كلام زايد
يقال فيما يقال إنك لو أعطيت الفأر كعكة فسوف يطلب كوب حليب , فمن الأفضل لك الا تعطيه الكعكة حتى تجنب نفسك طلباته وترتاح , على أن الأمر أحياناً ليس بهذه البساطة والتعامل مع الفئران ليس هو قاعدة الحياة فالحياة هي الإنسان فهو الأصل وهو الذي كرمه الله عز وجل , إنه خير المخلوقات لذلك فأن التعامل معه يجب أن يكون كريماً , ولعل مثل هذا التصدير غير مناسب إذا تحدثنا عن استراتيجية الأجور والرواتب والقانون الذي صدر بشأنها , والتطبيق لها الذي بدأ جيداً إلى حد ما, ثم طوى النسيان الاستراتيجية وقانونها , وبصرف النظر عن التسميات فإن الهدف من الاستراتيجيات ومن القوانين هو الإنسان أولاً وأخيراً وتحسين شروط معيشته وظروف حياته , لكن هل جاءت الاستراتيجية إياها وكذلك قانون الأجور والمرتبات بهذا التحسين أم أن حياة الموظفين والعمال وغيرهم من الفئات التي تعتمد في حياتها على بيع قوة عملها سواء للحكومة أو للقطاعات الأخرى, الجواب هو , لا , والسبب أن المنوط بهم تحقيق وتطبيق هذه الاستراتيجية وهذا القانون نسوه أو تناسوه عمداً وظهر بتجربة العامين المنصرمين إن الحكومة لم تهدف من إصدار ذلك القانون إلا إلى امتصاص غضب الناس ورفضهم لسياستها السعرية التي بدأتها برفع أسعار الوقود والمحروقات أسعاراً خيالية قياساً بمستوى دخل غالبية المواطنين الأمر الذي أدى بالنتيجة إلى زيادة فاحشة وظالمة في أسعار جميع السلع وأصبح الحد المتواضع للمعيشة بعيد المنال للغالبية العظمى من المواطنين ويمكن القول أنه إذا كان المواطنون وخصوصاً العاملين منهم في أجهزة الدولة المختلفة كانوا يعيشون في حدود وخط الفقر قبل العام 2005م عام تنفيذ الاستراتيجية المذكورة فأنهم قد أصبحوا تحت خط الفقر بعد هذا العام لأن المسؤولين عن تنفيذها لم يلتزموا بوعودهم ولا بتوجيهات رئيس الجمهورية بضرورة سرعة تنفيذ المراحل الأخرى منها والالتزام بمواعيد هذا التنفيذ , إن الذي تم فقط هو زيادة الأسعار وتدني قدرة الناس على المواكبة مع انخفاض فعلي كبير لقيمة الريال وبالتالي تدهور مريع لقدرة الناس الشرائية , ورغم ذلك فإن تجاهل المسؤولين لتنفيذ المراحل التي لم تنفذ من الاستراتيجية مازال مستمراً عن عمد أو غيره , أضف إلى ذلك الفساد الإداري في أجهزة الدولة وعدم احترام المسؤولين عن هذه الدولة للوائح والقوانين المتعلقة بحقوق العاملين فقد صدرت لائحة تفسيرية لهذه الاستراتيجية وللقانون الخاص بالرواتب ومن ضمن ما تنص عليه صرف العلاوة السنوية للعاملين كل سنة وتصرف تلقائياً وألزمت هذه اللائحة كل المسؤولين بتنفيذ ذلك كل في إدارته ورغم توقيع وزير الخدمة المدنية ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية على هذه اللائحة التفسيرية ورغم ضرورة تنفيذها مباشرة دون لف أو دوران إلاّ أن بعض المسؤولين نفذها والبعض الآخر لم ينفذها , ما يعني عدم احترام للقوانين ولا للتوقيعات السامية , وهنا يمكن التأكيد على أن الرواتب والأجور تضاءلت وتدنت بعد عام 2005م بدلاً من أن تزداد وللحديث بقية .