القاهرة / متابعات :يحتل الفانوس المصري التراثي مكانة خاصة وعميقة في نفوس الآباء والأجداد، وهو بشكله وتكوينه يلخص مقومات من حضارتنا الإسلامية, من حيث البناء المعماري والنقوش المرسومة والمكتوبة عليه، وهو معلم من معالم الفرحة برمضان المبارك، ولكنه بات مهددا من الفانوس الصيني المستورد ثقافيا واقتصاديا كجزء من إهمال وضعف الحرف التقليدية القائمة على صناعته.ورغم انتشار الصيني فلا يزال الجمهور المصري يقبل على شراء الفانوس المصنوع من الصاج والذي يحبونه لطرازه الإسلامي, وما عليه من آيات قرآنية وأدعية مأثورة وأعمال الأرابيسك، كما تقبل عليه الفنادق والمصانع والمحال التجارية.وتنتشر ورش صناعة الفانوس التراثي في منطقة بركة الفيل بالسيدة زينب وباب الشعرية, وهي الأقرب لمنطقة القاهرة الفاطمية، والآن أصبحت منتشرة في جميع محافظات مصر.وقي أحد مواطن صناعة الفوانيس بحي السيدةيقول تاجر الجملة عصام السرس الذي ورث المهنة عن أجداده إن الفانوس التراثي المصنوع من الصاج هو فرحة رمضان وزينتها، وهو فانوس الفقير لأنه رخيص الثمن, ولا يزال الإقبال عليه كبيرا رغم الأزمة الاقتصادية.[c1]المعز لدين الله[/c]الباحث بالتراث الشعبي محمد دسوقي أكد أن نشأة فانوس رمضان ارتبطت بالواقعة الشهيرة وهي قدوم المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر ليلا في الخامس من رمضان 538 هجرية، واستقبله أهلها بالفوانيس والمشاعل والشموع عند بوابة المتولي، وكانوا يطوفون حول قصره بها، فاقترن وجود الفانوس برمضان، ثم تحول إلى لعبة مبهجة في أيدي الأطفال. وحذر دسوقي من أن الفانوس التراثي الصغير صار عرشه مهددا منذ نهاية الثمانينيات, وبدء استيراد الفانوس الصيني الذي يضاء ببطارية، ثم تطور باستخدام ألوان وأشكال مبهرة للأطفال.وأكد أن صناع الفانوس تنبهوا إلى قضية انتشار الفانوس الصيني -الذي استحوذ على 80% من سوق المبيعات- فابتكروا فوانيس تراثية كبيرة الحجم يصل ارتفاعها مترين, انتشرت بالشوارع والأحياء والمراكز التجارية والخيام الرمضانية وسفاراتنا بالخارج، وما زال الفانوس التراثي الشعبي المعروف موجودا كعلامة على رمضان، ورغم المهددات الكثيرة لازال يقاوم.وأعرب الباحث عن دهشته من أن مصر تكاد تكون البلد العربي الوحيد المستورد للفانوس الصيني «رغم أننا المخترعون له والمصدرون أيضا للطراز التراثي إلى جميع دول العالم».[c1]الفانوس والمسحراتي[/c]من جانبه لفت أستاذ العادات والمعتقدات بالمعهد العالي للفنون الشعبية سميح شعلان النظر إلى أن المصريين لا يتنازلون عن مكونات احتفالاتهم مهما مرّ عليها الزمن، فالفانوس مظهر من مظاهر الاحتفال برمضان وكذلك المسحراتي، رغم أن دورهما الوظيفي في الإنارة والإيقاظ لم يعد كما كان.ودعا شعلان لاستثمار الاتجاه المتزايد لشراء الفانوس المصري للمساجد في البلدان العربية والذي سيلقى رواجا بالمجتمعات الإسلامية أيضا، الأمر الذي ينشط صناعة الفوانيس في مصر على مستوى الحرفيين وخريجي كليات الفنون التطبيقية والجميلة.وحذر من أن الفانوس التراثي يواجه كمفردة ثقافية خطر الإزاحة التي تهدد أيضا الصناعة والحرفة اليدوية القائمة عليه، وحمّل المجتمع مسؤولية صياغة بديل محلي كفء للمستورد عن طريق دراسة واعية تقوم بها مؤسسات حامية للمفردات الشعبية.واستشهد شعلان بتجربة سلطنة عُمان في تأسيس وزارة للتراث معنية بالآثار والمأثورات الشفهية «ونحن أيضا بحاجة إلى مؤسسة قومية تهتم وترعى خصوصيتنا الثقافية, وتصد عنا أذى المستورد».
|
رياضة
فانوس رمضان المصري تراث مهدد بالصناعة المستوردة
أخبار متعلقة