كتاب (جنون) الرابع:
عرض/ رئيس تحرير السلسلة/ منير محمد أحمد الصلوي صدر عن أروقة جنون الثقافية www.gn0o0n.com إحدى أنشط المؤسسات الثقافية عبر الإنترنت، ودار النهضة العربية بالقاهرة - كبرى دور النشر في الوطن العربي- الطبعة الأولى من كتاب: (إشهار التصرفات العقارية ونقلها في القانون اليمني - دراسة مقارنة)، للباحث هشام سعيد أحمد ربيد. ويأتي الكتاب بحلة بهية وطباعة أنيقة في 174 صفحة من الحجم المتوسط كإضافة رافدة للمكتبة القانونية العربية واليمنية بشكل خاص، إذ تطرق فيه الباحث هشام رُبيد وبأسلوب علمي رصين إلى موضوع من أهم المواضيع العملية، ما جعل الكتاب يكتسب أهمية علمية وعملية في آن واحد، خصوصاً أن الكتاب هو في الأصل الرسالة العلمية التي نال بموجبها الباحث هشام رُبيد درجة الماجستير في القانون الخاص من كلية الحقوق جامعة عدن بتقدير ممتاز.ويُعد كتاب: (إشهار التصرفات العقارية ونقلها في القانون اليمني) هو الكتاب الرابع الذي تصدره أروقة جنون الثقافية، وهو الثاني في المكتبة القانونية التي تزمع الأروقة الاستمرار في نشرها كسلسلة قانونية يرأس تحريرها كاتب هذه السطور.وقد اختار الباحث رُبيد عنوان بحثه على هذا النحو لأن العقار أصبح في النظام الاقتصادي الحديث يمثل ركيزة أساسية من ركائز بنيانه. ويتجلى هذا الدور الذي صار يؤديه العقار في اقتصاديات الدول الحديثة من خلال دخوله كعنصر فاعل في الحركة التجارية وأسواق المال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الائتمان العقاري ييسر على مالكي العقارات الحصول على القروض التي يحتاجون إليها حتى يمكنهم من استغلال عقاراتهم الاستغلال الأمثل. وترتب على ذلك أن ارتفعت أثمان العقارات وأصبحت محلاً لأطماع ضعفاء النفوس، خاصة مع ضعف الوازع الديني والأخلاقي، واتساع حركة العمران في المدن، ومن ثم كثرت النزاعات المتعلقة بها نتيجة لقيام بعض الأشخاص ببيع أو رهن عقارات لا يملكونها، أو كانوا يملكونها ولكن سبق لهم التصرف فيها، أو قيام آخرين بالبسط على أملاك الدولة والأوقاف من دون وجه حق، الأمر الذي أوجد حالة من عدم الثقة في إجراء أي تصرف عقاري. فكان المشتري - مثلاً - يلزمه قبل الإقدام على شراء العقار، أن يجري بنفسه تحقيقاً للتأكد من ملكية البائع لهذا العقار، وقد يضطره ذلك إلى الاستناد إلى الوضع الظاهر وذلك بالشراء من واضع اليد، في حين أن هذا الأخير يكون غاصباً أو حائزاً بصورة عرضية؛ أي أنه قد يكون مستأجراً أو مزارعاً أو شريكاً يعمل لحساب جميع الشركاء، ومن أجل هذا كله لوحظ أن الاطمئنان في إبرام التصرفات العقارية إكتفاء بمجرد العقد لم يعد كافياً في خلق الثقة والطمأنينة بالتعاملات العقارية، ويلزم إيجاد نظام معين يعيد إلى المتعاملين الثقة والاطمئنان بصحة التصرفات العقارية التي يجرونها ويتعاملون بها. وكان أن ابتكر الفكر القانوني نظاماً قانونياً يتم فيه تسجيل العقارات كافة وكل ما يتم بشأنها من تصرفات، على نحو يجعل المركز القانوني للعقار واضحاً ومعلوماً لكل من يريد التعامل فيه، وتكون لتلك التسجيلات حجية قوية وثابتة؛ أي أن تلك التسجيلات التي تجري للعقار في الصحيفة العينية تكون بمنزلة هوية تعريف للعقار شبيهة بالحالة المدنية للإنسان. وقد ساهمت طبيعة العقار بوصفه شيئاً ثابتاً في مكان معين لا ينتقل منه، على تطبيق نظام الشهر العقاري. وأدى ذلك في النهاية إلى حفظ حقوق الناس وصونها من أي اعتداءات عليها، وتحقق من ثم الاستقرار للمكية العقارية، وازدهار الحركة العقارية في الأسواق، وكذا تيسير الائتمان العقاري. ونحن في الجمهورية اليمنية أشد ما نكون في حاجة ماسة إلى العمل بهذا النظام حيث كثرت النزاعات العقارية. وهو ما تنبه إليه المشرع اليمني وأصدر لذلك القرار الجمهوري بالقانون رقم (39) لسنة 1991م بشأن السجل العقاري.. وقد واجه الباحث هذا الموضوع بقدرة بحثية كبيرة وأسلوب علمي متميز.وسطر الباحث بعض النقاط التي أبرز من خلالها أهمية هذا البحث والتي أهمها: أن أغلب المنازعات المعروضة أمام القضاء في بلادنا، هي نزاعات تتعلق بالعقارات.