سبأ / تقرير : يحيى جابرحضارة وتاريخ وموروث يشع منه بريق الإبداع صاغته أيادي بيضاء في الأرض السعيدة "مملكة سبأ" منذ قديم الأزمان، تداولته فصار حرفة الأجيال، تتسابق إليه وفود اليمن من الشرق والغرب.بدأت صناعة التحف المعبرة عن تقاليد وعادات شعبنا اليمني في الانقراض نتيجة لظهور الماكينة الحديثة التي أثرت كثيرا في الأشغال اليدوية البديعة.سبأنت تحاول البحث عن أنواع الموروث الشعبي وكيف تقوم الجهات المختصة بتوثيقه وما هي المدة الزمنية التي تجعل منها آثار.في المتحف الوطني بصنعاء خصص الدور الرابع للمقتنيات من التراث الشعبي ، وفيما تم توثيق مئات القطع لا تزال المئات منها باقية في المخازن , وتتنوع الموروثات بين الزراعة والعمارة والجنابي" الخنجر" ، والعشه التهاميه ، والحلي والفضة ، والصبغات النيلية ، والعرس الصنعاني , والازياء ، والخيمة البدوية ، والصناعات الحرفية ، مثل الجلود ، والنسيج ، والنحاس ، والفخار ، والعقود (القمريات) .يقول : عبد العزيز الجنداري مدير المتحف الوطني لـ سبانت : معروف ان عادات وتقاليد الشعوب مقرونه بموراثتهم اليدوية التي تعبر عن ثقافتهم الشعبية , وان فنون الصناعات اليدوية يتوارثها الابناء عن الاباء جيلاً بعد جيل , حيث تسجل اساليبهم وفنونهم في الانتاج والتي تعرفنا عن الكثير من ماضينا .واضاف " تتميز اليمن بالتنوع في الموروث الشعبي وتختلف في الجبال عنها في السهول والهضاب والسواحل سواء فيما يتعلق بالملابس والازياء والمصنوعات الحرفية المتنوعة وتربطها وحدة ثقافية واحدة. واعتبر الجنداري ان أي قطعة من الموروث الشعبي عمرها أكثر من 50 عاما تعتبر اثار يجب المحافظة عليها وعدم التفريط بها ، وان ما يتم تدواله في السوق لهذا القطع بحاجة الى عملية احتواء من قبل جهات الاختصاص.داعيا الهيئة العامة للاثار تخصيص مبالغ مالية لشراء هذه القطع من المواطنين الذين يرغبون في بيعها , وعدم السماح للمتاجرة بها .وبالنسبة للمصنوعات الحديثة من التراث الشعبي قال مدير المتحف الوطني ان على الفنيين والمهتمين بصناعتها ان يقوموا باتقان عملية الصناعة والتركيز على ان لا تخرج عن القديم حتى يحتفظ بطابعها المميز ، في الحجم ونوع المادة الخام ، والزخارف الموجودة فيها.واعتبر المصنوعات الجديدة تحمل رسالة يمنية إلى الخارج ، تخبر عن حضارة وتاريخ بلد ذو حضارة وتاريخ عريق , يحب على جهات الاختصاص دعم صانعيها وتسهيل التجارة فيها.أروى عبده عثمان رئيسة بيت الموروث الشعبي قالت : التراث الشعبي والثقافي جزء من تكوين المجتمع وعاداته وتقاليده في أي بلد، واليمن تتمتع بتراث ثقافي وموروث شعبي على مر العصور كواحدة من أهم بلدان الحضارة في العالم.. واشارت الى ان الموروث يتعرض حاليا للإهمال والنسيان، وهو في طريقه للاندثار بفعل تأثيرات الحياة العصرية التي طغت على كل شيء باستثناءات تكاد تكون نادرة بالذين يسعون للحفاظ على هذا التراث وممارسة طقوسه. أروى عبده عثمان المعروفة بحبها للمورث الشعبي التي حولت منزلها إلى بيت للموروث الشعبي جمعت فيه كل الأشياء التي بدأت تندثر ووثقتها بطريقة منهجية. قالت إن استراتيجية هذا البيت يهدف إلى الحفاظ على الهوية الوطنية المتجسدة في الموروث الشعبي باعتباره مخزونا وذاكرة لتجارب الشعوب بالإضافة إلى حماية هذا التراث من الاندثار والنسيان والعبث والتشوهات التي تطاله بشكل مستمر، كما يهدف البيت إلى ايجاد قاعدة معلوماتية وتصنيفية علمية لمكونات الموروث الشعبي، وجعلها في متناول الباحثين والمهتمين، بالإضافة إلى استخراج الإمكانات الكامنة في الموروث الشعبي وسبل الاستفادة منها في إثراء المسار التنموي للبلاد ورفع مستوى الوعي الشعبي بأهمية هذا الموروث، من خلال اعداد الكوادر القادرة على التعامل مع قضاياه واشكالياته.