبقى جوابي دوماً جاهزاً ومن دون تردد: طبعاً سأكتب... لا بد، وعلى كل الكاتبات أن يتفاعلن ويكتبن ويسهبن أيضاً. ثم أضحك في سري من مكري متألمة من كذبي، محتقرة جبني، "حق إيش"! من يعطي حقاً؟ لا أحد يا عزيزاتي. أريد أن أكون صادقة اليوم بالذات، كل واحدة تأخذ حقها بذراعها، وتخلص رأسها برأسها لا برؤوس الأخريات، ولن يكون هذا إلا حين تدرك المرأة أن الحق هو الاحترام، هو الإنسانية، هو الكرامة، وليست الأمور المادية التي تتشعب معظم قضايا النساء حولها في المحاكم .أين هي تلك المرأة التي تساعدني في حل قضايا البطالة ومحو الأمية ومحو الاهانة؟ أين هي تلك المرأة التي تطالب بالأسرة الواحدة والأسوة الواحدة والعائلة الواحدة، فتقيم العلاقات المتوازنة ما بين أفرادها وأفراد مجتمعها؟نعم. إنني أطالب المرأة أن تقدم ما عليها من واجبات عائلية واجتماعية حتى تستطيع أن تنال حقوقها، فقد تغيرت اليوم المعادلات، حتى كدت أظن أن ثروات النساء العربيات منصبة على الأمور المادية البحتة، وسيأتي اليوم قريباً حينما نراها تفوق الرجل ثراءً. وطالما أن الحروب اقتصادية فلا بد لها أن تنتصر، ولو كانت الحرب إعلامية فإنها انتصرت، لأن إعلامنا العربي فاض بنسائه، فوجود المذيعات والممثلات والمؤديات فاق بكثير الوجود الرجالي.أيضاً لو كانت الحرب تكتيكية لأكدت لكم أن دهاء امرأة عربية واحدة يفوق قبيلة من الرجال العرب. ألا توفقونني إذاً يا نساء . ان العيب أمسى وأضحى وبات فينا نحن النساء؟ فبكل ضعفنا واستعطافنا واستجدائنا ما زلنا نملك الكثير من الأدوار. لكن وعلى رغم ما ورد فإن هذا لا يعني مطلقاً التحامل ضد المرأة، ولا يعني بالطبع مؤازرة الرجل، الذي ما عاد يحامي عن حقه ولا حقوق نسائه ولا أطفاله ولا حتى قطة داره أو عنز جيرانه، هذا الرجل لا يفهم في الحق ولا في العدل ولا الشعر ولا الحب ولا العظمة ولا الخلود ولا أعمال الدهان ولا السمكرة ولا الصنفرة، ولو أنه عادل فقط لكان يحق له كل شيء، كل شيء تقريباً. ويبقى علينا نحن النسوة الدور الأكبر، ففي أول المطاف وآخره نحن الأمهات ونحن المربيات، وقد ماتت عهود الوأد وعذابات الجاريات، ونحن نعيش في عصر ذهبي، لكن مشكلتنا أننا لا نعرف كيف نستخرجه.