أصبحت تلك المنازعات تمثل العائق الكبير أمام الاستثمار الوطني والأجنبي، وذلك بسبب عدم تحقق الاستقرار في الملكية العقارية.لم يقتصر أثر تلك المنازعات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل حتى الجانب الاجتماعي والأمني. من خلال الجرائم التي ترتكب بسببها.غياب الوعي لدى العامة لأهمية التسجيل في الشهر العقاري.وجدت ندرة في المراجع والأبحاث بهذا الجانب لدى شراح القانون اليمني، نظراً لأن الموضوع لم يُعطَ حقه في البحث والدراسة والتأليف.وفي سبيل الإلمام بجوانب الموضوع كلها؛ فإن الباحث قد راعى في هذه الرسالة إيراد موضوعاتها وفق تسلسل علمي ومنطقي وموضوعي في آن واحد؛ إذ قسم هذه الرسالة إلى ثلاثة فصول يسبقها مقدمة وفصل تمهيدي, ويعقبها خاتمة.إذ تضمنت المقدمة بيان موضوع البحث وأهميته وأسباب اختياره إضافة إلى توضيح منهج البحث ونطاقه ثم خطة البحث.وفي الفصل التمهيدي تم بيان التنظيم القانوني للشهر العقاري وذلك في مبحثين خصص الأول منهما لتحديد مفهوم العقار وأقسامه وخصص الثاني لدراسة التطور التاريخي لنظام الشهر العقاري.أما الفصل الأول فقد خصص لدراسة قيد البيوع العقارية وذلك في مبحثين: اشتمل كل منهما على مطلبين، إذ خصص المبحث الأول لدراسة موضوع إجراءات قيد عقد البيع العقاري؛ فتضمن المطلب الأول موضوع تقديم طلب القيد وبحثه، في حين تضمن المطلب الثاني بياناً للآثار القانونية المترتبة على تقديم الطلب، وخصص المبحث الثاني لدراسة موضوع قيد الشفعة وبعض أنواع البيوع.وفي الفصل الثاني - الذي تم تقسيمه على مبحثين أيضاً - بين الباحث أحكام قيد عقد البيع من خلال بيان الآثار المترتبة على عدم قيد البيع في مبحث أول ثم بيان الآثار المترتبة على قيد عقد البيع في مبحث ثانٍ.وتناول في الفصل الثالث موضوع قيد الملكية الشائعة والوقف والوصية والرهن. وذلك في مبحثين خصص الأول منها لدراسة موضوع قيد الملكية الشائعة وخصص الثاني لقيد الوقف والوصية والرهن. أما الخاتمة فقد حاول الباحث تضمينها مجمل الاستنتاجات التي توصل إليها من دراسته موضوع الرسالة. إضافة إلى إيراد بعض المقترحات والتوصيات التي ارتأى أن يلفت انتباه المشرع اليمني إليها التي بدورها تسد جانباً كبيراً من جوانب القصور والنقص الحاصلين في القانون اليمني المنظم لأحكام إشهار التصرفات القانونية في السجل العقاري. ويُعد الكتاب بمضمونه إضافة علمية متميزة ينبغي أن تترجم إلى واقع عملي، وذلك بأن يقوم المشرع اليمني بالاستفادة من مجمل تلك التوصيات التي تضمنتها خاتمة الكتاب وأخذها بعين الاعتبار، ثم تفعيل القوانين المتعلقة بموضوع الكتاب، وإسهام الباحثين في تكملة المشوار الذي ابتدأه الباحث رُبيد، إذ إن البحث العلمي هو مصباح التنمية، وعمودها الأول.ختاماً فإن الكتاب إضافة إلى أهميته وتميز موضوعه، فقد تميز أيضاً بأسلوب الطرح الرصين المعتمد على مناهج بحثية متعددة: هي المنهج الوصفي والتحليلي والمقارن، إذ قام الباحث ببيان النصوص والقواعد القانونية المنظمة لموضوع البحث، ثم قام بتحليل تلك النصوص مبيناً مكامن القوة والضعف فيها، إضافة إلى مقارنة تلك النصوص التي نظمها مشرع القانون اليمني الخاصة بموضوع إشهار التصرفات القانونية في الشهر العقاري بنصوص قانونية لتشريعات من مدارس مختلفة هي المدرسة اللاتينية - واختار منها القانون المصري- والمدرسة الانجلوسكسونية - واختار منها القانوني الأردني- كل ذلك بهدف إثراء موضوع البحث والدراسة للخروج ببحث متميز يتناول جوانب الموضوع كله، التي من خلالها يعالج كثيراً من الإشكاليات والقصور الذي تظهر في القواعد والنصوص القانونية المنظمة لهذا الموضوع في القانون اليمني.وما تجدر الإشارة إليه أن الباحث هشام ربيد أحد الشباب الجادين المتمتعين بقدرة بحثية عالية، يشهد بذلك كل مطلع على هذا الكتاب، وهو ما أكده الأستاذ الدكتور/ قائد سعيد محمد الثريب في كلماته الرائعة التي قدّم بها الكتاب للقراء.نرجوا للباحث رُبيد حياة علمية حافلة بالإنجازات العلمية والعملية، كما نرجو لأروقة جنون - ذلك الصرح الثقافي الشامخ- الازدهار والرقي والتوفيق في حمل رسالة العلم وإيصالها للجميع.