ويعتبر البيت مكاناً ثقافياً مفتوحاً على الآخر من خلال مقهى شعبي يجمع خليطاً من المثقفين يوماً في الأسبوع لغرض الحوار والنقاش في كل ما هو هادف ومفيد.وتوضح المهتمة بالموروث الشعبي ان البيت يتكون مكتبة فلكلورية كنواة لمكتبة كبيرة مستقبلا وإلى إدارة فنية لتحريك مشاريع البيت، ووحدة للجمع والتدوين والتوثيق بالإضافة إلى المطبخ الشعبي. من المورث الشعبي الهام بالنسبة للرجال " الجنبية " وهي عبارة عن خنجر يعلوه مقبض تتوقف عليه قيمتها، التي قد تصل مليون ريال يمني ويسمى في هذه الحالة "صيفاني "، عندما يكون من قرن وحيد القرن ، و يعود تأريخه من 200 إلى 500 سنة وهو الذي يميز الاشخاص الميسورين في المجتمع اليمني خاصة أبناء المناطق الجبلية في اليمن ، وهو يزداد ثمناً بازدياد العمر، ويأتي بعده القرن الاسعدي 40 إلى 60 سنة ويسمى القلب، يتلوه الزراف والكرك .وفي جميع رؤوس مقابض الجنبيه توضع دائرتان من الذهب الحميري أو الفضة وتسميان الزهرتين, اما النصل وهو الاداه الحادة او الخنجر المتصله بالمقبض مباشرة حيث يصنع من الحديد والفولاذ القوي، لاسيما "الهندوان" وجنزير الدبابات ويصنع بطريقة يدوية خاصة تتحول فيه الى مرئاه يستطيع الشخص النظر الى نفسه من خلالها ، ومن انواع النصال الحضرمي، الصنعاني، الجوبي، الذماري، وقد توجد عليها نقوش أو رسومات محفورة, بعد ذلك يأتي المبسم وهو الجزء الفاصل أو الواصل بين المقبض والنصل ويصنع من الفضة ويتفنن الحرفيون في إبداع أشكاله وزخارفه، وبعد هذه المرحلة من الابداع في الصناعة الجنجر ، كان لابد من مكان يعلق فيه ويكون مشاهد وواضح للرؤيا فيصنع لها الغمد الذي يعرف محليا بأسم "العسيب" ويصنع من انواع الاخشاب مثل الصنوبر والطنب، ويلبس بالجلد المدبوغ والمصبوغ باللون الأخضر وتلف عليه حبال رفيعة وأنيقة ,وأحياناً يغطى بالذهب أو الفضة, حيث توجد عدة انواع مثل الغمد الحاشدي ذو الزاوية الحادة، والغمد الثومة ويلبسه أو التوزة ويلبسه السادة والقضاة والغمد البكيلي ذو الزاوية المنفرجة, وفي الاخير يأتي الحزام ليشد الغمد والجنبية إلى الخصر ويثبتهما بصورة لائقة وأنيقة ويصنع الحزام من الجلد المدبوغ أو الأقمشة ذات السمك والمتانة و يطرز الحزام بخيوط من الذهب أو خيوط لامعة ذات لون ذهبي تسمي السيم ، حيث تشتغل في صناعة الاحزمة النساء بشكل اكثر ، لما يحتاج من وقت وصبر اثناء التطريز . ومن الموروث الشعبي أيضاً الأزياء النسائية التي لازالت تتجلى صورها في القرى والارياف اليمنية ، فهذه الملابس الشعبية الجميلة تحظى بشعبية كبيرة رغم تقدم الحياة وتطورها وظهور ملابس الموضة في جميع ارجاء البلاد ومع هذا فان الطابع الجمالي واتقان صناعات الملبوسات الشعبية القديمة جعل منها كنزاً وقطع اثريه وذو قيمة مالية مرتفعة.وحسب المهتمين فالازياء او الملابس النسائية اليمنية تختلف من مدينة الى اخرى حيث يوجد الثوب الدوعني وتلبسه نساء المناطق الداخلية في حضرموت ويلبس عليه حزام حضرمي ويلبس في المناسبات كالاعراس والافراح، كما تتزين المرأة مع هذا الثوب بالحزام الفضي وبالخلخال, وهناك اللبس الصنعاني والتي تلبسه نساء صنعاء وضواحيها وهو مكون من فستان يسمى "الزنة" وعليها العصبة او المصر والتي توضع على الرأس وهو مزين بالحلي الفضية ويسمى الرش ، والزي الصنعاني بالنسبه للبنات التي لم يتزوجن يتكون من "الزنة" وهي قصيرة ويلبس تحتها السروال المطرز من اسفله وعلى الرأس يوضع القرقوش وهو غطاء للرأس وهذا مايفرق بين البنت الصغيرة والمتزوجة.كذلك هناك الثوب الشحري ويلبسه نساء المدن الساحلية وهو نسبة الى مدينة الشحر بحضرموت ويلبسه نساء "المكلا - غيل باوزير - الشحر - الماحي - بروم". وهو قصير من الامام طويل من الخلف وهو من قماش القطيف المشجر وتوجد عليه زخارف وتطريز والرقبة على شكل العين ويلبس ايام الزواج ثاني ايام الزواج ومعه مروحة من سعف النخل. ويلبس عليه حزام من الفضة صغير وخفيف. كذلك هناك "الدرع" وهو ثوب من القماش الخفيف تلبسه تهامة والجنوب ويلبس في البيت, كذلك هناك زي نسائي يسمى "الثوب المجيب" وتلبسه نساء مدن يون - كنينة - محمدة - حجر بحضرموت ويتكون من 4 قطع وهو ثوب مطرز بالخيوط الملونة وبعض الفضة ويلبس عليه حزام صغير. وهناك الثوب السيئوني نسبة الى مدينة سيئون وتلبسه النساء الصغيرات في السن وعليه حزام كبير من الفضة ويسمى الحزام "الحقي من الفضة". والمرأة الكبيرة تلبسه وتلبس عليه حزاماً صغيراً من الفضة. ومن زينة العروس الفل اليماني والذي يوضع حول رقبة العروس ويوضع اكثر من عقدين على رقبة العروس التي تكون مغطاة الوجه حتى بين النساء وتكون مزينة وجهها بالهرد الاصفر "الكركم" وهو مشهور لدى المرأة من حضرموت. كذلك هناك الطراني: وهي زي تلبسه نساء مناطق تهامة ويلبس خلال عمل المرأة في المزارع وهو يتكون من فوطة وصديرية ومن فوقها شيلة من التل وعلى رأسها غطاء من السعف. تحميها من حرارة الشمس. وهذه الانواع من الملابس اليمنية الخاصة بالنساء ، لازالت متواجدة وخاصة في المناطق القروية والريفية. الفضة تصنع انواع عديدة من الحلي الفضية في اليمن التي تلبسها النساء، بالاضافة الى التحف التي تزين البيوت ، حيث تعمل 20 عائلة تقريبا بالمشغولات الفضية في صنعاء القديمة , ويوجد سوق خاص بهذه المشغولات يسمي" سوق الفضة" حيث توجد القلائد والخواتم و الخلاخيل ، وصناديق ثياب مطعمة بالفضة.ولان التطور والحادثة دخلت المجتمع اليمني من اوسع ابوابها لم يعد اهتمام اليمنيات بارتداء الحلي من الفضة الا نادرا ، لان الذهب صار الزينة الرئيسة للمرأة اليمنية وخاصة الذهب الخليجي ، فلم يعد الاهتمام بالفضيات كبير سوى من جانب الرجال وذلك من خلال لبس الخواتم الفضية المرصعة بالعقيق اليماني .والان تجري صناعة المصوغات الفضية بغرض بيعها للسياح بشكل اساسي .ويقول مطهر الارياني احد المهمين ان المشغولات الفضية اليمنية القديمة بها نصوص اشورية من القرن السابع قبل الميلاد، كما ان المشغولات الفضية يتم صناعتها في حضرموت . ويضيف الارياني ان واقع الحال لصناعة المشغولات الفضية يشهد تدهور كبير بسبب منافسة الذهب والجديد من الفضة التي تأتي من ايران والهند وباكستان.
|
تقارير
الموروث الشعبي بريق التاريخ وحرفة الأجيال
أخبار متعلقة